حماس: بلينكن وبايدن متواطئان في جريمة إبادة الغزّيين
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اليوم الأربعاء إن ما كشفه موقع "بروبابليكا" الأميركي عن تعمد وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وبتواطؤ من الرئيس جو بايدن، إخفاء حقيقة تجويع الفلسطينيين في غزة، وتعطيل إدخال المساعدات لغزة أمام الكونغرس خشية أن يؤثر ذلك على وادرات الأسلحة للجيش الإسرائيلي، تأكيد جديد على تواطؤ هذه الإدارة الأميركية وبلينكن وبايدن شخصيا في ما وصفتها بجريمة الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.
وأضافت الحركة -في بيان- أن ما وصفته بسلوك بلينكن الإجرامي يستدعي من الشرفاء في الكونغرس والهيئات القضائية الأميركية التحقيق فيما قام به، حيث تسبب ذلك بمقتل آلاف الغزّيين سواء بالقتل المباشر بالسلاح الأميركي أو من خلال التواطؤ مع سياسات التجويع، في انتهاك لأدنى قواعد القانون الدولي الإنساني.
وطالبت حماس المؤسسات القضائية الدولية، وفي مقدمتها المحكمة الجنائية الدولية، بضرورة اتخاذ إجراءات قانوينة ضد بالوزير الأميركي، باعتباره مشاركاً في التجويع المتعمد والإبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
ونشر موقع بروبابليكا الأميركي تقريرا مطولا قال فيه إن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومكتب اللاجئين في الخارجية الأميركية قدما في أبريل/نيسان الماضي لبلينكن وومسؤولين آخرين تقييما يفيد بأن إسرائيل تعرقل وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وأشار التقرير إلى أن القانون الأميركي يلزم الحكومة بوقف شحنات الأسلحة إلى الدول التي تعرقل وصول المساعدات الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة.
وأوضح الموقع الأميركي أن بلينكن وبايدن لم يقبلا الخلاصة التي وصلت إليها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومكتب اللاجئين بوزارة الخارجية.
وقال التقرير إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن ألقى في مايو/أيار كلمة في الكونغرس ذكر فيها أنه لا يعتبر أن إسرائيل تمنع أو تقيّد نقل المساعدات الإنسانية الأميركية غلى غزة، مشيرا إلى الوكالة الأميركية للتنمية كانت قد أرسلت سابقا مذكرة إلى وزير الخارجية تضمنت عرقلة إسرائيل للمساعدات من خلال قتل عمال الإغاثة، وقصف سيارات الإسعاف والمستشفيات، وجرف الأراضي الزراعية، وعدم السماح بتوزيع المساعدات المتراكمة في المستودعات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
مساعدات غزة.. كيف تستخدمها إسرائيل لتجريد حماس من أوراقها التفاوضية؟
في مشهد لا يخلو من التوظيف السياسي، أعلنت إسرائيل مؤخرا السماح بدخول مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، بما في ذلك تنفيذ إنزالات جوية بالتعاون مع منظمات دولية.
ورغم الإيحاءات الإعلامية بأن الخطوة تأتي تجاوبا مع نداءات إنسانية، فإن القراءة المتأنية تشير إلى أن تل أبيب تنظر للمساعدات لا كواجب إنساني، بل كأداة مركّبة تُوظّف في إدارة الصراع، وإعادة هندسة المشهد التفاوضي مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتلميع صورتها دوليا.
فالقرار الإسرائيلي، بحسب مشاركة الدكتور بلال الشوبكي الخبير بالشؤون الإسرائيلية رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل، ببرنامج "ما وراء الخبر" لا يمثل تحولا أخلاقيا بقدر ما هو انعكاس لحسابات أمنية وسياسية دقيقة.
ويرى الشوبكي أن تل أبيب تسعى إلى سحب ورقة "المساعدات" من جدول التفاوض مع حركة حماس، وحصر النقاش في ملف الأسرى فقط، بما يعني تجريد الحركة من إحدى أبرز أدوات الضغط التي امتلكتها في الشهور الماضية.
ويتضح من توقيت الإعلان أن الهدف هو استباق أي مبادرة تفاوضية جديدة عبر تحييد الملفات الأكثر حساسية، مثل تدفق المعونات وفتح المعابر.
اللافت أن هذه الخطوة جاءت متزامنة مع تصاعد الضغوط الدولية وتكثيف التغطيات الإعلامية للمجاعة المتفشية في القطاع، وهو ما يعتبره الشوبكي عاملا مساعدا، لا دافعا رئيسيا، فالمساعدات في المنظور الإسرائيلي، كما يقول، هي عنصر ضمن منظومة "إدارة الحرب"، وليس استجابة لاحتياجات ملحّة.
