غزة - خاص صفا لم تتوان جمعية السلامة الخيرية منذ بدء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة عن رعاية الجرحى، وتقديم كل ما يلزم لهم من علاج ودعم، بالتعاون مع عديد المؤسسات المحلية والدولية، رغم التحديات والظروف الصعبة التي يعانيها القطاع الصحي بالقطاع. وتأسست الجمعية عام 2006 لرعاية الجرحى في شمال قطاع غزة، وبعد ذلك توسعت لتمتد خدماتها إلى جميع المحافظات، حتى أصبح لديها أربعة مراكز للعلاج الطبيعي.

ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أسفرت حرب الإبادة على القطاع عن استشهاد أكثر من 41206 مواطنين، وإصابة 95337 آخرين، 69% منهم من الأطفال والنساء. خدمات الجمعية نائب مدير الجمعية، المشرف على أعمالها شمالي القطاع فادي قرشلة يتحدث لوكالة "صفا"، عن خدمات الجمعية، قائلًا: "نحن نقدم خدماتنا للمصابين من خلال شراء الخدمة، وتنفيذها عبر مشاريع معينة بالتعاون مع بعض المؤسسات، كالعمليات الجراحية مثلًا، والتي تتم بالتعاون مع القطاع الخاص". ويشير إلى أن الجمعية لديها شراكات عديدة مع مؤسسات ومنظمات دولية لتقديم الخدمات الصحية داخل القطاع، ولديها أعضاء في منظمة الصحة العالمية، ووزارتي الصحة، والتنمية الفلسطينية. ويضيف "لدينا قوائم جاهزة بجميع الأصناف التي يحتاجها الجرحى، ونعمل على تحديث هذه القوائم شهريًا، من خلال التواصل مع المانحين والموردين الخارجيين". ويوضح أن الجمعية تُعرض مناقصات لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية، ومن ثم تقوم بتخزينها في مخازنها وتوزيعها شهريًا على المستفيدين من خدماتها. وحسب قرشلة، فإن الجمعية لديها مستفيدين يستلمون طلبية شهرية تشمل ما يحتاجونه طيلة الشهر من غيارات تمريضية، أدوية مزمنة، وأدوات مساعدة، كما يتم تقديم خدمات يومية للمصابين ذوي الإصابات المتوسطة والطفيفة ممن يحتاجون إلى متابعة دورية. وحول الأدوية الأكثر طلبًا في الوقت الحالي، يبين أن معظم الأدوية التي يحتاجها الجرحى هي المضادات الحيوية والمسكنات، لكن هناك إصابات دماغية وإعاقات تحتاج إلى أدوية خاصة وباهظة الثمن، يصعب على الأسر أو وزارة الصحة توفيرها دوريًا. ويتابع "نعاني نقصًا كبيرًا في تمويل هذه الأدوية، نظرًا لثمنها الباهظ وندرتها داخل القطاع، خاصة في ظل الحرب المستمرة، وهي تقريبًا نُفدت من الأسواق المحلية، مما يُسبب صعوبات كبيرة للجرحى، إذا لم يتلقونها، فقد يُصابون بنوبات من الصرع أو تتفاقم حالتهم إلى حد الإصابة بتقرحات تنذر بوفاة الكثير منهم". تحديات كبيرة وعن التحديات التي تواجهها الجمعية، يقول قرشلة: "بسبب طول فترة الحرب الإسرائيلية، ومع استمرار إغلاق المعابر، تم نفاد جميع المواد والمستلزمات الطبية تقريبًا من القطاع، ونحاول شراء الكميات القليلة المتبقية من القطاع الخاص والصيدليات، لكن بسبب ندرة هذه المواد، نقوم بتقنين الخدمة للجرحى، وبدلًا من إعطائهم كمية تكفيهم لشهر، أصبحت لأسبوع فقط، ما يُؤثر بشكل كبير عليهم، وخاصة على الجرحى المزمنين، وذوي الإعاقة الدائمة، كونهم لا يستطيعون توفير باقي الكمية طيلة الشهر". ويضيف أن التحديات تزداد في ظل استمرار الحرب، وعدم وجود مصدر دخل لأي فرد في قطاع غزة، بما في ذلك الأطباء والمتعلمين وحتى الجرحى وذوي الإعاقة، مما يزيد من حجم الصعوبات في توفير العلاج بشكل دائم لهم. والتحدي الآخر، وفقًا لنائب مدير الجمعية، يُكمن بأن معظم الشركات العاملة في القطاع حاليًا لا تقدم بضائعها