سودانايل:
2025-07-28@04:29:11 GMT

جدل “العدالة الانتقالية” في السودان

تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT

تثير الحرب الدائرة في السودان حاليًا كثيرًا من الأسئلة وتفتح باب احتمالات كثيرة قد تحدث، وفيما يتم بذل جهود كثيرة لوضع نهاية لهذه الحرب، ينخرط فيها سياسيون وعسكريون وناشطون في العمل العام، فإنّ المناقشات تدور أيضًا حول ما يجب القيام به بعد وقف الحرب وكيف سيتم التعامل مع كثير من الملفات.

جدل
يؤرق سؤال العدالة وكيفية تحقيقها أذهان الكثيرين مع تزايد الانتهاكات وجرائم الحرب، خاصة وأنّ التجارب السياسية في تاريخ السودان الحديث لم تعرف أي تجربة ناجحة في تحقيق العدالة بمعناها الشامل، وكان الشعار المطبّق بعد كل تغيير سياسي كبير هو "عفا الله عما سلف"، فينفذ القادة الكبار بجرائمهم بدون محاسبة.



لهذا اتجهت أنظار كثير من القادة السياسيين والقانونيين والمهتمين بقضايا العدالة إلى تجارب العدالة الانتقالية في كثير من دول العالم لدراستها والاستفادة منها في حالة الانتقال المفترض بعد الحرب. وبالمقابل، فإنّ هناك بعض الأصوات المتشككة في تجارب العدالة الانتقالية ومدى مناسبتها للتجربة السودانية، قد يمضون للقول إنها محاولة للهروب من العدالة الحقيقية.

طبيعة الجرائم والانتهاكات في ظل النظم الديكتاتورية والحروب تعجز العدالة التقليدية عن ملاحقتها ومعالجة آثارها
العدالة الانتقالية (Transitional justice)، هو مفهوم يشير إلى مجموعة التدابير القضائية وغير القضائية التي تقوم بتطبيقها الدول المختلفة من أجل معالجة ما ورثته من إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وتتضمّن هذه التدابير الملاحقات القضائية، ولجان الحقيقة، وبرامج جبر الضرر وأشكال متنوّعة من إصلاح المؤسسات، خاصة الأمنية والعسكرية والعدلية.

وهنا لا بد من توضيح أنّ العدالة الانتقالية تختلف عن العدالة التقليدية في كونها تُعنى بالفترات الانتقالية مثل: الانتقال من حالة نزاع داخلي مسلّح إلى حالة السلم، أو الانتقال من حكم سياسي تسلطي إلى حالة الحكم الديمقراطي، أو التحرر من احتلال أجنبي باستعادة أو تأسيس حكم محلي، وكل هذه المراحل تواكبها في العادة بعض الإجراءات الإصلاحية الضرورية وسعي لجبر الأضرار لضحايا الانتهاكات الخطيرة.

الداعي الأساسي لاستدعاء تجارب العدالة الانتقالية هو أنّ طبيعة الجرائم والانتهاكات المرتكبة في ظل النظم الديكتاتورية والحروب، مثل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والإخفاء القسري، تعجز العدالة التقليدية عن ملاحقتها ومعالجة آثارها.

الذاكرة السودانية

في بداية الألفينات نشطت بعض المنظمات الحقوقية والناشطين في المجتمع المدني السوداني لاستدعاء تجارب العدالة الانتقالية في كثير من دول العالم الثالث، من جنوب أفريقيا والمغرب، سيراليون، رواندا، كولومبيا، إلى شيلي والأرجنتين ومحاولة خلق نموذج سوداني ينهي حالة الإفلات من العقاب التي شكلت طابع كل الفترات الانتقالية في السودان.

وتصاعد طرح قضية العدالة الانتقالية مع قرب الوصول لاتفاق سلام شامل بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان التي كانت تقاتل في الجنوب، ثم تم تضمينها في وثائق الفترة الانتقالية بعد توقيع اتفاق السلام الشامل في يناير 2005، لكن مضت تلك السنوات في الصراع والشقاق بين طرفي الاتفاق، ولم تنفّذ كل شعارات المرحلة حتى انتهى الأمر بانفصال الجنوب.

استمر النشاط الحقوقي بعد ذلك وأفرز خبراء سودانيين بارزين، حتى على المستوى الدولي، في مجال العدالة الانتقالية، أمثال الدكتور أمين مكي مدني وكمال الجزولي والدكتور محمد عبد السلام وغيرهم.

وانفتحت النقاشات خلال السنوات الاخيرة من حكومة الإنقاذ (1989-2019) ثم بعد الثورة الشعبية التي أنهت نظام البشير، وتم تضمين العدالة الانتقالية في كل مواثيق الفترة الانتقالية، وفي مرحلة لاحقة تم تشكيل "مفوضية العدالة الانتقالية" لكنها وقعت أسيرة خلافات وتصوّرات مختلفة حول دورها، فلم تنجز شيئًا حتى وقع الانقلاب العسكري في أكتوبر 2021.

بعد توقيع الاتفاق الإطاري في ديسمبر 2022 بين خكومة البرهان والقوى السياسية، تمت مناقشة موضوع العدالة الانتقالية في مؤتمر موسّع، شارك فيه خبراء سودانيون وأجانب، وممثلو أسر ضحايا الحروب والانتهاكات، وانتهى إلى إعلان من 16 مادة.

