ليست مجرد أدوات… طلبات المدارس تؤرق أسراً مصرية قبيل العام الدراسي
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
تعكرت فرحة بسمة محمد، بإلحاق ابنها «آسر» ذي الأربعة أعوام بالمدرسة، حين تلقت ورقة طويلة مليئة بالمستلزمات التي يجب أن ترسلها معه في أول يوم دراسي الأسبوع المقبل، وتضم -إلى جانب الأدوات التقليدية من أقلام ومحّايات وألوان وكراسات رسم- أدوات نظافة «مُبالغ فيها» مثل «3 زجاجات ديتول حجم كبير، 6 بكرات مناديل تواليت و2 عبوة مناديل وعبوة جيل للاستحمام كبيرة»، وطلبات أخرى.
وتتساءل الأم التي تعيش في منطقة المقطم (شرق القاهرة)، وهي في العقد الثالث من عمرها: «هل يحتاج طفل في رياض الأطفال إلى 3 علب ديتول من الحجم الكبير»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنها لن تُحضر كل هذه الطلبات «سوف أحضر علبة ديتول واحدة، وسأقلل في الكميات، لأن المدرسة هي التي ستستحوذ عليها في النهاية».
سبلايز إحدى المدارس الخاصة في الجيزة لمرحلة رياض الأطفال (فيسبوك)
وآسر ليس الطفل الوحيد لدى الأسرة التي يقتصر دخلها على عمل الأب، لأن الأم لا تعمل. لدى بسمة طفلة أخرى تكبره بعامين، اصطحبتها قبل بدء الدراسة بيومين واشترت المستلزمات، فكان عبئاً مادياً أيضاً لكنه أقل مما طلبته مدرسة آسر… المدرستان خاصتان، لكنهما في منطقتين مختلفتين، مدرسة البنت في حي الظاهر (وسط القاهرة)، ويغلب عليها الطابع الشعبي، أما مدرسة آسر تعد في منطقة مرفهة أكثر.
وتبدأ الدراسة رسمياً في مصر، السبت المقبل، لكن المدارس الدولية والخاصة تستقبل الطلاب قبل هذا الموعد بأسبوع.
ووصلت أعداد المدارس الحكومية في مصر، خلال العام الدراسي الماضي «2023- 2024»، إلى 50 ألفاً و403 مدارس حكومية و11 ألفاً و109 مدارس خاصة ودولية وفق إحصائية لوزارة التربية والتعليم، أعلنتها في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقدر وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف، خلال لقائه مع صحافيين، مساء الأربعاء، عدد الطلاب في العام الدراسي الحالي بـ 25 مليون طالب، منهم 22 مليون طالب في المدارس الحكومية و3 ملايين طالب في المدارس الخاصة.
ولا يظهر عبء مستلزمات المدارس بالقدر نفسه على الأسر التي يلتحق أبناؤها بالمدارس الحكومية بشقيها العربي والتجريبي «لغات»، ففيها تتقلص الطلبات إلى حد كبير. وفق أولياء أمور.
وتقول فاطمة شعبان، وهي أم في العقد الرابع من عمرها، ولديها طفلان، في إحدى المدارس الحكومية التجريبية بمنطقة شبرا في محافظة الدقهلية (شمال القاهرة)، إن المدرسة طلبت من ابنتها فريدة ذات الستة أعوام في مرحلة «كي جي 2»، أشياءً بسيطة، على حد وصفها، «مناديل مبللة وديتول وقلم للسبورة»، مشيرة إلى أن شقيقتها تتكلف أضعاف ما تتكلفه هي في المتطلبات لأن ابنها في مدرسة خاصة.
طلبات غير قانونيةولا تعد المستلزمات أو «السبلايز» بمفهومها الحالي، الذي يمتد إلى أدوات نظافة وأخرى تستخدمها المدرسة في التزيين، «أمراً قانونياً» وفق مدير عام إدارة جنوب الجيزة عبد المقصود سعيد، مشدداً لـ«الشرق الأوسط»: «ممنوع أي تبرعات للمدرسة بشكل نهائي بناءً على تعليمات الوزير»، مشيراً إلى أنه «حال تقدم أي ولي أمر بشكوى ضد مدرسة بعينها تجبر الطلاب وأولياء الأمور فيها على إحضار أشياء للمدرسة، يُحال مديرها للتحقيق فوراً».