إلا عن طريق الدفع النقدي المباشر، وليس المؤجل، لكن بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانيها القطاع، فإن الاعتماد على الدفع النقدي المباشر أصبح تحديًا كبيرًا للجمعية. ويوضح أن هذا الوضع يُؤثر على قدرتنا على شراء الأدوية والمستلزمات الطبية بكميات كافية، لتغطية احتياجات الجرحى، كما أن نقص التمويل يُعيق قدرتنا على الاستجابة السريعة للحالات الطارئة، وتوفير الرعاية اللازمة في الوقت المناسب. ويتابع أن إغلاق المعابر وعدم قدرة الجمعية على إدخال المستلزمات الطبية والأدوية من الخارج يزيد من تعقيد الوضع، لأن معظم الأدوية الضرورية لعلاج الإصابات الخطيرة أصبحت غير متوفرة، وهذا يشكل تهديدًا كبيرًا على حياة الجرحى الذين يعتمدون عليها يوميًا. ووفقًا للمشرف قرشلة، فإن التحدي الأكبر الذي نواجهه هو الحفاظ على استمرارية تقديم الخدمات الصحية للجرحى، في ظل الظروف الصعبة، إذ نعمل بجد لتوفير الحد الأدنى من الخدمات، لكننا ندرك أن هذا ليس كافيًا لضمان الرعاية الكاملة للمستفيدين. وعن الاستراتيجية المستقبلية للجمعية، يقول: "نعمل على عدة محاور لضمان استمرارية خدماتنا، في ظل هذه التحديات، وذلك من خلال زيادة التواصل مع الجهات المانحة وتعزيز العلاقات مع المانحين الدوليين والمحليين لضمان تدفق الدعم المالي والمواد الطبية الضرورية. وأيضًا، تبحث الجمعية عن شراكات جديدة مع المؤسسات الدولية والمنظمات غير الحكومية لزيادة قدرتها على توفير الخدمات الصحية، بالإضافة إلى العمل على تحسين إدارة المخزون الطبي لديها، والضغط من أجل فتح المعابر والسماح بإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية. ويوضح أن الجمعية تُخطط لإطلاق حملات توعية وتقديم الدعم النفسي للجرحى وذويهم، لمساعدتهم في التعامل مع التحديات النفسية والصحية التي يُواجهونها. ويضيف "نحن ملتزمون بالاستمرار في تقديم خدماتنا للجرحى، رغم كل الصعوبات، ونسعى جاهدين لتحسين وضعهم الصحي وتوفير العلاج اللازم لهم". ويوجه قرشلة نداءً إلى المجتمع المحلي والدولي لدعم جهود جمعية السلامة، كونها تحتاج إلى المزيد من الدعم المادي والمعنوي، لتتمكن من مواجهة التحديات التي تفرضها الحرب. حالات صعبة وأما مسؤول الملف الشمالي للجمعية في شمال غزة مهند العمودي فيقول: "كنا نتعامل في مستشفى كمال عدوان مع الحالات الصعبة، بسبب الضغط والتكدس الكبير بعدد المصابين داخل المستشفى". ويوضح العمودي لوكالة "صفا"، أن دور الجمعية يُكمن في توفير الأدوات المساعدة والمستلزمات الطبية والأدوية لتلك الحالات، وكذلك القيام بعمل غيارات للمصابين. ويشير إلى أن أحد الحالات التي استقبلناها كانت صعبة جدًا، وهي مصابة بحروق في الرأس من الدرجة الثانية، حيث تمت متابعتها وعلاجها بشكل مكثف منذ اللحظة الأولى، واستمرت نحو ثلاثة شهور، حتى الشفاء التام.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: طوفان الأقصى حرب غزة جرحى غزة والمستلزمات الطبیة التی ی

إقرأ أيضاً:

جراح الحروب أبو ستة: طواقم غزة الطبية تباد بشكل ممنهج وشعبنا لن يرحل

وأكد أبو ستة وهو طبيب فلسطيني بريطاني، في حلقة استثنائية من برنامج "المقابلة" على قناة الجزيرة، أنه لا يشعر بالنجاة رغم خروجه حيّا من مجزرة مستشفى المعمداني، معتبرا أن من ينجو من الموت في مثل هذه الأحداث يبقى أسيرا لتجربتها طوال حياته، ويحمل في داخله شعورا بالذنب وواجبا أخلاقيا بأن يكون صوتا للذين قضوا.

وأضاف أن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة كشف عن رغبة صهيونية في تغيير البنية المجتمعية لمجتمعات المقاومة، سواء في فلسطين أو لبنان، عبر استهداف منهجي للعائلات وقتلها بأكملها، مؤكدا أن ما يميّز هذه الحرب هو التحول من استهداف أفراد إلى محو سلالات كاملة.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4غسان أبو ستة.. "طبيب الحروب" الشاهد على مجزرة المعمداني بغزةlist 2 of 4فرنسا تمنع دخول الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة إلى أراضيهاlist 3 of 4غسان أبو ستة يتحدى الحظر ويلقي محاضرة بمجلس الشيوخ الفرنسيlist 4 of 4استباحة حرمات المستشفيات والمدارس واستهداف إسرائيلي للجامعاتend of list

وتحدث الطبيب الفلسطيني عن صراعه الدائم بين مهنة الطب بوصفها ممارسة للحياة، وبين واقع الحروب الذي يقحم الأطباء في قلب الموت، مستذكرا لحظة استعداده للموت داخل غرفة العمليات في مستشفى الشفاء خلال قصف عنيف، حين جلس في الزاوية لمراجعة مسيرة حياته.

وأوضح أن وعيه السياسي والمهني بدأ منذ طفولته، وتحديدا في سن الـ13 حين شاهد على التلفاز مشاهد اجتياح بيروت عام 1982 واستهداف الطواقم الطبية، وهو ما جعله يقرر أن يصبح طبيبا في خدمة مشروع شعبه، وهو القرار الذي التزم به منذ ذلك الحين.

إعلان تجارب سابقة

وذكر أبو ستة أنه شارك متطوعا في الضفة الغربية وقطاع غزة أثناء الانتفاضة الأولى، وتوجه لاحقا إلى العراق بعد حرب الخليج الأولى ضمن فريق طبي لدراسة آثار الحرب، قبل أن يعمل في جنوب لبنان خلال عدوان "عناقيد الغضب"، ثم في سوريا واليمن لاحقا.

وأشار إلى أن انتقاله إلى الجامعة الأميركية في بيروت عام 2011 أتاح له تأسيس مسار أكاديمي في طب النزاعات، حيث دمج بين الممارسة الميدانية والبحث العلمي، مما ساعده في توثيق العلاقة بين الحرب وصحة الإنسان من منظور طبي ومجتمعي أوسع.

وكشف أن قطاع غزة كان بمثابة حقل تجارب لأسلحة الاحتلال الإسرائيلي، موضحا أن استخدام الفسفور الأبيض بدأ يظهر بشكل متكرر منذ عام 2009، وأنه شخصيا عاين الإصابات المروعة الناتجة عنه، حيث يحترق الجلد ويتفاعل الفسفور مع الأكسجين ليعود للاشتعال داخل الجسد.

وأوضح أن الطواقم الطبية في غزة عملت ضمن إمكانيات شحيحة، مشيدا بجهود وزارة الصحة في غزة التي استطاعت تطوير كوادرها الطبية رغم الحصار، ونجحت في تدريب فرق الإسعاف لتقديم الإسعاف الأولي المتقدم وتثبيت الإصابات في ظروف شبه ميدانية.

وتوقف عند أصعب اللحظات التي عاشها خلال العدوان، حين اضطر إلى إجراء عمليات جراحية للأطفال دون تخدير بسبب نفاد الأدوية، مؤكدا أن مثل هذه التجارب تترك أثرا نفسيا بالغا على الطفل، وتغيّر عتبة الألم لديه بشكل دائم.

فقد الأحبة

وتحدث بحرقة عن استشهاد عدد من زملائه الأطباء، ومن بينهم الدكتور مدحت صيدم والدكتور همام اللوح والدكتور عدنان البرش، الذين فقدوا حياتهم إما تحت القصف أو بعد الاعتقال، واصفا ما جرى بأنه استهداف متعمد للكوادر الطبية لِشلّ القطاع الصحي.

وأوضح أن أكثر من 1200 من الطواقم الطبية استشهدوا، وتم تدمير 33 من أصل 36 مستشفى، ولم يتبقَ إلا 4 غرف عمليات لا تعمل بطاقتها الكاملة، معتبرا أن إعادة بناء هذا القطاع ستحتاج إلى ما لا يقل عن 10 سنوات ماديًا، وجيل كامل بشريًا.

