هل يمكن الفصل بين الجيش والحركة الإسلامية في السودان؟ (1-2)
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
ربما كانت بداية التحالف العملي بين الحركة الاسلامية والجيش قد بدأ فعلا في نهاية سبعينات القرن الماضي بتدشين ما عرف بالمصالحة الوطنية بين الدكتاتور نميري والحركة الإسلامية، اذ يبدو أن الحركة المسلحة في ٧٦ كانت قد افزعت النميري رغم انتصار الجيش فيها.
كذلك، ما زلت اعتقد، أن المصالحة بين الاسلاميين والجيش لم تكن تتم لولا مباركة الرئيس المصري الراحل أنور السادات، او بالاحري، بإيعاز منه حتي يتسنى له أن يستخدهم كترياق مضاد لليسار بشقيه القومي والماركسي والذي كان معارضا لاتفاقيات السلام مع إسرائيل.
يعتقد البعض، وأنا منهم، ان وحدة اللغة والجغرافيا مع الجارة الشمالية مصر قد جلبت مشاكل عديدة علي السودان اهمها هذه الحرب الوجودية اللعينة باعتبار إنها الثمار المرة لأفكار حسن البنا وسيد قطب، إضافة إلي سوء تقدير القيادة المصرية وتخبط سياساتها تجاه السودان وذلك بدءا من تاييدها لانقلاب الانقاذ وتوفير غطاء من الشرعية الدولية له، رغم أنه كان انقلابا علي حكومة مدنية منتخبة.
كانت أحداث العنف في جامعة الخرطوم في مارس ١٩٨٠م تعد من أول مظاهر التنسيق بين الجيش والقوات النظامية مع الحركة الاسلامية في قمع المعارضين السياسيين حين ادخل الكيزان السيخ في الجامعة. كان واضحا منذ ذلك الزمان أن الجيش قد بدأ ينحرف عن دوره في حماية دافع الضرائب والنظام العام والقانون. كان إعفاء البنوك الإسلامية من الضرائب وتسهيل نشاط الاسلاميين داخل الحيش، كان ايضا يبدو واضحا ، إلي أن جاء إنقلاب الانقاذ وفصله لعشرات الالاف من المعارضين واستبدالهم بكوادر اسلامية ، ثم التعذيب في بيوت الاشباح وتصعيد ما عرف بالحرب المقدسة في الجنوب.
كذلك كانت كل أحداث العنف والموت في دارفور وجبال النوبة مرورا باحداث العيلفون وكجبار ومناطق اخري في شمال البلاد واستمرار العنف في الجامعات الخ ، وحتي قتل المتظاهرين في أحداث سبتمبر ٢٠١٣. ثم ما تلي ثورة ديسمبر من دخول كتائب الظل إلي ساحة الاعتصام وقتل اكثر من مائة إنسان أعزل وإغتصاب الفتيات ، إضافة إلي ما كان يفعله القناصة من كتائب البراء والبنيان المرصوص من استهداف الناشطين وقتلهم ، كل ذلك يجب أن يفهم بأنه ياتي في إطار التنسيق بين الجيش والحركة الإسلامية والذي كان قد دشنه نميري واستمر فيه حتي قبيل انقلابه علي الاسلاميين بأشهر قليله من عزله. وقد أصبح هذا التنسيق وذلك التعاون هو النموذج المتبع في سياسات الحيش والاجهزة الأمنية في السودان .
اواصل
طلعت محمد الطيب
talaat1706@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
ناجيات وناشطات يكشفن عن معاناة النساء في سجون سرية سعودية
كشفت تقارير وشهادات جمعها تحقيق لصحيفة "الغارديان" عن أوضاع "جحيمية" تعيشها مئات الفتيات والنساء في ما يُعرف بـ"دور الرعاية" في المملكة العربية السعودية، وهي منشآت سرية يُعتقد أنها تُستخدم لإعادة تأهيل النساء اللواتي يرفضن سلطة أوليائهن، أو اللواتي طُردن من منازلهن بسبب "عصيان" أو علاقات خارج إطار الزواج.
وتُظهر صور نُشرت مؤخرًا امرأة شابة تقف على حافة نافذة في الطابق الثاني بإحدى مدن شمال غرب المملكة، في وضع حرج، قبل أن يتم إنزالها بواسطة رافعة بمساعدة رجال، في مشهد نادر يُسلّط الضوء على ظروف تلك المؤسسات.
