ملتقى المدن الذكية المستدامة يوصي بتكامل البنية الأساسية والموازنة بين المعاصرة والأصالة
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
أوصى ملتقى صلالة الهندسي الثالث "المدن الذكية المستدامة" في ختام أعماله اليوم أهمية وجود بنية أساسية مرنة ومناسبة لكافة القطاعات الإنشائية متضمنة (الطرق، والمباني، المرافق العسكرية، والمنشآت الرياضية، والمدن المستقبلية)، إلى جانب الاهتمام باحتياجات الأفراد الأساسية في المدن والسماح بالمشاركة في التخطيط، كما تضمنت التوصيات الاهتمام بالجوانب الاجتماعية والهوية المدنية الثقافية والحضارية مع الموازنة بين المعاصرة والأصالة بجوانبها المتعددة منها وجود مسطحات خضراء والترفيه وتحسين التنقل، وتحسين قطاع المواصلات العامة.
واختتم الملتقى الذي نظمته جمعية المهندسين العمانية تحت عنوان «المدن الذكية المستدامة» بمشاركة مجموعة من المتحدثين من داخل سلطنة عمان وخارجها حيث قدم الدكتور صبيح خساف ورقة عمل بعنوان أنظمة النقل المرنة والمستدامة، موضحا فيها قدرة نظام النقل على الصمود والتعافي بسرعة من الاضطرابات، مثل الكوارث الطبيعية، أو التحولات الاقتصادية، أو التقدم التكنولوجي وفي الوقت نفسه، تشمل الاستدامة الأبعاد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، مع التركيز على تقليل التأثيرات السلبية مع تعزيز المساواة وإمكانية الوصول لجميع المستخدمين. كما استعرض المبادئ الأساسية لأنظمة النقل المرنة والمستدامة وهي التكامل المتعدد الوسائط الذي يوفر نظام النقل المرن وخيارات متنوعة للنقل العام، وركوب الدراجات، والمشي، مما يسمح للمستخدمين بالتبديل بين الوسائط حسب الحاجة. ويرى صبيح أن هذه المرونة ضرورية للحفاظ على القدرة على الحركة عندما يتم تعطيل أحد الخيارات. كما استعرض الدكتور صبيح خساف استراتيجيات لبناء أنظمة نقل مرنة ومستدامة منها الاستثمار في وسائل النقل العام، موضحا أن تعزيز شبكات النقل العام مثل الحافلات والمترو والترام من شأنه أن يقلل من استخدام السيارات الفردية، وبالتالي الحد من الازدحام المروري والانبعاثات. وينبغي للمدن أن تركز على زيادة وتيرة الخدمة، وتوسيع التغطية، وتحسين تجربة المستخدم الإجمالية.
وقدمت ليلى الحضرمية من وزارة الإسكان والتخطيط العمراني ورقة عمل بعنوان خارطة طريقة بناء المدن الذكية المستدامة في سلطنة عمان تناولت فيها التعريف بالمدينة الذكية وهي المدينة التي تزيد بشكل كبير من وتيرة تحسين نتائجها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، والاستجابة للتحديات مثل تغير المناخ، والنمو السكاني السريع، وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، من خلال تحسين كيفية تفاعلها مع المجتمع، وكيفية تطبيق أساليب القيادة التعاونية، وكيفية عملها عبر التخصصات وأنظمة المدينة، وكيفية استخدامها للبيانات والتقنيات المتكاملة من أجل تحقيق أهدافها. كما استعرضت خلال ورقة العمل رؤية عُمان الذكية وأهمية التخطيط الحضري المرتكز على الإنسان والمبادرات الخضراء والمستدامة وأهمية أن يكون هدف المدن الذكية تحسين جودة الحياة والشمول الرقمي والمساواة في الحصول على الخدمات الأساسية والخدمات الذكية وقياس التأثير والتقدم وأهمية المشاركة المجتمعية والتمكين في الشراكات والتعاون. فيما ذكر الدكتور لويس كاستيلا في ورقة عمله الجوانب التي يجب مراعاتها في مشروع تطوير المدن الذكية حيث يجب مراعاة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأهمية حوكمة المشروع والتزام سياسي قوي بتنفيذ المشروع وقيادة فنية للمشروع والابتكار المفتوح وغير المحدد، وبناء القدرات الناعمة، وطرق التخطيط الاستراتيجي ومشاركة المجتمع في الخطط وان يكون نهج تعاوني و ليس فقط داخل الحكومة، بل أيضًا مع المجتمع وأن تكون خطط العمل طويلة الأجل مقترنة بخطط قصيرة الأجل عالية التأثير.