إعلان

ولم يتردد أبو ستة في تقديم شهادته أمام المحكمة الجنائية الدولية، متحدثا عن قصف مستشفى المعمداني واستهداف الجرحى داخل المستشفيات بطائرات مسيّرة، وقد تم اعتماد هذه الشهادة ضمن مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة، رغم الضغوط السياسية الهائلة لعرقلة المحاسبة.

وانتقد أبو ستة صمت المؤسسات الغربية الطبية والحقوقية، رغم تحرك العديد من الأفراد في أوروبا وأميركا، مشيرا إلى أن القيم الليبرالية التي تأسست عليها الدولة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية يتم التضحية بها اليوم دفاعا عن مشروع الإبادة الإسرائيلي.

وحذر من أن قطاع غزة يواجه خطر التحول إلى منطقة غير قابلة للحياة، إذ إن الأطفال المصابين بالحرب يبلغ عددهم نحو 50 ألفا، وكل واحد منهم بحاجة إلى 8 إلى 12 عملية جراحية، مما يعني الحاجة إلى مئات آلاف العمليات بمجرد انتهاء الحرب.

تواطؤ الغرب

وأبدى استغرابه من تواطؤ النخب الحاكمة في الغرب مع هذه الجرائم، مقابل تعاطف شعبي كبير ظهر في الجامعات والشارع الغربي، مشيرا إلى أن أكثر من 3200 طالب أميركي اعتقلوا خلال مظاهرات دعم غزة، في حين تواصل الأنظمة الغربية قمع الأصوات المتضامنة.

وانتقد ضعف التفاعل في العالم العربي، لاسيما في الجامعات والمؤسسات التعليمية، مؤكدا أن هذه الحرب كشفت عزلة المجتمعات العربية عن القضية الفلسطينية، بل وغيابها عن التاريخ، وفق تعبيره، مقارنة بما يجري من حراك غربي متقدم.

وتحدث عن انتخابه رئيسا لجامعة غلاسكو بنسبة تأييد تجاوزت 80% من الطلاب، معتبرا أن ذلك يمثل رسالة رمزية مؤثرة، خصوصا أن بلفور نفسه كان رئيسا سابقا لنفس الجامعة، وها هو أحد ضحاياه يعود إلى المنصب ذاته، في دلالة تاريخية عميقة.

وعند سؤاله عن أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، رأى أبو ستة أن ما جرى كان محاولة لقطع الطريق على تصفية القضية الفلسطينية، لافتا إلى أن الوضع في غزة قبل العملية كان يشير إلى قبول دولي باستمرار الحصار وتهميش النكبة، مما عزز الشعور بضرورة التحرك.

إعلان

وختم بالتأكيد على أن الشعب الفلسطيني لن يرحل، وأن اللاجئ الذي تذوّق مرارة النكبة لن يقبل بإعادة إنتاجها، مضيفا أن من يعيشون في غزة يفضلون الموت الجسدي على الموت الاجتماعي المرتبط باللجوء، وأن هذه القناعة المتجذرة ستحول دون تمرير أي مشاريع ترحيل.

1/6/2025

مقالات مشابهة

  • الصحة: خطر انهيار كامل للمنظومة الطبية في قطاع غزة
  • جمعية البنوك تستنكر محاولة إنشاء هيئة إدارية في عدن
  • جمعية البنوك: أزمة تراكم الشيقل تضطر البنوك إلى التشدد في استقباله
  • الإغاثة الطبية في غزة: الاحتلال دمر كل سبل الحياة داخل القطاع
  • جراح الحروب أبو ستة: طواقم غزة الطبية تباد بشكل ممنهج وشعبنا لن يرحل
  • احتجاجات لمعاقي وجرحى الحرب في مأرب تنديداً بتجاهل معانتهم الصحية والإنسانية
  • مديرة دائرة المختبرات الطبية بغزة: نحتاج بشكل عاجل إلى إدخال وحدات دم من الخارج
  • جمعية الإغاثة الطبية: قصف المدنيين أثناء توزيع المساعدات «جريمة لا تُغتفر»
  • مأرب.. احتجاجات لجرحى الحرب للمطالبة بمستحقاتهم المالية ومعالجة المتضررين بالخارج
  • الصحة: البعثة الطبية في الأراضي المقدسة متواجدة لتقديم الرعاية على مدار الساعة