موطن الحكمة.. وفلسطين التي كشفت القناع
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
د. محمد بن خلفان العاصمي
المُتابع للقضية الفلسطينية عبر تاريخها المقارب لثمانين عامًا، وخاصة التحولات التي شهدتها خلال السنوات الخمسة والثلاثين الماضية، يُدرك أن زوال هذا الكيان الغاصب المغروس في قلب الامة العربية بات وشيكًا، حتى الصهاينة أنفسهم يدركون هذه الحقيقة ويعيشون هواجسها بشكل يومي، رغم قوتهم وتمكنهم وغطرستهم وتقدمهم التكنولوجي وتفوقهم العسكري والاقتصادي، بينما الأمة العربية والإسلامية تعيش حالة شتات وخلاف مذهبي وطائفي وعرقي وسياسي.
الصهيوني يرى أن زوال دولته حاصلٌ في أي لحظة من مراحل التاريخ، وأنه في أي وقت قد تنعكس موازين القوى، خاصةً مع تنامي رقعة الصراع ودخول المنطقة في مرحلة من الفوضى السياسية وتعددية القوى وتشكل التحالفات من جديد، مع صعود الوعي العالمي بمدى بربرية المحتل ووحشيته، علاوة على تزايد عدد المؤيدين للقضية الفلسطينية حول العالم، لا سيما من الشعوب الغربية، التي اكتشفت الخديعة الكبرى، واتضحت لها سياسات حكوماتها العنصرية تجاه هذه القضية، وباتت أكثر شراسة في رفضها لهذا المغتصب العنصري، حتى من الدول العربية والإسلامية التي يعيش بعض شعوبها حالة من الغيبوبة الفكرية.
خلال الأسبوعين الماضيين، عاثت آلة القتل الصهيونية فسادًا في لبنان واغتالت عددًا من قيادات "حزب الله" وعلى رأسهم السيد حسن نصرالله الأمين العام للحزب، ومن قبله السيد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. هذا التوجه الذي نهجه المحتل يهدف إلى ضرب حركات المقاومة معنويًا من خلال التخلص من قياداتها، في تصورٍ منه أن ذلك يُضعف هذه الحركات، ويتناسى المحتل أن هذه السياسة ذاتها هي التي أوقدت جذوة المقاومة، وربما اغتيال الشهيد الشيخ أحمد ياسين خيرُ دليل على ذلك. هذا التوجه في حد ذاته يُبيِّن مدى التخبُّط الذي يعيشه المحتل والخوف الذي ينتابه من فكرة الزوال والنهاية التي يعيشها كل يوم!
من الطبيعي أن يفرح اليهودي الصهيوني وحتى الغربي والكارهين للعرب والمسلمين منهم، وهم يشاهدون الدمار الذي يُحدثه المحتل الغاشم، وأعداد الضحايا من الأبرياء وقيادات المقاومة التي تسعى لتحرير فلسطين المحتلة، لكن أن تفرح شرذمة قليلة العرب والمسلمين بنصر عدوهم، فهذا أمر غير منطقي وغير مقبول، وهو ما يُثبت نجاح النظرية الصهيونية التي قامت على أن بقاء إسرائيل يمر عبر تقسيم المنطقة إلى جماعات إثنية وطائفية وعرقية، حتى يظل الصراع الداخلي بينهم؛ بعيدًا عن عدوهم الأساسي. وقد ذكر كثير من المفكرين المتخصصين في هذا المجال هذه النظرية التي يغذيها الغرب بشكل مستمر، والشواهد كثيرة حتى ظهر لدينا "المُتصهْيِنيون" الذين أظهروا مواقف وتصرفات، أشد كرهًا للعرب والمسلمين من اليهود أنفسهم!
لقد تجاوزت هذه الفئة كل المبادئ الإنسانية والأخلاقية في تعاطيها مع المقاومة الفلسطينية والداعمين لها، ومدَّت يدها للصهاينة، في مشهد أكثر تقاربًا من التطبيع ذاته، وخرجت جموعهم تحتفل مع كل ضربة يوجهها العدو لإسقاط المقاومة. ومن المؤسف أن بعض من أفراد الأُمَّة لا يفرقون بين العدو والصديق، وبين ما يأمرنا به الدين وما ينهانا عنه، وكل ذلك من جراء الطائفية والانتماءات السياسية التي بُليت بها الأُمَّة، وما أفرزه مشروع التقسيم الصهيوني الغربي من جيل يعاني عدد من أفراده من التغييب والتدمير الأخلاقي والفكري، وأصبحنا نجد من يفرح لموت مسلم على يد محتل غاصب.
