القاهرة– أحدث قرار إلغاء بعض المواد الدراسية في مرحلة التعليم الثانوي في مصر، واستبعاد البعض الآخر خارج المجموع الكلي، تحولا جذريا في حياة آلاف المدرسين الذين كانوا يعتمدون على تدريس هذه المواد كمصدر رزق أساسي.

ووجد آلاف المدرسين أنفسهم فجأة بلا طلاب ولا دخل، مما زاد من الضغوط المالية والاجتماعية، وألقى بظلاله على مستقبل هؤلاء المدرسين، ودفعهم للبحث عن خيارات جديدة قد لا تكون متوافقة مع مؤهلاتهم وخبراتهم.

ويتجاوز عدد الطلاب الملتحقين بمرحلة التعليم الثانوي مليونين و100 ألف طالب، ويبلغ إجمالي عدد المعلمين المتعاقدين والمعينين حوالي 100 ألف معلم ومعلمة، وفق تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

تفاصيل القرار

منتصف أغسطس/آب الماضي فاجأ وزير التربية والتعليم الجديد محمد عبد اللطيف الجميع بعرض خطة إعادة هيكلة المرحلة الثانوية للتخفيف من أعباء الطلاب بتخفيض عدد المواد وإعادة تصميم المحتوى العلمي والمعرفي كالتالي:

إلغاء مادتي الجيولوجيا وعلوم البيئة للثانوية العامة بشعبة علمي علوم. إلغاء مادتي علم النفس والفلسفة للثانوية العامة بشعبة الأدبي. جعل اللغة الأجنبية الثانية ضمن المواد خارج المجموع. دمج مناهج الكيمياء والفيزياء والأحياء في مادة واحدة للأول الثانوي. إلغاء مادة الجغرافيا من الدراسة في الصف الأول الثانوي. دمج مواد الرياضيات في مادة واحدة. إلغاء ودمج بعض المواد أحدث ارتباكا للطلاب والمدرسين والمكتبات (الجزيرة)

وبذلك تصبح مواد الصف الأول الثانوي 6 مواد بدلا من 10 مواد، ومواد الصف الثاني الثانوي 5 مواد بدلا من 8 مواد.

ويدرس طلاب شعبة العلمي علوم 5 مواد بدلا من 7 مواد، وهي (العربية-اللغة الأجنبية الأولى-الأحياء-الكيمياء-الفيزياء).

ويدرس طلاب شعبة العلمي رياضيات 5 مواد بدلا من 7 مواد، وهي (العربية-اللغة الأجنبية الأولى-الرياضيات-الكيمياء-الفيزياء).

وبالنسبة للشعبة الأدبية، يدرس الطلاب 5 مواد بدلا من 7 مواد، وهي (العربية- اللغة الأجنبية الأولى-التاريخ-الجغرافيا-الإحصاء).

تأثير سلبي على المدرسين

وتعد الدروس الخصوصية مصدر رزق رئيسي لكثير من المدرسين في ظل تدني الأجور إلى أقل من 150 دولارا شهريا، لكن إلغاء ودمج وخروج بعض المواد من المجموع وضعهم أمام تحديات جديدة بسوق العمل، وأدى لبعض التأثيرات الرئيسية.

وتشمل تلك التأثيرات البطالة المفاجئة، حيث وجد المدرسون أنفسهم بلا دخل. واضطر البعض إلى إعادة النظر في مسارهم ومستقبلهم المهني، بينما واجه آخرون صعوبات في اكتساب مهارات جديدة للتكيف مع احتياجات سوق العمل، خاصة إذا كانوا قد استثمروا سنوات في تدريس مادة معينة أصبحت الآن غير مطلوبة.

خيارات صعبة

جميع الخيارات المتاحة لم تكن سهلة، البعض اختار الانتقال إلى تدريس مواد أخرى ما زالت مطلوبة في النظام التعليمي، أو البحث عن فرص عمل بالمراحل التعليمية الأخرى مثل الابتدائية والإعدادية، بينما آخرون توجهوا إلى مجالات ومهن عمل أخرى مثل السياحة والتجارة أو حتى العمل سائقين.

ومنذ إعلان القرار برزت العديد من القصص التي توضح كيف تعامل المدرسون مع هذا التغيير المفاجئ الذي تطلب منهم المرونة والتكيف مع التغيرات، وعانى السواد الأعظم منهم من صعوبات كبيرة.

وعلى مدار 10 سنوات، استطاع أحمد سمير (مدرس جيولوجيا) بناء اسم قوي في عالم الدروس الخصوصية بمحافظة الجيزة (جنوب القاهرة) من خلال منصته التعليمية الكبيرة حيث كان يتوافد إليه الطلاب من كل حدب وصوب.

خيارات صعبة تواجه المدرسين بعد التعديلات الأخيرة التي تمس مسار حياتهم (الجزيرة)

يقول سمير للجزيرة نت "بعد القرار الصادم بإلغاء الجيولوجيا كمادة أساسية في المرحلة الثانوية شعرت وكأني في نفق مظلم، فقد خسرت كل ما بنيته. لقد بدا وكأن مستقبلي المهني قد انتهى، وبدأ التساؤل حول ما الذي سيأتي بعد هذا؟".

وبدلاً من الاستسلام، قرر سمير التحول لتدريس مادة الأحياء. وكان يعلم أنه سيبدأ من الصفر في مجال جديد، وأنه لن يكون بنفس الشهرة والنجاح الذي حققه بالجيولوجيا، لكن كان عليه بناء قاعدة جديدة من الطلاب، وتحقيق نجاح في عالم تدريس مختلف.

أما عماد (مدرس فرنسية) فقد كان لأكثر من 10 سنوات يقدم الدعم الأكاديمي والمعنوي للطلاب للحصول على أعلى الدرجات. لكن، بعد القرار المفاجئ بإلغاء الفرنسية كمادة أساسية، ألغى الحصص الدراسية وأعاد أموال الشهر لأولياء الأمور. وبعيون ملؤها الحسرة، ودع طلابه متمنيا لهم النجاح والتفوق في مستقبلهم.

و"كان الخيار الوحيد أمامي" كما يقول عماد للجزيرة نت "هو مغادرة المجال التعليمي تماما لا أجيد لغة أخرى ولا عمل آخر، قررت البحث عن مصدر جديد للدخل، وكان العمل في مجال السياحة الخيار الأقرب".

وودّع عماد أسرته الصغيرة، وقضى أياما وأسابيع في التنقل بين المدن السياحية بحثًا عن رزقه. وكانت الحياة الجديدة قاسية عليه، إذ أنه كان دائما قريبا من عائلته، لكنه اضطر إلى التغرب عنها من أجل تأمين حياة كريمة لهم.

وكان محمد (مدرس جغرافيا) -الذي ذاع صيته بين طلاب الشعبة الأدبية- يبدأ يومه بتحضير دروسه وإلقائها على طلابه بحماس. ولكن القرار الوزاري بإلغاء مادته كمادة أساسية كان بمثابة ضربة قاسية لمستقبله المهني.

ولم ينتظر محمد طويلاً للبحث عن بديل، وقال للجزيرة نت "قررت استثمار سيارتي الشخصية للعمل سائق أجرة من خلال التطبيقات الذكية، ولن أجلس وأضع خدي على يدي أفكر في ما حل بي وزملائي".

ووجد هذا المعلم العاطل نفسه خلف عجلة القيادة بعد أن كان يقف أمام السبورة ينقل المعرفة، وأصبح الآن ينقل الركاب متنقلاً بين شوارع المدينة بحثا عن قوت يومه. وكان يرى في مرآة سيارته الأمامية الأيام الخوالي وانتقاله من عالم الكتب إلى عالم الطرق.

مصائب قوم عند آخرين فوائد

ورغم ما خلفه القرار من أضرار مادية ومعنوية على آلاف المدرسين وأسرهم، إلا أنه أشاع شعورا بالارتياح بين الطلاب والأسر المصرية إذ ساهم في تقليل عبء الثانوية العامة على الطلاب وأسرهم رغم ما أحدثته القرارات من لغط واضطراب.

