العدد (95) من “الشارقة الثقافية” يحتفي بإبداعات إسماعيل فهد وعلي الدوعاجي وخليفة التليسي
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
صدر أخيراً العدد (95)، لشهر سبتمبر/أيلول (2024م)، من مجلة “الشارقة الثقافية”، وقد تضمن مجموعة متميزة من الموضوعات والمقالات والحوارات، في الأدب والفن والفكر والسينما والتشكيل والمسرح، وقد جاءت افتتاحية العدد بعنوان (إفريقيا في المدونة الشعرية العربية)، حيث أشارت إلى أن أهم ما يميّز الملتقيات الشعرية التي تنظمها الشارقة، هو تعزيز حضور الشعر العربي بكلّ تجلياته في المشهد العالمي، وتحديداً في القارة السمراء، والاحتفاء به كقيمة حضارية وإنسانية جامعة، وأكدت أن ملتقيات الشعر العربي في إفريقيا، قد شكّلت منذ الدورة الأولى جسراً قوياً بين التجربتين الشعريتين العربية والإفريقية، فيما سلطت الضوء على مكانة المكون الإفريقي في المدونة الشعرية العربية، وحضوره في الذاكرة التاريخية والحياة الثقافية، وهو جزء أساسي من الحضارة الإسلامية.
مدير التحرير نواف يونس؛ احتفى في مقالته بـ (سعدالله ونوس.. علامة فارقة في المسرح العربي)، مؤكداً أن أهل المسرح العربي يكنون ويقدرون المسرحي ونوس، الذي نجح في الاستحواذ على إعجابهم منذ انطلاقته الأولى في ستينيات القرن الفائت وحتى الآن، فأعماله المسرحية وما قدمه للمسرح العربي من أفكار وقضايا ترتبط بواقع الإنسان العربي، لاتزال تتجول في أنحاء المدن والعواصم العربية وأغلب مهرجاناتها. وأشار إلى أن ونوس لم يتوان أثناء مسيرته أن يعمل في أكثر من موقع صحافي، سجل من خلاله شهادة على إبداعه وقدرته على تقديم صحافة جادة وملتزمة، من دون أن يتخلى عن بحثه الدائم والمستمر عن صيغة جديدة، تؤسس لمسرح عربي حقيقي، على مستوى التأليف والإخراج في الشكل الفني والمضمون الفكري.
وفي تفاصيل العدد، كتب يقظان مصطفى عن عالم الرياضيات والضوء هو كمال الدين الفارسي، الذي تميز بمآثر واضحة في نظرية الأعداد والجبر، وحاور حسن الوزاني المترجمة (ماري أنيل) التي تنقل إلى اللغة السويدية مختارات من الأدب العربي، فيما تناول د. محمد صابر عرب (واحة سيوة) التي تعتبر لغز الصحراء المصرية، وهي مأهولة منذ العصر الحجري، وقدم حسن بن محمد بانوراما عن مدينة (سوسة)، التي تعد جوهرة الساحل التونسي، وقد صنفت تراثاً عالمياً من قبل اليونسكو.