وأكد سعيد أن المدارس الحكومية لا تُغالي في أي طلبات على أولياء الأمور، فقط الأدوات التي يستخدمها الطالب في العملية الدراسية.
إقبال كبير على معرض «أهلاً مدارس» في القاهرة (حساب الغرفة التجارية على «فيسبوك»)
و«حاولت الحكومة التخفيف عن الأهالي مع بدء العام الدراسي، وافتتحت معرضاً في القاهرة والمحافظات تحت اسم (أهلاً مدارس)، وفيه تنخفض الأسعار مقارنة بالسوق»، وفق ما أكده محمد الصفتي، عضو غرفة الأدوات المكتبية في غرفة القاهرة التجارية، وهو أيضاً صاحب سلسلة مكتبات.
ويقول الصفتي لـ«الشرق الأوسط» إن «أسعار (السبلايز) زادت بنسبة بسيطة من 10 إلى 15 في المائة مقارنة بالعام الماضي»، مرجعاً ذلك إلى «استقرار سعر الدولار في السوق»، وفق تعبيره.
يأتي ذلك وسط موجة غلاء تعاني منها مصر حيث تشهد البلاد ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار السلع الغذائية والخدمات والمواصلات والطاقة. بالإضافة إلى تقنين الحكومة زيادة أسعار التعليم في المدارس والجامعات الخاصة.
وجاهة اجتماعيةويعد الصفتي وأولياء أمور أن «السبلايز» خرج من منظور ما يحتاجه الطالب بالفعل للتحصيل الدراسي إلى «الوجاهة الاجتماعية»، وأوضح الصفتي: «المدارس ذات المتطلبات الكثيرة تكون في الغالب مدارس لغات خاصة ودولية»، عاداً أن «كثرة الطلبات فيها تعكس الطبقة الاجتماعية للملتحقين بها».
ويؤكد أن «أولياء الأمور يحاولون تخفيف عبء السبلايز إما باللجوء إلى معرض (أهلاً مدارس) أو التوجه إلى الفجالة (منطقة وسط القاهرة مخصصة لبيع الأدوات المكتبية والمدرسية)، أو إلى العروض في الهايبرات (محال تجارية كبيرة).
ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية العام الحالي في مصر (حساب الغرفة التجارية على «فيسبوك»)
وتحول الحديث عن السبلايز عبر السوشيال ميديا إلى مادة للسخرية، في ترسيخ لطريقة تعامل المصريين مع الأزمات، فنشر كثير من أولياء الأمور مقاطع فيديو وصور للسبلايز التي اشتروها للمدرسة، وشبهوها بـ«جهاز العرائس الجدد»، في إشارة إلى كثرتها، وسط تساؤلات عما يمكن أن يفعله أطفالهم بكل هذه الأدوات، وأين تذهب.
أما بسمة، التي تلقت تعليمها في مدارس حكومية، ولم يكن موجوداً على أيامها «موضة السبلايز»، فتأمل أن يتلقى ابنها مستوى تعليمياً يبرر في النهاية هذه الطلبات.
Source link مرتبط
المصدر: الميدان اليمني
كلمات دلالية: المدارس الحکومیة العام الدراسی أولیاء الأمور
إقرأ أيضاً:
محامي الطفل ياسين: وقائع «سيدز والإسكندرية» أجراس خطر تدق.. والأسرة خط الدفاع الأول الغائب
في تفاعل سريع ومباشر مع الأحكام القضائية الأخيرة التي صدرت في قضايا الاعتداء على الأطفال والتي كان آخرها إحالة المتهم في إحدى هذه القضايا إلى فضيلة المفتي، أكد المستشار طارق العوضي، محامي الطفل ياسين ضحية الاعتداء الجنسي بإحدى المدارس، أن الاحتفاء بالأحكام القضائية وحدها لا يكفي، داعيًا إلى نهوض المجتمع بكافة أطرافه بأدواره لمنع تكرار هذه الأفعال المروعة.
