كيف تحكي جداريات المترو تاريخ الهوية العربية؟.. وحدة وحضارة وتجارب إنسانية
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
جداريات الهوية: فن يعكس تاريخ وثقافات المصريين في محطات المترو
جدارات ولوحات فنية تحكي التاريخ وما دار في حقب زمنية من أحداث شكلت قاعدة أساسية في وجدان كل فرد، إنها «الهوية» التي رُسمت على حوائط محطات مترو الأنفاق، حيث يستمتع الركاب بالنظر إليها خلال رحلاتهم ذهابًا وإيابًا، وتُتيح هذه الأعمال فرصة للتأمل والتفكير في مدلولاتها، بل وأحيانًا التمعن بعيدًا للبحث عن «كيف تكونت حضارتنا؟»، فتبقى الإجابة بين ثنايا كل لوحة أو جدارية.
تنوعت الجداريات في مختلف محطات مترو الأنفاق، ففي محطة جامعة الدول العربية، توجد 8 لوحات جدارية في الاتجاهين على امتداد الرصيف، بطول 8 أمتار وارتفاع 5 أمتار، وتعد هذه الجداريات معبرًا فنيًا يعكس وحدة الشعوب العربية رغم اختلاف ثقافتها وعاداتها، إذ تمثل تلاحمهم وتضامنهم لتشكيل كيان واحد يسعى لتحقيق مبادئ وأهداف جامعة الدول، وتجمع الجدارية بين الرجال والنساء الذين يتميزون بتنوعهم في اللون والملبوسات، مما يعكس تنوع الثقافات التي ينتمون إليها، حسبما أوضحت الهيئة القومية للأنفاق في بيان.
أما في محطة مترو وادي النيل، فتوجد جدارية من نوع خاص، وهي لوحة تجسد تضافر الإنسان مع الطبيعة، ففي قلب وادي النيل تتجسد لوحة فنية تجمع بين حمال النهر العظيم وسحر السماء الشاسعة وحياة الزراعة المزدهرة، كما تعكس اللوحة جمالية الطبيعة وتنوعها في وادي النيل، إذ يعد النيل مصدرًا حيويًا للحياة والزراعة، ويظهر المزارع المصري وهو يروي حقوله بمياه النهر الخصبة.
وفي محطة التوفيقية بالخط الثالث للمترو، تبرز الجداريات مكانة المرأة في المجتمعات، وتعكس تميزها وقوتها بأبعاد متعددة، وتعد الجدارية تعبيرًا فنيا عن الهوية والتاريخ والتجارب التي مرت بها النساء عبر العصور، كما تعبر عن رغبة المرأة في تحقيق المساواة والعدالة والحرية وتعزيز مكانتها في المجتمع.
وتعتبر جدارية المرأة رمزًا للتنمية والقوة والتأثير، وتعبر عن تطلعاتها وتحدياتها وإنجازاتها في مجتمعاتنا، وتسهم في تعزيز دورها ومكانتها.
وعلّق الدكتور أحمد عبدالعزيز، أستاذ النحت الميداني والفراغي بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، على فكرة وجود الجداريات بالمحطات، قائلًا: «لها دور كبير في تعزيز الهوية لدى الركاب خاصة وأن مرفق المترو هو مرفق حيوي».
وشدد على ضرورة توزيع الجداريات ومضامينها على جميع المحطات، حتى تحقق التكامل في الفكرة.
وأضاف «عبدالعزيز» لـ«الوطن»، أن الجداريات لابد أن تكون مواكبة للحداثة، فعلى سبيل المثال يُفضل الاعتماد على رسومات توضح ما تم في الجمهورية الجديدة من مشروعات بمحطات المترو الجديدة، خاصة التي تخدم المدن الجديدة، والاعتماد على لجنة متخصصة من الأساتذة في هذا الملف.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: محطات المترو مترو الأنفاق المترو الركاب الهوية
إقرأ أيضاً:
رؤوس ثور بيحان الذهبية تحكي حضارة عريقة وتاريخًا يتنقّل بين المتاحف والمزادات
يُعد رأس الثور الذهبي المكتشف في بيحان بمحافظة شبوة، واحدًا من أروع التحف الأثرية التي تمثّل عبقرية الفن اليمني القديم، ودليلاً دامغًا على التطور التقني والجمالي الذي وصلت إليه حضارات اليمن القديم، لكنّ هذه الروائع التي كان ينبغي أن تزيّن المتاحف اليمنية، وجدت طريقها إلى متاحف ومزادات خارج البلاد، نتيجة عقود من النهب والتهريب والبيع تحت ظروف غامضة.
