الانقلابي بطل مذبحة فض الاعتصام (فرحان أوى)..!
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
قال شمس الدين كباشي (نائب القائد العام لجيش انقلاب الكيزان إنه (فرحان أوي) ولا ندري فرحان بماذا..؟ هل لأنه أعاد احتلال (جزء من موقع) كانت تحتله المليشيا التي كان يسبح بحمدها ويفرش لها البساط الأحمر ويقطع تعظيم سلام لقائدها الذي لم يكن زميلا له في (الكلية الحربية)..!
(مسيلمة البحرين) فرحان "على أيه يا حسرة".
فرحان على أيش..؟ ولا تزال لا تستطيع دخول قيادة الجيش التي هربت منها وتركت رفقاء السلاح جوعى داخلها يأكلون القرود كما قال (البروف حسن مكي) مندوبكم في جامعة إفريقيا العالمية وفي صياغة التحليلات الإستراتيجية و(الضحك من غير عجب) على النهج الكيزاني السنيح...!
يجب ألا ينسى الجنرال كباشي إنه أول من خرج ليعلن مسؤوليته الكاملة هو وجماعته عن مذبحة ميدان الاعتصام المروّعة التي (حدس فيها ما حدس)..!
نحن نحاسب من يرتدي زي الجيش ويدّعي قيادته ونسائله عما صنع بالوطن ولا نسائل المليشيات..! وانتم تريدون استغفال الناس وقلب الحقائق واتهام المدنيين بمناصرة الدعم السريع.. فمن الذي جعل قوات الدعم السريع جزءاً من الجيش بحُكم القانون، وحرّم المساس بها إلى درجة قتل كل من ينادي بتسريحها..! ونقول لكباشي والبرهان وجماعتهم: ما معنى استبدال مليشيات الدعم السريع بمليشيات البراء وكتائب الظل وقوات طمبور وقمبور إلخ..؟!
نحن نحاسب جيش انقلاب البرهان الذي اسلم قيادته لكتائب الكيزان وفتح جناحيه للميلشيات المجهولة من كل حدب وصوب..! هذا هو الواقع الذي يحدث الآن والذي يراه جميع السودانيين بأم عيونهم..ولا يمكن أن يزايد أحد على هذه الحقيقة بالابتزاز وقلب الحقائق..!
نحن لا نخضع للابتزاز.. وشعار الثورة هو الذي يحكمنا...حرية سلام وعدالة .. (الجيش للثكنات والجنجويد ينحل) ومعه كل المليشيات والتنظيمات و الحركات الإرهابية والإجرامية والمرتزقة القدامى والجُدد..!
تصدق أو لا تصدق أن الحال وصل ببعض (المثقافاتية الثوار والصحفجية) إلى التهليل بانتصارات كتيبة البراء الاخوانية الإرهابية (ولا عزاء للسيدات)..!
وبعيداً عن كتيبة البراء وأفراح الكباشي..هل يمكن أن يكون في هذه الحرب ما يدعو إلى الفرح والتهليل والابتهاج..!! هل انتصرنا بذبح الشباب في الحلفايا وبقر بطون الحوامل والأطفال في الفاشر..أو تفجير رءوس الناس بالطائرات في الحصاحيصا والسوق المركزي..!!
فرح وابتهاج وسط كل هذا الخراب والدمار والجوع والضنك والكوليرا والموت والجثث المتناثرة والجيف المتحللة...! هذه حالة غريبة (نسأل الله السلامة)..!
هذه حالة لا ندرى بماذا نسميها..وسوف تركب الحيرة رءوس أهل العلوم النفسية وجميع أطباء وخبراء تصنيفات العلل السلوكية والسيكولوجية..! هذه حالة خارج كل قوائم المصفوفة الطويلة للأمراض النفسية المعروفة فهي حالة (جديدة لنج)..!
