نتنياهو يستعيد تصريحات نصر الله عن «بيت العنكبوت».. ومخاوف إسرائيلية من التورط في حرب غير محسوبة بلبنان
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
رغم اغتيال حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله ودفن جثمانه، إلا أن عباراته لا تزال حية في أذهان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، التي يرددها في أغلب لقاءاته واجتماعاته ومؤتمراته الصحفية، آخرها كان في حفل استقبال مع سفير الاحتلال لدى الأمم المتحدة والقنصل العام في نيويورك.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية، مقطع فيديو لرئيس وزراء الاحتلال وهو يردد أشهر عبارات حسن نصرالله في هذا الحفل، وبعد تنفيذ غارات كثيفة على الضاحية الجنوبية يوم الجمعة الموافق 27 سبتمبر 2024، لاغتيال أمين عام حزب الله.
وقال نتنياهو في هذا اللقاء: «إن حزب الله يتعامل مع إسرائيل كما لو كانت دولة ضعيفة قابلة للكسر، لأنهم ظنوا أننا أوهى من بيت العنكبوت هكذا كان أحدهم يقول»، في إشارة منه إلى حسن نصرالله الأمين العام للمقامة الإسلامية اللبنانية حزب الله.
وأضاف: «لا توجد خيوط عنكبوت، بل هناك أوتار من الفولاذ أوتار من الإرادة والقوة، نريد أن نضمن خلود إسرائيل ونحن ملتزمون بذلك»، مشيرًا إلى أن نظرة حزب الله مبنية على تطورات خاطئة.
وشهد لبنان خلال الفترة الماضية أعنف الغارات الإسرائيلية التي نفذت داخل لبنان وتحديدًا في الضاحية الجنوبية بالعاصمة بيروت، إذ أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم السبت الموافق 28 سبتمبر 2024، اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، وقائد جبهة الجنوب علي كركي.
وظلت تلك الأنباء يتم تداولها بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي، حتى أعلن حزب الله رسميًا استشهاد حسن نصرالله جراء الغارات الإسرائيلية التي وصل عددها 140 غارة، التي استهدفت المقر المركزي لحزب الله المتواجد في الضاحية الجنوبية بالعاصمة بيروت.
وفي اليوم التالي من إعلان استشهاد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله، أكد جيش الاحتلال يوم الأحد الموافق 29 سبتمبر 2024، اغتيال إبراهيم حسين جزيني رئيس وحدة أمن نصر الله في الغارة التي شنها طيران الاحتلال يوم الجمعة الموافق 27 سبتمبر 2024.
وفي الوقت ذاته، اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بمقتل 20 قياديًّا من دائرة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في الهجوم الذي وقع يوم الجمعة الموافق 27 سبتمبر 2024، بالضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت.
ويشار إلى أنه قد قتل 8 جنود وضباط إسرائيليون خلال اشتباكات مع مقاتلي حزب الله، خلال العمليات العسكرية التي يشنها جيش الاحتلال في جنوب لبنان. وأعاد هذا المشهد إلى الذاكرة الجماعية الإسرائيلية حرب لبنان الأولى، التي ورطت تل أبيب لعقود في «الوحل اللبناني»، بحسب تقرير لقناة الجزيرة.
وفتح مقتل الجنود والضباط باب النقاش على مصراعيه بالساحة الإسرائيلية عن تداعيات التوغل البري، وتساءلت أوساط عديدة عما إذا كانت «المكاسب العسكرية» التي حققها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، باغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، قد تورط إسرائيل في حرب برية غير محسوبة النتائج في لبنان.
ويرى محللون إسرائيليون، أنه لولا حالة الهزيمة في السابع من أكتوبر 2023، والنازحين داخل إسرائيل، وحاجة السياسيين والعسكريين لاستعادة مكانتهم بعد الفشل والإخفاق بمنع «طوفان الأقصى»، لم تقدم إسرائيل على اغتيال نصر الله أو تشن عملية عسكرية في لبنان.