أما في باب (أدب وأدباء)؛ فرصد علاء عبدالهادي بطولة المكان في أدب نجيب محفوظ، وكتب جمال عبدالحميد عن الأديب (تشينوا أتشيبي) مؤسس الأدب الإفريقي الذي اهتم بأبعاد الشخصية والهوية، وتناولت رويدا محمد أحد رموز الأدب العربي الحديث في ليبيا هو الأديب خليفة التليسي، الذي ظل وفياً للثقافة العربية وأثرى المكتبة أدباً وشعراً وترجمة، أما عبير محمد فقرأت سيرة الأديب والكاتب أحمد عبدالسلام البقالي، الذي يعد علامة أدبية ثقافية مغربية مميزة، وتوقف سعيد البرغوثي عند رحيل الروائي المبدع حسن سامي يوسف، الذي قدم إلى جانب الرواية عشرات الأفلام والأعمال الدرامية، وقدم طارق الطاهر إضاءة حول وثائق ترى النور للمرة الأولى حول ملف الطالب طه حسين الجامعي، واحتفى عبدالرزاق الربيعي بالمنجز الإبداعي والأسلوب الحر للكاتب إسماعيل فهد إسماعيل في ذكرى رحيله السادسة، وكتب د. أحمد الدوسري عن الكاتب والشاعر صالح الغازي الذي يقدم نموذجاً للرواية الحديثة، وسلط ساسي جبيل الضوء على رواية (موعدنا في شهر آب)، آخر هدية غير متوقعة من (ماركيز) لقرائه، واستعرض د. محمد خليل محمود إسهامات الأديب عبدالكريم غلاب في مختلف المجالات الفكرية والإبداعية، حيث مثّل الواقعية الجديدة في الرواية العربية، وتتبع محمد زين العابدين سير مبدعين أضاؤوا سماء الأدب والفن ورحلوا في عمر الشباب، وكتب مصعب الصاوي عن الشاعر محمد المهدي المجذوب، الذي تشبع بروح اللغة والشعر وعبر عن هموم وأحلام شعبه، بينما توقف صابر خليل عند الكاتب والشاعر علي الدوعاجي (أبو القصة التونسية)، وزار ياسين عدنان معرض (شاعر يمر)، المخصص للمسار الفني والأدبي والثقافي للأديب الفنان عبداللطيف اللعبي في متحف محمد السادس، وكتب عمر إبراهيم محمد عن الشاعر المصري عبدالفتاح مصطفى، الذي امتلك ناصية الشعر الغنائي وترك إرثاً خالداً متنوعاً، والتقى عمر طهبوب الشاعرة أفياء أمين الأسدي التي ترى الحياة فرعاً من الشعر والفن والإبداع، وقدم فيصل السائحي قراءة في أفكار نورة عبيد ومجموعتها القصصية (شوارع)، وتناول سيد رزق تجربة الأديب والشاعر محمد عبدالمعطي الهمشري الذي استلهم شعره من جمالية الطبيعة، وأخيراً كتب أحمد الشيخاوي عن مسؤولية الناقد الأدبية والتاريخية والثقافية ومفاهيمنا النقدية العربية.
ونقرأ في باب (فن. وتر. ريشة)؛ الموضوعات الآتية: فؤاد شردودي.. علامة بارزة في التشكيل العربي – بقلم محمد العامري، فتحي محمد قباوة استهواه تشكيل الطين والحفر على الخشب – بقلم عبدالرزاق شحرور، صلاح بن البادية.. حظي بشعبية داخل السودان وخارجه – بقلم جيهان إلياس، القباني وحجازي وسيد درويش رواد المسرح الغنائي العربي – بقلم بادية حسن، أحمد إسماعيل من أهم كتاب المسرح وأدب الأطفال – بقلم أديب حسن، وزير السياحة السوري محمد رامي مرتيني ( السياحة من مرتكزات التنمية) – حوار د. أماني ناصر، محمد ملص.. رغبة في ترجمة السيرة الذاتية إلى فيلم – بقلم سامر محمد إسماعيل، فيلم (ميغالو بوليس) مدينة كوبولا الفاضلة – بقلم أسامة عسل، مراد مصطفى (الفن رسالة إنسانية قبل كل شيء) – حوار طارق إبراهيم حسان.
وفي باب (تحت دائرة الضوء) قراءات وإصدارات: مجلة (الثقافة) قامت بدور مهم في الفكر العربي – بقلم ضياء حامد، أدب العرب.. مختصر تاريخ نشأته وتطوره ورجاله – بقلم ناديا عمر، رؤية حسين مؤنس في (معالم تاريخ المغرب والأندلس) – بقلم ذكاء ماردلي، الشاروني و(مهارات الكتابة للأطفال) – بقلم ثريا عبدالبديع، فتحي عبدالسميع.. يبحث في تراث سيرة بني هلال – بقلم زمزم السيد، المنهج في مشروع التراث والتجديد – بقلم نجلاء مأمون، مسرح الطفل.. استعارات معرفية – بقلم أبرار الآغا، التمثيل الرمزي في شعر ساجدة الموسوي – بقلم إيمان محمد أحمد.
