شعب الجزائر يكرّر رفضه لحكم العسكر
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
بقلم: جلبير الأشقر
على الرغم من البلبلة التي رافقت الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الجزائر، ثمة أمرٌ جليّ وأكيد هو رفض الشعب الجزائري بغالبيته الساحقة لحكم العسكر، بعد أن كرّس حراكه قبل خمس سنوات للمطالبة بإنهاء هذا الحكم وإحلال سلطة مدنية ديمقراطية محلّه. بل إن البلبلة المذكورة ذاتها، إنما هي نتاج مباشر لهذه الحقيقة، التي برزت من خلال الرهان الحقيقي في هذه الانتخابات، حيث لم يكن هناك مجال لأدنى شكّ في فوز مرشّح المؤسسة العسكرية، عبد المجيد تبون.
أما نتيجة انتخابات يوم السبت الماضي، فكانت أن نسبة المشاركة هبطت عن المستوى الذي بلغته في عام 2019 والذي كان هو ذاته منخفضاً مقارنةً بالأرقام الرسمية للانتخابات السابقة. فحسب الأرقام الرسمية، لم يبلغ مجموع الأصوات التي تم الإدلاء بها يوم السبت الماضي لصالح المرشّحين الثلاثة سوى 5. 630. 196، بتراجع خطير عن مجموع الأصوات قبل خمس سنوات، بينما كاد عدد المسجلين لا يتغيّر (24. 351. 551) بحيث هبطت نسبة المشاركة إلى 23.12 في المئة فقط! أما محاولة رئيس السلطة الوطنية «المستقلة» للانتخابات، محمد شرفي، تمويه هزيمة الحكم بادّعائه أن نسبة المشاركة «المتوسطة» بلغت 48٪، وذلك بقسمة نسَب المشاركة على عدد الدوائر الانتخابية (كأن تقول إن النسبة المتوسطة بين 10٪ في مدينة يبلغ عدد ناخبيها مئة ألف و90٪ في بلدة يبلغ عدد ناخبيها أقل من ألف، هي 50٪) تلك المحاولة باءت بالفشل إلى حد أن حملة تبون ذاتها اضطرت إلى الاحتجاج على البلبلة التي أحدثتها.
إزاء هذه الهزيمة السياسية النكراء، تبدو نسبة 94.65٪ من الأصوات التي فاز بها عبد المجيد تبون حسب الأرقام الرسمية هزيلة للغاية، ناهيك من أن المرشحين الآخرين أسرعا إلى اتهام السلطات بتزوير النتائج. فقد بلغ عدد الأصوات التي حصل تبون عليها حسب الأرقام الرسمية 5. 329. 253 مقابل 4. 947. 523 في عام 2019، بزيادة طفيفة. لكن خلافاً لبعض التعليقات التي رأت في النسبة التي حصل عليها تبون تقليداً لنهج الدكتاتوريات الإقليمية المعروف والقاضي بمنح الرئيس أكثر من 90٪ من الأصوات، فإن نسبة 94.65٪ في الانتخابات الجزائرية الأخيرة لم تقترن بنسبة مشاركة عالية كما هي الحال عادة في الدكتاتوريات، سواء من خلال تزوير الأرقام أو فرض المشاركة على المواطنين أو الإثنين معاً.
بل أكّد انخفاض المشاركة أن حراك عام 2019، وإن تمكّن حكم العسكر والأجهزة الأمنية من القضاء عليه من خلال القمع والاعتقالات التعسّفية، منتهزاً في البدء الفرصة التي وفّرتها جائحة الكوفيد في عام 2020 ومواصلاً النهج ذاته إلى يومنا، ذلك الحراك ما زال حيّاً كالنار تحت الرماد، ينتظر فرصة كي يلتهب من جديد. ولا شكّ في أن المؤسسة العسكرية الأمنية الحاكمة سوف ترى في نتيجة الانتخابات مصدر قلق، إذ أتت على الرغم من أن الحكم كان قد زاد من النفقات الاجتماعية التي يحاول أن يشتري بها رضى الشعب، مستفيداً من ارتفاع أسعار المحروقات وارتفاع مداخيله بالتالي، مع ازدياد حاجة الأوروبيين إلى غاز الجزائر للتعويض عن الغاز الروسي. والحال أن المحروقات تشكّل أكثر من 90٪ من قيمة صادرات الجزائر، وهي نسبة ذات دلالة أخطر بكثير من كافة النسب الانتخابية إذ تشير إلى فشل حكم العسكر الذريع في تصنيع البلاد وتنمية زراعته، وهو الهدف الذي أعلنوا إعطاءه الأولوية منذ أن استولوا على الحكم في عام 1965 بقيادة هواري بومدين، لا سيما بعد تأميم قطاع المحروقات في عام 1971.
