عربي21:
2025-12-10@09:51:55 GMT

سلاح يوم القيامة والهوان العربي

تاريخ النشر: 10th, December 2025 GMT

في يوم واحد نُشر خبران؛ أولهما: وصول ألف شخص أمريكي إلى يافا (تل أبيب) في وفد يضم مؤثرين ورجال دين إنجيليين، في أكبر حملة بين الأمريكيين لتعزيز دعاية دولة الاحتلال، وسط مؤشرات على تآكل الدعم لإسرائيل داخل المجتمع الإنجيلي. والثاني: أبلغ رئيس الجمهورية اللبناني جوزيف عون الوفد الذي يضم أعضاء مجلس الأمن الدولي أن "لبنان اعتمد خيار المفاوضات مع "إسرائيل"، لتجنيبه جولة عنف إضافية من جهة، ولأن لبنان مقتنع بأن الحروب لا يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية، وأن وحده التفاوض يمكن أن يوفر مناخات تقود إلى الاستقرار والأمان (.

.) لقد اتخذنا القرار ولا مجال للعودة الى الوراء".

في الخبرين تبدو كذبتيْن صادرتيْن من كيانين؛ أحدهما يحاول ترميم شعبيته التي تآكلت نتيجة دموية غير مسبوقة، من خلال مبادرة وصفتها وزارة خارجية الكيان بأنها "سلاح يوم القيامة" للدبلوماسية العامة الإسرائيلية، والآخر يزعم أن التفاوض مع الصهاينة يمكن أن يؤدي إلى "مناخ يقود إلى الاستقرار والأمان"، كأن تجربة السلطة الفلسطينية تدلل على صواب كلامه، أو كأن الضغوط التي تحيط بمصر في جميع حدودها ومياهها رغم "السلام الدافئ" -كما قال السيسي- تشير إلى الاستقرار! فعلى من يكذب عون؟

كذا يشير الخبران إلى مفارقتين؛ فالصهاينة يستمرون في تدعيم قواهم وتعزيز موقعهم الغشوم والمزيِّف للماضي والحاضر، بينما يؤكد عون الهوان العربي بكلامه الذي يعتمد سياسة التذلل أمام العدو المستبيح لأرضه وسمائه يوميّا، وآية تَذَلُّلِهِ أنه قال نهاية الشهر الماضي إنه "أطلق مبادرات عدة بهدف التفاوض لإيجاد حلول مستدامة للوضع الراهن، لكن لم يتلق أي ردة فعل عملية". فهو يُبادر والصهاينة لا يستجيبون، فزاد من مبادراته بإضافة دبلوماسي لبناني إلى المفاوضات مع الاحتلال، لتصير مفاوضات مباشرة دون وسطاء، محقِّقا مكسبا سياسيّا للاحتلال دون ثمن، وفي وقت تزداد فيه عزلته الدولية.

ما تقوم به الأنظمة المستبدة في المنطقة، أو الأنظمة الضعيفة، عمليات إنعاش لجسد الاحتلال الذي أُثقِل بالجراح النافذة، إما بسبب عملية طوفان الأقصى وما أذكته من انقسامات داخلية، أو بسبب الانكشاف الإعلامي والسياسي والقيمي أمام المجتمعات الغربية التي بدأت تتجاوز الرواية المعتادة السائدة في مجتمعاتهم، والدعاية الحكومية للكيان الدموي في بلادهم، وهذه الجراح النافِذة تلتئم بخيوط عربية قبل أن تكون أجنبية؛ عبر اتفاقيات اقتصادية وتبادلات تجارية وقنوات دبلوماسية سرية وعلنية، ودعْمٍ للاحتلال في بعض جوانب تحركاته تجاه القضية الفلسطينية، خاصة ما يتعلق بنزع سلاح الفصائل المقاوِمة.

من أمارات الهوان العربي الأخرى، انتهاك الاحتلال اليومي لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإعلان رئيس أركان وزارة الحرب والعدوان الصهيوني أن "الخط الأصفر هو خط حدود جديد، خط دفاع أمامي للمستوطنات وخط هجوم". هذا التصريح الذي يريد فرض واقع جديد على الأرض لم يُقابل بموقف عربي قوي وحاسم، بما في ذلك الدول الضامنة للاتفاق، كما تظل الخروقات الصهيونية دون رادع ودون حساب.