من جهة ثانية؛ تضمّن العدد مجموعة من المقالات وهي: مع مؤلفات الجاحظ – بقلم أحمد يوسف داود، سليم حسن.. سائح في مفازة التاريخ والحضارة المصرية – بقلم د. بهيجة مصري إدلبي، (الرواية في الوطن العربي) رؤية علي الراعي النقدية – بقلم اعتدال عثمان، محمود فاخوري.. مسيرة حافلة بالـتأليف والبحث – بقلم سلوى عباس، أسطورة المعتمد.. الملك الشاعر – بقلم خوسيه ميغيل بويرتا، سونيا نمر تروي رحلات السندبادة العجيبة – بقلم نبيل سليمان، السيد ياسين درس المستقبل أفقاً ودلالة معرفية – بقلم أحمد فرحات، المبدع.. والأسلوب – بقلم عبدالعليم حريص، واسيني الأعرج.. البطل لا ييأس – بقلم لوركا سبيتي، (مفضّليات) أمير تاج السر – بقلم مصطفى عبدالله، عزالدين إسماعيل.. والشموخ النقدي – بقلم سعيد يقطين، تأثير العرب في الفكر الأوروبي – بقلم د. رانيا يحيى، حميد قاسم يتناول المنجز الشعري في دراسة أكاديمية – بقلم د. حاتم الصكر، العناصر المكونة للصورة الفنية وأشكالها – بقلم د. مازن أكثم سليمان، الشرقاوي.. شاعراً – بقلم محمد حمودة، في الذكرى الستين لرحيل العقاد – بقلم مالك صقور، التشكيل بين الفنان ومجتمعه – بقلم نجوى المغربي، التجديد المسرحي.. بين الإرث والمعاصرة – بقلم بول شاوول، د. محمود فرغلي والشعر الموجه للأطفال – بقلم شيمازا فواز الزعل، رمزية الجمال والدلالة الثقافية – بقلم د. سعدالدين كليب.
ويحتوي العدد على مجموعة من القصص القصيرة، والترجمات لكوكبة من الأدباء والمبدعين العرب، وهي: كرم الصباغ (ياسمين) قصة، (ياسمين) مخالفة التوقع – بقلم د. سمر روحي الفيصل، تغريد علي ريشة (أم البنات) قصة قصيرة، محمد السيد عبدالعال (موعد ما) قصة قصيرة، منى بدوي يعقوب ( صانعة السعادة) قصة قصيرة، د. بن الطالب دحمائي (سلم لكتابة الشعر) شعر مترجم، إضافة إلى تراثيات عبدالرزاق إسماعيل (أغنياء النفس.. سادات الدنيا)، وأشعار لها أصداؤها (لامية العرب.. مساجلة بحثية)- بقلم وائل الجشي، و(أدبيات) فواز الشعار، التي تضمنت جماليات اللغة وفقه اللغة ودوحة الشعر.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
ذكرى ميلاد الشيخ مصطفى إسماعيل.. قارئ الملوك وسلطان القراء
تحل علينا اليوم الثلاثاء الموافق 17 يونيو ، ذكرى ميلاد نجم ساطع في فضاء التلاوة القرآنية، القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل، الذي لم يكن صوته مجرد نغم عابر، بل أداة ساحرة تقود القلوب إلى حُب القرآن، تستقطب السامعين من كل الفئات والثقافات، فارتبط اسمه بثلاثيةٍ فريدة: جمال الصوت، وعمق الأداء، وقدرة فائقة على مخاطبة الوجدان.
