أمام القنصلية الأميركية.. مغاربة يعتصمون ضد التجويع بغزة
تاريخ النشر: 3rd, August 2025 GMT
الدار البيضاءـ بعد ساعات طويلة من الإضراب عن الطعام، احتشد مئات المغاربة قرب القنصلية الأميركية في الدار البيضاء، للمطالبة بإنهاء التجويع في غزة والتنديد بالدعم الأميركي لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين في القطاع.
ورفع المتظاهرون في الاعتصام الشعبي، الذي دعت إليه الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، شعارات تدعو إلى فتح معبر رفح، مثل "أوقفوا المجازر افتحوا المعابر"، وأخرى تندد بالمشاركة الأميركية في الحرب.
وشهدت ساحة الاعتصام نصب خيام وتنظيم عروض جسدت معاناة أطفال غزة وأهلها، في ظل حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 22 شهرا، كما رفع المشاركون صورا تعكس مأساة التجويع وصورا للشهداء من الصحفيين الذين استشهدوا أثناء توثيقهم للأوضاع في القطاع.
وشاركت في الاعتصام تنظيمات سياسية وحقوقية، بينها جماعة العدل والإحسان وحزب النهج الديمقراطي والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إضافة إلى حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها "بي دي إس"، وطالب المشاركون بإنهاء اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل وإغلاق مكتب اتصالها في الرباط.
وتعد هذه الفعالية الأولى من نوعها أمام القنصلية الأميركية، ضمن موجة اعتصامات تشهدها مدن مغربية منذ أسبوع، بينها مراكش وطنجة والرباط، في تصعيد شعبي للمطالبة بوقف الحرب على غزة.
وبالتزامن مع الاعتصام في الدار البيضاء، واصل ناشطون إضرابهم الرمزي عن الطعام يوما كاملا. وقال الحسن السني، عضو الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، للجزيرة نت: "أردنا من خلال هذا الإضراب أن نعيش جزءا بسيطا من الألم والمعاناة التي يعيشها إخوتنا في غزة يوميا".
وأشار السني، وهو محام بهيئة الدار البيضاء، إلى أن سياسة التجويع محرمة قانونيا وأخلاقيا وفق الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
إعلانوأضاف للجزيرة نت أن اختيار القنصلية الأميركية لعقد الوقفة جاء للتأكيد أن واشنطن "تتحمل مسؤولية مباشرة عما يجري في غزة، سواء عبر التسليح أو من خلال مواقفها في مجلس الأمن واستخدامها المتكرر لحق الفيتو لتعطيل أي قرار يدين الكيان الصهيوني".
كما وجه السني نداء إلى المحكمة الجنائية الدولية لتوسيع دائرة التحقيقات لتشمل الدور الأميركي في الجرائم المستمرة ضد غزة.
وبين الحشود، لفتت الأنظار فتاة تخفي وجهها بكوفية، اتضح لاحقا من حديث عابر أنها أميركية رفضت الكشف عن هويتها لأسباب خاصة، لكنها أعربت عن رفضها للإبادة في غزة قائلة "ما يحدث هناك بدعم من إدارة بلدي أمر فظيع".
واستنكر المتظاهرون السماح بمرور ما وصفوه "بسفن الإبادة" في ميناءي الدار البيضاء وطنجة، في إشارة إلى سفن تابعة لشركة الشحن الدانماركية "ميرسك لاين"، مؤكدين رفضهم رسوّها وهي تحمل أجزاء من طائرات "إف-35" القادمة من ميناء هيوستن الأميركي إلى ميناء حيفا.
كما شهد الاعتصام تلاوة أسماء الشهداء من الأطفال في غزة على لسان ناشطات مغربيات، في حين بعث أطفال المغرب برسائل تضامن عبر لوحات تعبيرية تضمنت عروضا مسرحية وأناشيد مؤثرة.
وفي الرباط، نظمت مجموعة "مغربيات ضد التطبيع" اعتصاما نسائيا خصص لتسليط الضوء على الشهداء من الأطفال الرضع، وشهد تلاوة أسماء نحو ألف طفل استشهدوا قبل أن يكملوا عامهم الأول منذ بدء العدوان الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفي مشهد مؤثر، ذرفت العديد من المشاركات والمارة الدموع أثناء قراءة الأسماء. وغادرت الناشطة الحقوقية خديجة الرياضي المكان لحظات بعدما غلبها التأثر، وقالت للجزيرة نت "لم أكن أتوقع أن أتأثر بهذا الشكل رغم اعتيادي على مشاهد الوجع يوميا، لكن عندما بدأت الأسماء تتلى تخيلت وجوه الرضع كأنهم جميعا أطفالي".
وأضافت الرياضي، منسقة مجموعة "مغربيات ضد التطبيع"، أن الأوضاع لم تعد تحتمل، مشيرة إلى أن "شعوب العالم تخرج إلى الساحات بينما الأنظمة ما تزال تدعم الاحتلال".
وأوضحت أن تخصيص الفعالية لشهداء الأطفال جاء لإبراز حجم الوحشية التي ينتهجها الاحتلال، مع تخصيص معرض للصحفيين الشهداء في غزة، ومن بينهم صحفيو شبكة الجزيرة الذين دفعوا حياتهم ثمنا لنقل الحقيقة.
