تحدث رئيس الوزراء القطري الأسبق حمد بن جاسم، السبت، عن إمكانية أن نشهد بداية النهاية للتصعيد الحالي في المنطقة، بشرط احترام ما أسماها بـ”الخطوط الحمراء” لكل من إسرائيل وإيران.

وقال حمد بن جاسم في منشوره عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس”: “لست أحاول هنا تحليل الوضع السياسي في المنطقة، ولكنني أظن أننا قد نشهد بداية لنهاية التصعيد الراهن، بشرط أن تحترم الخطوط الحمراء لكل من إسرائيل وإيران”.

وأضاف رئيس الوزراء القطري الأسبق: “فإيران خطها الأحمر الذي لن تسمح أو تتهاون تجاه تجاوزه هو منجزاتها النووية.

وإسرائيل في المقابل، تريد عودة الهدوء إلى جبهة الشمال مع لبنان، وضمان ألا يتكرر تعرضها لأي هجوم إيراني كالذي حدث مؤخرا، وما حدث في 7 أكتوبر”.

وأردف حمد بن جاسم قائلا: “وكذلك فإن الطرفين ينتظران نتيجة الانتخابات الأمريكية، لمعرفة من سيكون الرئيس القادم في البيت الأبيض. فنتنياهو يريد أن يعرف من سيجلس في المكتب البيضاوي، وما إذا كان سيعطيه ما أعطاه سلفه من وقت ومماطلة قبل الموافقة على وقف إطلاق النار”، بحسب تعبيره.

وأكد حمد بن جاسم: “المهم عندما تنتهي المعركة الحالية، هل ستكون لدى العرب عموما والفلسطينيين بالذات، والولايات المتحدة، استراتيجية للوصول إلى حل أو البدء بوضع حلول للقضية الفلسطينية تؤدي إلي حل الدولتين وانطلاق عملية سلام شامل؟”.

وأضاف: “مع أنى أشك في أن نتنياهو يريد سلاما عبر حل الدولتين، بل يريد استمرار الوضع الراهن تحت سيطرة حكومته وقواته، وهذا هو التحدي الأكبر.

ومع أننا نحن العرب نعترف بأننا عاجزون، عسكريا أولا، عن تغيير الوضع الراهن، فإنه لا بد لنا من أن نضع لأنفسنا استراتيجية لمعركة سلام طويلة واضحة المعالم، تعتمد على المعايير الدولية والقانونية وقرارات الشرعية الدولية.

وعلينا أن نعي أن هناك اليوم رأيا عاما دوليا وشعبيا يساند حصول الفلسطينيين على حقوقهم، وهو ما يجب علينا استغلاله بسرعة من أجل وضع أسس سلام عادل يؤمن للمنطقة الاستقرار، وينهي كل أسباب الإرهاب، ويحبط مخططات من لا يريدون الاستقرار في المنطقة. فنتنياهو يشعر اليوم بنشوة نصر ستتعاظم إذا استطاع أن يحقق في جبهة الشمال نوعا من التوغل في لبنان، وإذا استطاع أن يقتل في غزة من يسعى لقتلهم، خاصة يحيى السنوار، وبذلك ينتهي التوتر والإرهاب حسب زعمه”.

وأشار حمد بن جاسم في منشوره إلى أن “هذه كلها تحديات كبيرة أمام العرب تحتاج إلي تفكير عميق وهادئ، لكن ما أخشاه هو أن يعترينا الوهم حين تنتهي المعركة بأن الاستقرار عاد، فنغرق بعدها في سباتنا العميق كما كان يحدث في السابق، ونفوت على أنفسنا الفرصة لتحقيق الاستقرار، وإفشال مخططات من لا يريدون الاستقرار.

وربما تمر هذه الأزمة من دون أن يشتعل فتيل الفوضى وعدم الاستقرار في دولنا بسبب الشعور العام بالإحباط، وأسباب أخرى لا أريد أن أخوض فيها، لكن المستقبل قد يحمل لنا ذلك حين تتزايد الضغوط الشعبية، فتجبر الساسة وأصحاب القرار على اتخاذ قرارات صعبة. ولذلك على العرب أن يبدؤوا من الآن من أجل بلوغ السلام”.