ووصف «العوضي»، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو حافظ، ببرنامج «كل الكلام»، المذاع على قناة «الشمس»، إحالة المتهم في إحدى هذه القضايا إلى المفتي بأنه نتاج جهود متكاملة ومُنصفة، مؤكدًا أن لفظ «متحرش» هو «لفظ مهذب قوي»، وأن الأوصاف الأدق هي «شخص مغتصب هتك عرض عدد من الأفراد من الأطفال».
وحذر من خطورة تحول مثل هذه الأمور إلى ظاهرة، مشيرًا إلى أن الوقائع المتتالية، سواء في مدرسة سيدز الدولية أو مدرسة الإسكندرية، هي بمثابة أجراس خطر عمالة بتدق في المجتمع كله حتى ننتبه ونتخذ إجراءات لمنع تكرار مثل تلك الأفعال.
وأعرب المستشار طارق العوضي، عن تقديره لجهود الأجهزة الأمنية والقضائية، مشيدًا بشكل خاص بدور النيابة العامة والمحكمة في سرعة وجودة الإجراءات، ووصف ما قامت به النيابة العامة بأنه نموذج في التحقيق في مثل هذا النوع من القضايا، مؤكدًا أنه سيُدرس في معاهد الدراسات القضائية.
وأكد أن القضية استوفت كافة حقوقها، وتم منح المتهم كل ضمانات المحاكمة العادلة المنصفة، وتمكين دفاعه بالكامل، مشددًا على أن مهمة الحقوقيين والمحامين هي الدفاع عن حق المتهم في محاكمة عادلة وهو ما تحقق.
وانتقل إلى السؤال المحوري: «وماذا بعد؟»، محذرًا من إلقاء العبء بأكمله على الأجهزة الأمنية والقضائية فقط، مطالبًا بالتركيز على الأدوار المجتمعية الغائبة، مؤكدًا أن الأسرة هي خط الدفاع الأول، مشيرًا إلى أن بعض الأسر قد تكون «مش واخدة بالها من تغيرات» أو علامات جسدية على الأطفال، معقبًا: «مطلوب مننا نقدم لأطفالنا رسائل طمأنة عشان يطمنوا لنا عشان يحكوا لنا عشان نقدر نتدخل في الوقت المناسب، أن أنا أبقى بتعامل إن أنا راجل كويس ومدخل ولادي أحسن مدارس وبجيب لهم أحسن أكل وبجيب لهم أحسن لبس فأنا كده قديت دوري.. أنا ما قديتش دوري خالص».
وطالب بضرورة نهوض المدرسة، والأسرة، والمجتمع، والإعلام، ومؤسسات المجتمع المدني بدورها كاملاً، موجهًا نداءً مؤثرًا باسم الأسر المتضررة، مؤكدًا أن الأمر تجاوز الاعتداء الجسدي ليصل إلى «انتهاك براءة الأطفال وصحتهم النفسية قبل ما انت بتنتهك الأجساد بتاعتهم الطاهرة».
واختتم مطالبًا بضرورة تفعيل الرقابة على المدارس: «مش هيحصل حاجة لو راقبتوا المدارس مثلا أو تفرضوا عليهم شوية غرامات علشان لو لقيتوا إن الكاميرات مش شغالة»، فضلا عن المطالبة بضوابط واضحة لتعيين العاملين في المدارس.
اقرأ أيضاًعاجل| النيابة العامة تكشف عن 3 متهمين جدد بواقعة هتك عرض أطفال مدرسة «سيدز»
بعد قضية مدرسة «سيدز».. وزير التعليم يصدر قرارات هامة حفاظا على أمن وسلامة الطلاب
عاجل| النيابة العسكرية تطلب ملف قضية هتك عرض أطفال مدرسة «سيدز» لاستكمال التحقيقات