18 عاما بعد النزوح.. أم جنوبية تعود للملجأ نفسه برفقة ابنها
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
صيدا- "تنذكر وما تنعاد" تلك المقولة التي طالما رددتها الحاجة أمل عقيقة غرابي، النازحة من بلدة شقرا في قضاء صور إلى أحد مراكز الإيواء في صيدا – ثانوية الإصلاح الرسمية المختلطة، تشبه المفتاح الذي يفتح باب الألم والذكريات.
هذا المركز الذي كان ملاذها في عدوان يوليو/تموز 2006، عاد ليجمعها من جديد في مواجهة كابوس مزدوج: ذكريات حرب مضت، ومخاوف من حرب جديدة تحمل في طياتها مستقبلا مجهولا، لكن روحها ما زالت تتعلق بأمل العودة، كما فعلت كل مرة.
بعد 18 عاما من آخر رحلة نزوح، تجد الحاجة أم علي نفسها تسلك المسار ذاته، لكن المفارقة أن علي، الطفل الذي حملته في بطنها آنذاك، وقد وُلد في ظروف قاسية، أصبح اليوم شابا، ويرافقها في رحلة نزوح جديدة إلى المكان نفسه الذي شهد مولده.
التاريخ يعيد نفسهتتحدث الحاجة أم علي للجزيرة نت بعينين غارقتين في الذكريات: "ما أشبه الأمس باليوم، وكأن التاريخ يكرر نفسه أمامنا، كنت دائما أقول عندما أزور صيدا وأمر قرب المدرسة: تنذكر وما تنعاد. لكن اليوم، عادت إسرائيل بحرب جديدة على الجنوب، قتلت المدنيين، أجبرتنا على النزوح، ودمرت بيوتنا وأحرقت أشجارنا".
وتضيف، بينما تجلس على مقعد دراسي خشبي وتسترجع مشهدا يتكرر بمرارة، "في عام 2006، كنت حاملا بعلي. تركنا شقرا في بيك آب (سيارة نقل) وانتقلنا إلى صيدا، وكانت الطريق محفوفة بالمخاطر، الطائرات تحلق فوق رؤوسنا. واليوم، نزحنا من جديد تحت القصف إلى المركز نفسه، التعب والصعوبات لا تُحصى، لكن بالصبر اجتزناها، كما فعلنا سابقا".
تتابع بتنهيدة: "لا أنسى تلك الأيام أبدا، كنت متعبة وقريبة من الولادة، بعد 7 أيام في المركز، أنجبت علي، لكن الأزمة كانت أقسى مما تصورت، والتهاب الجرح أجبرني على العودة للمستشفى مرة أخرى".
العودة مع كل تهجيرورغم قساوة الظروف، تتذكر أم علي كيف احتفل النازحون بولادة علي، ووزعوا الحلوى والمغلي، كأنهم يتحدون الحرب بالفرح، وتقول بابتسامة: "اليوم، علي أصبح شابا في الـ18، وما زلنا نكرر الرحلة نفسها، عدنا إلى التاريخ نفسه، لكنني واثقة أننا سنعود إلى بلدتنا كما عدنا في الماضي. دائما كان الصبر رفيقنا، واليقين بالعودة لا يفارقنا".
وتتابع بحزم: "مع كل نزوح، كنا واثقين من أننا سنعود. بفضل تضحيات الشهداء والمقاومين، سنعود إلى أرضنا الغالية. صبرنا هو مفتاح الفرج، وهذه الأرض التي ارتوت بدمائهم ستبقى لنا."
لا تزال أم علي تُصر على أن الجنوبيين، رغم كل التحديات، لن يتخلوا عن أرضهم، وتؤكد: "شعب الجنوب اعتاد تقديم التضحيات، ونحن لن نتردد في تكرار ذلك اليوم. شبابنا مثل الورود، يقدمون أرواحهم فداء للأرض والكرامة، منذ 2006 حتى اليوم، ما زلنا ثابتين على عزيمتنا، وسنعود إلى أرضنا بفضل صبرنا وصمودنا".
وتختتم كلماتها بقولها: "لن نتخلى عن أرضنا، وسنعود مكللين بكرامة الشهداء والمقاومة التي تحمينا. هذه الأرض التي ارتوت بدماء أحبائنا، لن نتركها أبدا. وسنعود دائما منتصرين".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
دينا فؤاد عن مشهد وفاة ابنها في حكيم باشا: كنت منهارة
قالت الفنانة دينا فؤاد، إنّ أحد أقسى المشاهد التي قدّمتها في مسيرتها كان مشهد وفاة ابنها ضمن أحداث مسلسل حكيم باشا، مؤكدة أن المشهد استنزف منها طاقة نفسية كبيرة، لأنه تفاعل مع ظروف إنسانية مرّت بها في الواقع، ما جعل الأداء يخرج من أعماقها بلا تمثيل.
وأضافت فؤاد، في حوارها مع المحامي الدولي والإعلامي خالد أبو بكر، والإعلامية راغدة شلهوب، ببرنامج "آخر النهار"، عبر قناة "النهار"، أن المخرج أحمد خالد أمين لعب دورًا مهمًا في توجيهها خلال تصوير العمل، وخصّت بالذكر مشهد الانهيار بعد وفاة الابن: "أنا فعلاً انفجرت في المشهد ده، استحضرت موقف إنساني حصل لي في الحقيقة، واللي شافني حس إنها مش مجرد تمثيل".
وتابعت: "دخلت الكرفان وقعدت ساعتين قبل المشهد ده، كنت منهارة، وكنت مش مصدقة اللي بيحصل... حسيت إني وصلت لحالة نفسية اسمها لوسة فكرية، وده ظهر أكتر في مشهد المطبخ كمان، اللي انفعلت فيه بشكل غير عادي".
ووصفت دينا اللحظة التي أدت فيها مشهد محاولة الانتحار قائلة: "قلت في المشهد: ابني مات وعايزة أدفن معاه، وكنت عايشة ده بكل خلية في جسمي".
وأكدت دينا أنها دخلت تصوير المسلسل وهي في حالة نفسية غير مستقرة، والمفارقة أن العمل نفسه زاد من هذا الثقل النفسي، قائلة: "المفروض إن الشغل يخرجك من المود، بس حكيم باشا دخلني فيه أكتر، لأن الدراما كانت تقيلة أوي".
وختمت حديثها قائلة: "أنا تعبت جدًا... ومش مجرد كلام نقال، ده كان حقيقي بكل ما تحمله الكلمة".