وسط هذه الفوضى الفكرية المُلوَّثة، تبرز سلطنة عُمان وأبناؤها بمواقفهم التاريخية الثابتة من قضية فلسطين العادلة، وفي حقيقة الأمر هذا الموقف يمثل لي- كعُماني- مصدر فخر ما بعده فخر، وأعيش حالة من الشعور بالقوة الداخلية والرضا التام، عندما أشاهد هذا الثبات من حكومتنا الرشيدة ومن علمائنا الأجلاء وعلى رأسهم سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة- أمد الله في عمره- تجاه قضية فلسطين، ومن خلفهم أبناء عُمان الأوفياء، الذين ضربوا أروع الأمثلة في دعم هذه القضية، نابذين كل عوامل التفرقة التي تفتك بالشعوب الأخرى، ومبتعدين عن مُسببات الشقاق والتشرذم الذي وقع فيه الآخرون.
لقد ظلّت تصريحات سلطنة عُمان وتوجهاتها السياسية نحو القضية الفلسطينية ثابتة على مر تاريخ هذه القضية، وانتهجت سلطنة عُمان نهجًا ثابتًا داعمًا للأشقاء لم يتغير، رافضةً للتطبيع والتعاطي مع المحتل، مطالبةً المجتمع الدولي بأن يقوم بواجبه لإجبار هذا المحتل على تطبيق قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، وخاصة فيما يتعلق بحل الدولتين على حدود 1967، ووقف دوامة العنف، الذي يجر المنطقة والعالم نحو حرب شاملة مُدمِّرة، وعلى الدول الداعمة لهذا الكيان المحتل أن تتوقف عن تقديم الدعم الذي يُكرِّس الظلم، ويؤسِّس لصراع طويل وواسع قد يصل لمصالح هذه الدول وشعوبها، وعلى الجميع أن يُجنِّب العالم أجمع كارثةً باتتْ وشيكة أكثر من أي وقت مضى.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«بيت الحكمة» يطلق 3 مخيمات صيفية تراثية مبتكرة
الشارقة (الاتحاد)
ضمن جهوده الرامية إلى إثراء العطلة الصيفية للأطفال واليافعين والشباب ببرامج تعليمية وترفيهية هادفة، يستعد بيت الحكمة في إمارة الشارقة لإطلاق مخيمه الصيفي في حلّة جديدة تجمع بين المتعة والمعرفة خلال شهري يوليو وأغسطس، بعد النجاح اللافت والإقبال الاستثنائي الذي حققته فعاليات العام الماضي، وذلك من خلال ثلاث نسخ تفاعلية تستهدف تنمية مهارات المشاركين في مجالات متعددة مثل التكنولوجيا، الفنون، والتفكير الإبداعي، ضمن بيئة محفزة على الاكتشاف والابتكار.
تركز النسخ الثلاث من المخيم على فئة الأطفال واليافعين والشباب عبر برامج وأنشطة متنوعة تتضمن القصص التفاعلية، والتجارب التطبيقية، وأنشطة الفنون والحرف اليدوية، والألعاب المعرفية التي تمزج بين التعلم والتسلية بأسلوب ملهم ومشوق.
بيئة تفاعلية
وأعربت مروة العقروبي، المديرة التنفيذية لـ«بيت الحكمة»، عن سعادتها بتنظيم هذا المخيم الصيفي السنوي للأطفال واليافعين، مؤكدة على أن هذه المبادرة أصبحت من ركائز برامج بيت الحكمة، وقالت «لا شك أن تراثنا العربي زاخر بالحكايات والرموز الثقافية التي لا يزال تأثيرها حاضراً وعابراً للأجيال، وتقديمها اليوم بأساليب العصر وتقنياته يمنح الأجيال الجديدة فرصة للتعرف على تاريخنا الأدبي بلغة يفهمها ويعيشها».وأضافت: في ظل العزلة التي تفرضها الشاشات على أبنائنا، نحرص على توفير بيئة واقعية تعيد لهم التواصل المباشر مع محيطهم، وتمنحهم فرصة لتجربة الحياة بكل تفاصيلها، وتشكل هذه المخيمات مساحة تفاعلية تنمي مهاراتهم، وتغرس فيهم قيم التعاون والمبادرة، وتسهم في بناء جيل قادر على الموازنة بين المعرفة والمتعة، وبين الأصالة والمعاصرة».