وأكد رئيس الوزراء القطري الأسبق أنه “كما يعرف الجميع، فعند غزو العراق للكويت كان هناك موقف عربي ودولي موحد تقريبا لإحلال السلام وتحقق تقدم جيد، وهذا ما يجب أن يحصل الآن. وإن لم يحصل وتم تجاوز الخطوط الحمراء التي أشرنا إليها، فإننا سنرى توترا وحرب استنزاف طويلة الأمد في المنطقة، لأنه قد لا يبق لإيران ما تخسره، وستستغل ذلك الجهات التي تريد استمرار التوتر، وكما قال المثل العربي: (من أمن العقوبة أساء الأدب) وهذا ينطبق على بنيامين نتنياهو أولا”، حسب قوله.

لست أحاول هنا تحليل الوضع السياسي في المنطقة، ولكنني اظن أننا قد نشهد بداية لنهاية التصعيد الراهن بشرط أن تحترم الخطوط الحمراء لكل من إسرائيل وإيران. فإيران خطها الأحمر الذي لن تسمح او تتهاون تجاه تجاوزه هو منجزاتها النووية. وإسرائيل في المقابل تريد عودة الهدوء إلى جبهة الشمال مع…

— حمد بن جاسم بن جبر (@hamadjjalthani) October 5, 2024

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: اسرائيل ايران حمد بن جاسم الخطوط الحمراء حمد بن جاسم فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

سباق المسافات الطويلة: الشوط الثاني

يذكر المغرمون بالأدب رواية "سباق المسافات الطويلة" لعبد الرحمن منيف حين وصف روائيا بعقل العلوم السياسية خروج منطقة الشرق الأوسط من تحت النفوذ الإنجليزي إلى النفوذ الأمريكي، حيث حل استعمار غير مباشر محل الاستعمار المباشر دون أن تتحرر المنطقة. نرى هذه الأيام أن سباق المسافات يدخل شوطا ثانيا يفتح على مستقبل جديد للمنطقة تتوزع فيه المقاعد والنفوذ على شكل يناقض ما وصلت إليه سباقات المسافات الأولى، فكأن المنطقة تعود إلى نقطة الانطلاق لتصعد ربوة تاريخها بنفس جديد.

ستؤرَخ المنطقة بزيارة ترامب إلى الخليج ربيع 2025، وسيبنى على الزيارة ما لم يُبن على غيرها من زيارات المسؤولين الأمريكيين للمنطقة، وقد تصنع بها بداية جديدة نتوقع بعضها ولا يمكننا الجزم بخلاصات سريعة. فالتحليل واقع حتى الآن تحت تأثير الصور الجميلة والرغبات الطيبة في التغيير، ولا يجب أن يغفل أي تحليل عقلاني أن الكيان الصهيوني لا يزال إسفينا مغروسا في قلب المنطقة لم يفقد دوره وإن توفرت بشارات طوفانية.

يجري كسر الصور النمطية للعرب

العرب الذين استقبلوا ترامب في 2025 مختلفون عن عرب الثورة العربية الكبرى. لقد بنى إنجليز لورانس العرب صورة عن العرب ونمطوها فصارت صورة وحيدة لهم؛ "قوم أغبياء في الأصل طيبون أحيانا"، وفي الحالتين هم قوم يمكن الاحتيال عليهم والضحك على لحاهم واستعمالهم في معارك ليست لهم.

قوة الصناديق الاستثمارية حولت مركز الثقل العربي من مصر والشام (البعثي) إلى منطقة الخليج، فأنهت أثر الخطاب القومي الناصري والبعثي وهي تؤسس لرؤية جديدة لموقع العرب في العالم. هي رؤية العربي التاجر والمستثمر في سوق عالمية منزوعة السلاح ومنزوعة الأيديولوجيا. يبدو ترامب هنا هو التاجر الذي يأتي لعقد الصفقات ويهدئ السوق لتنجح التجارة، وهذه قيادة مختلفة عن ترامب الأول وعن جورج بوش وأسلافهما
لقد ترسخت صورة نمطية عن عربي سمين وغبي يملك المال و"يبعزقه" في اللهو والمجون ولا يبني به تنمية ولا حضارة، ورث الأمريكي القادم إلى المنطقة منتصرا في حرب كونية الصورة واستعملها بإتقان. والجميع يتذكر جورج بوش يدخل المنطقة غازيا ويقول "العرب يملكون ثروة لا يستحقونها فهي لنا"، وقد وجد من العرب من ناصره على عرب آخرين وبخطاب قومي، ومارس ترامب الأول سلوكا مشابها لبوش.

