قبل الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، كان كثيرون يظنون أن إيران غير جادة في وعدها السابق بالانتقام لاستشهاد إسماعيل هنية ثم حسن نصر الله، رحمهما الله. أتى الرد الإيراني مفاجئا لكثيرين، ورغم أن الإيرانيين حذروا قبل الرد بساعات أن ردا ما سوف يقع بعد قليل، إلا أن الاستعدادات الأمريكية للتعامل مع الرد كانت أقل بكثير من المتوقع.

يقول الكيان إن الرد لم يحقق شيئا، وتقول إيران إن الرد حقق 90 في المئة من أهدافه. وكون العملية عسكرية فليس من المتوقع أن نعرف كافة التفاصيل في المدى القصير.

بالنسبة لمكاسب العملية، فيمكن إجمالها فيما يلي:

1- أثبتت إيران قدرة كبيرة على تحييد الدفاعات الغربية إذا لم تكن هناك معرفة مسبقة بالعملية. وقد تجلى هذا كنتيجة طبيعية لعملية "الوعد الصادق 1" في نيسان/ أبريل الماضي، حيث تمكنت إيران خلالها من كشف مواقع الدفاع الجوي للكيان وحلفائه، وبالتالي تمكنت الصواريخ المرسلة هذه المرة من الوصول لأهدافها رغم اعتراض بعضها.

2- أعادت إيران نظرية "الردع" مرة أخرى، فقد بات من الواضح باغتيال إسماعيل هنية ثم حسن نصر الله أن الكيان لم يعد يعير أي أهمية للقوة العسكرية الإيرانية، بل بات يستخف بها؛ هذه العملية أوضحت أن إيران ليست ضعيفة بالصورة المتخيلة.

أرسلت إيران أيضا رسالة مؤلمة للكيان، أن مدنه ليست بعيدة عن متناول الصواريخ الإيرانية. بالفعل، تم تحطيم عدد من الأهداف العسكرية للكيان، وتم استهداف عدد من المدن بصواريخ لا تحمل رؤوسا متفجرة
3- مسألة "الاختراق"، المعضلة الكبرى التي حاول الكيان إبرازها عبر الأسابيع الماضية. كان من الواضح بعد عملية البيجر ثم تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية ثم اغتيال الشيخ حسن رحمه الله؛ أن حزب الله وإيران كلاهما مخترق مخابراتيا بصورة مخيفة، مما سيجعل أي عمل يقوم به أي منهما مكشوفا تماما للجانب الصهيوني؛ أتت عملية "الوعد الصادق 2" كمفاجأة، وهو ما يعرض فكرة الاختراق للسؤال مرة أخرى. هل إيران بالفعل مخترقة للعمق كما تصور كثيرون؟ وهل حزب الله مخترق للعمق أيضا؟ كفاءة عملية الأربعين يوم 25 آب/ أغسطس ومقتل القائد الكبير يوسي ساريل قالت بوضوح إن حزب الله بإمكانه تسديد ضربات قوية رغم وجود اختراق. رد الكيان بهجوم البيجر وما تلاه، كي يقول إنه يخترق حزب الله بالفعل، لكن ما أتى بعده وعملية الوعد الصادق أثبتا أنه رغم وجود اختراقات خطيرة، إلا أنها ليست كما تصور كثيرون، وأن إيران والحزب كلاهما قادر على تسديد ضربات مؤلمة للكيان.

4- أرسلت إيران أيضا رسالة مؤلمة للكيان، أن مدنه ليست بعيدة عن متناول الصواريخ الإيرانية. بالفعل، تم تحطيم عدد من الأهداف العسكرية للكيان، وتم استهداف عدد من المدن بصواريخ لا تحمل رؤوسا متفجرة. الرسالة واضحة: المرة الماضية حذرناكم قبل الهجوم، هذه المرة هناك تحذير سريع وهاجمنا المدن بدون إيذاء أحد، المرة القادمة سيكون هناك مدنيون كثيرون بين الضحايا، هجومنا غطى الكيان بكامله، ولستم بمأمن أينما كنتم.