اقرأ أيضاًرئيس وزراء بريطانيا الأسبق: نتنياهو وضع أجهزة تجسس في حمامي الخاص
صحيفة سويسرية: فشل المجتمع الدولي راسخ في مواجهة نتنياهو
الحوثي: استهدفنا مطار «بن غوريون» أثناء وصول نتنياهو بصاروخ فلسطين 2
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو بنيامين نتنياهو الضاحية الجنوبية رئيس وزراء الاحتلال حسن نصرالله اغتيال حسن نصر الله استهداف حسن نصر الله وفاة حسن نصر الله استشهاد حسن نصر الله الأمین العام لحزب الله جیش الاحتلال حسن نصرالله سبتمبر 2024 نصر الله حزب الله حسن نصر الله ا
إقرأ أيضاً:
فتنة «الأمين والمقر»وبالونات الاختبار الإعلامية
رغم كل ما تمر به من أزمة وجودية تكاد تعصف بها -خاصة في السنوات العشرين الأخيرة- والتراجع الحاد في مستوى الثقة الشعبية في دورها وأهميتها وقدرتها على الفعل، عادت جامعة الدول العربية لتكون في دائرة الضوء خلال هذا الأسبوع، وأثارت جدلا إعلاميا واسعا لم يقتصر على وسائل الإعلام التقليدية، وامتد إلى شبكات التواصل الاجتماعي، وشاركت فيه قطاعات واسعة من النشطاء من مختلف الدول العربية.
الجدل الحالي الذي يحيط بالجامعة العربية لا يتعلق بمواقفها الحالية - خاصة من حرب الإبادة الجماعية في غزة -، والحروب والصراعات والأزمات العربية الأخرى، وإنما يتعلق بإعادة النظر فيها، وفي أدوارها، وفاعليتها؛ كونها مؤسسة العمل العربي المشترك الأكبر التي كان يعول عليها كثيرا في نصرة القضايا العربية.
مع قرب انتهاء الفترة الثانية للأمين العام الحالي للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في سبتمبر القادم؛ سارع البعض إلى استباق الأحداث كالعادة، وأعاد طرح السؤال القديم الجديد، وهو: هل سيكون الأمين العام الجديد مصريا أيضا كمن سبقوه منذ تأسيس الجامعة في القاهرة في عام 1945، باستثناء فترة نقل مقر الجامعة إلى تونس في أعقاب المقاطعة العربية لمصر على خلفية توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل؟ ومن هذا السؤال تفرعت أسئلة جديدة حول مقر الجامعة ولماذا يبقى في القاهرة، ولا يُدور بين الدول، أو ينقل إلى دولة أخرى محددة تظن أنها أكثر جدارة من مصر لاحتضان الجامعة؟
الطرح الذي كان قصيرا، وقدمه دون مبرر ودون سابق إنذار كاتب مصري تحول إلى نقاش وصراخ، وتكهنات، وحرب إعلامية تضمنت تقارير صحفية، وتلفزيونية، وملصقات، وتغريدات، واستطلاعات رأي على شبكات التواصل الاجتماعي، شارك فيها أعداد غفيرة من مستخدمي هذه الشبكات. وتبلور هذا النقاش في طرح اسم وزير خارجية خليجي سابق ليكون الأمين العام الجديد للجامعة، وطرح اسم مدينة عربية في نفس الدولة الخليجية ليكون مقرا للجامعة، والمبرر هو تراجع الدور المصري في المنطقة، وصعود قوى عربية جديدة تستحق أن تتولى بنفسها مسؤولية إدارة العمل العربي المشترك، وإدارة الجامعة العربية. يبدو هذا الطرح استكمالا لجهود سابقة استمرت لسنوات عبر جيوش إلكترونية تروج لما أسمته بـ«عاصمة القرار العربي». وهي الفكرة التي تتردد في الفضاء الرقمي منذ سنوات، ورسخت لدى البعض بوعي أو بدون وعي، وبحكم التأثير التراكمي طويل المدى قناعة خادعة بصحتها.
الكاتب المصري الذي أشعل فتيل فتنة «الأمين والمقر» كتب على صفحته بفيسبوك ملصقا يقترح فيه نقل مقر الجامعة العربية إلى عاصمة خليجية. ومن ذلك الملصق تولدت مئات الملصقات التي تعزف نفس النغمة بتعبيرات مختلفة، وشارك فيها كتاب ومثقفون، ومستشارون لحكام دول، مطالبين بتدوير منصب الأمين العام للجامعة الذي «حان وقت انتقاله إلى الخليج العربي؛ حيث مركز الثقل العربي الجديد»؛ حسب وصف أحدهم.
