مسؤول مغربي يفضح المخزن ويكشف أسباب “الهروب الكبير”
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
بعد أيام قليلة عن حادثة الهروب الكبير لآلاف الشباب القصّر من المغرب نحو مدينة سبتة المحتلة من طرف إسبانيا، خرج محافظ بنك المغرب المركزي بتقرير صادم يكشف عن أرقام البطالة بين الشباب المغربي، التي ارتفعت بطريقة جنونية خلال السنة الجارية.
وحسب ما كشفته صحيفة لوماتان المغربية، نقلا عن محافظ البنك المركزي المغربي عبد اللطيف جواهري، خلال ندوة صحفية بالرباط، فإن نسبة البطالة بين الشباب المغربي البالغ 15 إلى 24 سنة قد عرفت ارتفاعا جديدا، لتبلغ 48,8 % وذلك خلال الثلاثي الثاني من سنة 2023 وسنة 2024، بعدما كانت تبلغ 46.
ووصف المتحدث ذاته هذه الوضعية “بالنقطة السوداء”، خاصة أن النسبة المذكورة تمثل ملايين الشباب المغاربة العاطلين عن العمل، شاملة المناطق الحضارية والريفية على حد سواء.
وعن حادثة الهروب لآلاف الشباب “معظمهم قصّر” ومحاولة الهجرة غير الشرعية التي شهدتها مدينة الفنيدق المجاورة لمدينة سبتة الإسبانية يوم 15 سبتمبر الجاري. فقد ذكر المتحدث نفسه أن “حجم البطالة في المملكة ارتفع بثلاث نقاط تقريبا”، خلال الفترة المذكورة، دون إيجاد حلول حقيقية لتحسين الأوضاع.
كما أكد مدير البنك المركزي المغربي، حسب الصحيفة ذاتها، أن المغاربة خسروا أكثر من 82 ألف منصب شغل خلال الثلاثي الثاني من السنة الجارية، خاصة في القطاع الفلاحي المتأثر أكثر من باقي القطاعات، بسبب التراجع الرهيب للاقتصاد في هذا البلد.
مشيرا إلى أن التراجع الذي عرفه الاقتصاد المغربي، لا سيما القطاع الفلاحي، هو السبب المباشر في ارتفاع نسبة البطالة.
ومن جهة أخرى صدر مقال بعنوان “المغربي المهاجر داخل بلده”، بقلم الصحفي المغربي يونس مسكين، أكد فيه أن الهجرة نحو سبتة أكثر بكثير من مجرد بحث بسيط عن فرص اقتصادية أو استجابة لنداء، فهي تعكس رغبة الشباب في إيجاد بيئة تضمن لهم الاستقرار الاجتماعي.
مضيفا أن “هؤلاء الشباب لا يجدون في بلادهم الوسائل التي تمكنهم من العيش بكرامة لذلك فإنهم يسعون للبحث عنها في أماكن أخرى معرضين حياتهم للخطر”.
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
من “تواصُل” تبدأ الحكاية: بين قيادة تسمع وشباب ينهض
صراحة نيوز ـ د. عبدالله جبارة
في لحظةٍ وطنية نابضة بالأمل، شكّل مؤتمر “تواصُل” محطة فارقة في العلاقة بين الدولة وشبابها، مجسّدًا رؤية سمو ولي العهد، الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، في ترسيخ نهج الانفتاح والحوار مع الجيل الجديد، ليس كمجرد مناسبة خطابية، بل كنهجٍ أصيل في الحكم والإدارة.
انعقاد المؤتمر برعاية مؤسسة ولي العهد، وبتنظيمٍ مباشر منها، لم يكن أمرًا تقنيًا أو إداريًا فحسب، بل كان ترجمةً عمليةً لإيمان المؤسسة العميق بأن الشباب هم محور السياسات، لا هوامشها، وأن التمكين الحقيقي لا يأتي من فوق، بل من التفاعل المستمر بين القيادة والشعب، في بيئة من الثقة والمسؤولية المشتركة.
ما ميّز هذا المؤتمر لم يكن فقط زخمه أو تعدد فعالياته، بل الحضور الشخصيّ لسمو ولي العهد، الذي لم يختر أن يكون متحدثًا رسميًا، بل محاورًا صادقًا، ومستمعًا حقيقيًا، ورفيق دربٍ لأبناء وبنات وطنه. كانت كلماته صريحة وعفوية، تبتعد عن البروتوكول، وتقترب من القلب والعقل معًا.
ولعل من أقوى ما عبّر به سموه عن هذا الإيمان العميق بدور الشباب، قوله:
“الشباب هم القلب النابض لوطننا، وهم طاقتنا التي لا تنضب، وعلينا أن نمكّنهم ليكونوا شركاء حقيقيين في صناعة المستقبل.”
في هذا التصريح تتجلى فلسفة ولي العهد تجاه الشباب: ليسوا مجرد متلقين للقرارات، بل شركاء في صناعتها، ليسوا جمهورًا يُخاطَب، بل مساهمون يُنصَت إليهم، وتُترجَم أفكارهم إلى سياسات حقيقية.
“تواصُل” لم يكن فعالية عابرة، بل تأسيسًا لنمط جديد من العلاقة بين الدولة وشبابها، قوامه الشفافية، والإنصات، والحوار النديّ، وتحويل الملاحظات إلى خطط، والتطلعات إلى مسارات عمل. بدا سمو الأمير وكأنه يقول بوضوح: هذه الدولة تسمعكم، وهذه القيادة تؤمن بكم، وهذه اللحظة فرصتنا معًا لصنع مستقبلٍ لا يُمنَح، بل يُنتزَع بالإرادة والعلم والعمل.
الرسائل التي حملها المؤتمر، بصيغته وشكله ومضمونه، تتجاوز مجرد الأطر الشبابية، لتشكّل تحولًا نوعيًا في ثقافة الدولة. فالحوار الذي بدأ في القاعة، هو ذاته الذي يجب أن يمتد إلى الجامعات، والمدارس، والبلديات، وكل مؤسسات المجتمع، ليكون الشباب ليس فقط في الصورة، بل في صناعة الصورة ذاتها.
لقد رسم سمو ولي العهد، في “تواصُل”، ملامح جيلٍ قياديٍّ جديد، يتحدث لغة العصر، ويتقن أدواته، ويؤمن بأن السياسة ليست أبراجًا عاجية، بل شوارع وساحات ووجوه حقيقية تبحث عن فرص وعدالة وأمل. وفي جلوسه إلى الشباب، لم يكن فقط وريثًا شرعيًا لتجربة هاشمية عريقة في القرب من الناس، بل كان مجددًا لهذا الإرث بروح المستقبل.
اليوم، يمكننا أن نقول إن “تواصُل” لم يكن نهاية، بل بداية لحكايةٍ وطنية جديدة؛ عنوانها: قيادة تسمع، وشباب ينهض، ودولة تمضي بثقة نحو الغد.