عربي21:
2025-07-28@23:05:05 GMT

بين محوري المقاومة والتطبيع.. الفلسطينيون قرابين

تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT

ثمة معادلتان حاكمتان تفرضان نفسيهما على الأوضاع في الشرق الأوسط، وتتلخص هاتان المعادلتان بـ: إما أن تكون على مقاس الشروط الإيرانية، أو تكون على مقاس التطبيعيين، والغريب أن مخرجات هاتين المعادلتين تصبان في صالح إسرائيل فقط فيما الفلسطينيون هم الضحية. وهنا لا نتحدث عن النيات ولا الأهداف ولا الاستراتيجيات، بل نحاول بعقل بارد تقديم قراءة تقنية، ونحن نغطس في بحر الدَّم الفلسطيني، فكما أن المجاملة والتستر خيانة، كذلك التهويل ورفع سقف طموح الناس لم يعد مقبولا في ظل حرب الفناء التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، سواء في غزة أو الضفة الغربية التي يبدو أنها بدأت السير على طريق الآلام.



منذ أكثر من عقد تتصارع على جثث الفلسطينيين سرديتا المقاومة والتطبيع، وقد أنتج كل منهما مقاربات غير منطقية، فالأولى تنادي بتحرير فلسطين باللحم الحي لشعبها، دون تقديم الدعم الفعلي والحقيقي؛ الدعم الذي ليس بحجم التعاطف الإعلامي أو إرسال ما تيسر من شحنات أسلحة، بل الدعم الذي تتوجب ترجمته على شكل قُوَى عسكرية تتحرك فعليا على الأرض وتأخذ وضعا هجوميا وتبدي استعدادا واضحا للانخراط في الحرب إذا لم تتوقف إسرائيل عن أفعالها تجاه الفلسطينيين.

منذ أكثر من عقد تتصارع على جثث الفلسطينيين سرديتا المقاومة والتطبيع، وقد أنتج كل منهما مقاربات غير منطقية، فالأولى تنادي بتحرير فلسطين باللحم الحي لشعبها، دون تقديم الدعم الفعلي والحقيقي
والثانية، تدعو إلى الصبر والانتظار إلى حين حصول تغيير المِزَاج الإسرائيلي، وذلك بعد أن يجري التطبيع معه وتوريطه بالسلام وتعويده على قطف ثمار السلام، وربما انتظار إدمانه عليها بحيث يصبح غير قادر على العيش بدونها، وعندئذ يصبح المناخ مناسبا لطرح حل الدولتين ومنح الفلسطينيين حقوقهم. وفي هذه المرحلة، غير المحددة بالزمان، مطلوب من الفلسطينيين الصمت، فإذا صفعك الصهيوني على خدك الأيمن أدر له خدك الأيسر، وإذا صادر أرضك قدم له أرض أخيك فوقها، وإذا قتل المستوطنون ابنك قدّم لهم الابن الآخر كرمى لعيون السلام الموعود.

في الحالتين، الفلسطيني مقتول ومهان ومصادرة أراضيه، في الأولى تجري العملية بسرعة، وكأن الفلسطينيين حمل ثقيل يتوجب التخلص من عبئه اليوم قبل غد، أو ربما كي يتسنى العبور على جثته إلى أهداف أخرى، وفي الثانية تجري العملية ببطء لكن بشكل حثيث ومستمر، فليبقَ الفلسطيني على الوعد حتى يأتي وقت لا يبقى معه أي شيء مهم ينتظره الفلسطينيون.

المشكلة أن أصحاب هذه المقاربات يعتقدون أن بيدهم فقط العلاجات الحقيقية للمسألة الفلسطينية، واعتبارهما مقاربات ذهبية تعود لهما فقط حقوق ملكيتها، وعلى ذلك جرى إغلاقهما، ليس بمعنى منع قَبُول منتمين لهما، بل من ناحية المراجعة والتصحيح أو الإضافة والحذف نظرا للمتغيرات الحاصلة في بيئة الصراع وأوضاع الفلسطينيين الصعبة.

وفي الواقع، لم ينقذ فلسطين لا محور المقاومة ولا محور التطبيع، ولا أفق تحمله مقارباتهما، فلا مناوشة إسرائيل تحت شعار المقاومة تثمر ولا التقرب من إسرائيل، فالأول عجّل بالمذبحة وسرع وتائرها، والثاني لا يلغيها، بل يبطئها ويعطيها الاستمرارية، وفي الحالتين تستطيع إسرائيل خلق شرعية لتصرفاتها وسلوكها، وربما هذه أخطر ثغرات المقاربات المذكورة. ففي مواجهة المقاربة الأولى تدّعي أنها تواجه تهديدا وجوديا، وفي الثانية يمكن لإسرائيل استثمار التطبيع العربي للقول إن الموضوع الفلسطيني لم يعد ذا أهمية.