هذا ويُخشى أن يكون ردّ فعل المؤسسة الحاكمة إزاء فشلها السياسي الجليّ مزيداً من التعدّي على الحرّيات ومن السير بالبلاد على طريق الدكتاتوريات الإقليمية المعهود بمزيد من التزوير الانتخابي، عوضاً عن تلبية رغبة الشعب الجزائري الأكيدة بعودة العسكر إلى ثكناتهم وفسح المجال أمام حكم مدني ديمقراطي قائم على انتخابات حرّة ونزيهة. بل ثمة ما يدلّ عكس ذلك على أن البلاد سائرة على درب النموذج المصري في توسيع دائرة تدخّل المؤسسة العسكرية في المجتمع المدني، وذلك في ضوء القرار الذي صدر عن الرئاسة في بداية الصيف الماضي والقاضي بإتاحة المجال أمام ضباط الجيش لتولّي مناصب في الإدارة المدنية بحجة الاستفادة من مؤهلاتهم.
الحصيلة هي أن الأنظمة القائمة لم تستخلص من موجتي الانتفاضات اللتين شهدتهما المنطقة الناطقة بالعربية في عامي 2011 و2019 سوى دروس قمعية في تشديد قبضتها على المجتمعات. وهي بذلك لا تفعل سوى التمهيد لانفجارات أكبر وأخطر بعد مما شهدته المنطقة حتى الآن، إذ إن الأزمة البنيوية الاقتصادية والاجتماعية التي شكّلت أساس الموجتين الثوريتين السابقتين لا تني تتفاقم وسوف تسوء لا مُحال ما دامت أنظمة الاستبداد والفساد قائمة.
كاتب وأكاديمي من لبنان
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: المؤسسة العسکریة الأرقام الرسمیة نسبة المشارکة فی عام عام 2019
إقرأ أيضاً:
فى ذكري ميلاد جورج سيدهم.. ولد ميتًا وتزوّج فى سن الخمسين بعد رفضه للفكرة
تحل اليوم 28 مايو ذكرى ميلاد الفنان الكبير جورج سيدهم، والذي ولد في مثل هذا اليوم عام 1938، ورحل عن عالمنا بعد معاناة طويلة مع المرض عن عمر ناهز 81 عامًا ، وقدم الراحل جورج سيدهم العديد من الأعمال الكوميدية الذى تركت بصمة فى أذهان الجمهور على مدار أعوام.
ولد جورج سيدهم في مدينة جرجا بمحافظة سوهاج وتخرج في كلية الزراعة جامعة عين شمس عام 1961 قسم إنتاج حيواني، كما حصل على ماجستير في التلقيح الصناعي.
وفى أحد اللقاءات التليفزيونية ، حكى الفنان جورج سيدهم أنه وُلد كأنه ميتًا لأن ولادته كانت عثرة، وولد صامتًا دون حركة فظنت القابلة (الداية) أنه ميتًا، ووضعته تحت الفراش، ثم دخلت إحدى الجارات إلى الغرفة، ولما علمت بالأمر، قامت الجارة بشق بصلة، ومررتها تحت أنفه، فما كان إلا أن صرخ ليتأكدوا أنه مازال على قيد الحياة.
وكانت بداية مشوار الفنان جورج سيدهم الفنية عندما عمل كموظف في فرق التلفزيون المسرحية، ثم أصبح أحد أعضاء فرقة ثلاثي أضواء المسرح التي حققت نجاحاً كبيرًا رفقة النجوم الضيف أحمد، وعادل نصيف الذي هاجر فانضم بدلاً منه الفنان الراحل سمير غانم، واشتهر الثلاثي باسكتشات دكتور الحقني وكتوموتو، ثم انتقل نشاط الفرقة إلى المسرح.
ومن أبرز أعمال جورج سيدهم الفنية ، الحلو مايكملش ، عزبة القرود ، ألف ليلة و ليلة حواديت فكري أباظة ، رأفت الهجان و عصر الفرسان ، صرخة برئ ، نشنت يا ناصح ، حب في التخشيبة ، جواز مع الاشتراك في الأرباح ، كلام خواجات ، المتزوجون ، أهلًا يا دكتور ، أزواج بلا ماضي ، منطقة ممنوعة ، من أجل حفنة نساء ، جوليو ورومييت ، موسيكا في الحي الشرقي ، إنت اللي قتلت عليوة ، فندق الأشغال الشاقة.
سبب رفض جورج سيدهم الزواج لسنوات طويلةوكان جورج سيدهم رافضاً الزواج بشكل قاطع لسنوات عديدة وقال عن الزواج إنه نظام اجتماعي فاشل، حتى قابل زوجته الدكتورة الصيدلانية ليندا مكرم، ووقع فى غرامها وقرر الارتباط بها والزواج منها فى سن الخمسين من عمره ولم يرزق بابناء.
وفى عام 2020 رحل عن عالمنا الفنان جورج سيدهم عن عمر يناهز 81 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض.