هل تعانين من متلازمة الأم المستنفدة؟ هكذا تتغلبين عليها وتحمين عائلتك
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
رغم ما تمنحه الأمومة من سعادة ورضا وحب، فإنها ليست بهذا القدر من المثالية دائما، دراسة نشرتها دورية "فرونتيرز" في العام 2018، توصلت إلى أن تربية الأبناء واحدة من أكثر الأنشطة استهلاكا للطاقة.
ووفقا للدراسة، فإن الأمهات يتعرضن لخطر الإرهاق المزمن والاستنزاف العاطفي والإجهاد الشديد عندما يختل التوازن وتفوق الضغوطات حجم المكافآت، لا سيما مع الافتقار إلى الرعاية الذاتية والدعم، سواء من الشريك أو العائلة أو الأصدقاء.
وهناك مصطلح خاص للإرهاق الذي تعاني منه الأمهات، هو متلازمة "الأم المنهكة" أو "الأم المستنفدة".
ما متلازمة الأم المستنفدة؟تشير متلازمة الأم المستنفدة إلى الإرهاق البدني والعقلي والعاطفي الذي تعاني منه الأمهات عندما يقدمن كل ما لديهن لأطفالهن وأسرهن، في مقابل إهمالهن لاحتياجاتهن الأساسية، ويعتقدن أن تلبية متطلباتهن الشخصية نوع من الأنانية.
ظهر هذا المصطلح لأول مرة في كتاب "الطبيعة الأم" (Mother Nature) للمؤلفين جان هانسون وريكي بوليكوف ضمن مجموعة من التحديات التي تواجهها الأمهات وتجعلهن يشعرن بفقدان الشغف والدافع للقيام بمهامهن.
وتصف المستشارة النفسية، ماريسا مور متلازمة الأم المستنفدة وتقول لموقع "بيرانتس"، إنه "ذلك الشعور بأنكِ فقدت كل طاقتكِ، حيث أنكِ بذلت كل ما في وسعكِ لتلبية القدر الأكبر من احتياجات أطفالك ومنحهم كل الفرص الممكنة وتلبية التوقعات التي يفرضها المجتمع، وترغبين في إعطاء المزيد حتى لم يعد هناك ما يتبقى لك".
وتضيف، "قد يتسلل إليكِ هذا الشعور فجأة وتدركين أن الأشياء التي كانت تجلب لكِ السعادة في الماضي أصبحت أشبه بالالتزامات وأنكِ منهكة إلى حد يتجاوز التعب الطبيعي بغض النظر عن مقدار الراحة الذي تحصلين عليه".
ووفق ما نشره موقع "موذر آند بيبي"، فإن الأمهات المنهكات يعانين من بعض المشاعر السلبية مثل الشعور بالذنب وعدم الكفاءة، أو أنهن لسن مؤهلات لأن يصبحن أمهات، وأن أطفالهن يستحقون أمهات أفضل، ولا سيما مع تمجيد المجتمع لنموذج الأم الخارقة.
وتتأجج مشاعر الغضب والإحباط والاستياء أحيانا، وتتضاعف المخاوف بشأن أسلوب تربية الأبناء ومستقبلهم، وقد تميل الأم إلى الوحدة والعزلة ويحدث انفصال عاطفي وتباعد بينها وبين أطفالها.
التأثير السلبي على الأسرةلا تعاني الأم المستنفدة وحدها، بل تؤثر على كل فرد من أفراد الأسرة، فمثلا تلجأ إلى آليات مواجهة غير صحية مثل الإنفاق الزائد، أو قضاء أوقات طويلة في تصفح هاتفها للحصول على جرعة سريعة من الدوبامين، أو الإفراط في تناول الطعام مما يؤدي إلى زيادة الوزن.
وفي دراسة أجرتها جامعة أوهايو عام 2022، وجد الباحثون أن 68% من الأمهات يعانين من التآكل النفسي الناتج عن ضغوط وتحديات تربية الأبناء بما يؤثر على الصحة العقلية والإصابة بالقلق والاكتئاب.
كذلك، تصبح العلاقة مع الزوج أكثر توترا، وتتعزز الخلافات والصراعات الزوجية نتيجة التقلبات المزاجية للزوجة وعدم التحكم في مشاعرها، خاصة إذا كانت تعتقد أنه لا يشاركها المسؤوليات بالقدر الكافي.
علاوة على ذلك، لا تستطيع الأم المجهدة اتخاذ قرارات حكيمة في تربية أبنائها، ولا تستطيع التحكم في انفعالاتها.
