المخرج محمد عبدالعزيز: حاولت تطوير السينما الكوميدية لعلاج مشكلات المجتمع
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
قال المخرج محمد عبدالعزيز، إنه حاول على مدار مشواره الفني أن يطور السينما الكوميدية من خلال الخروج عن حدود الضحك والترفيه وتقديم موضوعات ذات مضمون أعمق، وأبعاد سياسية واجتماعية تمس الإنسان، وتسعى في الوقت ذاته إلى علاج المشكلات الاجتماعية، وبشكل تلقائي تخرج الكوميديا عبر المواقف دون سعي إليها، مثل أفلام المحفظة معايا، خللي بالك من عقلك، ليلة عسل.
وأشار عبدالعزيز ضمن فعاليات الدورة 40 من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، مساء أمس الأربعاء إلى أن مخرج الفيلم الكوميدي لا بد وأن يتمتع بروح الفكاهة وخفة الظل، إلى جانب دراسته الجيدة وإحساسه العالي بإيقاع الحوار وحركة الكاميرا.
وأضاف أن الكوميديا اختلفت كثيرًا عن السنوات السابقة، بسبب اختلاف هيكل الإنتاج وطرق التوزيع، حيث ظهرت المنصات، بعد أن كان الطريق الوحيد للعرض هو دور السينما، إلا أن العمل الفني الجيد يستطيع أن يثبت نفسه في أي وقت.
ولفت عبدالعزيز إلى أن صعوبة الكوميديا تكمن في أنها تخاطب العقل والوجدان بينما تعتمد التراجيديا على التأثير على المشاعر، والفنان المتميز يستطيع أن يتنقل بين الكوميديا والتراجيديا، بمرونة، موضحًا أنه قدم عدة أعمال تراجيديا، منها فيلم انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط، تأليف الكاتب وحيد حامد،و بطولة الفنان عادل إمام، بينما قدم الفنان محمود ياسين، فى فيلم كوميدى هو دقة قلب.
تفاصيل الدورة 40 من مهرجان الاسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط
تجدر الإشارة إلى أن الدورة 40 من مهرجان الاسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط انطلقت يوم الثلاثاء بحضور الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وأحمد خالد حسن محافظ الإسكندرية، وتستمر فعالياتها حتى السبت القادم، حيث تشهد تنافس 50 فيلمًا يتنوع بين الروائي، والتسجيلي، والقصير، من 15 دولة أجنبية هي أسبانيا، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، اليونان، كرواتيا، الجبل الأسود، سويسرا، كندا، بولندا، أمريكا، البرتغال، هولندا، كينيا، بلجيكا، و11 دولة عربية هي مصر، تونس، الجزائر، السعودية، سوريا، العراق، فلسطين، لبنان، المغرب، سلطنة عمان، الإمارات.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: المخرج محمد عبد العزيز الفجر الفني مهرجان الإسكندرية السينمائي
إقرأ أيضاً:
حادث بسيط ظفر بالسعفة الذهبية.. هكذا توهجت السينما الإيرانية في مهرجان كان
حققت السينما الإيرانية إنجازًا تاريخيًّا لافتًا خلال مهرجان كان السينمائي 2025، إذ نال فيلم "حادث بسيط" لجعفر بناهي السعفة الذهبية، وتسلّم المخرج البالغ 64 عاما جائزته التي قدمتها إليه رئيسة لجنة التحكيم جولييت بينوش.
السينما الإيرانية أكدت حضورها القوي على الساحة العالمية من خلال فوز "حادث بسيط" بالسعفة الذهبية، إلى جانب المشاركة اللافتة لفيلم "المرأة والطفل" للمخرج الشاب سعيد روستائي، الذي أثار جدلا واهتماما واسعا.
نجمان إيرانيان في سماء "كان"يعد إنجاز جعفر بناهي الثاني فقط للسينما الإيرانية بعد "طعم الكرز" لعباس كيارستمي سنة 1997، ويحكي فيلم "حادث بسيط" قصة رجل يُدعى إقبال، يصدم كلبا بسيارته في ليلة مظلمة أثناء قيادة زوجته الحامل، فتتوقف سيارته ويتعطل محركها. وحين يصل إقبال إلى ورشة ميكانيكية، يلاحظ صاحبها أن إقبال يشبه ضابط تعذيب تسبب في خراب حياته أثناء سجنه، فتبدأ سلسلة من الأحداث التي تأخذ طابعا نفسيا واجتماعيا عميقا، حيث ينضم الضحايا المتضررون من إقبال إلى مالك الورشة في رحلة صراع بين الانتقام والضمير.