5- إثبات الكفاءة، إصابة القوات الصهيونية المتمركزة في محور صلاح الدين بغزة بهذه الدقة أوضح دقة الصواريخ الإيرانية وقدرتها على إصابة أهدافها بكفاءة كبيرة، حتى لو في قلب غزة، أصيب الجنود الصهاينة ومركباتهم بينما حولهم لم يصب بأذى.

6- أحسب أن أهم ما حققته الضربة هو أنها أعلمت الكيان بصورة واضحة أنه ليس بمفرده في الساحة، وأن استقواءه على فلسطين ولبنان ليس في صالحه، وأن جرائمه في حق المدنيين سيكون عليه أن يتحمل تبعاتها. الكيان كما نرى جميعا لا يتمتع بأي مسؤولية أخلاقية عن أفعاله، لكن المسألة ليست أخلاقا فقط، فهناك الآن قوة أخرى كبيرة وقادرة على تسديد ضربات، مما يضع نظرية التفوق الصهيوني الكبير برمتها في مهب الريح.

عدم تقبل الكيان لحدوث رد الفعل الكبير هذا قد يدفعه للتصرف بحماقة، وهو أمر صار متكررا للأسف من الحكومة الحالية للكيان. وقد رأينا كيف رد الكيان بقتل مزيد من المدنيين في الضفة وغزة ولبنان
أما عن الخسائر المحتملة للعملية فيمكن اختصارها فيما يلي:

1- عدم تقبل الكيان لحدوث رد الفعل الكبير هذا قد يدفعه للتصرف بحماقة، وهو أمر صار متكررا للأسف من الحكومة الحالية للكيان. وقد رأينا كيف رد الكيان بقتل مزيد من المدنيين في الضفة وغزة ولبنان، وهذا قد يوضح أيضا توجهه لعمل عسكري أكبر ضد إيران.

2- زيادة الدعم الغربي للكيان، أعلن عدد من الدول تضامنهم مع الكيان الغاصب ضد "العدوان الإيراني"، ناسين أو متناسين أن الكيان هو البادئ بالعدوان، في موقف يشير لانعدام الموازين الأخلاقية لكثير من الحكومات الغربية.

3- ازدياد تخندق "الليكود العربي" حول الكيان، فخشية بعض الحكام من هزيمة الكيان أصبحت تدفعهم لمساندته بوضوح، وكلما زادت قوة إيران زاد هؤلاء اقترابا من الكيان وقيادته المتطرفة.

لقد أوضحت عملية "الوعد الصادق 2" واختيار توقيتها أنه لا زال بجعبة محور المقاومة الكثير من الأوراق، وأن استشهاد بعض القادة لا يعني نهاية المعركة كما تصور البعض، بل لا زال المسار طويلا ولا زال الصراع مستمرا، حتى القضاء على هذا الكيان الغاصب وعودة الحقوق لأصحابها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إيران الردع المقاومة إيران إسرائيل قصف المقاومة الردع مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الوعد الصادق حزب الله عدد من

إقرأ أيضاً:

بين التصعيد الأوكراني والصمت الروسي| هل اقترب شبح الحرب العالمية الثالثة؟ خبير يوضح السيناريوهات المحتملة

ما بين دخان الطائرات المسيّرة وأصوات الانفجارات القادمة من العمق الروسي، بدأت تتضح ملامح فصل جديد في الصراع بين أوكرانيا وروسيا. الضربة العسكرية الأخيرة التي نفذتها كييف داخل الأراضي الروسية لم تكن مجرد هجوم عابر، بل مثّلت تحوّلًا استراتيجيًا عميقًا، يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة، ويثير قلق العواصم الكبرى.

ضربة موجعة لقلب القوة الجوية الروسية

استهدفت أوكرانيا، في عملية نوعية وغير مسبوقة، خمس قواعد جوية روسية رئيسية، بعضها في سيبيريا، عبر استخدام 117 طائرة مسيّرة من نوع FPV، تم تهريبها داخل شاحنات بسقوف قابلة للسحب، وأُطلقت من داخل الأراضي الروسية نفسها. العملية أسفرت عن تدمير أو إعطاب أكثر من 40 قاذفة استراتيجية ونووية روسية، ما يعادل نحو 34% من أسطول روسيا الجوي بعيد المدى.