في تقديري أننا أمام بالونة أو بالونات اختبار إعلامية تستهدف التمهيد لقرار عربي قد يحقق رغبة البعض في شق الصف العربي الذي لم يعد يحتمل مزيدا من الشقوق، وإنهاء فكرة الجامعة العربية، والقضاء عليها؛ إرضاء لبعض القوى الإقليمية والدولية التي قد تزعجها بعض بيانات التنديد والشجب والاستنكار التي يصدرها الأمين العام، أو أمانة الجامعة بين الحين والآخر، والتي لا تتعدى مرحلة «الكلام»، وأصبحت محفوظة من كثرة تكرارها.
يعلم من أطلقوا هذه البالونات الحارقة أن المطلب الثاني الذي يتعلق بنقل مقر الجامعة من القاهرة غير واقعي، ويتعارض مع نص المادة العاشرة من الميثاق الصادر في مارس 1945، والتي تنص على أن «تكون القاهرة المقر الدائم لجامعة الدول العربية»، ويتطلب تحقيقه موافقة ثلثي الدول الأعضاء في مجلس الجامعة لتعديل ميثاق الجامعة وفق المادة التاسعة عشرة. أما المطلب الأول الخاص باختيار أمين عام غير مصري للجامعة؛ فإنه يواجه عقبات كثيرة خاصة أنه يتعارض مع العرف السائد في أن يكون الأمين العام من مواطني دولة المقر.
الخطورة في الأمر أن الرد المصري الشعبي وليس الرسمي بالطبع جاء حادا، وهو ما جعل الأمر برمته مقدمة لفتنة إعلامية ورقمية جارفة طالب فيها بعض النشطاء المصريين بانسحاب بلادهم من الجامعة العربية، بل بحذف كلمة «العربية» من اسم الدولة؛ ليصبح «جمهورية مصر». كما طالب البعض بأن يرافق عملية نقل المقر نقل نحو 16 مليون لاجئ عربي تحتضنهم مصر دون تمييز من أبناء سوريا، والسودان، وفلسطين، والعراق، واليمن إلى دولة المقر الجديدة !
هل تستحق الجامعة وأمينها ومقرها كل هذا الجدل؟ يكاد يجمع العرب على فشل منظومة الجامعة العربية بشكل عام. فقد فشلت في كل الاختبارات التي تعرضت لها، ولم تحقق إنجازا واحدا يمكن الفخر به. وحسب تعبير أحد المشاركين في استطلاع للرأي نشرته إحدى المنصات الإعلامية على فيسبوك «فإن الجامعة العربية فشلت في إقامة تحالف عسكري موحد، أو بناء جيش عربي موحد قادر على الدفاع عن الدول العربية. وفشلت في تشكيل حتى قوات حفظ سلام عربية قادرة على فرض السلم في مناطق النزاع العربية في السودان، والصومال، واليمن، وسوريا، وليبيا، وغزة. وفشلت في إقامة سوق عربي مشترك، وفي فتح الحدود بين الدول العربية، وفى إنشاء عملة عربية موحدة، وفي مد خطوط سكك حديدية لتسهيل التجارة.
والفشل الأكبر كان في قضية فلسطين بوجه عام والحرب الإسرائيلية الهمجية على غزة. ولعل من أطرف وربما أصدق الردود المنشورة، وأكثرها تكرارا في التعليقات الخاصة بهذا الاستطلاع هو اقتراح نقل المقر إلى تل أبيب، واختيار رئيس الوزراء دولة الكيان الصهيوني نتنياهو أو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أمينا عاما جديد لها !
أمام هذا الفشل وتراث عدم الثقة الشعبية العربية فيها؛ فإن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: ما الذي يدفع البعض إلى هذه الحرب الكلامية غير الضرورية حول الجامعة وأمينها ومقرها؟ وهل سيؤدى نقل المقر، أو تغيير جنسية الأمين العام إلى إحداث أي تغيير في قوة وفاعلية الجامعة التي تعاني منذ سنوات حالة موت سريري؟
أعتقد أن الجامعة العربية لا تحتاج في الوقت الراهن إلى كل ذلك الجدل الإعلامي الذي لا يقدم ولا يؤخر، بقدر ما تحتاج إلى بعض الهدوء، حتى تنتهي بسلام.