سياسيون مصريون: انتهاك للقواعد والمواثيق الدولية
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
القاهرة: محمد عنتر
دان سياسيون مصريون الاعتداء الغاشم، الذي وقع مساء السبت الماضي، على مقر رئيس بعثة دولة الإمارات في الخرطوم، من خلال طائرة تابعة للجيش السوداني، والذي أدى إلى وقوع أضرار جسيمة في المبنى.
وأكدوا ل«الخليج»، أن هذا الاعتداء يمثل انتهاكاً كبيراً لسيادة القانون الدولي والقواعد والمواثيق الدولية، كما أنه فعل غير مشروع.
عدم وضوح الرؤية
لفت الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إلى أن هذا الاعتداء يشير إلى عدم وضوح الرؤية بالنسبة للسودانيين في الوقت الراهن، ويشير إلى حالة عدم الاستقرار، التي يعيشها السودان رغم المجهودات الكبيرة التي تبذلها الدول العربية مثل مصر والإمارات والسعودية، لتقريب وجهات النظر ولم شمل الأشقاء السودانيين.
وأضاف فهمي: إن الاعتداء على بعثة الإمارت هو حادث فردي لا يُبنى عليه، لكنه يشير إلى حالة الفوضى الموجودة، متابعاً أن الإمارات دولة كبيرة ومهمة تباشر دورها الخارجي وشأنها شأن الدول العربية الأخرى في محاولة تقريب وجهات النظر بين الأشقاء في السودان.
من جانبه، قال الدكتور أيمن سمير، خبير العلاقات الدولية، إن الإعتداء على البعثات الدبلوماسية يتنافى مع قوانين فيينا لحماية البعثات الدبلوماسية سواء كانت سفارات أو قنصليات، ومن واجب الدولة المستضيفة حماية السفارة أو القنصلية وممتلكاتها وأعضائها سواء كانوا داخل السفارة أو خارجها، وبالتالي فإن التقصير في حماية سفارة الإمارات بالخرطوم يعتبر نوعاً من التقصير من واجب الدولة السودانية.
وأشار إلى أن الإمارات من حقها أن تقدم شكوى سواء لجامعة الدول العربية أو الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة، مؤكداً أن الهجوم على البعثات الدبلوماسية يعتبر جريمة وفق القانون الدولي.
تحقيق داخلي
ولفت د. أيمن سمير إلى أن بيان الجيش السوداني، الذي هاجم فيه وزارة الخارجية الإماراتية قد يؤدي إلى مزيد من التوتر خلال الفترة المقبلة بين البلدين، ولابد من أن يقوم الجيش السوداني بعمل تحقيق داخلي لمعرفة أسباب الهجوم غير المبرر على البعثة الإماراتية.
في ما قال الدكتور طارق البرديسي، خبير العلاقات الخارجية: إن الاعتداء على بعثة الإمارات بالخرطوم فيه انتهاك كبير لسيادة القانون الدولي والقواعد الدولية. وأضاف: إن ما حدث عمل مرفوض ومدان لأنه يعود بنا للعصور والوسطى، ويفتح الباب لما يسمى بالعمل بالمثل للعالم كله.
ومن ناحيته، قال الدكتور رمضان قرني، خبير الشؤون الإفريقية: إن من حق الإمارات التقدم بشكوى رسمية لجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي في ما يتعلق بهذا الاعتداء الغاشم من قبل الجيش السوداني.
وأشار إلى أنه لا بد من إعلاء شأن القانون الدولي حتى في الصراعات والحروب، ولا يجب الاعتداء تحت أي ظرف على مقار البعثات الدبلوماسية لأي دولة.
وأضاف: إن ما يحدث في السودان يؤكد أهمية إحياء الجهود الإقليمية والعربية لإيقاف الحرب في السودان، وتفعيل مقررات جنيف في ظل الظروف والتطورات الواقعة خلال الوقت الراهن.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات السودان البعثات الدبلوماسیة القانون الدولی الدول العربیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: الرباعية الدولية .. صراع المصالح يبدد فرص الحل..!
في لحظة كانت الأنظار تتجه فيها إلى اجتماع الرباعية الدولية المقرر انعقاده في واشنطن، باعتباره فرصة لإحداث اختراق في مسار الحرب السودانية، جاء الإعلان المفاجئ عن إلغائه ليكشف عن تعقيدات الملف السوداني وهشاشة المبادرة الدولية ذاتها.
فهذا الاجتماع الذي كان يُفترض أن يُتوَّج مسارًا تنسيقيًا دوليًا نحو السلام، تحوّل إلى ساحة لتضارب الأجندات داخل الرباعية التي تضم: الولايات المتحدة، والسعودية، والإمارات، ومصر. وقد بدأ واضحًا أن غياب الرؤية المشتركة طغى على أي إمكانية لتفاهم حقيقي.
ما تسرّب من كواليس دبلوماسية بحسب الشرق الأوسط أشار إلى أن الخلافات لم تكن حول الهدف المعلن، بل حول الوسائل والآليات، وعلى رأسها مسألة توسيع المشاركة لتشمل أطرافًا مثل بريطانيا، وقطر، والاتحاد الأوروبي. وهي خطوة دعمتها واشنطن، بينما رفضتها أطراف أخرى خشية فقدان السيطرة على القرار الجماعي.