ترامب الثاني تكلم بحديث مختلف مع عرب أظهروا له وجه الشريك الند أكثر من وجه التابع الذليل، فوضعوا حديث الشراكات الاقتصادية والسياسية على الطاولة. وبدا الرجل مجاملا ومتفهما لطموحات القيادات الجديدة، وقد يكون فعلا متعاونا في بناء علاقات ندية أساسها الاحترام. طبعا علينا انتظار زمن طويل لفرز الصدق من النفاق، فقد كان خطاب لورنس العرب جميلا أيضا قبل انكشاف سايكس بيكو الكارثية. ما الذي تغير في المنطقة ليتغير ترامب وسياسات الكاوبوي الأمريكي ويفسح لتاجر الصفقات المحترف؟ ولا نخال ترامب إلا وقع تحت تأثير الإبهار الحضري فنسي صورة الخيمة والجمل والعربي الحافي القدمين.

تغيرات كبيرة جاءت متأنية

الصورة النمطية التي صنعها الإنجليز والفرنسيون عن "عرب النفط" ورثته أيضا مصر الناصرية وبقية الأنظمة القومية في الشام والعراق وعاش به القذافي، وعاملت عرب الخليج كما عاملهم الأمريكي؛ "أكداس من الرز" موضوعة بغير أيدي مستحقيها. فمصر أم الدنيا جملة خرجت من إذاعة صوت العرب وظلت فعّالة إلى انقلاب السيسي الذي كرّس لفظ الرز الخليجي.

مشاهد التنمية الاقتصادية في بلدان الخليج كشفت تحول هذه البلدان إلى مجالات استثمار مغرية لرئيس الشركات الأمريكية المتحدة، والصناديق الاستثمارية الخليجية (السعودية والكويت وقطر والإمارات) صارت فاعلا قويا في اقتصادات العالم يحتاج اقتصاد أمريكا والعالم الراكد إلى مراودتها وبسط الزرابي الحمراء لها. ولأن الطاقة الأحفورية لم تفقد قيمتها أمام الطاقات النظيفة البديلة بعد، فإن أمام هذه الصناديق مستقبل مفتوح.

كانت جملة نفط العرب للعرب تخفى خطابا قوميا عربيا يضع عينه على أموال الخليج ليستثمرها في غير موضعها باسم تحرير فلسطين (معركة العرب جميعهم)، لكن أصحابها وضعوها الآن في مكانها متجاوزين الدعاية القومية التي تبنت بعلم أو بدونه خطاب الاحتقار الاستعماري لبدو الخليج. لقد تحرر عرب النفط من عقد الناصرية والبعث التي طعنت في عروبتهم.

قوة الصناديق الاستثمارية حولت مركز الثقل العربي من مصر والشام (البعثي) إلى منطقة الخليج، فأنهت أثر الخطاب القومي الناصري والبعثي وهي تؤسس لرؤية جديدة لموقع العرب في العالم. هي رؤية العربي التاجر والمستثمر في سوق عالمية منزوعة السلاح ومنزوعة الأيديولوجيا. يبدو ترامب هنا هو التاجر الذي يأتي لعقد الصفقات ويهدئ السوق لتنجح التجارة، وهذه قيادة مختلفة عن ترامب الأول وعن جورج بوش وأسلافهما.

كما يبدو العربي الغني هنا هو الشريك الذي يعالج بالصفقة ما لا يعالج بالثورجية القومية، خصوصا وأن الثورجية القومية أسفرت عن جرائم في حق العربي ولم تحرر شبرا من فلسطين الذريعة. وهذه بوابة تستدعي سوريا ما بعد البعث الثورجي إلى السوق الجديدة، ويبدو أن الشامي التاجر بالسليقة قد استيقظ من نومته القومية.

زيارة الصفقات مرت فوق مصر وريثة الناصرية التي تحسب أكداس الرز الخليجي مقابل تلويح بحماية عسكرية (جيش مصر يحمي الخليج) ونراها تخرجها من كل دور وتعيدها إلى موقعها الثانوي، فحصارها لغزة الذي قدمته كعربون ولاء لم يجدها لتكون محطة تتلقى الشكر والدعم. ويمكننا بناء التوقع التالي بشيء من يقين: إن توسل الشرعية السياسية بخدمة الكيان لم تعد مجدية للنظام المصري ولغيره، وهذا مؤشر على نهاية هذا الدور ومؤشر أكبر على أن المخدوم وأعني الكيان لم يعد مفيدا أو يفقد موقعه. هنا نتحسس تغييرا كبيرا في إعادة هندسة المنطقة بإعادة ترتيب الشركاء على قاعدة جديدة.

