مكة المكرمة

أوصى أمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، المسلمين بتقوى الله عز وجل والمسارعة إلى ما يحبه ويرضاه.
وقال فضيلته، في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام ” إن من أصول العقيدة، الإيمان بوجود الملائكة، وما ورد عنهم من صفات عظيمة، وأعمال جليلة، فقد أقسم الله بهم، وأعلى بين العالمين ذكرهم، والملائكةُ عباد مكرمون، قربهم الله إليه، وشرفهم بعبادته، فهم خاضعون لجبروته، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، يسبحون الليلِ والنهار لا يفترون، ولا يستحسرون ولا يسأَمُون، ولا يسْبِقُونَه بِالْقَوْل، وهم من خشيتِهِ وإجلالِهِ مُشْفِقُون،
وأضاف فضيلته؛ يقول “إن الله تعالى خلق الملائكة، وأوكل إليهم أعمالاً جليلة، فمنهم المُوكَّلُ بالوحيِ بين الله ورسله، ومنهم المُوكَّلُ بالنبات والقْطرِ، ومنهم المأمور بالنفخِ في الصُّور، وما من رجل يعود مريضاً إلا شيعه سبعون ألف ملك، يستغفرون له، وما من عبد يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، إلا صلت عليه الملائكة، وقَالَ له الْمَلَكُ الموكل بذلك: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ صَلَّى عَلَيْكَ السَّاعَةَ، ولله ملائكة يحثون العبد على طاعة ربه وعبادته، ويحضرون صلاته وقرآنه، وملائكة يدعون لأصحاب الصفِّ الأوَّل، وملائكة يقفون على أبوابِ المساجِدِ يوم الجُمُعة، يكتبون الأول فالأول، وملائكة يطوفون في الطرقات، يلتمسون أهل الذكر، ومُعلِّمي الناسِ الخير، فإذا وجدوهم، جلسوا معهم، وحفّ بعضهم بعضاً بأجنحتهم، حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء الدنيا، قَالَ: ” فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ، مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ قَالُوا: يَقُولُونَ: يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ ” قَالَ: ” فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟ ” قَالَ: ” فَيَقُولُونَ: لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ؟ ” قَالَ: ” فَيَقُولُ: وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ ” قَالَ: ” يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا، -إلى أن يقول الرب جل جلاله-: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ .


وأوضح فضيلته، أن الملائكة من أعظم جنود الرب تبارك وتعالى، فمنهم الصَّافَّاتِ والزَّاجِرَاتِ والتَّالِيَاتِ، والنازعات والناشطات والمدبرات، ومنهم ملك الموت، ورضوان خازن الجنان، ومالكٌ خازنُ النيران، وملائكة للرحمة، وملائكة للعذاب، وملائكة قد وكلوا بإحاطة الناس يوم الحشر، وملائكة قد أمروا بحمل النار إلى أرض المحشر، وعدد الملائكة كثير، لا يحصيهم إلا العلي الكبير،.
وأبان الشيخ ماهر المعيقلي أن الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ، وصدق الله إذ يقول: ((وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ)) لافتاً إلى أن من الملائكة من شرفهم الله بقربه، واختارهم لحمل عرشه، والمسبحين بحمده، ذلك أن من كمال لطف الله بعباده المؤمنين، ما قيضه لأسباب سعادتهم، من استغفار حملة العرش لهم، والدعاء لهم بصلاح دينهم وآخرتهم،
وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن الإيمان بالملائكة، له أثر عظيم في مراقبة العبد لأقواله وأعماله، فملائكة لكتب الحسنات والسيئات، وآخرون يحفظون العبد بأمر الله، فإذا استشعر المرء استصحاب الملائكة له، وتقييدهم لأعماله، ورفعها لخالقه، اجتهد في طاعة ربه، وانزجر عن معصيته، وحافظ على أداء صلاته .

كما أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور أحمد الحذيفي المسلمين بتقوى الله عز وجل، فإن تقواه أحصنُ المعاقل، وأعذبُ المناهل، وأنفعُ الذّخائر، فمن اتقى الله عَبِق طِيبُ شمائلِه، وأورقتْ غصونُ فضائلِه.
وقال فضيلته، إن العاقل وهو يقطع طريق رحلته في هذه الدنيا، ليتوقّفُ برهةً من عمر الزمان توقفَ المعتبر، فينظرُ إلى آثار خطواتِه، ويتأمَّلُ طريقَ مسيرتِه، وما في طوايا ذلك من تفويتٍ وتفريط، وتسويفٍ وتضييع، واغتباطاً بما أنجح من مقاصده وحقق من مآربه.
وتابع: إن هذه الدنيا رحلةٌ طويلةٌ قصيرةٌ، مفرحةٌ مبكية، فيها انكساراتٌ وانتصارات، ودموعُ حزنٍ وسرور، وراحةٌ ونَصَب، واجتماعٌ وافتراق، إنها سنة الله في هذه الدنيا كما قال جل شأنه (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).
وذكر فضيلته، التشبيهَ النبويَّ لحال المؤمن مع الدنيا وسرعة انقضائها ، قال عبدالله بن مسعود (نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصيرٍ فقام وقد أثّر في جنبه، قلنا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك وِطاءً؟ فقال: ما لي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكبٍ استظلَّ تحتَ شجرةٍ، ثم راح وتركها).
وأبان الشيخ الحذيفي، ان المؤمن في هذه الحياة يعيش حالةً من الاستقرار النفسيِّ والسلامِ الداخلي، لأنه معلَّق القلب بخالق هذا الوجود، ممتلئُ الفؤادِ بحبه، متضلِّعُ الحنايا بتوحيده، مبيناً أن الإيمانَ الصادقَ يتخلَّلُ حنايا النفوسِ المنهَكةِ برداً وسلاماً، ورضاً ويقيناً، وسكينة وثباتاً.
وتابع فضيلته، إن الحياة مع الإيمانِ حياةٌ طيبةٌ كريمةٌ مطمئنة، تتصاغَرُ أمامَها جبالُ المصاعبِ والشدائد، ويتهاوَى ركُامُ اللذائذِ والمطامع، فللإيمان حلاوةٌ يجد طعمَها في نفسه وأَثَرَها في قلبه مَن رسخ الإيمان في قلبه، لا تَصِفُ لذتَها ولا تحُدُّ حقيقتَها العباراتُ والكلمات، بل هي حقائقُ يعرفها أهلُ الإيمان، ويدركُها الصفوةُ من عباد الرحمن.
وأكد إمام وخطيب المسجد النبوي، أن الإيمان ليس معنى مجرَّداً من الحقائق، أو نظريةً لا تَرْجُمانَ لها في واقع الحياة، إنها عقيدةٌ يمتلئُ بها القلبُ فتفيضُ على النفس طمأنينةً وسكينةً ورضاً وسروراً، ثم تتسِعُ دائرتُها حتى تفيضَ على الإنسانية كلِّها سلاماً وسكينةً وعدلاً.
وختم فضيلته الخطبة قائلاً: إن هذا الدينَ العظيمَ جاء لِيُعِيدَ صياغةَ الإنسانِ عقلاً ونفساً وروحاً وسلوكاً، فيكونَ على قَدْرٍ راسخٍ من القِيَم والأخلاق والسموِّ النفسيِّ والروحيِّ والعقليِّ في هذا الكون، مبيناً أن الإيمان بمعناه الأَرْحَبِ ربطٌ للمخلوق بالخالق، واتصالٌ لعالَم الشهادةِ بعالَم الغيب، مستشهداً بقولة تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: المسجد الحرام المسجد النبوي الشريف خطبة الجمعة المسجد الحرام وخطیب المسجد أن الإیمان الله ع

إقرأ أيضاً:

أبواب المسجد النبوي.. تصاميم معمارية فريدة تجسد الهوية الإسلامية

يُجسد المسجد النبوي الشريف وما يحتويه من تصاميم معمارية فريدة حرص الدولة على الاهتمام بعمارته وتطويره, حيث يتميز بتفاصيل معمارية تجسد الهوية الإسلامية بجميع أركانه وجوانبه.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1600588014572-0'); }); وتبرز من هذه المعالم أبواب المسجد التي تمثل هوية خاصة لمسجد الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، التي يبلغ عددها اليوم مئة باب موزعة بشكل متناسق حول المسجد من جهاته الأربع وتوسعاته وسطحه، يعمل بها 280 موظفًا على مدار الساعات الـ 24 خلال شهر رمضان.
أخبار متعلقة وزير الدفاع يبحث التعاون العسكري مع نظيره البريطانيعسير.. حرس الحدود ينقذ مواطنًا تعطلت واسطته في عرض البحروفي توسعة الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- جُعلت سبعة مداخل واسعة، ثلاثة منها في الجهة الشمالية واثنان في كل من الشرقية والغربية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } تصاميم معمارية فريدة بأبواب المسجد النبوي - واس أبواب المسجد النبويوفي كل مدخل سبعة أبواب، اثنان منها متباعدان، وبينهما خمسة أبواب، يبلغ عرض الباب الواحد (3) أمتار، وارتفاعه (6) أمتار، وسماكته أكثر من (13) سنتمترًا.
ويبلغ وزن الباب والواحد طنًّا ورُبعًا، ويمكن فتح وإغلاق الباب بيد واحدة لما تمثله المكرة الخاصة بالباب من مرونة في عملية الفتح والإغلاق.
وصُنعت هذه الأبواب بأكثر من (1600) متر مكعب من خشب (الساج)، استهلك الباب الواحد منها أكثر من (1500) قطعة مذهبة منقوشة، جُمعت في قالب دائري تحتوي على اسم (محمد رسول الله).
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } تصاميم معمارية فريدة بأبواب المسجد النبوي - واس النحاس المذهب في فرنساومزجت هذه الأبواب بين النحاس المذهّب في فرنسا وأفضل أنواع الأخشاب (الساج)، التي جُمعت في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم نُقلت إلى مدينة برشلونة في إسبانيا، ووُضِعَت في أفران خاصة لتجفيفها في مدة لا تتجاوز خمسة أشهر، ثم قصها بمناشير مزودة بخاصية الليزر، وبعدها تُصب القطع النحاسية، ثم صقلها وتلميعها قبل أن تأخذ الشكل النهائي بطلائها بالذهب، وتثبيتها على الأبواب، وثُبتت الأبواب باستخدام طريقة التعشيق القديمة بدون استخدام المسامير.
وتقف اليوم هذه الأبواب بما تحتويه من تفاصيل معمارية شاهدةً على حجم الرعاية والعناية المستمرة من المملكة بالمسجد النبوي الشريف، والعمل على عمارته باستمرار لتقديم الأعمال الجليلة لخدمة قاصديه لتأدية عبادتهم بكل يُسر واطمئنان.

مقالات مشابهة

  • هل يجوز صلاة ركعتين تحية المسجد والإمام يخطب الجمعة؟.. الإفتاء تجيب
  • بعد إزالة التاتو.. أحمد سعد في المسجد النبوي
  • 170 متطوعًا يقدمون خدمات ميدانية للعناية بالحجاج في المسجد النبوي
  • موسم الحج.. توجيه باختصار خطبة الجمعة وصلاتها في الحرمين الشريفين
  • أبواب المسجد النبوي.. تصاميم معمارية فريدة تجسد الهوية الإسلامية
  • السديس يوجّه أئمة وخطباء الحرمين باختصار خطبة وصلاة الجمعة وتقصيرهما في الحج
  • السديس: تقصير المدة بين الأذان والإقامة (5 – 10 دقائق) في الصلوات وخطبتا الجمعة والصلاة (15) دقيقة
  • جهود إرشادية وتنظيمية تواكب دخول المصلين إلى “الروضة الشريفة” بالمسجد النبوي
  • جهود إرشادية وتنظيمية تواكب دخول المصلين إلى "الروضة الشريفة" بالمسجد النبوي
  • صور| 1000 حاج يتنافسون بمسارات التحفيظ القرآنية في رحاب المسجد الحرام