الموظف الليلي… لماذا يراهن المدراء على الجداول المرنة؟
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
خلال التحدث مع مجموعة من المدراء وقادة الأعمال، استوقفتني قصة أثارت تساؤلات حول كيفية إدارتنا لفرقنا.
روى أحد المدراء تجربته مع موظف متميز في تحقيق النتائج، لكنه اضطر إلى فصله. والسبب أن هذا الموظف يفضل العمل في ساعات متأخرة من الليل، ويجد صعوبة في الاستيقاظ مبكرًا. أصرّ المدير على ضرورة الالتزام بساعات العمل الرسمية، معتبراً ذلك قدوة حسنة في الالتزام والانضباط.
هذه القصة تكشف عن قصور شائع في أساليب الإدارة التقليدية: تجاهل الإمكانات الفريدة لـ “الموظف الليلي” وعدم استثمارها، فهؤلاء أشخاص تتوهّج طاقاتهم الإبداعية، وتبلغ إنتاجيتهم ذروتها، في الساعات المتأخرة من اليوم أو الليل، على عكس “محبي الصباح الباكر” ممّن يفضلون العمل في الصباح.
إن إنتاجية من يسهر الليل وهو يعمل ليست أقل، بل هي مختلفة، وتتطلب بيئة عمل مرنة تستوعب طبيعتهم.
للأسف، غالبًا ما يُساء فهم “الموظف الليلي”، ويوصم ظلماً بالكسل، أو عدم الاحترافية لمجرد أنه لا يتوافق مع نظام العمل التقليدي، الذي يبدأ الساعة التاسعة صباحا وينتهي الخامسة مساء. هذا التصور الخاطئ قد يحرم الشركات من الاستفادة من طاقات وقدرات موظفين موهوبين، يمكنهم تحقيق إنجازات استثنائية، لو أتيحت لهم الفرصة، للعمل وفقًا لساعاتهم المفضلة. لقد حان الوقت لتغيير هذه النظرة الضيقة، والاعتراف بأن مواءمة جداول العمل مع الأنماط الزمنية الفردية للموظفين، يمكن أن يطلق العنان لإمكانات كامنة ويسهم في تحقيق نجاحات باهرة.
يؤكد دانيال بينك، مؤلف كتاب “متى: الأسرار العلمية للتوقيت المثالي”، على أهمية فهم “الأنماط الزمنية” المختلفة – تلك الساعات البيولوجية الفطرية التي تتحكم في مستويات طاقتنا وتركيزنا. ويشير إلى أن نسبة كبيرة من القوى العاملة تتكون من “محبي السهر”، الذين يقدمون أفضل أداء عندما يتزامن عملهم مع أوقات ذروتهم الطبيعية. بالنسبة للأعمال التي تتطلب مرونة في ساعات العمل أو تتضمن نوبات ليلية، يمكن أن يكونوا بمثابة أصول لا تقدر بثمن.
إن توفير جداول عمل مرنة، أو ساعات بديلة لهؤلاء الموظفين، يمكن أن يعزز بشكل كبير من رضاهم الوظيفي، ويستثمر في نقاط قوتهم الفريدة، ويحسن أداء الفريق ككل.
حان الوقت لكسر قيود الجداول الزمنية الجامدة، فـ “الموظف الليلي”، ليس أقل كفاءة من “محبي العمل الباكر”، بل إنهم يمتلكون طاقة إبداعية كامنة تنتظر اللحظة المناسبة للتوهُّج. في عالم الأعمال الحديث، المرونة هي المفتاح، وتبنيها يعني الاستفادة القصوى من مواهب وقدرات جميع الموظفين، بغضّ النظر عن أنماطهم الزمنية الفريدة. فبينما يفضل البعض العمل في الصباح الباكر، يجد “الموظف الليلي” نفسه في ذروة تركيزه، وإبداعه، في الساعات المتأخرة من اليوم، أو حتى في الليل. إنهم يتألقون في المهام التي تتطلب تفكيرًا عميقًا، وتحليلًا دقيقًا، ويقدمون حلولًا مبتكرة وغير تقليدية. تخيلوا قوة العمل التي يمكن أن تتحقق، عندما نسمح لـ “الموظف الليلي” بالعمل في أوقاتهم الذهبية، بدلاً من التضييق عليهم بساعات الدوام التقليدية وقتل إبداعهم.
من منظور إداري، فإن محاولة كبح جماح “الموظف الليلي”، وإجباره على العمل في أوقات لا تناسبه، ليست مجرد خطوة غير مثمرة، بل قد تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث تراجع الإنتاجية وزيادة الإرهاق الوظيفي.