لم تحرز أي من المقاربتين معادلا موضوعيا للأثمان التي تترتب على الفلسطينيين، وإن تركتا تنتجان ديناميكيات ومسارات من وحيهما، فلا أفق يبشر بالخير للفلسطينيين، ما يطرح بقوة سؤال ما العمل؟
وفي الواقع، لم تحرز أي من المقاربتين معادلا موضوعيا للأثمان التي تترتب على الفلسطينيين، وإن تركتا تنتجان ديناميكيات ومسارات من وحيهما، فلا أفق يبشر بالخير للفلسطينيين، ما يطرح بقوة سؤال ما العمل؟ وهو السؤال الملح على الفلسطينيين اليوم، لعل الإجابة البديهية على ذلك هو ألا يصبح الفلسطيني فاعلا غير مؤثر في قضيته ويترك للآخرين مهمة إدارة مسارات الصراع والسلام مع إسرائيل، وثانيا، ليس للفلسطيني غير الفلسطيني، بمعنى أن الوحدة والتفاهم والتنسيق بين الفلسطينيين باتت اليوم مسألة أكثر من ضرورية، وإن من يحد عنها يخون القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.

وبالنسبة للأطراف الخارجية، يجب أن تكيّف أفعالها ودعمها للفلسطينيين وفق ما يريدون وما يكون له أثر مُجدٍ على قضيتهم ونضالهم، بعيدا عن حسابات الأطراف الخارجية ورؤاها واستراتيجياتها، التي لم تفعل أكثر من استنزاف الفلسطينيين وتشجيع متطرفي إسرائيل على الاستهتار بآدمتيهم وحقهم في أرضهم وفي الوجود.

هذا التحوّل بات ضروريا في وقت أصبحت فيه القضية الفلسطينية تقف على عتبة خطرة جدا، فقد آن أوان كي ندع الواقعين تحت سواطير القتل، في غزة والضفة الغربية وأراضي 1948، أن يقولوا كلمتهم، وشرف لكل حر أن يسير خلفهم.

x.com/ghazidahman1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإيرانية إسرائيل الفلسطينيون المقاومة إيران إسرائيل فلسطين المقاومة التطبيع مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أکثر من

إقرأ أيضاً:

ماذا وراء تهديد إسرائيل بـضغط عسكري حقيقي في غزة؟

رغم مرور 22 شهرا على الحرب، فإن إسرائيل صعّدت على المستويين السياسي والعسكري من نبرة تهديدها لقطاع غزة، بعد تمسك المقاومة بمطالبها لإبرام صفقة تفضي إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

وفي وقت كثفت فيه المقاومة عملياتها وكمائنها المركبة على الأرض، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيفي دفرين إن المؤسسة العسكرية ستقدم خططا للمستوى السياسي لاستمرار القتال في غزة.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر أن العملية العسكرية في غزة ستنتقل إلى مرحلة "أكثر تصعيدا إذا لم يحدث تقدم في المفاوضات".

كما نقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن الجيش سيعمل على إيجاد "تهديد عسكري حقيقي في مناطق معينة، أملا أن يدفع ذلك نحو التوصل إلى صفقة جزئية".

وأشارت الصحيفة إلى أنه من المحتمل أن التنسيق يجري حاليا وراء الكواليس بين إسرائيل والولايات المتحدة بهدف زيادة الضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

مأزق مزدوج

ويخفي هذا التوجه الجديد مأزقا سياسيا وعسكريا إسرائيليا في قطاع غزة يترجم بتعميق التجويع وزيادة وتيرة القتل، وفق الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى.

وحسب حديث مصطفى لبرنامج "مسار الأحداث"، فإنه لا يوجد في جعبة جيش الاحتلال من الناحية الإستراتيجية ما يمكن استخدامه لإجبار حركة حماس على القبول بالشروط الإسرائيلية في المفاوضات.

وشكلت عملية "عربات جدعون" -التي أطلقها جيش الاحتلال في مايو/أيار الماضي- أقصى تهديد عسكري حقيقي لحماس، إذ كانت ذروة عمليات جيش الاحتلال خلال الحرب، التي ينظر إليها المجتمع الإسرائيلي بأنها أصبحت عبثية.