ولذا، فإن تحديد إسرائيل لـ"الحد الأدنى" من المساعدات لا يستند إلى تقديرات الأمم المتحدة، بل إلى مقياس دعائي يسعى لمعادلة صورة المجاعة بصورة أخرى لصناديق المساعدات وهي تُسقط من الجو.
نقطة في بحرهذه النظرة التوظيفية لم تغب عن وعي الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة، الذي أوضح من داخل قطاع غزة أن معظم الشاحنات لم تصل أصلا، وما دخل منها لا يمثل سوى "نقطة في بحر".
إعلانووصف عفيفة الإجراءات الإسرائيلية بأنها "بروباغندا إعلامية" تسعى إلى تضليل الرأي العام الدولي عبر تضخيم محدود لحجم المساعدات، في حين أن الغارات لا تزال تستهدف مناطق توصف بـ"الآمنة" التي يفترض أنها مخصصة لتوزيع المساعدات.
وشدد على أن ما يُسمى "هدنا إنسانية" لا يتعدى كونه توقفا مؤقتا للعمليات العسكرية في مناطق ضيقة، سرعان ما تستأنف فيها العمليات مع حلول المساء.
لكن الأدهى في الأمر، بحسب الشوبكي، هو أن هذه الفترات الهادئة تُستخدم لأغراض استخباراتية، فالتجربة السابقة تؤكد أن إسرائيل استغلت هدنا مماثلة في الماضي لجمع معلومات ميدانية، أعقبتها اغتيالات دقيقة.
ويضيف أن هذه الفترات تتيح للأجهزة الأمنية رصد التحركات في مناطق معينة وتجميع بيانات قد تُستخدم لاحقا في العمليات، وبهذا المعنى، تصبح المساعدات "غطاء تكتيكيا" لعملية أمنية موسعة، لا مجرد محاولة لتهدئة الرأي العام.
حصار أخلاقيفي المقابل، يظهر البعد الدولي للقرار كمحور لا يمكن تجاهله، فوفق تقييم الدكتور محمد هنيد، الأستاذ والباحث بجامعة السوربون، فإن إسرائيل باتت محاصَرة أخلاقيا أمام الرأي العام الغربي، خاصة بعد أن تحولت صور المجاعة في غزة إلى نقطة مفصلية تهزّ مرتكزات السردية الصهيونية ذاتها.
ويؤكد هنيد أن السماح بدخول كميات رمزية من المساعدات يساعد الحكومات الأوروبية على امتصاص غضب الشارع دون أن تضطر لمراجعة دعمها السياسي أو العسكري لتل أبيب.
ويذهب هنيد إلى أن خطورة المشهد لا تكمن فقط في المجاعة، بل في "تآكل المظلومية الصهيونية" التي بُني عليها المشروع الإسرائيلي، إذ باتت صور الضحايا الفلسطينيين بالنسبة للوعي الغربي المتململ، تنافس صور معسكرات الاعتقال النازية، مما يهدد ركائز الدعم الأخلاقي الغربي لإسرائيل، خصوصا بين الأجيال الجديدة.
وفي إطار محاولة إسرائيلية لموازنة الضغوط، تبرز تصريحات بعض المسؤولين في حكومة نتنياهو التي تكشف بوضوح عن النوايا الكامنة، فحين تقول وزيرة المواصلات الإسرائيلية إنها "غير مرتاحة لإدخال المساعدات"، لكنها تراها ضرورية "لكسب شرعية استمرار الحرب"، فإن الرسالة تصبح أوضح.
فالمساعدات بهذا الشكل، تصبح أداة لتجميل العدوان لا لإنهائه، وتُقدَّم بقدر ما تتيح لتل أبيب الحفاظ على هامش مناورة أمام الحلفاء الغربيين دون تعديل جوهري في سياستها.
وفي ظل هذا التوظيف المتعدد للمساعدات -سياسيا وتفاوضيا واستخباراتيا- تبدو حماس أمام معادلة معقدة، فإسرائيل لا تسعى فقط إلى نزع أوراق التفاوض، بل إلى تفكيك البيئة الاجتماعية التي تحيط بالحركة من خلال "إدارة التجويع"، كما يصفها عفيفة، عبر تحويل نحو مليونَي فلسطيني إلى رهائن ضغط على المقاومة، في عملية تركيع جماعية تُستخدم لاحقا في أي طاولة حوار.
أما المشهد العربي، فبحسب الشوبكي، لا يبدو أنه يشكل قلقا حقيقيا لصنّاع القرار في إسرائيل، بعدما اختبرت تل أبيب ردود الفعل الرسمية طيلة أشهر الحرب دون أن تلمس تهديدا جادا لمعادلاتها، وفي حين تبقى احتمالات الغضب الشعبي العربي قائمة، فإن الرهان الإسرائيلي يظل على قدرة الأنظمة على احتوائه.
إعلان