الحل الأمثل يكمن في تبنّي المرونة، واحتضان التنوع في أنماط العمل، بما يعزِّز من الإنتاجية، ويخلق بيئة عمل ديناميكية تناسب الجميع. هذا يعني الاعتراف بقيمة هؤلاء الموظفين المبدعين، وتوفير فرص حقيقية لهم للتألق، سواء من خلال جداول عمل مرنة، أو خيارات للعمل عن بعد، أو تحديد مواعيد نهائية للمشاريع تراعي أوقات ذروة إنتاجيتهم.
في عالم الأعمال الحديث، حيث التركيز على النتائج هو الأساس، يجب أن نتجاوز قيود الجداول الزمنية الصارمة، ونركز على تحقيق الأهداف بأفضل طريقة ممكنة. يتطلب ذلك من المديرين، فهم، واحترام تنوع تفضيلات العمل داخل فرقهم، وتقديم التسهيلات اللازمة لمن يعملون بشكل أفضل، خارج الإطار التقليدي لساعات العمل، فمن خلال تبني هذا النهج، يمكن للشركات الإستفادة من كامل طاقاتها البشرية، وتعزيز رفاهية موظفيها، وفي النهاية تحقيق أداء أفضل، وأكثر استدامة.
إحتضان “الموظف الليلي”، ليس مجرد لفتة إنسانية، بل هو استراتيجية ذكية، تضمن النجاح، والتميُّز في عالم الأعمال المتغير.
jebadr@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: العمل فی یمکن أن
إقرأ أيضاً:
السوداني يوجه بإزالة جميع المعوقات التي تعترض مشاريع الطاقة
آخر تحديث: 31 يوليوز 2025 - 3:09 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- أكد رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، اليوم الخميس (31 تموز 2025)، أهمية إزالة جميع المعوقات التي تعترض مشاريع الطاقة.وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان ، أن “رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، ترأس اليوم الاجتماع الدوري الخاص بمشاريع وزارة النفط، بحضور؛ وزير النفط، ووكيلي الوزارة والكادر المتقدم فيها، ووكيل وزارة الكهرباء”، مشيرا الى أنه “جرت خلاله مناقشة تفاصيل المشاريع المطروحة في جدول الأعمال، وإجراءات العمل فيها، وضرورة إيجاد المعالجات وزيادة الإنتاج”.وأكد السوداني وفق البيان “أهمية مواكبة تنفيذ المشاريع، والإسراع بإزالة المعوقات ورفع التقارير الخاصة، وتشكيل اللجان لحل المشكلات التي تعترض المشاريع، خصوصاً مع التقدم الحاصل في إنجازها، إذ إن هناك 14 مشروعاً كبيراً للوزارة تم إنجازها، و19 مشروعاً قيد الإنجاز، وفي مقدمة هذه المشاريع المنجزة؛ حقل الفيحاء، والأنبوب الخام لشبكة بغداد، وكابسات الغاز عدد (2) في شرق بغداد، ومجمع أرطاوي تنفيذ المرحلة الثانية، ومشروع معالجة غاز الحلفاية، ومشروع تأهيل مصافي الشمال، ووحدة الأزمرة في مصافي البصرة”.وأضاف البيان، أن “الاجتماع ناقش عدداً من المشاريع الستراتيجية، منها مشروع أنابيب ماء البحر المشترك، ومحطة معالجة ماء البحر، لتداخل العمل مع موضوع تحلية ماء البحر في البصرة، ومشروع حفر الآبار الاستكشافية، واستكمال مشاريع حقلي الصبّه واللحيس، وتطوير مجمع ارطاوي، وأنابيب المشروع البحري لتعظيم صادرات النفط من البصرة”.ولفت البيان، الى أنه “جرى بحث سير تنفيذ مشروع الأنبوب البحري الثالث، واستكمال تنفيذ مشروع الناصرية للنفط الخام، واستكمال مستودع الفاو، وتأهيل المنظومة الشمالية واستكمال مجمع معالجة الغاز في الناصرية، وتطوير حقل المنصورية، واستكمال تنفيذ مشروع خزانات الوقود وإضافة طاقة خزنية للغاز السائل على خطي بغداد وديالى، ومشروع FCC في مصافي الجنوب”.وتابع، أنه “في ما يخص مشاريع إنتاج الغاز وتطويره، جرت مناقشة أنبوب غاز حلفاية بصرة، وأنبوب مصفى كربلاء إلى مستودع الكرخ وأنبوب الغاز السائل من أبو غريب إلى بغداد، بجانب متابعة العمل في حقول شركة الشمال الموقعة مع شركة بريتش بتروليوم، ومشروع حقل عجيل ومشروع القيارة (شركة نفط الشمال)، ومشروع أنابيب بصرة – حديثة، ومشروع الخزانات والجزيرة الصناعية، وآخر تطورات المنصة العائمة”.وأختتم البيان، أنه “ضمن مسار العمل الحكومي لتعزيز الحوكمة والتحوّل الرقمي في القطاع النفطي، جرت مناقشة مستجدات استخدام POS، بطاقات الدفع الإلكتروني في محطات التعبئة”.