صحيفة التغيير السودانية:
2025-10-13@12:09:06 GMT

رحيل هرم شعري ناطق، ومفعم بالتجاوز

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

رحيل هرم شعري ناطق، ومفعم بالتجاوز

وجدي كامل

لم يكونا شاعرين كبيرين فقط، بل صديقين عزيزين جمعت بينهما صداقة ستينية، قديمة، عميقة أقام فيها ود المكي قسطا من الزمن، وسكن أحيانا بدار العوض الجزولي.

ما بين كمال، ومحمد، كانت أكثر من توأمة، ورباط من صداقة متينة، وذكريات مشتركة، ومحبة مشتركة جمعتهما وآمالا عراضا لمستقبل يستحقه هذا الشعب الأبي.

كانت، وحين يغيب محمد المكي في مهاجره المتعددة حسب الوظيفة الديبلوماسية والهجرة الأخيرة لبلاد العم سام تشتعل المراسلات، والاتصالات الهاتفية، وينتظر صديقه كمال قدومه على أحر من الجمر. ما أن يحط الرحال، حتى يقوم كمال بتعطيره على المجالس، والجلسات، وينتقلان بعسل المؤانسة من مكان إلى مكان، وتتألق الخرطوم، وبيوت المثقفين والفنانين.

سعدت بأن كنت شاهدا على ذلك، وواحدا من أولئك ممن تشرفت بيوتهم بزيارتهما معا، بعد مشاهدة فيلمية مشتركة لفيلمي (جراح الحرية). كانت تلك واحدة من مرات عديدة، استطعت التعرف فيها على الرجل السهل الممتنع، اللطيف، المبتسم، الهادئ، الدمث الخلق، والمعجون بالتواضع الجم، وحب الآخرين.

حزن محمد المكي أيما حزن وفاة صديق عمره كمال الجزولي، وكانت زيارته للتعزية بالقاهرة بمجرد وصوله لها. ولكن وحسبما كان قد أسر لي الدكتور أبي كمال الجزولي قبل أيام، وكان العلم قد نما إلى أن شاعرنا قد توفي سريريا منذ دخوله مستشفى الفؤاد، بأن ود المكي كان، وفي حزنه العميق على غياب صديقه بدا مشغولا في تلك الزيارة بالتعرف من أبي على تفاصيل تحضير جثمان الميت، ودفنه، والإجراءات المتبعة بالقاهرة لتلك الطقوس، وكأنه قد اختار الموت، وكأنه قد عاد ليموت في مكان أقرب لموطنه الذي أحب وعشق.

عاد ليموت ويشيعه من عرف أفضاله الثقافية والإنسانية علينا بعد أن امتنع الوطن الممزق، المحترق هذه المرة عن الاستقبال، وحيث لم تكن هناك (أمته) التي تشتت في بقاع الأرض ونزحت، ولكن يحمد إلى أن احتفظت بكثافة من وجود بقاهرة المعز.

كم كنت أتمنى أن أكون أحد المودعين لولا العوائق. ها ذا أني أشاهد الوجوه، وقد تبللت بالدموع، واسمع العويل، وبكاء من عرفوك. ها ذا إني أرى وداعا جليلا، ضخما يليق بمقامك، وقامتك يا محمد المكي، يا من أسعدتنا بحياتك، ومساهماتك الشعرية المتميزة، المتفردة.

أقول باسمك وباسم صديقك، وكل من رحل عنا في هذه الظروف القاهرة، العصيبة سوف تتوقف الحرب، سينتصر الشعب، وسينكسر حائط السجن الرمزي الكبير الذي شيدته مؤسسات القهر والقمع التاريخية والمستحدثة، وستشتعل الحقول قمحا ووعدا وتمني ومدنية.

ستبقى ذكراك خالدة فينا، وفي الأجيال القادمة، ولن تنقطع سقياك لقلوبنا ولذاكرتنا أبدا. الوداع، ولا أجد في هذه اللحظات الحزينة أبلغ من مرثيتك لشيخك، وشيخ شعرائنا المحدثين محمد المهدي المجذوب في وداعك المهيب له شعرا عند الرحيل: من جمالك في الموت