ويرى البعض أن تخفيف المناهج وتناسب المواد مع قدرات الطلاب يمثلان خطوة إيجابية لتحسين مستوى التحصيل العلمي، وهو ما أكد عليه وزير التربية والتعليم بأن خطته الجديدة "حظيت بنسبة قبول كبيرة لما لها من أثر في تخفيف العبء على الأسرة المصرية، دون التقصير في المعارف التي سيدرسها الطلاب".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات اللغة الأجنبیة مواد بدلا من

إقرأ أيضاً:

وزير العمل: انخفاص معدلات البطالة من 13% عام 2014 إلى 6.3%

القى وزير العمل محمد جبران كلمة مصر اليوم الأربعاء بمؤتمر العمل الدولي ، المنعقد بقصر الأمم المتحدة ،خلال هذه الأيام في دورته رقم 113 ، بمشاركة ممثلين عن 187 دولة حول العالم أعضاء في المنظمة، وذلك بحضور السفير علاء حجازي مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة.

حيث يترأس الوزير جبران وفد مصر الثلاثي المكون من ممثلي الحكومة وأصحاب الأعمال والعمال في هذا "المؤتمر الدولي"..وقال الوزير أن هذا المؤتمر  ينعقد في ظل أوضاع سياسية واقتصادية عالمية تتسم بحالة من عدم اليقين، فالإقتصاد العالمي يواجه تحديات غير مسبوقة في ظل زيادة التوترات الجيوسياسية والتجارية والتغيرات المناخية، وما يصاحبها من آثار سلبية على كافة بلدان العالم، الأمر الذي يستوجب بناء شراكات تُساهم بشكل جاد فى تحقيق العدالة الاجتماعية، وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز دور المؤسسات الدولية في دعم البلدان النامية في مساعيها لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وزيادة فرص العمل واستدامتها.

المجموعة العربية المشاركة بمؤتمر العمل الدولي تنظم وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني بجنيفإدارة الحوكمة بمنظمة العمل الدولية تشيد بجهود مصر في الامتثال لمعايير العملوزير العمل يشارك في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر العمل الدولي بجنيفتنطلق أعماله اليوم.. مصر تشارك في موتمر العمل الدولي بوفد عمالي ضخم

الإمتثال لمعايير العمل الدولية

وأكد الوزير جبران في كلمته على أن تهيئة بيئة مواتية للاستثمار.. وإعلاء مبدأ الحماية الاجتماعية وتحقيق الأمان الوظيفي، وتعزيز الإمتثال لمعايير العمل الدولية، وتنمية مهارات الشباب،ستظل أولوية فى كافة التشريعات والسياسات الوطنية، حيث صَادق  رئيس الجمهورية على إصدار قانون العمل الجديد، ليتضمن تطورًا غير مسبوقاً في حماية الحقوق العمالية، وتحقيق التوزان والعدالة بين طرفي العملية الإنتاجية، وقد جاء القانون بعد حوار اجتماعي شارك فيه جميع أصحاب المصلحة، بالتنسيق مع منظمة العمل الدولية.

إطلاق المجلس الأعلى للتشاور الاجتماعي

كما تم إطلاق المجلس الأعلى للتشاور الاجتماعي بتشكيله المتوازن، وواصلت الحكومة سياساتها بهدف توسيع نطاق الحماية الاجتماعية، لاسيما التي تتعلق بالعمالة غير المنتظمة، وكذا رفع الحد الأدنى للأجـور ،كما تستعد وزارة العمل لإطلاق الإستراتيجيتيّن الوطنيتيّن للتشغيل،وللسلامة والصحة المهنية،والمضى قدماً فى سبيل إصدار قانون لحماية العمالة المنزلية..وأضاف الوزير أنه لمواجهة التحديات الراهنة التى تؤثر بشكل واضح على الاقتصاد العالمى، تقوم الحكومة المصرية بإصلاحات هيكلية بهدف تحقيق استقرار الإقتصاد الكلى والإنتقال تدريجيًا وبشكل متوازن من الإقتصاد المبنى على الإستثمار فى البنية التحتية إلى الاستثمار في الاقتصاد الإنتاجي، كالزراعة والصناعة وتطوير الخدمات اللوجستية والتصدير، لاسيما في القطاعات غير البترولية،حيث شهد هذا الاصلاح تطوراً ملحوظاً خلال الفترة المـاضية، وساهم بشكل فعال فى خفض معدلات البطالة من 13% عام 2014 إلى 6.3 % خلال العام الجارى . .