واستبعد الباحث في الشؤون السياسية سعيد زياد نجاح إسرائيل في إخضاع المقاومة عبر أي تهديد عسكري جديد، مستدلا بالكمائن ضد جيش الاحتلال في بيت حانون شمالا ورفح جنوبا.

وحسب زياد، فإن استمرار سقوط القتلى والجرحى الإسرائيليين في رفح وبيت حانون "دلالة راسخة على استعصاء العمل العسكري في هزيمة قطاع غزة".

إعلان

وبناء على ذلك، فإن انتهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية الكبرى قاب قوسين أو أدنى، في حين يبقى الهدف الإسرائيلي الأسمى تصفية القضية الفلسطينية عبر رفع شعار القضاء على المقاومة ونزع سلاحها وفرض حكم عسكري على القطاع ثم تهجير سكانه.

ضوء أخضر أميركي

لكن المقاومة بدأت قراءة المتغيرات الميدانية، بعدما بات جيش الاحتلال يميل للاندفاع أكثر بما يحقق له احتلالا مباشرا للأرض وفرض حصار مطبق، كما يقول الخبير العسكري أحمد الشريفي.

وتحاول إسرائيل فرض واقعين على المقاومة الأول: "تفاوض تحت النار"، والآخر: "تفاوض تحت الحصار" عبر عمليات استطلاع متقدم -حسب الشريفي- ضمن هدف لم يعد تكتيكيا، وإنما في إطار إستراتيجية إدارة الأزمة.

وبناء على هذا الوضع الميداني، بات واضحا ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة إثر تغير في الأهداف تبناه جيش الاحتلال، الذي يريد السيطرة على محاور متعددة لإسكات قدرة حماس على المشاغلة والمواجهة.

لكن استهداف المقاومة وحدات الاستطلاع يعني أنها "لم تؤمّن قاعدة بيانات وبنك أهداف جديدا"، مرجحا إطاحة عمليات المقاومة بإستراتيجية إسرائيل القائمة على الاحتلال والحصار.

وأعرب الشريفي عن قناعته بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعطى الضوء الأخضر لإنعاش جيش الاحتلال -الذي يعاني ضعفا وانهيار معنويا- من قبل الولايات المتحدة لإدامة زخم المعركة حتى تحقيق الأهداف الإسرائيلية والأميركية في غزة.

في المقابل، رأى المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري الأميركي أدولفو فرانكو في الهجمات الفلسطينية على القوات الإسرائيلية أنها بمنزلة "تقوية لحكومة بنيامين نتنياهو"، إذ تظهر أن هناك حربا لم تنتهِ، وضرورة القضاء على حماس وطرد قياداتها إلى الخارج.

وحسب فرانكو، فإن حماس تريد تجميع عناصرها وترتيب صفوفها والعودة إلى الحرب، مرجحا في نهاية المطاف التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار مع ضمانات أمنية إسرائيلية.

وكان ترامب قال -في أحدث تصريحاته- إنه "لا يعلم ما الذي سيحدث في غزة"، مطالبا إسرائيل باتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية، في حين قال نتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب إبادة جماعية في غزة- إنه سيواصل التفاوض ويتقدم في القتال من أجل القضاء على حماس وتحرير الأسرى.

مقالات مشابهة

  • ضياء رشوان يدعو لعدم الانسياق وراء الحملات التي تستهدف دور مصر المحوري في دعم الشعب الفلسطيني
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: مؤتمر تطبيق حل الدولتين يجب أن ينهي الظلم على الفلسطينيين
  • وزير خارجية البرازيل: المحنة التي يمر بها الفلسطينيون اختبار للقانون الدولي
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: ندعم جهود الوساطة التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة بغزة
  • ماذا وراء تهديد إسرائيل بـضغط عسكري حقيقي في غزة؟
  • بريطانيا: هدن إسرائيل الإنسانية لا تكفي لتخفيف معاناة الفلسطينيين
  • وزير خارجية بريطانيا: هدن إسرائيل الإنسانية لا تكفي لتخفيف معاناة الفلسطينيين في غزة
  • بريطانيا: هدن إسرائيل غير كافية لتخفيف معاناة الفلسطينيين
  • الهلال الفلسطيني: أكثر من 30 مستشفى خرج عن الخدمة ومستويات المجاعة في القطاع خطيرة
  • النرويج التي أصبحت غنية أكثر من اللازم.. حين يتحول الازدهار إلى عبء