هذا الانقسام لم يكن شكليًا، بل عبّر عن تباين جوهري في أولويات كل طرف: فبينما تنظر الولايات المتحدة إلى السودان من منظور جيوسياسي مرتبط بصراعات النفوذ مع الصين وروسيا، تركّز القوى الإقليمية على استقرار حدودها ومصالحها المباشرة. أما السودان نفسه، كدولة وشعب، فيغيب عن معادلة الحل وصناعة القرار.
إقصاء الجيش السوداني والحكومة الرسمية عن الاجتماع، رغم أن القضايا المطروحة تشمل الترتيبات الأمنية والمساعدات الإنسانية، أثار شكوكًا واسعة حول جدية المبادرة. فكيف يُناقش وقف إطلاق النار دون حضور من يمتلك سلطة فرضه على الأرض؟ هذا الغياب اعتُبر مؤشرًا إضافيًا على أن ما يُطبخ خلف الأبواب المغلقة لا يعكس تطلعات السودانيين، بل يُعيد إنتاج خارطة النفوذ الإقليمي بواجهة سياسية.
وقد ازداد المشهد تعقيدًا بعد إعلان مليشيا الدعم السريع وتحالف “تأسيس” مؤخرًا عن تشكيل حكومة موازية في مدينة نيالا بجنوب دارفور، حملت اسم “حكومة السلام والوحدة”، برئاسة محمد حمدان دقلو “حميدتي” ، مع تعيين عبد العزيز الحلو نائبًا، ومحمد حسن التعايشي رئيسًا للوزراء.
هذه الخطوة، التي ترافقت مع إعادة تفعيل الهياكل التنفيذية والإدارية في مناطق سيطرة المليشيا، تجسّد فعليًا الأطماع الإقليمية ، وتحول الصراع من نزاع على السلطة إلى تنازع على الجغرافيا والشرعية. وقد قوبل هذا التطور برفض واسع من الحكومة السودانية والنخب والأحزاب الوطنية والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، باعتباره محاولة لتقسيم البلاد.
هذا الإعلان يُقوّض أي مسار تفاوضي يُدار من الخارج دون مشاركة حقيقية للفاعلين على الأرض، ويؤكد أن التراخي الدولي والتنازع داخل الرباعية لا يفتحان بابًا للسلام، بل يُمهّدان لمناخ تقسيم غير معلن. كما يُعيد طرح الأسئلة حول مشروعية أي مبادرة لا تستند إلى تفويض شعبي أو غطاء سياسي من مؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
فشل اجتماع واشنطن لا يمكن اعتباره مجرد تعثّر دبلوماسي، بل هو دليل إضافي على غياب إرادة دولية موحدة، وافتقار المبادرة لتمثيل عادل وغطاء قانوني. فالسلام في السودان لا يُبنى على تفاهمات فوقية أو تسويات نفوذ، بل على مسار سياسي شامل ينطلق من الداخل ويستند إلى شرعية وطنية، لا وصاية فيها لأحد على أحد.
وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل دروس التجارب الإقليمية القريبة. ففي ليبيا واليمن، لعبت أطراف إقليمية ودولية أدوارًا مزدوجة: فاعلة في النزاع ووسيطًا في آنٍ معًا، ما أفرغ مسارات السلام من مضمونها الحقيقي.
تلك الوساطات، بدلاً من أن تستجيب لصوت الضحايا، تحوّلت إلى أدوات لتمرير صفقات النفوذ. وكانت النتيجة حروبًا متجددة واتفاقات هشة. وإذا فشلت تلك القوى في بناء السلام هناك، فما الذي يجعلها مؤهلة لقيادة مسار ناجح في السودان، وهي لا تزال تتعامل معه بعقلية النفوذ لا المسؤولية؟
ربط مستقبل السودان بمصالح الخارج هو وصفة مكرّرة لإعادة إنتاج الفشل، ما لم يكسر السودانيون هذا النمط عبر مراجعة جذرية وشجاعة لخلافاتهم، وصولاً إلى مشروع وطني خالص، ينمو من داخل المجتمع السوداني، بدعم مؤسسات الدولة والجيش والأحزاب السياسية.
وبحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة، فإن ما يجري في السودان اليوم ليس مجرد صراع على السلطة أو موارد الدولة، بل هو صراع على تعريف الدولة ذاتها. والرباعية الدولية، بصيغتها الحالية، لا تملك مقومات الحل بقدر ما تعكس تاريخًا مخزيا ساهم في إدخال السودان إلى نفق الحرب، وسط توازنات متقلبة ومصالح متقاطعة.
الحقيقة التي يجب الاعتراف بها هي أن أي سلام لا ينبع من إرادة السودانيين، سيُولد ميتًا. أما المشروع الوطني الجامع، فلن يأتي بقرار دولي أو إعلان سياسي من نيالا أو واشنطن، بل بإرادة داخلية تفرض حضورها وتجبر العالم على الإصغاء.
دمتم بخير وعافية
.إبراهيم شقلاوي
الخميس 31 يوليو 2025م
[email protected]