دراسة جامعة ولاية أوهايو وجدت أن الأمهات اللاتي أبلغن عن الإرهاق الشديد كن أكثر عرضة لإهانة أطفالهن وانتقادهم والصراخ عليهم أو إيذائهم جسديا، وكذلك أبلغن عن تعاسة أطفالهن وقلقهم الشديد وتدني احترامهم لذواتهم وتعمدهم المشاجرات مع الأطفال الآخرين وعدم احترام القواعد.
كيف تتعافين من متلازمة الأم المستنفدة؟ينقل موقع "مام ويل" عن إميليا ناغوسكي، المؤلفة المشاركة لكتاب "الإرهاق.. السر في إكمال دائرة التوتر"، أنه ينبغي علينا كأمهات أن نحيط أنفسنا بمنظومة دعم من الأشخاص الذين يهتمون بسلامتنا، ويمكن لهؤلاء الأشخاص أن يشاركوا في حمايتنا من تلك الرسائل الخارجية التي تخبرنا كيف ينبغي لنا أن نتصرف، ويمكنهم أن يشجعونا على النوم وتناول الطعام الصحي وتخصيص وقت لأنفسنا.
وتواصل "هناك طريقة أخرى وهي أن نبدأ بالاستماع إلى قيمنا الخاصة، إذ إنه غالبا ما نجد أنفسنا نتبع نصائح أو فلسفات تربية الأبناء التي يتبعها الآخرون، معتقدين أن هذه هي الطريقة الصحيحة، ولكن من المهم أن نتراجع خطوة إلى الوراء ونفكر في قيمنا وليس ما يناسب الآخرين".
وتضيف ناغوسكي، أنه إذا أرادت الأمهات التعافي من متلازمة الأم المستنفدة، فينبغي عليهن إعادة شحن طاقتهن من خلال استكمال دائرة الاستجابة للتوتر.
وتضيف، "على سبيل المثال، إذا صادفنا نمرا وهربنا منه، فسنكون قادرين على الاحتفال بمجرد زوال الخطر ووصولنا إلى حالة آمنة، ولكن في المجتمع الحديث، نحن لا نهرب ولا نحتفل وإنما نظل عالقين في دائرة التوتر ويستمر الجسم في الاستجابة وإفراز مستويات من الكورتيزول والأدرينالين مما يعزز ضربات القلب واضطرابات الجهاز الهضمي وارتفاع خطر الإصابة بالقلق والاكتئاب".
كيف يمكن استكمال دائرة التوتر؟تقترح المستشارة النفسية أشلي كلارك بعض التقنيات التي تساعد في استكمال دورة الاستجابة للتوتر والتغلب على التعب المزمن، ومنها -وفق ما نشرته على مدونتها-:
ممارسة الرياضة: يمكن أن تساعد في تحسين مزاجك وإفراز الإندورفين، وهو هرمون الشعور بالسعادة، ويمكنك ممارسة أي نشاط يتيح لجسمك فرصة التحرك. التعبير الإبداعي عن الذات: لا يستلزم ذلك أن تكوني فنانة، ويمكنك التلوين في كتب التلوين الخاصة بأطفالك أو شراء مجموعة من الألوان المائية والفرش والتعبير بها وربما تستمتعين بالحياكة أو أشغال التريكو، فالفنون بجميع أشكالها تمنحك الفرصة للتسامح مع مشاعرك والتحرك من خلالها. العناق: التلامس الجسدي وسيلة مريحة لتخفيف التوتر، يمكنك احتضان زوجك أو طفلك أو حيوانك الأليف لمدة 20 ثانية على الأقل، إذ أظهرت الأبحاث أن العناق لمدة هذا القدر من الوقت يساعد الجسم على إفراز هرمون الحب ويساعد في إبلاغ جسمك بأن الخطر لم يعد موجودا. الضحك: لا يعد الضحك مجرد وسيلة لتفريغ المشاعر، بل إنه يؤثر على الجسم بشكل إيجابي أيضا. البكاء: يعتبر البكاء استجابة طبيعية للغاية وطريقة صحية للتخلص من التوتر وإكمال الدورة والشعور بالارتياح من ثقل ما جعلكِ تبكين. التنفس العميق: يعمل على تنظيم استجابة الجسم للتوتر.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات تربیة الأبناء
إقرأ أيضاً:
ويسألونك عن دائرة الرعاية العمالية
حمود بن علي الطوقي
ما يُثلج الصدر أنه ما زال هناك من يعتقد أن الصحافة، كونها السلطة الرابعة، هي الوسيلة الأنسب في نقل هموم المواطنين. ولهذا نجد أن هناك من يلجأ إلى الكُتّاب والصحفيين ومنصات الإعلام الرسمية في إيصال مطالبه إلى جهات الاختصاص. ومن بين الجهات التي يُطرق بابها من قِبل المواطنين دائرة الرعاية العمالية في وزارة العمل، والتي لا شك أن هذه الوزارة تبذل جهودًا مستمرة لحماية سوق العمل وضمان بيئة عادلة تحفظ الحقوق وتنظم العلاقة بين جميع الأطراف، سواء العامل أو صاحب العمل. فهذه المنظومة تسعى لتحقيق التوازن القانوني والاجتماعي في ظل التغيرات الاقتصادية والمجتمعية المتسارعة.