وبحسب الباحث ومتخصص في الآثار اليمنية، عبدالله محسن، أن المعلومات التاريخية والأثرية تشير إلى وجود ثلاثة رؤوس ثيران ذهبية أثرية تعود لحضارة بيحان القديمة، أحدها موجود حاليًا في المتحف البريطاني، والثاني في دار الآثار الإسلامية بدولة الكويت، بينما لا يُعرف مصير الرأس الثالث الذي كان ضمن مجموعة مونشيرجي، وهو تاجر هندي كان يقيم في عدن خلال القرن الماضي.
الرأس الأول، وهو الأبرز من حيث التوثيق، مصنوع من صفائح ذهبية دقيقة مصقولة ومزينة بتفاصيل دقيقة تدل على حرفية نادرة. يبلغ طوله 5 سنتيمترات، وعرضه 3.34 سنتيمترات، وعمقه 1.44 سنتيمترًا، مما يجعله قطعة صغيرة الحجم، لكنها غنية بالتفاصيل ومبهرة في دقتها.
ووفقًا للباحث الذي نشر توضيحًا على صفحته في موقع فيسبوك: "إن هذا الرأس بيع من قبل أمير بيحان صالح بن أحمد الهبيلي إلى عالم الآثار البريطاني نيكولاس رايت، الذي حصل منه على مجموعة فريدة من الحلي الذهبية الأثرية. لاحقًا، قام رايت بإهداء الرأس إلى المتحف البريطاني في لندن، حيث يُعرض حتى اليوم ضمن مجموعة الآثار اليمنية النادرة:.
ويُذكر أن الأمير الهبيلي سبق أن قدّم عددًا من القطع الأثرية اليمنية إلى السير تشارلز جونستون، والتي انتقلت أيضًا إلى المتحف البريطاني، ما يعكس حجم الثروات الأثرية التي خرجت من اليمن إلى الخارج في فترات مبكرة.
أما الرأس الذهبي الثاني، فهو موجود حاليًا في دار الآثار الإسلامية بدولة الكويت، ويرجّح أنه تم اقتناؤه يوم 23 سبتمبر 2021م من مزاد نظّمه عالم الآثار الإسرائيلي روبرت دويتش في فندق دان تل أبيب، عبر منصة المزادات العالمية "بيدسبريت".
وقال محسن: كان هذا الرأس ضمن مقتنيات شلومو موساييف، جامع الآثار الإسرائيلي المعروف، قبل أن يُعرض في المزاد العلني وتستحوذ عليه دار الآثار الإسلامية بالكويت، التي تُعد من أبرز المؤسسات الثقافية المهتمة بالفن الإسلامي والآثار القديمة في المنطقة.
أما الرأس الذهبي الثالث، فلا يُعرف مكانه الحالي على وجه الدقة، إذ كان ضمن ما يُعرف بـ"مجموعة مونشيرجي المتفرقة"، وهو تاجر هندي كان يقتني آثارًا نادرة في عدن، بحسب ما ورد في إحدى الدراسات الأثرية المتخصصة، ولم تَرشَح أي معلومات حول ما إذا كانت هذه القطعة لا تزال بحوزة ورثته أو بيعت لاحقًا لمقتنين أو متاحف أخرى.
وبحسب الباحث اليمني يمتاز رأس الثور بتصميم فني مذهل؛ حيث صُنع من صفائح ذهبية رفيعة، وزُين بـزوجين من ستة أنصاف كرات مزدوجة لتشكيل الأذنين، مع سبع أنصاف كرات مشابهة موزعة حول الكمامة والخصلات.
وقد نُفّذت العينان بدقة استثنائية باستخدام العقيق الأبيض والأسود بطبقات دائرية، وحُددت الحدقة بلون بني داكن، مما يُظهر براعة الصناع في تجسيد ملامح الحيوان بأسلوب رمزي ديني أو ثقافي.
وتُعد رؤوس الثيران الذهبية من بيحان مثالًا صارخًا على نهب آثار اليمن وتهريبها إلى الخارج، وسط غياب قوانين الحماية وضعف الإمكانيات الرسمية للرقابة، خصوصًا في ظل الظروف التي تمر بها البلاد منذ سنوات.
ويطالب باحثون ومهتمون بالتراث اليمني بضرورة توثيق هذه الكنوز الأثرية واستعادة ما يمكن منها، عبر التعاون مع الجهات الدولية والمنظمات المعنية بالتراث الإنساني، لا سيما تلك القطع التي يمكن إثبات مصدرها من أرشيفات المتاحف والمزادات.