الخلفيات السياسية لقرار محكمة العدل الأوربية إلغاء الاتفاق التجاري مع المغرب
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
إذا كانت هناك من حسنة لقرار محكمة العدل الأوربية القاضي بإلغاء الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوربي، فهو هذا الإجماع الأوربي نفسه على دعم الشراكة مع المغرب وإعلان الوفاء بالعقود. سواء تعلق الأمر بفرنسا أو إسبانيا، أو البرتغال، أو هنغاريا أو غيرها من الدول التي أعلنت تأييدها للبيان المشترك الذي أصدرته المفوضية الاوربية ونائب الرئيس الأوربي جوزيب بوريل، الذي أعلن التمسك بالشراكة مع المغرب فإن الرسالة الضمنية واضحة وهي الامتعاض من هذا القرار المسيس المنحاز للجزائر والبوليساريو على حساب مصالح الاتحاد الأوربي نفسه.
أوربا تحتاج لتعزيز أمنها الغذائي، بتوفير المواد الفلاحية من خضر وفواكه وأسماك بكميات مهمة وبجودة عالية لمواطنيها، خاصة في ظل التحديات المناخية الصعبة ونقص الإنتاج العالمي، وهي تدرك أن المغرب يوفر لها جزء مهما من هذه الحاجيات بأسعار جيدة بالنظر للقرب الجغرافي والتقارب السياسي، فكيف تعمل محكمة أوربية على إلغاء اتفاق يشكل حاجة استراتيجية للأوربيين وأيضا تستفيذ منه ساكنة الصحراء؟
ما معنى أن تستند المحكمة في إلغاء الاتفاقيات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوربي، إلى كونها لم تستشر ما يسمى « الشعب الصحراوي »، وما هو تعريف الشعب الصحراوي، هل هي البوليساريو؟ صحيح أن القانون الدولي يعتبر أن إقليم الصحراء غير متمتع بالحكم الذاتي، وهو وضع قانوني دولي، يحتاج لمعركة من أجل تغييره في ظل الاعتراف الدولي المتنامي بجهود المغرب ودعم مقترحه للحكم الذاتي، لكن حتى في ظل هذه الوضعية القانونية، فإن السلطات التي لديها الإدارة على الإقليم لديها الحق في إبرام اتفاقيات شريطة تنمية المنطقة، ثم ماذا عن تصويت البرلمان الأوربي بالأغلبية الساحقة على الاتفاقيات التجارية التي تخص الفلاحة والصيد البحري في 2019، وذلك استجابة للعريضة التي وجهها آنذاك أزيد من 300 شخصية صحراوية منتخبة في الأقاليم الجنوبية؟ أليس هؤلاء صحراويون؟
وهل استحضرت المحكمة الأوربية حجم الأموال التي صرفها المغرب على التنمية في الأقاليم الصحراوية منذ سنة 1975؟ نتذكر وثيقة من تسريبات ويكيليكس، سنة 2010، حملت توقيع السفير الأمريكي في الرباط موجهة إلى وزارة الخارجية في واشنطن، يخبر فيها بأن المغرب ينفق 2.7 مليار دولار على التنمية في الصحراء بالرغم من أن عدد السكان لا يتعدى 385 ألف نسمة. واليوم تضاعف هذا الرقم، فقد بلغ حجم الاستثمارات الكبرى في الصحراء 10 ملايير دولار تشمل مجالات البنية التحتية والصحة والتعليم والتكوين المهني والصناعة والفلاحة. فهل استحضرت محكمة العدل الأوربية ذلك.
ومن يزور الأقاليم الجنوبية المغربية يشاهد حجم التطور الذي عرفته على مستوى الطرق والبنيات التحتية التي لا يمكن مقارنته مع بلدان مماثلة في نفس المنطقة بجوار الصحراء المغربية.
إن إبرام الاتحاد الأوربي لاتفاقيات تجارية مع المغرب تشمل جميع أقاليمه هو اعتراف بسيادة المغرب على جميع أقاليمه كما أن مصادقة البرلمان الأوربي عليها، يعني أن التجارة مع المغرب في الموارد الطبيعية القادمة من أراضي الأقاليم الصحراوية ليست فقط قانونية بل إنها تحظى بتشجيع قوي من الاتحاد الأوروبي لكونها تشكل مصدر تنمية وازدهار للمنطقة وسكانها على المدى الطويل، وهذا هو الموقف الذي عبرت عنه المفوضية الأوربية التي أعلنت التشبث بالشراكة مع المغرب والالتزام بالعقود المبرمة أما موقف محكمة العدل الأوربية فإنه يستند إلى اعتبارات سياسية أكثر مما هي قانونية ويتجاهل الدينامية التي يعرفها هذا الملف على المستوى الدولي.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: محکمة العدل الأوربیة مع المغرب
إقرأ أيضاً:
إدانات أممية وفلسطينية لقرار الاحتلال شرعنة مستوطنات بالضفة
صدّق المجلس السياسي والأمني المصغر في إسرائيل (الكابينت)، على طلب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش تنظيم 19 مستوطنة بالضفة الغربية المحتلة.