ونجزم بأن إنشاء دائرة الرعاية العمالية بوزارة العمل كمحطة أولى لحل النزاعات قبل إحالتها إلى القضاء، هو خطوة مهمة في إطار العدالة التوفيقية. لكن الواقع العملي -حسب ما يؤكده أصحاب الأعمال- يكشف عن تحديات تواجهها الشركات العُمانية، لا سيما عندما تُستخدم الشكاوى من قِبل بعض العمال الوافدين كأداة لتعطيل سير الأعمال أو كوسيلة للبقاء في البلاد رغم انتهاء العلاقة التعاقدية.
فبمجرد تقديم الشكوى من العامل -حتى دون وجود أدلة موثقة- تبدأ سلسلة من الجلسات تُعقد في دائرة الرعاية العمالية، وقد تمتد لثلاث جلسات يحضرها طرفا النزاع، ويفترض أن تُحسم خلالها القضية. لكن في كثير من الحالات، وبسبب عدم البت الحاسم، تُحال القضية إلى القضاء، ما يؤدي إلى تعطيل البت فيها لسنوات قد تصل إلى ثلاث أو أربع، وهي فترة قد يستغلها العامل الوافد للبقاء والعمل بحرية دون التزام، متحصنًا بأن ملفه "قيد النظر".
في المقابل، عندما يتقدم رب العمل العُماني بشكوى ضد عامل وافد -كالهروب أو إساءة الأمانة- يُطالَب بإثباتات، وبتقديم تذكرة سفر، ودفع حقوق العامل، فيما يظل العامل متخفيًا أو متنقلًا من ولاية لأخرى، مستفيدًا من معرفته المسبقة بأنه في حال القبض عليه سيتم ترحيله دون وجود محاكمة ضده.
وهنا يظهر خللٌ جوهري، إذ إن دائرة الرعاية العمالية، التي أُنشئت من أجل تحقيق العدالة، أصبحت -دون قصد- طرفًا في إطالة أمد القضايا، ما يُرهق القطاع الخاص، ويضر بثقة المستثمر، ويزيد من كُلفة إدارة المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ولتحقيق العدالة المنشودة، نقترح في هذا السياق أن يكون القاضي الحاضر في جلسات التسوية ذا صلاحية واضحة لحسم القضايا دون إطالة أو تحويلها للمحاكم إلا في أضيق الحدود. كما نقترح تمكين دائرة الرعاية العمالية من إغلاق الملفات التي لا تستند إلى أدلة موثوقة، وعدم قبول الشكاوى التي تتضح كيديتها أو التي تُقدّم بعد تسوية الحقوق المالية.
كما نتطلع من الدائرة إلى تفعيل نظام إلكتروني يتابع سلوك العمال بعد تقديم الشكاوى، لضمان عدم استغلالهم للوضع القانوني المؤقت، وأن يُطلب من العامل قبل سفره إثبات براءة الذمة من كفيله.
وعلى سبيل المقارنة، نرى أن بعض دول الخليج -مثل الإمارات والسعودية- بدأت تعتمد أنظمة التسوية السريعة، حيث تُفصل القضايا العمالية البسيطة خلال 10 إلى 15 يومًا فقط، مما يقلل من الضغط على القضاء، ويمنع استخدام القوانين كغطاء للهروب أو العبث.
وخلاصة القول، نقول إن حماية حقوق العمال مسؤولية لا جدال فيها، لكنها يجب أن تتوازن مع حقوق أرباب العمل الذين يمثلون عصب الاقتصاد الوطني. فكل تأخير في البت في القضايا، وكل شكوى كيدية تُهمل دون ردع، ينعكس سلبًا على سمعة السلطنة في مؤشرات الاستثمار، ويشكّل صورة مشوشة عن مدى كفاءة نظام التقاضي لدينا.
ولهذا نؤكد أن سرعة الحسم في القضايا تعكس مكانة الاقتصاد، وتمثل رسالة ثقة للمستثمر والمواطن على حد سواء.
رابط مختصر