"حادث بسيط" أُنتج سرًّا من دون تصاريح رسمية من السلطات الإيرانية، بما يعكس جرأة بناهي في معالجة موضوعات حساسة، مستخدما لغة سينمائية تعكس الواقع المؤلم بأسلوب فني متميز. عرض الفيلم في مهرجان كان لاقى استحسانا نقديا وجماهيريا واسعا، واعتبره كثيرون عملا سينمائيا متكاملا يجمع بين الحبكة الدرامية المتقنة والرسائل السياسية والاجتماعية العميقة.
وفي المهرجان نفسه، شارك سعيد روستائي بفيلمه "المرأة والطفل" الذي يروي قصة مهناز، وهي امرأة أرملة تعمل ممرضة وتحاول أن تبني حياة جديدة وسط تحديات اجتماعية وجندرية قاسية في إيران. يعكس الفيلم صراعات الطبقة العاملة والنساء اللواتي يعانين من نظام ذكوري قاس، إذ تتشابك حياة مهناز بين العمل، وتربية أطفالها، وصراعاتها مع الرجل الجذاب والمخادع حميد الذي يستغل وضعها الاجتماعي والنفسي. أداء بريناز إيزديار في دور مهناز لاقى إشادة كبيرة من النقاد الذين وصفوه بأنه قوي وعميق، قادر على نقل معاناة النساء الإيرانيات بطريقة مؤثرة وواقعية.
ويصف الناقد السينمائي البارز في صحيفة "غارديان" البريطانية بيتر بردشاو فيلم "المرأة والطفل" بأنه دراما مؤلمة وحادة تنقل تجربة النساء الإيرانيات في الزواج. يقدم الفيلم تصويرا دراميا حادا للتحديات التي تواجه النساء في إيران، ويستخدم التفاصيل اليومية البسيطة لتسليط الضوء على المشكلات الاجتماعية، مما يجعله أكثر من مجرد سرد شخصي، بل صورة تنطق بأصوات الطبقات الاجتماعية المتنوعة في المجتمع. ورغم جودة العمل الفنية، عانى سعيد روستائي من ضغوط السلطات، حيث حُكم عليه بالسجن بسبب عرض فيلمه السابق في مهرجان كان 2022، وذلك ما يضيف إلى الفيلم بعدا آخر.
إعلان جدلية القانون والطغيانفي مداخلة للجزيرة نت، يشير الناقد السينمائي الإيراني علي فرهمند إلى أن "المرأة والطفل" لاقى انتقادات شديدة من نقاد ناطقين بالفارسية. ويوضح أن معظم النقاد يعتقدون أن وجود فيلم يحمل تصاريح رسمية واستثمارا حكوميا يشكل نوعا من الإضفاء الشرعي على هياكل السلطة في الجمهورية الإسلامية، وخاصة الحجاب الإجباري، مضيفا أنه في حين أن هذا الرأي يتعارض مع مضمون أفلام روستائي التي غالبا ما تنتقد الهياكل الاجتماعية من داخل منظومة السلطة.
وبحسب فرهمند، فإن فيلم "المرأة والطفل"، مثل أفلام روستائي الثلاثة الطويلة السابقة، يتبع نهج الواقعية النقدية ويروي قصة حقيقية، حيث يركز العمل على حياة مهناز، الممرضة الأرملة التي تواجه تحديات اجتماعية وعائلية، ويقدم صورة عن التفاوتات بين الجنسين في المجتمع الإيراني.
يوضح الناقد أن روستائي يستخدم في هذا الفيلم السرد الدرامي العاطفي لفحص الهياكل الأبوية التي تضع النساء في مواقف صعبة. ويرى أن شخصية حميد، الذي يلعب دوره بيام معادي، تمثل رجلا رغم موقعه الاجتماعي الأدنى يمتلك السيطرة على مهناز بسبب البنى الاجتماعية، وهذه السيطرة تؤدي إلى قرارات ذات عواقب كارثية على عائلة مهناز. ومن خلال أسلوب واقعي وتركيز على تفاصيل الحياة اليومية، يقدم الفيلم صورة ملموسة عن تحديات النساء في المجتمع الإيراني، وفق رأي فرهمند.