إنها (حالة مركّبة من الجن الكلكي) الذي لا يمكن نسبته للعلل النفسية المسجّلة مثل العصابية والانفصام وجنون الاضطهاد وجنون العظمة وعقدة النقص و(القطبية الثنائية)..! إنها حالة أعقد من الذهان والاكتئاب والتوهّم و(العدوانية المرضية) وعقدة الحرمان وجنوح الطفولة وعلل التربية والنرجسية العكسية و(تروما ما بعد الصدمة) وأكثر استفحالاً من جنون الارتياب و(البارانويا) والشبق الاجتزائي و(متلازمة كورساكوف) والزهايمر والرهاب والمنخوليا و(السرنمة) والوسواس القهري..وأشد استحكاماً من حالات التبلد العقلي والانسداد العاطفي..!
طوبى للمبتهجين بدوران عجلة الموت وحفائر اللحود ومواكب النعوش واستمرار الخراب والتدمير..والتهنئة لكتيبة البراء الاخونجية الإرهابية التي وضعت يافطتها وكتبت عليها (شارع المعونة سابقاً)... الله لا كسّبكم..!
مرتضى الغالي
murtadamore@yahoo.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
عن العنف الذي لا يبرر
يونيو 11, 2025آخر تحديث: يونيو 11, 2025
وفاء نصر شهاب الدين
كاتبة من مصر
في صغري، أرسلتني أمي إلى بيت جدتي في زيارة كانت تبدو عادية تمامًا، لولا أنها خبأت لي مشهدًا من تلك المشاهد التي تترك ندبة في الذاكرة لا تُشفى بسهولة.
كان هناك كلبٌ أبيض، جميل، شعره كيرلي ناعم كقطن السحاب. بدا لي وقتها وكأنه مخلوق من القصص، من أولئك الذين يرافقون الأطفال في الحكايات القديمة ويحرسونهم من الأشباح. كنت أراه لطيفًا، بريئًا… حتى اللحظة التي ركض فيها خلفي وعقرني.
تغيّر كل شيء بعدها، كبر داخلي خوفٌ لم أفلح في التخلُّص منه تمامًا. كلما اقترب مني كلب في الشارع، تتراجع خطواتي، يتسارع نبضي، وتنهض الطفلة التي بداخلي مذعورة.
لكن، ورغم هذه الذكرى التي جرحت ثقتي، لم أكره الكلاب أبدًا. لم أفهم يومًا كيف يمكن لإنسان أن يؤذي حيوانًا لا حول له ولا قوة، أن يضربه، أن يسحله، أن يسمّمه، أو أن ينظر إليه وكأنه عدو لا بد من القضاء عليه.
الشارع في السنوات الأخيرة صار قاسيًا، ليس فقط على البشر، بل على الكائنات التي لا تملك صوتًا يدافع عنها.
كم من مرة رأيت كلبًا يُركل بلا سبب، أو تُلقى عليه الحجارة وكأن قلوب الناس قد تحجّرت!
كم من مرة سمعت عن حملات قتل جماعي للكلاب الضالة، وكأن الوفاء الذي عُرفت به هذه المخلوقات لم يعد يعني شيئًا في عالمنا.
أين ذهب الحنان؟
أين اختفى التراحم الذي أوصت به الأديان قبل القوانين؟
كيف تحوّلنا إلى بشر يخافون من الطيبة، ويشهرون العداء ضد الكائنات التي لا تطلب إلا الأمان وبعض الطعام؟
الكلب الذي عضّني وأنا طفلة… ربما خاف. ربما رأى فيّ تهديدًا لا أفهمه. ربما أراد أن يلعب ولم يُحسن التعبير.
لكنه، رغم كل شيء، لم يكن شريرًا.
الشر، في حقيقته، ليس في الحيوان، بل في القسوة التي نغلّف بها قلوبنا، وفي الجهل الذي يدفعنا إلى إيذاء كل ما هو أضعف منّا.
ليت الشوارع تتسع قليلًا للرحمة.
ليت البشر يعيدون النظر في علاقتهم بالحيوانات، ليس فقط من منطلق الشفقة، بل من باب المسؤولية الأخلاقية والإنسانية.