التطبيع لا يزال فوق الرؤوس

الاختبار الحقيقي لقوة عرب الصفقات الجدد هو فلسطين، فالسلام في المنطقة مؤجل حتى التحرير، سواء قيل ذلك علنا أو أخفي في ثنايا حديث الصفقات.

عندما يقول ترامب إن السعودية يمكنها أن تطبع متى شاءت فهذا يعني النأي عن حديث صفقة القرن لترامب الأول وفتح باب لعلاقات لا تمر بالكيان، كما أننا نلتقط مؤشرا ذا دلالة وهو إلقاء نعت الإرهاب بعيدا عنهم ورميه على إيران. لقد انتهى الوصم
وسواء عندنا تسليم عرب الصفقات بنتيجة حرب الطوفان أو إنكارها فإننا نبني على أن حرب غزة خلخلت المنطقة وفرضت إعادة ترتيب أوضاعها دون الكيان. الثمن المدفوع في غزة كان عظيما وقد فرض إعادة النظر في موقع الكيان ودوره. هذا الكيان قابل للهزيمة وأسطورة منَعَته الأبدية تهشمت.

هناك احتمال على طاولة الاقتصاد العالمي؛ تأمين مصادر الطاقة وحركة الصناديق الاستثمارية وممرات التجارة العالمية يمر بالحديث الندّي مع أصحابها دون حفظ عروشهم بخدمة الكيان. فعندما يقول ترامب إن السعودية يمكنها أن تطبع متى شاءت فهذا يعني النأي عن حديث صفقة القرن لترامب الأول وفتح باب لعلاقات لا تمر بالكيان، كما أننا نلتقط مؤشرا ذا دلالة وهو إلقاء نعت الإرهاب بعيدا عنهم ورميه على إيران. لقد انتهى الوصم.

نتوقع أن نقاشات كثيرة ستتجه الآن في منابر خليجية إلى النظر في ما يلي: شرعية الأنظمة في المنطقة يمكن بناؤها ليس على خدمة الكيان بل على قدراتها المالية أولا، والتي كانت مركونة بفعل الكيان نفسه.

هل بدأ المسار الذي يؤدي إلى ترك الكيان يموت بأزماته الداخلية التي زرعها فيه الطوفان؟ غير مهم أن يعترف من خذل غزة بأثر الطوفان، فهو يستفيد الآن من نتائجه وإن أدانه. نظن أن مخابر السياسة عند ترامب أعلم بأثر الطوفان في التاريخ، وما التحول إلى الصفقات إلا يأسا من تحصيل غنيمة بحرب انتصر فيها الفلسطيني رغم فارق القوة. فأول من يدرك أن حماس كانت تحارب الترسانة الأمريكية والغربية هو ترامب.

لكن لنحذر الأماني التي تتحول إلى يقين رغبوي. الكيان لا يزال في مكانه واللوبي الصهيوني لا يزال يملك أوراق قوته التي خلقت الكيان ودعمته، والانتقال من صورة الشرق تحت هيمنة الكيان إلى صورته دون الكيان ليست نقلة بيادق على رقعة إنها كش مات.

ننبه لأمر كامن وسيطل برأسه في زمن قريب يتجاوز عقل الصفقات؛ إن الشعوب إذا شبعت واطمأنت وانتهى خداعها بفلسطين ستطلب الحرية والديمقراطية، وحينها ستكون الجولة الثانية من الربيع العربي.

مقالات مشابهة

  • الأرصاد اليمني يحذر من مخاطر التعرض لأشعة الشمس ويوصي بتوخي الحذر خلال الأمطار
  • أبو الغيط: الأمن العربي مهدد وإسرائيل تدفع المنطقة نحو دائرة النار
  • الشيخ حمد بن جاسم يبرز موقفين لترامب في السعودية وقطر
  • مجلس الأمن يعقد جلسة مغلقة بطلب غربي لبحث توترات الوضع في طرابلس وإطلاق آلية لتثبيت الهدنة
  • التطورات السياسية في المنطقة في المنطقه وبيئه الاستثمار
  • سباق المسافات الطويلة: الشوط الثاني
  • عقيلة يشكل لجنة برلمانية لمتابعة تطورات الوضع بطرابلس
  • نائب وزير الخارجية يحذر الشباب من مخاطر الهجرة غير الشرعية
  • مش هتلاقي الدولار واليورو في الشارع.. نائب وزير الخارجية يحذر الشباب من مخاطر الهجرة غير الشرعية
  • حاجة الأمة للخروج من واقعها الراهن وتحدياته