في المقابل، يرى أن فيلم "حادث بسيط" من إخراج جعفر بنهابي الذي تم إنتاجه من دون تصريح رسمي وفاز بجائزة السعفة الذهبية في كان 2025، يعالج مواضيع العدالة والانتقام. ويضيف فرهمند أن الفيلم يحكي قصة رجل كان ضحية تعذيب في السجن ويسعى للانتقام من جلاده السابق، وينتقد هياكل السلطة والظلم في المجتمع، إذ يستخدم بناهي أسلوب الواقعية الجديدة وسردا معقدا يدعو المشاهدين للتفكير في الحدود الأخلاقية والعدالة.
يوضح الناقد أن التقابل بين هذين الفيلمين في مهرجان كان يعكس تنوع السينما الإيرانية وتعقيدها. فبينما تُنتج الأفلام الرسمية مثل "المرأة والطفل" وفقا للقوانين الرسمية وتتناول قضايا اجتماعية، تقدم الأفلام غير القانونية مثل "حادث بسيط" نقدا أكثر مباشرة لهياكل السلطة متجاهلة القيود، ومع ذلك قد يُعتبر استبعاد أو تقييد حضور الأفلام الرسمية في المهرجانات إجراء غير ديمقراطي، حسب رأيه.
إعلانويعتقد أنه يجب أن تكون السينما مساحة للتعبير عن وجهات نظر متنوعة، والسماح لأعمال مختلفة بأساليب ووجهات نظر متعددة بالعرض معا، حيث يقول إنه من خلال هذا التنوع فقط يمكن تقديم صورة أكثر اكتمالا وواقعية عن المجتمع، والوصول إلى فهم أعمق للقضايا الاجتماعية.
ويختم فرهمند حديثه باقتباس للمفكر الفرنسي بيير بورديو إذ يقول إن مجال الثقافة هو ساحة تتشكل من قوى مختلفة ذات رؤوس أموال رمزية متنوعة، ويجب الاعتراف بأن الثقافة الجماهيرية لا يجب أن تُرقى فحسب، بل يجب أن تقف جنبا إلى جنب مع ثقافة المقاومة لتمثيل الصراعات الاجتماعية.
القيود سر الإبداع؟السينما الإيرانية بدأت رحلة تميزها العالمي في التسعينيات مع المخرج عباس كيارستمي الذي حقق نقلة نوعية بفوزه بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 1997 عن فيلمه "طعم الكرز"، ليضع إيران على خريطة السينما العالمية بشكل لافت. تلاه جيل من المخرجين البارزين مثل محمد مخملباف المعروف بتصويره القضايا الاجتماعية والسياسية بجرأة، وأصغر فرهادي الذي أثبت قدرة السينما الإيرانية على الوصول إلى أرقى الجوائز العالمية، حيث فاز بالأوسكار عن فيلمه "انفصال نادر عن سيمين" (2011)، مقدما سردا إنسانيا عميقا يعكس الصراعات الشخصية والاجتماعية في إيران.
هذا الإرث الغني من الإبداع الفني استمر عبر سنوات من الرقابة التي تفرضها السلطات الإيرانية، إلا أن ذلك لم يمنع هؤلاء المبدعين من تقديم أعمال تنبض بالحياة، تعبّر عن هموم مجتمعاتهم وتسلط الضوء على القضايا الإنسانية والاجتماعية بأساليب فنية مبتكرة.
اليوم، يمثل جعفر بناهي وسعيد روستائي امتدادا طبيعيا لهذا التيار السينمائي الذي يستخدم الفن أداة طرح وتحقيق للحرية. فهما يثبتان أن السينما الإيرانية ليست مجرد فن، بل حركة ثقافية تعبر عن نبض الشعب الإيراني، وتواصل مسيرتها في مهرجان كان، منجزين إنجازات تُسجل في سجل السينما العالمية رغم الصعوبات الكبيرة.
إعلانتؤكد مشاركة هذين الفيلمين في مهرجان كان 2025 قدرة السينما الإيرانية على التمسك بصوتها، حيث استطاع بناهي وروستائي أن يقدما أعمالا فنية تعبر عن هموم المجتمع الإيراني بصدق وجرأة.