وبحسب ما ورد، فإن المرأة كانت محتجزة في إحدى هذه الدور.
ووفق شهاداتٍ لنساء وناشطات تحدثن للصحيفة، فإن الحياة داخل تلك الدور تتسم بـ"الجلد الأسبوعي"، والإجبار على تلقي تعاليم دينية، والمنع الكامل من التواصل مع العالم الخارجي، بما في ذلك العائلة، إضافةً إلى تسجيل العديد من محاولات الانتحار.
وتقول إحدى الناجيات: "كل فتاة نشأت في السعودية تعرف دار الرعاية ومدى فظاعتها.. إنها أشبه بالجحيم".
وتُضيف ناشطة سعودية تقيم في لندن، واسمها مريم الدوسري، أن النساء المحتجزات في تلك الدور لا يُسمح لهن بالمغادرة إلا بعد قبول قواعد المؤسسة أو بالزواج أو بعودة ولي الأمر لاستلامهن.
وتقول: "النساء هناك يُهجَرن لسنوات، وبعضهن لا يرتكبن أي جريمة سوى الشكوى من العنف".
وتروي "ليلى" (اسم مستعار)، أنها أُجبرت على دخول دار الرعاية بعدما قدمت شكوى ضد والدها وإخوتها بتهمة الاعتداء الجسدي، قبل أن يتهموها بـ"تشويه سمعة العائلة" بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدافع فيها عن حقوق النساء. بقيت في الدار حتى وافق والدها على إطلاق سراحها.
ويقول ناشطون إن هذه المؤسسات تُستخدم كوسائل للسيطرة على النساء ومعاقبتهن، وإن الحديث عنها علنًا أو نشر صور منها يُعد من المحظورات داخل البلاد.
وتؤكد إحدى الناشطات أن بعض الرجال، لا سيما المتقدمين في السن أو المحكومين سابقًا، يلجأون إلى تلك الدور بحثًا عن زوجات من النساء المحتجزات، حيث تقبل بعض النساء بذلك كوسيلة للخروج.
وتضيف الناشطة فوزية العتيبي، التي فرت من المملكة عام 2022، أن "الضحايا في هذه المؤسسات يُجبرن على الشعور بالخزي، ويُمنع الحديث عنهن أو عن ظروفهن"، مشيرة إلى غياب الرقابة والشفافية حول ما يجري داخلها.
ورغم أن السعودية تُروج دوليًا لصورتها كمملكة تجري "إصلاحات" واسعة، خاصة مع فوزها مؤخرًا باستضافة كأس العالم 2034، إلا أن تقارير حقوقية ترى أن تلك الدور تمثل أحد أوجه التمييز المؤسسي ضد المرأة.
وتقول نادين عبد العزيز، وهي مسؤولة الحملات في منظمة القسط لحقوق الإنسان: "إذا كانت السلطات جادة في تمكين المرأة، فعليها إلغاء هذه الممارسات والسماح بإنشاء ملاجئ آمنة تحمي الضحايا بدلًا من معاقبتهن".
ورغم تأكيدات الحكومة السعودية أن هذه المؤسسات "ليست مراكز احتجاز"، فإن العديد من الشهادات تدحض هذا الادعاء.
وقال متحدث حكومي إن "دور الرعاية متخصصة وتدعم الفئات الضعيفة، وتسمح للنساء بالمغادرة بحرية دون موافقة ولي الأمر"، مضيفًا أن "الادعاءات بالإساءة تُؤخذ على محمل الجد وتُحقق فيها بدقة".
وأشار المتحدث إلى وجود خط ساخن سري لتلقي بلاغات العنف الأسري، مؤكدًا أن جميع الحالات تُعالج بشكل سريع لضمان سلامة المتضررات.
وأكد التحقيق أن شهادات الناجيات والناشطات "ترسم صورة مغايرة تمامًا، وتُظهر هذه المؤسسات كمواقع للعقاب والسيطرة، أكثر من كونها ملاذًا آمنًا للنساء المتضررات من العنف. ومع تصاعد الدعوات الحقوقية لإغلاق هذه الدور، لا تزال السلطات السعودية متمسكة بسياستها، وسط صمت رسمي داخلي وتعتيم إعلامي محلي".