وُلِد لشيخ مصطفى إسماعيل في قرية ميت غزال بمحافظة الغربية في الـ 17 من يونيو عام 1905م، وحفظ القرآن في كُتَّاب الشيخ عبد الرحمن أبو العينين، ثم تتلمذ في المعهد الأحمدي الأزهري بطنطا، وهناك نبغت موهبته الفطرية، فنصحه أساتذته بالتفرغ للتلاوة، مُدركين تفرد أدائه.
وكانت لحظة التحول الفاصلة في الثالث والعشرين من فبراير 1945، عندما أخذَه الشيخ محمد الصيفي في احتفال المولد النبوي الشريف، ليقرأ ببث مباشر على الإذاعة المصرية، دون أن يكون مسجلًا فيها، ثقة في عبقريته، ليكون ذلك البث المباشر شهادة ميلاد لشهرته العريضة.
لم يكد صوته يصدح حتى بلغ القصر الملكي، فاستدعاه الملك فاروق ليكون قارئ القصر الخاص، وخصيصًا في ليالي القدر الرمضانية، حتى اشتُهر بـ"قارئ الملوك".. والأعجب أنه ظل صوتًا عابرًا للعصور، فحافظ على مكانته المتميزة كالمقرئ المفضل ليس فقط للملك، بل لكل الرؤساء الذين عاصروه، وكان أول قارئ يُقبل في الإذاعة دون اختبار، تقديرًا لموهبته الاستثنائية.
وامتلك الشيخ مصطفى إسماعيل خامةً صوتيةً نادرة "طبقة التينور"، التي تجمع بين القوة والنقاء، فمكَّنته من التحليق في طبقات الجواب بثباتٍ مدهش، وتجاوز إلى أبعادٍ أدائيةٍ مبهرة، فهو سيد الارتجال، له قدرة فذة على الارتجال من وحي الآيات وروح المناسبة، حتى شهد له موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بأنه المقرئ الوحيد الذي يصعب توقع نقلاته المقامية، معتبراً ذلك "عبقرية يتدفق منها الابتكار"، وكانت كوكب الشرق أم كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب من أشد المعجبين بتلاوته، وقال عنه الموسيقار عمار الشريعي: "لديه إعجاز في فنون الأداء، فيصنع ما لا نستطيعه نحن الموسيقيون، ولديه إمكانيات غير مكررة".
برع في "تطويع المقامات لخدمة المعنى القرآني"، حيث تتماهى تلاوته مع المعاني بدرجة عالية من الخشوع والإيمان، وهو من أبرز أساتذة فن الوقف والابتداء، مما أعطى تلاوته سلاسة ووضوحاً تنم عن فهم عميق لكتاب الله.
آمن الشيخ مصطفى إسماعيل بأن "القرآن أُنزل للناس"، فكان يشترط حضور الجمهور في استديوهات التسجيل لتنبعث الروحانية من تلاوته، وسافر بدعواتٍ إلى العديد من الدول العربية والإسلامية، وقرأ في أعرق مساجدها، بما في ذلك المسجد الأقصى المبارك، ليصبح رمزاً عالمياً لفن التلاوة المجوَّد.
وحصد أرفع الأوسمة مثل وسام الاستحقاق من مصر وسوريا، ووسام الأرز من لبنان، كما حصل على وسام من الرئيس جمال عبد الناصر في عيد العلم عام 1965.
يظل الشيخ مصطفى إسماعيل أحد أعظم قرّاء القرآن في تاريخ الأمة، بصوته الجميل وأدائه المؤثر الذي دخل القلوب ولامس الأرواح.. لم يكن مجرد مقرئ، بل مدرسة فريدة في التلاوة.. رغم رحيله في 26 ديسمبر عام 1978، ما زالت تلاواته تُتلى وتُبكِي وتُلهِم، وستبقى خالدة في ذاكرة محبي القرآن الكريم.