لجريدة عمان:
2025-08-02@19:45:29 GMT

صورة النصر المزعوم لنتنياهو وهاريس

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

في ٢٨ سبتمبر اليوم الذي تمر فيه ذكرى وفاة الزعيم جمال عبدالناصر أكد حزب الله خبر اغتيال أمين عام الحزب حسن نصر الله الذي ربما - كان بعد عبد الناصر- أكبر عدو عربي لإسرائيل في التاريخ المعاصر.

ربط بين الرجلين الانتصار لفلسطين والمقاومة والاستعداد للتضحية حتى بالنفس وبالروح. وربط بينهما ما كان ينسب لنصرالله احتذاء شعار استراتيجي صكه عبد الناصر في التعامل مع إسرائيل ونمط حرب موجع مارسه ضدها بعد عدوان يونيو ٦٧.

أما الشعار فهو مقولة عبد الناصر الشهيرة "إن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة". وأما نمط الحرب فهي نمط حرب الاستنزاف التي استخدمها عبد الناصر على جبهة القناة ٦٨- ٧٠ والتي أرهقت اسرائيل وكانت سببا حاسما في جعل معجزة عبور القناة في حرب ٧٣ ممكنة.. وهو ما فعلته، أيضا، حرب إسناد نصر الله لغزة والتي أوجعت إسرائيل لدرجة أنها حسمت أمرها أخيرا وأخذت قرار اغتياله بعد ثلاثة عقود أذاقها فيها جيشا ومجتمعا مرارة بعض أقسى هزائمها. السؤال هو لماذا الآن يتم اغتيال نصرالله ويتم ترك إسرائيل تفعل ما تشاء في السموات والأراضي العربية؟

كيف يمكن فهم السياق السياسي الذي قررت فيه واشنطن وإسرائيل معا اتخاذ قرار اغتيال زعيم تيار المقاومة في الشرق الأوسط؟ وهل اتخذ القرار الصعب الذي ترددا فيه كثيرا عندما امتلكا فيما يبدو تقديرا استراتيجيا مشتركا: إن مخاطر وعواقب القيام به على مصالحهما في المنطقة في هذه اللحظة بالذات ستكون عواقبه محدودة وأقل بكثير من المكاسب السياسية والمعنوية الكثيرة التي يجنونها من قتله.

السياق السياسي العام هو أن أمريكا اعتبرت انتصار حماس في ٧ أكتوبر تهديدا وجوديا ليس فقط لإسرائيل ولكن أيضا لها ولهيمنتها على العالم العربي الممتدة منذ اتفاقيات كامب ديفيد ٧٨. وأسست على ذلك أن استراتيجية إدارة الصراع الذي مارسته منذ كيسنجر مع الصراع العربي/ الإسرائيلي قد انتهى زمانها وحان الوقت لاستراتيجية حسم الصراع أي الانتقال إلي إنهاء الوجود العسكري والسياسي لحماس والجهاد في غزة والضفة، وإنهاء الوجود العسكري لحزب الله في لبنان ثم التفرغ لاحقا لإيران بعد القضاء على طوق النار المحيط بإسرائيل.

السياق السياسي الخاص تمثل في استنتاج واشنطن لمعنى الفشل الذريع الذي منيت به استراتيجية الحسم لمدة ١١شهرا رغم كل المدد العسكري غير المسبوق والدوس بالحذاء على النظام الدولي بحيث تفلت إسرائيل من العقاب وتأخذ كل الوقت اللازم لتصفية حماس عسكريا وتصفية حكمها المدني للقطاع وإعادة المختطفين.

أخفقت إسرائيل في تحقيق هدف واحد من الأهداف الثلاثة، وأخفقت فيما وعدت به راعيها الأمريكي وما وعدت به حلفاءها العرب من نصر سريع وخاطف يحد من خطر تواطئهم معها أمام شعوبهم وأمام العالم.. وترافق ذلك مع إخفاقين آخرين الأول هو إخفاق الوسطاء العرب المباشرين وغير المباشرين في الضغط على حماس لدرجة قبول اتفاق استسلام، فمرونتها كانت وصلت أقصاها مع قبول مقترح بايدن ٣١مايو الذي رفضته إسرائيل ولم تكن مستعدة لطلبات نتنياهو وتغييراته التي كان قبولها يعني كما قال الشهيد اسماعيل هنية "أن تحصل إسرائيل بالمفاوضات على ما فشلت في تحقيقه بالحرب. التطور الثاني هو إخفاق ضغوط إسرائيل وأمريكا على لبنان وحزب الله خصوصا ليقبل الفصل بين جبهة غزة وجبهة لبنان وتصميم نصر الله على عدم وقف إطلاق الصواريخ التي هجرت عشرات الآلاف من المستوطنين الإسرائيليين في الشمال قبل وقف حرب الإبادة لغزة.

لم تكن أمريكا وإسرائيل مهيأتين لأن يستمر هذا الإخفاق حتى يأتي موعد الذكرى الأولى لهزيمة ٧ أكتوبر وأن تكون فكرة أن العرب انتصروا هي ما يستقر في ذهن العرب والعالم. وفي الشهرين الأخيرين اللذين يسبقان الذكري بدأت في فعل ما لم تفعله منذ بداية الحرب في غزة سواء للحصول على صورة نصر مزعوم بأي ثمن قبل مرور العام بدون تحقيق انجاز استراتيجي واحد وخضوعا لمقتضيات الانتخابات الأمريكية التي تتطلب مساندة غير مسبوقة لإسرائيل من الديمقراطيين تفوق حتى مزايدات الجمهوريين وترامب وبما يدعم كامالا هاريس في الفوز بدعم مطلق أصوات القاعدة الضخمة من ناخبي المسيحية الصهيونية.

استعصاء نصرالله والسنوار على كل الضغوط من الأعداء والأشقاء وميل الجناح شديد الصهيونية في الإدارة إلي عقاب القائدين والمنظمتين على هذا الاستعصاء هو الذي أصدر قرار تصفية القائدين الرمزين وكانت المعلومة التي سلمت نصر الله أولا كانت مجرد فرصة للعدو وليست مفاضلة بينهما.

العقبة الأساسية في الوصول للسنوار ونصرالله كلا في جبهته وفي تدمير القوة الضاربة للصواريخ ومنصاتها كانت متعلقة أساسا بفلسفة الحماية التي وفرتها الأنفاق والتحصينات ومراكز القيادة والسيطرة التي أنشئت على مدى عقود تحت الأرض في الجنوب اللبناني وغزة. قررت واشنطن هنا إعطاء إسرائيل ما لا تملكه دولة أخرى على الأرض غيرها ألا وهي الصواريخ والقنابل الفراغية والارتجاجية القادرة على ضرب أي نفق وتحصينات تحت الأرض مهما بلغ عمقها حتى تنجح فيما عجزت فيه شهورا. لولا ضوء أمريكا الأخضر وقنابلها التي تزن ألفي طن وصواريخ تصل لتدمير أهداف على عمق٤٠ مترا ما استطاعت إسرائيل الوصول لنصرالله واغتياله وما استطاعت أن تقول بكل وقاحة إنها رسالة للسنوار بأن الدور قادم عليه.

التقيد الإيراني الذي يراوح مكانه رغم اغتيال هنية في قلب طهران ثم اغتيال نصر الله مركز ثقل المقاومة في المنطقة في نظر مراقبين بدا شديد التأخر عن إدراك التغير الاستراتيجي في تعامل أمريكا مع طهران وحلفائها في محور المقاومة وإزالتها كل الخطوط الحمر أمام نتنياهو. تقيد رآه نتنياهو وكأنه تشجيع ضمني على المضي قدما في كسر المقاومة واستباحة لبنان وسوريا. بل إن رسائل بعض أعضاء الفريق الجديد للرئيس الإيراني المتوددة للغرب بدت وكأنها إشارة لتل أبيب أنها لن تواجه خطر اندلاع حرب شاملة وعقاب موجع مهما تمادت في إهانة كل عواصم المنطقة دون استثناء.

على المدى القصير فإن تمكن أمريكا وإسرائيل من رأس نصرالله سيربك نسبيا المقاومة في لبنان وغزة، وسينشغل حزب الله لفترة بإعادة تنظيم صفوفه واختيار قيادة بديلة وحماية بقية قدراته العسكرية وتنشغل حماس بتوفير وسائل حماية قائدها السنوار من اليد الإسرائيلية. لكن وكما لم تفض عمليات اغتيال قادة ثورات التحرر الوطني لمنعها من الحصول على استقلالها ولا أدي اغتيال إسرائيل لقادة المنظمات الفلسطينية خمسة عقود من استمرار الكفاح المسلح بل أدى لتعاظم قدراتها ونقلها مسرح المعركة لأرض إسرائيل والقضاء التام على شعور مواطنيها بالأمن.

حتى إذا تفككت حماس أو الجهاد أو تفكك حزب الله – لا قدر الله - ستكون المجموعات المتفرقة الباقية منهم - كما تثبت كل تجارب التاريخ وخبرة الصراعات المسلحة - أكثر عنفا وطلبا للثأر وستنشأ منظمات أخرى لن تقف عند الأهداف الإسرائيلية بل ستمتد إلى أهداف أمريكية وغربية والأخطر عربية رسمية يراها البعض مشاركة في إبادة أطفال ونساء غزة والضفة ولبنان.

وحتى بعض العرب الذين يوزع بعضهم الحلوى فرحا في استشهاد نصر الله ويترقبون استشهاد السنوار معتقدين أن خطر الحرب الشاملة قد زال تماما عنهم وبلدانهم.. عليهم ألا يأمنون مكر الصراعات وسهولة انزلاقها إلى الانفجار الشامل أو الفوضى التامة.

• حسين عبد الغني إعلامي وكاتب

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: عبد الناصر نصر الله

إقرأ أيضاً:

3 أهداف لزيارة "ويتكوف" مركز مساعدات أمريكية برفح أهمها تلميع صورة "إسرائيل"

غزة - خاص صفا

ليست الأهداف المعلنة لزيارة المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي "ستيفن ويتكوف" للكيان الإسرائيلي وغزة، والمتعلقة بالاطلاع على الوضع الإنساني في الأخيرة، حقيقية، لكن الرجل اليهودي جاء لـ"عدة ملفات، منها إيجاد صيغة لمواجهة الضغط العالمي الذي تتعرض له إسرائيل".

ويؤكد محللان سياسيان في حديثين منفصلين مع وكالة "صفا"، أن "ويتكوف" جاء لمحاولة تلميع صورة "إسرائيل" المشوهة عالميًا بسبب الإبادة والتجويع الذي تمارسه بحق مليوني نسمة بالقطاع، وأيضًا لهدفين آخرين متعلقين بالمفاوضات والوضع الداخلي الإسرائيلي.

ووصل المبعوث الأمريكي "ويتكوف" للكيان الإسرائيلي الليلة الماضية، وزار مركز ما تسمى المساعدات الأمريكية الإسرائيلية جنوبي قطاع غزة، والتقط صورًا فيها، وغادر قبل أن يتم استئناف استهداف منتظري المساعدات من جيش الاحتلال.

وقبيل وصول "ويتكوف" صباح اليوم للمؤسسة الأمريكية، تم تنظيم المكان، وتسوية المنطقة الرملية، التي سالت فيها دماء المئات من طالبي المساعدات، وإبعاد الدبابات والقناصة، وتقليص عشرات الآلاف من طالبي المساعدات، لعددٍ قليل من أسر عناصر ياسر أبو شباب، ضمن "مسرحية هزلية أمام العالم"، لتلميع المكان.

مواجهة المزاج العالمي

ويقول المختص بالشأن السياسي والإسرائيلي عماد عوّاد "إن الهدف الأول لزيارة ويتكوف، هو صياغة استراتيجية مع إسرائيل للوقوف بوجه تشوه صورتها أمام العالم، خاصة بظل الحراك العالمي الحالي والاعترافات بالدولة الفلسطينية من عدة دول، وهو ما أعاد القضية الفلسطينية لزخمها".

ولم يكمل عواد حديثه عن زيارة "ويتكوف" قبل أن يستدرك بأن "الاعترافات بالدولة الفلسطينية وصفة لاقتتال فلسطيني داخلي، لأن الدولة الفلسطينية المقصودة على المقاس الغربي والإسرائيلي".

ويكمل "لكن المقلق لإسرائيل وويتكوف، هو أن هناك مزاج عالمي يتغير، وبالتالي هم بحاجة لإيجاد صيغة ما لمواجهتها".

ومن أجل مواجهة هذا المزاج السلبي، يرى عواد أن الجانبين يسيران بعدة اتجاهات، الأول إيجاد آلية لادخال المساعدات بحدودها الدنيا، تؤدي إلى إيقاف الزخم العالمي ضد "إسرائيل" في هذه القضية، خاصة أنها ترتفع بشكل متسارع.

ملف المفاوضات والضغط الداخلي

والأمر الثاني من وجهة نظره، هو محاولة تحريك ملف المفاوضات، معللًا ذلك بـ"أن إسرائيل كانت تعتقد أنه سيكون هناك موافقة من حماس على كل الشروط، ولن يكون هناك اعتراضاً، وحينما اعترضت حماس فاجأها ذلك".

وبحسب عواد، فإن الجانب الثالث لزيارة "ويتكوف"، هو أن هناك صراع داخلي إسرائيلي حول استمرار الحرب، خاصة أن الجيش الإسرائيلي يسحب بعض ألوية جنوده من غزة، وهناك خلاف عميق بين اليمين المتطرف والجيش فيما يتعلق بهذه القضية.

ويعتقد أن ويتكوف "جاء أيضاً لتحريك ملف المفاوضات، لكن من خلال محاولة الحفاظ على الجزء الأهم من الشروط الإسرائيلية".

ويستدرك "ولكن باعتقادي هذا الموضوع ليس سهلاً، خاصة أنه من الواضح أن إسرائيل والولايات المتحدة، تدركان تماماً أن هناك شروطًا لا يمكن أن تتنازل عنها حماس، خاصة في ظل النية الإسرائيلية الأمريكية المبيتة، أنهما ذاهبتان ما بعد الهدنة لتطبيق مشروع التهجير من غزة".

وبالمحصلة فإن "ويتكوف جاء لأجل العديد من الملفات، منها المفاوضات، وإيجاد صيغة لتخفيف الضغط الدولي على إسرائيل، ومنها محاولة فكفكة الملف الداخلي الإسرائيلي، لأن من يتابع ما يجري بالوضع الداخلي الإسرائيلي يدرك تماماً أن ما يحدث ليس سهلًا أبدًا"، يقول عواد.

وعقب مغادرة "ويتكوف" لمركز ما تسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" لتوزيع المساعدات، فتح جيش الاحتلال النار على طالبيها بذات المركز، ما أدى لاستشهاد خمسة منهم على الأقل، وإصابة العشرات.

عزلة دولية

من جانبه، يرى المحلل السياسي طلال عوكل في حديثه لوكالة "صفا"، أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لم يكن يرغب بزيارة ويتكوف، لأن المبعوث الأمريكي يريد دفع المفاوضات.

ويقول "إن ويتكوف يزور إسرائيل أيضًا للضغط من أجل دفع المفاوضات، ويستهدف أيضاً تحسين آليات إرسال وتوزيع المساعدات في القطاع، بعد أن انفضحت سردية التواطؤ على المجاعة وقتل طالبي المساعدات".

ويشير إلى تصريحات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"،  تجاه الوضع الإنساني في القطاع، والتي خرج بها بالتزامن مع زيارة "ويتكوف".

ويقول إن: "الولايات المتحدة تريد حسم هذه المهزلة، بسبب أنها لم تعد تتحمل ممارسات نتنياهو وحكومته، والتي تدفع البلدين نحو عزله دولية متزايدة".

وعيّن "ترامب" ستيفن ويتكوف (67 عاما)، مبعوثاً خاصًا له في الشرق الأوسط بمايو عام 2024 المنصرم، وهو يهودي، شكل تعيينه مفاجأة للعالم، لعدم وجود أي خبرات سياسية له، وهو صاحب مقترح وقف إطلاق النار بغزة الذي تدور حوله المفاوضات، دون الوصول لاتفاق حتى اليوم.

ومنذ أكتوبر للعام 2023 ترتكب "إسرائيل" بدعم أمريكي، حرب إبادة جماعية وجريمة تجويع، أدت لاستشهاد ما يزيد عن 60 ألف شهيد، بالإضافة لـ حوالي 145 ألف إصابة، وما يزيد عن 14 ألف مفقود تحت الأنقاض.

مقالات مشابهة

  • تحقق نبوءة نبوية في اليمن .. الإمام الذي أحيا الله به الدين
  • شاهد.. ذكرى اغتيال هنية حاضرة بالمغرب وفعاليات تندد بجرائم إسرائيل
  • محمد بن راشد: فخور بفريق عمل قطارات الاتحاد الذي يقوده ذياب بن محمد بن زايد
  • كثرة السجود.. من الصحابي الذي أوصاه النبي بهذا السلوك ؟
  • 3 أهداف لزيارة "ويتكوف" مركز مساعدات أمريكية برفح أهمها تلميع صورة "إسرائيل"
  • ثلاثة أهداف لزيارة "ويتكوف" لغزة أهمها تلميع صورة "إسرائيل" المشوهة عالميًا
  • “رونالدو… نجم النصر الذي لا يبتسم للإعلام النصراوي”
  • ما قصة الأرجنتيني الذي عوضته غوغل بسبب صورة؟ وكيف تفاعل مغردون؟
  • عودة الهذالين.. صوت النضال الذي أسكتته إسرائيل
  • كيف أصبحت المقاومة البديل الذي لا يُهزم؟