حكايات تراثية
ينطلق المخيم الأول تحت عنوان «كَلِيلَة ودِمْنَة» خلال الفترة من 7 إلى 31 يوليو، ويستهدف الأطفال من عمر 6 إلى 12 عاماً، مستلهماً أنشطته من الحكايات الخالدة التي ترجمها عبدالله بن المقفع إلى العربية، ويقدم المخيم هذه القصص التراثية بأسلوب عصري، من خلال عروض مسرحية مشوقة مثل «الأسد والثور» و«محاكمة دِمْنَة»، وعروض ظل مستوحاة من «القرد والسلحفاة» و«التاجر والببغاء» وغيرها، إلى جانب فقرات موسيقية وعروض للدُمى اليدوية.
سرد قصصي
وينطلق المخيم الثاني خلال الفترة نفسها تحت عنوان «مخبر الجزري»، مستهدفاً الأطفال واليافعين من عمر 6 إلى 15 عاماً، ضمن تجربة تعليمية تفاعلية تجمع بين التكنولوجيا والسرد القصصي، من خلال ورش مصمّمة لتنمية التفكير المنهجي والمهارات التطبيقية، مثل ورشة «سرد القصص بالذكاء الاصطناعي»، التي تتيح للمشاركين إعادة تخيّل حكايات «كَلِيلَة ودِمْنَة» باستخدام أدوات رقمية حديثة، وورشة «التفكير التصميمي والابتكار باستخدام نهج STEAM»، التي تربط القيم الأخلاقية بالمفاهيم العلمية والفنية.
كما يتضمن المخيم ورشة بعنوان «البرمجة السريعة باستخدام آردوينو»، تقدم تدريباً تطبيقياً على البرمجة والإلكترونيات، إلى جانب ورشة «حكايات المبدعين»، التي تدمج السرد القصصي بتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد وقواطع الليزر، ليصمّم المشاركون «صندوق حكاية» يعكس رؤيتهم الإبداعية المستوحاة من القصص.
تنمية المهارات
أما المخيم الثالث فهو «مخيم الشباب»، الذي يستهدف الفئة العمرية من 12 عاماً فما فوق، من خلال برنامج متكامل يجمع بين الفنون والابتكار والمهارات الحياتية، ضمن بيئة تعليمية تهدف إلى تحفيز الإبداع، وتمكين المشاركين من استكشاف قدراتهم وتطوير ذواتهم بأساليب عملية معاصرة.
ويتضمن برنامج هذا المخيم باقة من الورش التخصصية المصممة بعناية، من أبرزها ورشة «فن القلم» التي تسلط الضوء على أسس الخط العربي التقليدي والحديث، وورشة «أطلق الكاريزما بداخلك» التي تركز على تنمية مهارات التأثير والتواصل، بالإضافة إلى ورشة «أعد ترتيب أفكارك.. وانطلق نحو الإنجاز» التي تهدف إلى تعزيز التركيز وإدارة الذهن.
تنمية الحس الإبداعي
ويشمل المخيم كذلك ورشاً إبداعية في فنون إعداد المخبوزات، و«استوديو الذكاء الاصطناعي»، الذي يمنح المشاركين فرصة لخوض تجارب رقمية حديثة، إلى جانب ورش فنية وتعبيرية تسهم في تنمية الحس الإبداعي والمهارات الحرفية.ويمكن التسجيل في أي من المخيمات الثلاثة من خلال زيارة الحسابات الرسمية لبيت الحكمة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تتوفر تفاصيل شاملة عن البرامج والورش المصممة لكل فئة عمرية وطريقة التسجيل، علماً بأن بيت الحكمة يوفر خيارات تسجيل مرنة تلبي مختلف الاحتياجات، سواء على أساس يومي أو أسبوعي، إلى جانب خصومات حصرية لأعضاء بيت الحكمة.