في السياق ذاته، لا يمكن عزل هذه المواقف عن الموقف العربي الرسمي طوال فترة العدوان، إذ كان التواطؤ العربي ضد الفلسطينيين عنوانا لسلوكهم، فلم يُتَّخذ موقف قوي لوقف العدوان، وهذه المسألة سبق طرحها في عدة مواضع أخرى، لكن يجدر التذكير بها حتى لا يُنسي وقف الحرب بصورتها الأبشع، المواقف السابقة.

ينضاف إلى ذلك، أن الأمريكيين الذين شكَّلوا ما أسموه "مركز تنسيق" لمراقبة وقف إطلاق النار، ينحازون بسفور للرواية الصهيونية، وللأسف لا ينحاز أحد للمظلومية الفلسطينية، بل إن الدول العربية المشاركة في مركز التنسيق المدني العسكري (CMCC) لا تقوم بعمليات إعلان يومي للخروقات الصهيونية للاتفاق، ما يشير إلى تخاذل في فضح الرواية الصهيونية التي تزعم انتهاك الفلسطينيين للاتفاق، وفي المقابل تُسارع الولايات المتحدة إلى تبنّي الرواية الصهيونية باستمرار في كل خرق، خاصة ما يتعلق بالخروق العسكرية.

طوال أشهر الحرب وصلت 1000 طائرة عسكرية إلى الاحتلال الصهيوني، وقد وصل إلى الكيان الحربي الدموي أكثر من 120 ألف طن من المعدات العسكرية، والذخائر، ووسائل القتال، ومعدات الحماية، عبر هذه الطائرات الألف ونحو 150 سفينة، وفي المقابل يُمنع تسليح الفلسطينيين ولو بمجرد أسلحة خفيفة، والأكثر مهانة، يُمنعون من تلقي الغذاء والدواء وإجلائهم للعلاج وإدخال مواد بناء أو حتى خيام تقيهم برد الشتاء، فأي مهانة أوصلنا إليها هؤلاء الحكام!

كذلك، تتفاقم الكوارث تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية، كالاستيطان المتزايد، والاعتداءات اليومية للمغتصبين ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وانتهاك حرمات المساجد، خاصة المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، بل وتقوم منظمات غير حكومية بجمع التبرعات لتمويل الاستيطان مثل صندوق الخليل (Hebron Fund) الذي أسَّسه الحاخام إتسحاق بيخمان عام 1979، ولا يقتصر تمويله على بناء المستوطنات، بل يدعم الصندوق مرتكبي جرائم بحق فلسطينيين، ومتطرفين صهاينة مثل: عامي بوبر الذي قتل 7 فلسطينيين عام 1990، وعائلة إيغال عامير، قاتل رئيس الوزراء إسحاق رابين، ومنظمة "بات عاين" التي حاولت تفجير مدرسة للبنات في القدس الشرقية عام 2002.

في المقابل، يُحظر على سلطة عباس أن تحوِّل أموالا لأسر الشهداء الفلسطينيين، ويُحظر على الدول العربية أن تقدم أموالا للفلسطينيين -أيّا كان انتماؤهم- إلا برضى صهيوني، بل ويُحظر على أي عربي أن يُقدِّم أموالا للفلسطينيين المغضوب عليهم، ومخالفة ذلك تستدعي الوَضْع على قوائم الإرهاب!

هذه الأوضاع العربية المُزرية تحتاج إلى حلول شعبية وليست رسمية، فالحكام العرب في أعلى سلم التواطؤ تجاه شعوبهم وتجاه الفلسطينيين، ولم يعد هناك رجاء منهم، وعلى القوى الفاعلة شعبيّا في الوطن العربي بأكمله أن تجتمع لتضع خارطة طريق للقضية الفلسطينية، وفق تحركات شعبية. وفي السياق أذكر مؤتمرا كان ينعقد في نقابة الصحفيين المصريين، بعنوان "التحالف الدولي ضد العولمة والإمبريالية والصهيونية العالمية"، وكان يضم ممثلين من نحو 50 دولة في نسخته الأخيرة قبل أن يوقفه نظام مبارك عام 2009، فحلُّ القضية الفلسطينية بات -يقينا- بيد الشعوب وليس الأنظمة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الاحتلال الدعم إسرائيل إسرائيل احتلال دعم مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات من هنا وهناك رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

قافلة «زاد العزة» الـ 90 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة

شرعت قافلة شاحنات المساعدات الإنسانية الـ90 في الدخول إلى الفلسطينيين بقطاع غزة، عبر البوابة الفرعية لميناء رفح البري باتجاه معبري كرم أبو سالم والعوجة، تمهيدًا لإدخالها إلى القطاع.