المتابعون يرون في هذا الهجوم ليس فقط ضربة عسكرية، بل فضيحة أمنية كبرى تكشف هشاشة الدفاعات الروسية، إذ تمكنت أوكرانيا من تنفيذ الهجوم من داخل الأراضي الروسية دون أن تُكتشف الطائرات المسيّرة حتى لحظة تنفيذ الهجوم.

خسائر اقتصادية ضخمة

الضربة لم تكن عسكرية فقط، بل كانت اقتصادية كذلك. التقديرات الأولية تشير إلى أن حجم الأضرار بلغ نحو 7 مليارات دولار، في وقت تشهد فيه روسيا ضغوطات اقتصادية هائلة بسبب العقوبات الغربية وتكاليف الحرب المستمرة.

تلك الخسارة تؤثر بشكل مباشر على قدرة روسيا على شنّ أو دعم عمليات جوية واسعة في أوكرانيا أو في أي ساحة أخرى، ما قد يعيد حسابات موسكو الاستراتيجية.

هل اقترب شبح الحرب العالمية الثالثة؟

الخبير الاستراتيجي اللواء نبيل السيد يرى أن التصعيد الأوكراني الأخير، رغم خطورته، لا يعني بالضرورة اقتراب نشوب حرب عالمية ثالثة.

وأكد في تصريحاته أن الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية الحالية لا تتيح مجالًا لمثل هذا السيناريو الكارثي، مشيرًا إلى أن الضربات الأخيرة تُعد تصعيدًا محسوبًا ومدروسًا.

وأضاف السيد أن أوكرانيا أصبحت أكثر جرأة في استهداف مناطق داخل العمق الروسي، مستعملةً طائرات بدون طيار وصواريخ دقيقة بعيدة المدى، ما يشير إلى تطور كبير في قدراتها الهجومية.

سباق التسلح النووي.. توازن الرعب مستمر

في خضم التصعيد العسكري، يبقى الملف النووي حاضرًا بقوة. أشار السيد إلى أن روسيا تمتلك أكبر ترسانة نووية في العالم، بعدد يصل إلى 5580 رأسًا نوويًا، تليها الولايات المتحدة بـ5044 رأسًا، ثم الصين بـ500 رأس. هذا التوازن المرعب يظل عامل ردع رئيسي يمنع انزلاق الأمور نحو حرب نووية، رغم التوترات المتصاعدة.

حذر دولي ومراقبة مستمرة

العملية الأوكرانية داخل العمق الروسي شكّلت ضربة موجعة وغير مسبوقة في سياق الصراع المستمر، لكنها في الوقت ذاته تطرح تساؤلات عديدة حول مستقبل الحرب وحدود التصعيد. وبينما يتجنب المجتمع الدولي الحديث عن حرب عالمية، فإن التحركات الأخيرة تستدعي مراقبة دقيقة، فكل خطوة خاطئة قد تؤدي إلى انفجار لا تحمد عقباه.

طباعة شارك روسيا أوكرانيا 7 مليارات دولار الحرب العالمية الثالثة الهجوم

مقالات مشابهة

  • السيطرة على حريق معرض تجاري بطريق «سمنود - المنصورة».. والخسائر بالملايين
  • القوات المسلحة تنفذ عملية عسكرية نوعية استهدفت مطار اللد في منطقة “يافا” المحتلة
  • بين التصعيد الأوكراني والصمت الروسي| هل اقترب شبح الحرب العالمية الثالثة؟ خبير يوضح السيناريوهات المحتملة
  • سفير مصر الأسبق في روسيا: التصعيد الأخير بين أوكرانيا وروسيا يهدف إلى تحقيق كل طرف لأكبر قدر من المكاسب
  • دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي حول الزلازل: ليست انتقامًا من الله
  • موعد مباراة ألمانيا ضد البرتغال في نصف نهائي دوري أمم أوروبا والقنوات الناقلة
  • 5 فوائد مدهشة للمخللات يجهلها كثيرون
  • هل الزلزال جند من جنود الله؟.. 10 أسرار لا يعرفها كثيرون
  • إيران تدرس الرد على رسالة أمريكية قبل جولة محادثات نووية مرتقبة
  • العميد سريع يكشف بعد قليل عن عملية نوعية في عمق الكيان