واختتم لويس ورقته بذكر خمس خطوات يفترض تنفيذها لبناء مدينة ذكية وهي اختيار مشروع تجريبي منخفض الكثافة، يسمح بتغطية التحسينات الهيكلية المتقاطعة وأن يكون هناك هدف لتطوير القدرات البشرية وكذلك وضع تشخيص وخطة عمل قصيرة وبسيطة ولكنها كاملة واختيار فريق المشروع والقائد، واختيار المقاييس وبناء لوحة التحكم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المدن الذکیة المستدامة
إقرأ أيضاً:
مهرجان القطيع .. ملتقى سنوي للتراث التهامي والهوية الثقافية في الحديدة
تقرير/ جميل القشم
في تهامة، حيث يلتقي خصب الأرض بعطاء البحر، وتنبع الذاكرة من مواسم الزراعة وأهازيج الصيد، ينبثق مهرجان القطيع كل عام، كحدث ثقافي يُعيد رسم ملامح الهوية التهامية ويمنحها حضورًا حيًا في وجدان الأجيال.
يجّسد مهرجان القطيع ملتقى مفتوحًا، يعكس وجدان الإنسان التهامي، ويعكس التقاليد والمعارف المتوارثة التي ظلّت حاضرة في تفاصيل الحياة اليومية، من الزراعة والصيد إلى الأهازيج والرقص والفنون الشعبية.
تقام فعاليات المهرجان في مدينة القطيع بمديرية المراوعة، في أجواء شعبية، تتداخل فيها الروح التهامية مع نبض المجتمع، وتتحول المساحات العامة إلى ساحات تفاعلية تستعرض فيها ملامح الماضي بلغة الحاضر.
يشهد المهرجان السنوي، عروضًا فنية ومسرحية وبهلوانية، تقدّمها فرق شعبية محلية، إلى جانب استعراضات حيّة لطرق الزراعة القديمة، وأدوات الصيد، وتقنيات حفظ المحاصيل والأسماك، في مشاهد بصرية تنقل الزائر إلى أعماق التاريخ المحلي.
يولي المهرجان، أهمية خاصة للرقصات الشعبية، التي تقدّم بزيها التقليدي وإيقاعاتها المميزة، وهو ما يضفي على الفعالية بُعدًا فنيًا متجذرا في الموروث الشفهي والجسدي للمنطقة، ويعزّز حضور من الثقافة الحركية في المشهد العام.
لا تغيب السباقات التراثية عن المشهد، إذ يحتضن المهرجان سباق الهجن، والخيول، والقفز على الجمال، لتكون مثل هذه العروض بمثابة استدعاء حيّ لمظاهر الفروسية والمروءة في البيئة التهامية.
تظهر الرسالة الثقافية للمهرجان جليّة في حرصه على تمكين المجتمع المحلي من تقديم تراثه بلسانه، دون وساطة، بعيدًا عن التنميط، ما يمنح الفعالية أصالة في الطرح وصدقًا في التلقي.
ويسهم المهرجان في ربط الأجيال بالهوية، إذ يجد فيه الكبار فسحة لاستذكار ما عاشوه، بينما يكتشف فيه الصغار تفاصيل جديدة عن بيئتهم وأصولهم، فتتكون بذلك حلقة تواصل حيّة بين الماضي والمستقبل.
يشكل المهرجان رافعة اقتصادية موسمية، تنتعش الأسواق المحلية، وتعرض المنتجات التهامية التقليدية من مأكولات، وأدوات، وحِرف، في مساحة تفاعلية تجمع بين المتعة والدعم الشعبي للصناعات الصغيرة.
ومن الناحية التعليمية، يقدّم المهرجان تجربة تعلم للأبناء والزوار، حيث تنقل مفاهيم الهوية والانتماء عبر التفاعل المباشر مع العروض والأنشطة، بدلاً من التلقين المجرد في الصفوف.
ويمنح في ذات الوقت، مساحة للمثقف الشعبي، الذي يحمل تراثا غير مكتوب، لعرضه من خلال الأداء أو الحكاية أو الحرفة، مما يعيد الاعتبار للمعرفة الشعبية بوصفها مكونًا مهمًا من الموروث الثقافي الوطني.
يقوم تنظيم المهرجان على جهود مجتمعية واسعة، تتشارك فيه اللجان الأهلية، والمبادرات الشبابية، والجهات الثقافية المحلية، ما يعزّز من روح الشراكة ويجعل من الفعالية مناسبة يتملكها الجميع.
يسعى القائمون على المهرجان الذي عادة ما يُقام في ثاني وثالت أيام عيد الأضحى، إلى تطويره سنويًا، سواء من حيث توسيع الفقرات أو إشراك كافة الفئات المجتمعية، لترسيخ حضوره كفعالية وطنية تتجاوز الطابع المحلي، وتعكس غنى الهوية اليمنية.
ويحرص المهرجان على البقاء بعيدًا عن المظاهر الشكلية، مقدّما نفسه كـ”ملتقى تلقائي” تُستعاد فيه الروح التهامية، وتُترجم فيه الثقافة من الناس وللناس، في سياق شعبي حي يعكس صدق الانتماء وعمق الوعي بالهوية.
يعكس مهرجان القطيع، ذاكرة تهامة الحية، وتنبض تفاصيله في وجوه الناس، وخطوات الراقصين، ونبرات العازفين، وضحكات الأطفال، وحكايات الآباء، ليبقى حدثًا سنويًا يزهر بالحياة كلما عاد، ويعمّق حضور التراث كلما نظم.
سبأ