لو فلت المجرمون ومرتكبو الانتهاكات هذه المرّة أيضًا فلن يمكن الادعاء بأنّ هذه ستكون آخر الحروب
وتتضمن بنود إعلان المبادئ الصادر عن مؤتمر العدالة الانتقالية: إنشاء مفوضية مستقلة للعدالة الانتقالية بسلطات واسعة، وإصدار قانون للعدالة الانتقالية بمشاركة أصحاب المصلحة كافة، واعتراف الدولة بانتهاكات الماضي “الجسيمة” لحقوق الإنسان والاعتذار عنها رسميًا، لكن اندلعت الحرب في أبريل 2023 وعطلت كل شيء.

حجم الانتهاكات والجرائم التي ارتُكبت خلال حرب السودان الجارية الآن، أعاد طرح قضية العدالة بقوة، فلو فلت المجرمون ومرتكبو الانتهاكات هذه المرّة أيضًا، مثلما حدث في فترات سابقة، فلن يمكن الادعاء، أو مجرد الإيحاء، بأنّ هذه ستكون آخر الحروب.

من الافضل أن يفتح السودانيون هذا الملف الآن، ليكونوا حين تحين ساعة الانتقال جاهزين بنموذج للعدالة قادر على تجاوز جرائم الماضي وجراحاته، وعلى طمأنة من تبقى من أهل السودان بأنّ الحق لا يضيع، وأنّ دولة الظلم لها نهاية وأنّ كل مجرم سيلقى حسابًا عسيرًا.

(خاص "عروبة 22")  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: العدالة الانتقالیة فی کثیر من

إقرأ أيضاً:

حالة وحيدة تُلزم بالحصول على «شقة بديلة» قبل انتهاء الفترة الانتقالية.. اعرف التفاصيل

كشف مشروع قانون الإيجار القديم، الذي وافق عليه مجلس النواب نهائيًا وينتظر تصديق الرئيس، عن حالة وحيدة تتيح للمستأجر الحصول على وحدة سكنية بديلة قبل انتهاء المدة الانتقالية التي حددها القانون لإنهاء العلاقة الإيجارية بين المؤجر والمستأجر.

وبحسب المادة الثامنة من مشروع القانون، يحق لكل مستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار، وقبل انقضاء المدة المحددة لانتهاء العقود (سبع سنوات للسكني وخمس سنوات لغير السكني)، أن يطلب تخصيص وحدة سكنية أو غير سكنية سواء بنظام الإيجار أو التمليك من الوحدات المتاحة لدى الدولة.

في حالتين .. طرد مواطني الإيجار القديم قبل انتهاء المدة بالقانونمتى تبدأ لجان حصر عقارات الإيجار القديم عملها؟.. التفاصيل قبل تصديق الرئيسما الشروط المطلوبة؟

يشترط للحصول على هذه الوحدة تقديم طلب رسمي مرفق به إقرار بالتنازل عن الوحدة القديمة وإخلائها فور صدور قرار التخصيص واستلام الوحدة الجديدة. وتُعطى الأولوية في التخصيص للفئات الأولى بالرعاية، وعلى رأسهم المستأجر الأصلي وزوجته ووالديه ممن امتد إليهم عقد الإيجار.

الإطار الزمني لتخصيص الوحدات

ألزم القانون رئيس مجلس الوزراء بإصدار قرار خلال شهر من تاريخ العمل بالقانون يحدد القواعد والشروط والإجراءات اللازمة لتلقي الطلبات، وترتيب الأولويات، وتحديد الجهات المسؤولة عن التخصيص. كما تلتزم هذه الجهات بعرض الوحدات المتاحة لديها ونتائج ترتيب الأولويات على مجلس الوزراء لاعتمادها.

أولوية المستأجرين القدامى

أكد القانون أن المستأجرين الأصليين وزوجاتهم ممن امتد لهم العقد قبل العمل بالقانون سيكون لهم أولوية مطلقة في التخصيص، بشرط الالتزام بالتنازل عن الوحدة القديمة، على أن يتم ذلك قبل عام كحد أقصى من انتهاء الفترة الانتقالية المحددة في القانون.

ومع انتهاء الفترة الانتقالية، إذا لم يتم تخصيص وحدة جديدة للمستأجر وفق الضوابط المشار إليها، يلتزم المستأجر بإخلاء الوحدة القديمة وردها للمالك أو المؤجر وفقًا لأحكام القانون، مع إمكانية رفع دعوى موضوعية حال وجود نزاع، دون أن يترتب على ذلك وقف قرار الإخلاء.

طباعة شارك الإيجار القديم مشروع قانون الإيجار القديم الايجار القديم الإيجارات القديمة قوانين الإيجارات القديمة

مقالات مشابهة

  • لن نفرط.. وزير “المعادن” السوداني يعلن الحرب على مهربي الذهب
  • مسؤول “أممي” في السودان لمتابعة العدالة والعودة الطوعية للنازحين
  • بينهم ضابطان.. محاكمة قتلة عضو “المؤتمر السوداني” تختبر إرادة العدالة السودانية
  • حالة وحيدة تُلزم بالحصول على «شقة بديلة» قبل انتهاء الفترة الانتقالية.. اعرف التفاصيل
  • إعلان الحكومة الانتقالية خطوة لتحقيق الاستقرار في السودان
  • "تحالف السودان التأسيسي" يعلن تشكيل حكومة السلام الانتقالية
  • تحذير هام بشأن واقيات الشمس التي تستخدم “مرة واحدة في اليوم”
  • شاهد بالفيديو.. بسبب القطوعات التي تشهدها مدينة بورتسودان.. شيبة ضرار يمنح مدير الكهرباء مهلة 12 ساعة ويهدد بإقتحام المكاتب بــ”الفرشات” و “البطاطين”
  • مسيرة “صنعت في السودان” أطلق عليها اسم SAFAROOG سفروك
  • أحمد هارون يكشف استراتيجية “المؤتمر الوطني” بشأن العودة للحكم في السودان