تعزيز الروابط بين الوظائف والحقوق والنمو الإقتصـادى

وبشأن تقرير المدير العام لمنظمة العمل الدولية جيلبرت هنجبو قال جبران :"لقد إطلعت بإهتمام بالغ على تقرير المدير العام لهذه الدورة، والذي يأتي بعنوان: (الوظائف والحقوق والنمو: توطيـــــد الصلة) ..وما تناوله من رؤى هامة بشأن سُبل تعزيز الروابط بين الوظائف والحقوق والنمو الإقتصـادى، والحد من تبعات التغيرات التكنولوجية والتجارية على عالم العمل وتعزيز الوظائف اللائقة، مع التركيز على علاقة التغيرات الديمغرافية بالحماية الإجتماعية والإقتصادية، وتأثيرها على العلاقة بين الوظائف والحقوق والنمو الإقتصادى،علاوة على التحديات المتزايدة المرتبطة بإرتفـاع تكاليف المعيشة، وتنامى الديون، وتقليص الحيز المـالى للحكومات..وهو ما يستوجب وضع توصيات هذا التقرير موضع التنفيذ على أرض الواقع ."

تعديل مركز فلسطين من حركة تحرير إلى دولة 

وعن القضية الفلسطينية قال الوزير :"فى الوقت الذى نُثمن فيه قرار مجلس إدارة المنظمة المعروض على المؤتمر لتعديل مركز فلسطين الحالي من حركة تحرير إلى دولة غير عضو لها صفة مُراقب، إلا أنه مازال يتعرض عمال وشعب فلسطين فى الضفة الغربية وقطاع غزة لجرائم وحشية تستهدف إبادتهم ودفعهم إلى التهجير ومغادرة أرضهم  قسراً، تحت وطأة آلة الحرب الإسرائيلية وسياسات الحصار والتجويع، فلا يسعنا في هذا المقام إلا أن نشيد ونفتخر بصمود الشعب الفلسطينى ورفضه القاطع للتهجير وتمسكه بأرضه. وندعو إلى الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار بقطاع غزة، والسماح بفتح المعابر والدخول الكامل للمساعدات الإنسانية والإغاثية"...وأكد الوزير على أنه لا سلام دائم وشامل فى الشرق الأوسط ما لم يتم وقف العمليات العسكرية الغاشمة التي تهدد الأمن والإستقرار الاقليمى، وإنهاء الاحتلال، وقيام الدولة الفلسطينية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية على حدود الرابع من يونيــه عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية،وهو السبيل الأمثل للخروج من دائرة العنف التى تهدد إستقرار المنطقة بأسرها، كما نطالب كذلك بوقف كافة الإعتداءات على الأراضي العربية المحتلة، ونؤكد تطلعنا إلى تكثيف المنظمة لبرامجها ومواصلة دعمها لأطراف العمل الثلاثة في الأراضي العربية المحتلة في كل من لبنان وسوريا.

طباعة شارك وزير العمل مؤتمر العمل الدولي محمد جبران

مقالات مشابهة

  • إلغاء تأشيرات الطلاب واتساع رقعة الحرب التجارية الأميركية الصينية
  • لجنة المعلمين السودانيين ترفض إعادة تشكيل النقابات وتعتبره سطواً حكومياً على العمل النقابي
  • هذا ما طلبته نقابة المعلمين من وزير المالية
  • تحذير: لا تتركوا هذه المواد داخل سياراتكم… قد تسبب انفجارًا!
  • إلغاء امتحان 11 تلميذاً في مادة «القراءة والنصوص» بسبب الغش الإلكتروني
  • مصدر بالتعليم: إعلان نتيجة صفوف النقل بعد إجازة عيد الأضحى
  • وزير العمل: انخفاص معدلات البطالة من 13% عام 2014 إلى 6.3%
  • الصين.. عاطلون عن العمل يستأجرون وظائف هرباً من البطالة
  • بسبب الغش الإلكتروني.. إلغاء امتحان مادة التاريخ لـ 13 تلميذاً
  • إلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين يضر بالعلاقات الصينية الأمريكية