وقالت القناة الـ14 اليوم الجمعة، إن التصديق تمّ في جلسة أمس الخميس، وأضافت القناة أن "بعض هذه المستوطنات جديدة تماما، وبعضها قائم وسيتم تنظيمه".
وأشارت إلى أن أبرز المستوطنات القائمة غانيم وكاديم اللتين تم إخلاؤهما عام 2005، تزامنا مع تفكيك المستوطنات في قطاع غزة.
وبشأن النتائج، قالت القناة "بهذا القرار تكون قد تمت العودة الكاملة إلى مستوطنات شمال يهودا والسامرة (الضفة)". واعتبرت الخطوة "ثورة يقودها سموتريتش، وزلزالا حقيقيا في عالم الاستيطان".
ووفقا لحركة السلام الآن الإسرائيلية، فإن نحو نصف مليون مستوطن يقيمون في مستوطنات بالضفة المحتلة، في حين يقيم نحو 250 ألف مستوطن في مستوطنات مقامة على أراضي القدس الشرقية.
ومن شأن زيادة الاستيطان بالضفة المحتلة إنهاء إمكانية تنفيذ مبدأ حل الدولتين المنصوص عليه في قرارات صدرت عن الأمم المتحدة.
موازنة سريةهذا وقد كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن بناء مستوطنين أكثر من 140 بؤرة استيطانية في الضفة المحتلة منذ مجيء حكومة بنيامين نتنياهو قبل 3 سنوات.
وكشفت صحيفة هآرتس عن تخصيص الحكومة الإسرائيلية سرا موازنة مقدارها نحو 850 مليون دولار لدعم الاستيطان وتعزيزه في السنوات الخمس المقبلة.
وحسب تحقيق أجرته هيئة البث الإسرائيلية فإن قيادات في جيش الاحتلال توفر الحماية للمستوطنين، كما كشف التحقيق أن ساسة إسرائيليين وعلى رأسِهم سموتريتش وقادةُ المستوطنين أقاموا خلال 3 سنوات 140 بؤرة استيطانية ؛ آخرها كان التصديق على نحو 700 وحدة في مستوطنات حول القدس وبيت لحم.
إدانة أممية
جاء هذا وقد أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريتش التوسع الاستيطاني في الضفة المحتلة، بما فيها القدس الشرقية؛ وأضاف أن العام الجاري شهد أعلى مستويات تقدم المخططات الاستيطانية منذ بدء الرصد الأممي.
إعلانوذكر غوتيريتش أن جميع المستوطنات غير قانونية، وتشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، داعيا إسرائيل إلى وقف النشاط الاستيطاني، كما قال، إنه يدين عنف المستوطنين الذي يتصاعد بمعدل خطر ويزداد شدة خلال موسم قطف الزيتون.
الموقف الفلسطينيتزامنا مع ذلك دعت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إلى تحرك دولي عاجل لوقف قرارات الاستيطان الجديدة بالضفة، وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير مؤيد شعبان، إن تصديق الكابينت على إقامة تلك المستوطنات، يمثل خطوة إضافية في سباق "إبادة الجغرافيا الفلسطينية لصالح المشروع الاستيطاني".
من جانب آخر، طالبت السلطة الفلسطينية بمحاسبة من يشارك في توسيع المستوطنات الإسرائيلية، أو يوفر غطاء لها.
وقال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، روحي فتوح، إن تصديق الكابينت تكرس "سياسة الضمّ الزاحف" التي تتعارض مع التزامات القوة القائمة بالاحتلال، وتفتح الباب لمساءلة قانونية دولية قد ترقى إلى مستوى "الجريمة المركبة".
وطالب في بيان أصدره اليوم بـ"محاسبة كل من يشارك في توسيع المستعمرات أو يوفر لها الغطاء السياسي والإداري".
هذا وقد اعتبرت حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) أن الإعلان الإسرائيلي "يشكل تصعيدا خطرا في مشروع الضم والتهويد، ويعبّر عن طبيعة الحكومة المتطرفة التي تتعامل مع الأرض الفلسطينية كغنيمة استعمارية" تهدف "للسيطرة التامة على الضفة".
كما حذرت الحركة من التمادي الاستيطاني الذي يعكس مخططات واضحة لإعادة رسم الجغرافيا الفلسطينية، وعزل المدن والقرى عن بعضها بعضا، والدفع نحو تهجير صامت لأبناء شعبنا".
كما دعت المجتمع الدولي والأمم المتحدة والهيئات الحقوقية إلى تحمّل مسؤولياتهم أمام هذا السلوك "الاستعماري المنفلت".