وصرح مصدر مسؤول بميناء رفح البري في شمال سيناء اليوم الثلاثاء بأن الشاحنات اصطفت في ساحة الانتظار ضمن قافلة «زاد العزة.. من مصر إلى غزة»، مشيرًا إلى أن الشاحنات تخضع للتفتيش من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي على معبر كرم أبو سالم جنوب شرق قطاع غزة قبل إدخالها إلى القطاع.

يذكر أن قافلة «زاد العزة.. من مصر إلى غزة» التي أطلقها الهلال الأحمر، انطلقت في 27 يوليو حاملة آلاف الأطنان من المساعدات تنوعت بين سلاسل الإمداد الغذائية، دقيق، ألبان أطفال، مستلزمات طبية، أدوية علاجية، مستلزمات عناية شخصية، وأطنان من الوقود.

ويتواجد الهلال الأحمر كآلية وطنية لتنسيق وتفويج المساعدات إلى قطاع غزة منذ بدء الأزمة في أكتوبر 2023.. ولم يتم غلق ميناء رفح البري نهائيا خلال تلك الفترة، ويواصل تأهبه في كافة المراكز اللوجستية وجهوده المتواصلة لإدخال المساعدات بواسطة 35 ألف متطوع.

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد أغلقت المنافذ التي تربط قطاع غزة، منذ يوم 2 مارس الماضي، بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وعدم التوصل لاتفاق لتثبيت وقف إطلاق النار، واخترقت الهدنة بقصف جوي عنيف يوم 18 مارس الماضي، وأعادت التوغل بريا بمناطق متفرقة بقطاع غزة كانت قد انسحبت منها.

كما منعت سلطات الاحتلال دخول شاحنات المساعدات الإنسانية والوقود ومستلزمات إيواء النازحين الذين فقدوا بيوتهم بسبب الحرب على غزة، ورفضت إدخال المعدات الثقيلة اللازمة لإزالة الركام وإعادة الإعمار إلى قطاع غزة.. وتم استئناف إدخال المساعدات لغزة في مايو الماضي وفق آلية نفذتها سلطات الاحتلال وشركة أمنية أمريكية رغم رفض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمخالفتها للآلية الدولية المستقرة بهذا الشأن.

وأعلن جيش الاحتلال «هدنة مؤقتة» لمدة 10 ساعات (الأحد 27 يوليو 2025)، وعلق العمليات العسكرية بمناطق في قطاع غزة للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية، فيما واصل الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة) بذل الجهود من أجل إعلان اتفاق شامل لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل إطلاق الأسرى والمحتجزين، حتى تم التوصل فجر يوم 9 أكتوبر 2025، إلى اتفاق ما بين حركة حماس وإسرائيل حول المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشرم الشيخ بوساطة مصرية أمريكية قطرية وجهود تركية.

اقرأ أيضاًعاجل| قافلة «زاد العزة» الـ89 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة

قافلة «زاد العزة» الـ88 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة

الهلال الأحمر يطلق قافلة المساعدات الإنسانية «زاد العزة» 87 إلى غزة

مقالات مشابهة

  • في تعطيل المهام الفلسطينية العاجلة
  • إعلام عبري: لن يدخل المناطق الخضراء برفح إلا العائلات الفلسطينية التي لا ترتبط بحماس
  • حماس: المرحلة الثانية لا يمكن أن تبدأ ما دام الاحتلال يواصل خرق الاتفاق
  • قافلة «زاد العزة» الـ 90 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة
  • ذكرى رحيل يحيى حقي .. أيقونة الأدب العربي التي لا تغيب
  • أونروا: إسرائيل طرف في اتفاقية امتيازات الأمم المتحدة التي تنص على حرمة المقار الأممية
  • جيش الاحتلال يشن غارات جوية في رفح الفلسطينية
  • طيران الاحتلال يقصف المناطق الغربية لرفح الفلسطينية
  • تحذيرات في إسطنبول.. تهويد الأقصى يتسارع وصعود الصهيونية الدينية يفاقم الخطر