فنحن لا نُقاس فقط بما نفعله تجاه من نحب، بل بما نفعله تجاه من لا يستطيع أن يردّ الأذى عن نفسه. نحن نعيش في مجتمع يتحدث كثيرًا عن الأخلاق، عن التدين، عن الفضيلة… لكننا ننسى أن الرحمة ليست شعارًا يُرفع، بل سلوك يومي يُمارس، خاصة تجاه من لا يملك صوتًا يُدافع به عن نفسه.
أحيانًا أسير في الشارع فألمح كلبًا يجلس على الرصيف، عينه قلقة، ذيله بين قدميه، ووجهه ممتلئ بأسئلة لا تُقال:
“هل سأُطرَد؟ هل سأُضرَب؟ هل هذا المارّ طيب أم غاضب؟” كلب لا يريد شيئًا سوى الأمان، وربما قطعة خبز، وربتة على الرأس… أو على الأقل، أن يُترك وشأنه دون أذى. لماذا لا نترك الكلاب وشأنها؟
لماذا لا نعترف بأن هذه المخلوقات، وإن كانت لا تتكلم، إلا أن قلوبها تفهم، وذاكرتها تحتفظ، ووفاءها يتجاوز في كثير من الأحيان وفاء البشر؟ الكلب لا يخون، لا يبيع، لا يؤذي بلا سبب. الكلب لا يكذب.
وما يوجع أكثر من العنف، هو اللامبالاة…أن يُضرَب الكلب في منتصف الشارع، ولا يتوقف أحد. أن يُسمَّم، ويُترك يتلوى في صمت، كأن موته لا يعني شيئًا. أن تتحوّل الكائنات الأليفة إلى أهداف متحرّكة لغضبٍ مكبوت، وعداء غير مبرر، لا تبرّره شريعة، ولا تقبله نفسٌ سوية.
ربما لا أزال أخاف الكلاب قليلًا، لكنني أحبها رغم ذلك، وأدافع عنها ما استطعت. لأنني أؤمن أن الكائن الذي أحبك بصدق حتى بعد أن آذيته، لا يستحق سوى الحماية.
لأن الطفلة التي بداخلي، التي ركضت مذعورة من كلبٍ أبيض، عادت بعد سنوات طويلة، ومدّت يدها لحيوان خائف في الشارع… وربّتت على رأسه. ربما شُفيت بعض الشيء. وربما حان الوقت لنُشفي نحن جميعًا من هذه القسوة التي تسكننا. أقول دائمًا إن ما يفعله الإنسان في الخفاء، مع كائنٍ ضعيف، هو مرآته الحقيقية.
لا يُعرّفنا موقف أمام جمهور، ولا كلمة في ندوة، بل تلك اللحظة التي نمرّ فيها بجانب حيوان جائع أو مذعور… كيف نتصرف حينها؟ تلك هي الحقيقة. الكلب لا يملك لغة ليدافع بها عن نفسه، لكنه يملك قلبًا يفهم ويشعر.
وما أبشع أن نُقابل الوفاء بالخيانة، والوداعة بالقسوة، وأن نغضّ الطرف عن مشاهد الألم لمجرد أنها لا تخصّنا مباشرة
كل كلب مشرّد في شوارعنا هو اختبار صامت لإنسانيتنا. وكل حجر يُرمى، أو قدم تُركل، أو نظرة اشمئزاز تُلقى على كائنٍ أعزل… هي جرح فينا قبل أن تكون جرحًا فيه.
دعونا نتذكر أننا لا نعيش وحدنا، وأن الأرض ليست لنا فقط وأن الرقة ليست ضعفًا، بل رفعة وأن من يُؤذي كائنًا لا يتكلم، سيصعب عليه أن يُحب كائنًا يتكلم. ربما لو أحببنا الكلاب قليلًا، أو على الأقل احترمنا وجودها، لعادت الشوارع أقل عنفًا، وأكثر احتمالًا…وربما لو تذكّر كل واحد فينا كلبًا قديمًا، في طفولته أو في ذاكرته، لكان في قلبه شيء من الحنان لا يُفسَّر.
الكلب الذي عضّني وأنا صغيرة، علّمني شيئًا لا تنقله الكتب: أننا قد نخاف ممّن نحب، لكننا لا نكرههم…وأن الحب الحقيقي لا يزول، حتى إن ترك ندبة.