يتخذ الورد زينته

والمواسم حناؤها

والعصافير تترك توقيعها في رمالك

برحيلك

ﺃﻇﻠﻤﺖ ﺑﻮﺍﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻔﺮﺍﺩﻳﺲ ﺃﺿﺄﻥ

ﺑﺮﺣﻴﻠﻚ ﻳﻨﻔﺼﻞ ﺍﻟﺠﻤﺮ ﻋﻦ ﺻﻨﺪﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮ

ﻳﻘﺘﺮﺏ ﺍﻟﻤﻮﺕ

ﻳﺴﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻜﻬﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺑﻊ

ﺗﻔﺘﻘﺪ ﺍﻷﺑﺠﺪﻳﺔ ﺃﻇﻔﺎﺭﻫﺎ

ﺗﺴﺘﺮﺩ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺩﻳﻌﺘﻬﺎ ( ﻟﺆﻟﺆ ﺍﻟﺸﻌﺮ ) ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ

ﻛﺎﻓﺮ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺃﺷﻌﺎﺭﻫﺎ

ﺗﺴﺘﻌﻴﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻃﻔﻮﻟﺘﻬﺎ

ﻭﺗﻌﻮﺩ إﻟﻴﻚ ﻃﻔﻮﻟﺘﻚ ﺍﻟﺬﺍﻫﺒﺔ.

الوسوموجدي كامل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

إقرأ أيضاً:

رحيل ديان كيتون عن 79 عامًا وسط غموض حول أسباب الوفاة

رحلت النجمة العالمية ديان كيتون عن عمر ناهز 79 عامًا داخل ولاية كاليفورنيا، في خبر صادم لعشاق السينما، وذلك بحسب ما أعلنته مجلة People الأمريكية، ولم تفصح  حتى الآن عن تفاصيل أو أسباب الوفاة.

مسلسل لينك ينطلق بقوة ويتصدر الترند بعد عرض أولى حلقاته مي حلمي تتألق بفستان أبيض وأسود .. صورة داليا البحيري تتألق بإطلالة كاجوال جذابة .. صورة حسام موافي يوضح العلاقة بين شرب المياه وكمية البول صلاح عبد الله يشيد بالدور المصري في إحلال السلام بغزة مدحت العدل يشيد بدور مصر في إحلال السلام بقطاع غزة رحمة محسن تخوض تجربة التمثيل لأول مرة مع أحمد العوضي.. تفاصيل جنات تطلق أغنية "الوعود" تزامنًا مع فيلم "الأوسكار.. عودة الماموث" أمير صلاح الدين يثمن جهود السيسي في وقف الحرب على غزة ماندو العدل يشيد بالصدق والمشاعر الإنسانية في فيلم "فيها إيه يعني"

ديان كيتون واحدة من أهم نجمات هوليوود وأكثرهن تأثيرًا في تاريخ السينما، إذ قدمت مسيرة فنية حافلة بالنجاحات عبر أفلام خالدة مثل The Godfather وAnnie Hall وFather of the Bride وThe First Wives Club، لتصبح رمزًا فنيًا عالميًا تجاوز حدود الولايات المتحدة.

كيتون ولدت عام 1946 في مدينة لوس أنجلوس، وبدأت رحلتها مع الفن من المسرح المدرسي قبل أن تتجه لدراسة الدراما عقب تخرجها من الثانوية، غير أنها قررت لاحقًا ترك الجامعة والانتقال إلى نيويورك في ستينيات القرن الماضي لتحقيق حلمها في التمثيل.

وكانت أولى خطواتها الاحترافية على خشبة برودواي من خلال العرض الشهير Hair عام 1968، الذي فتح أمامها أبواب الشهرة ومهد لانطلاقتها الكبرى نحو عالم السينما الذي خلد اسمها بين نجمات الصف الأول في هوليوود.

مقالات مشابهة

  • رحيل الصحفي صالح الجعفراوي يهز القلوب
  • رحيل الصحفي صالح الجعفراوي يهز قلوب
  • شرم الشيخ تحتضن قمة دولية لإنهاء الحرب على غزة برئاسة مشتركة من أردوغان وترمب والسيسي
  • رحيل الصحفي صالح الجعفراوي يهز قلوب الغزيين والمغردين
  • رحيل هداف برشلونة والبديل أفريقي أو أرجنتيني
  • رحيل ديان كيتون عن 79 عامًا وسط غموض حول أسباب الوفاة
  • حازم إمام في أحدث ظهور من الحرم المكي.. شاهد
  • سعد الصغير يكشف سرا عن عمر كمال.. ما هو ؟
  • سعد الصغير يكشف سرا عن عمر كمال.. ما هو؟
  • الورشة 38.. عرض شعري ممسرح بـ بيت الشعر العربي