وفي مراكش، نظمت 3 اعتصامات متتالية في ساحة الكتبية أيام 24 و25 و31 يوليو/تموز، بينما تواصلت الاعتصامات والمسيرات الشعبية في طنجة خلال الأسبوعين الأخيرين، على أن تستمر الاحتجاجات غدا في مدن مغربية مختلفة ضمن ما يسمى "اليوم الوطني الاحتجاجي" لأجل غزة.
ويشكل هذا اليوم الوطني سلسلة فعاليات شعبية متزامنة تنظمها الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع منذ مايو/أيار 2021، للتنديد بالاعتداءات الإسرائيلية والمطالبة بوقف التطبيع، أو بالتزامن مع مناسبات مثل اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وذكرى يوم الأرض.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الدار البیضاء فی غزة
إقرأ أيضاً:
"واشنطن بوست": رصاص الجيش والنهب يُضاعفان أزمة التجويع بغزة
غزة - ترجمة صفا
رصدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية ما قالت إنها مشاهد فوضوية تجسد حالة اليأس داخل قطاع غزة المحاصر جراء استمرار الجيش الإسرائيلي استهداف المجوعين في أماكن توزيع المساعدات.
وجاء في تقرير مطول للصحيفة اليوم الأحد أن تلك المشاهد يعززها أيضًا الفوضى والنهب للشاحنات التي يسمح جيش الاحتلال بدخولها إلى القطاع.
وقالت إنه وحتى مع ادعاء "إسرائيل" - تحت ضغط دولي متزايد- أمس السبت عن تخفيف القيود على دخول الغذاء إلى غزة؛ فإن النهب وإطلاق النار والعراقيل البيروقراطية ما زالت تعرقل إيصال المساعدات بشكل شبه يومي.
وعلى الرغم من وعود "إسرائيل" بإنشاء ممرات آمنة هذا الأسبوع، يقول مسؤولو الأمم المتحدة إن الواقع الميداني لم يتغير.
ووفقًا لمسؤولين إغاثيين، فإن النتيجة هي أن الأوضاع بالنسبة لأهالي غزة ما زالت كارثية، مع وصول جزء ضئيل فقط من المساعدات إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها، بينما الإصابات والوفيات في ازدياد.
ونقلت الصحيفة عن منظمة اللاجئين الدولية – وهي أكبر هيئة دولية مختصة بأزمات الجوع هذا الأسبوع قولها إن "أسوأ سيناريو للمجاعة يحدث حاليًا" في غزة. وبحسب مسؤولين في وزارة الصحة في المدينة، استشهد ما لا يقل عن 154 شخصًا بسبب سوء التغذية منذ بداية العدوان، الغالبية العظمى منهم في يوليو.
وقال رئيس المنظمة جيريمي كونيانديك، ومسؤول سابق أشرف على جهود إنسانية في إدارتي بايدن وأوباما: "سيكون هناك فترة من هذه المشاهد الخاصة باقتحام قوافل المساعدات حتى يتدفق مستوى كافٍ ومتسق من المساعدات".
وأضاف: "هذا نتيجة حتمية ولا مفر منها لمستوى الحرمان الذي فرضته الحكومة الإسرائيلية على غزة من خلال الحصار هذا الربيع".
يوم الجمعة، زار السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هوكابي والمبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف غزة لتقييم الوضع.
وبحسب الصحيفة، فإن 100 مليون وجبة قُدمت للمجوعين في غزة حتى الآن تعادل أقل من وجبة واحدة يوميًا لكل شخص هناك، كما أن العديد من المنتجات تحتاج إلى الطهي، وبالتالي تتطلب وقودًا ومياه، وهما غير متوفرين بسهولة.
مسؤول عسكري إسرائيلي سابق على دراية بالعمليات في غزة أقرّ بوجود "انهيار تام للنظام" سببه استمرار الحملة العسكرية. وقال إن العصابات تنهب بشكل واسع، والمدنيون العاديون يعتقدون أن كل شاحنة مساعدات يواجهونها قد تكون الأخيرة.
وقال مسؤولو الأمم المتحدة إن بعض النهب يتم على أيدي عصابات مسلحة، لكن الغالبية العظمى ممن يحملون الطعام من الشاحنات هم مدنيون جائعون يحاولون إطعام أسرهم.
وأضاف المسؤول الإسرائيلي السابق: "من دون وقف إطلاق النار، الناس تحت ضغط نفسي شديد يفكرون بعبارة: "قد ينتهي هذا قريبًا، وهذه فرصتي الوحيدة للحصول على ما أستطيع لعائلتي".
ورغم أن دولاً عربية وأجنبية أخرى بدأت بإسقاط مساعدات جوًا يوم السبت، إلا أن هذه المهام الجوية لا توفر كميات تغير الوضع الإنساني بشكل ملموس، بحسب المسؤولين.
كما أن مراكز توزيع الغذاء في جنوب غزة شابتها الفوضى وإطلاق النار، حيث قُتل أكثر من ألف شخص من طالبي المساعدات، بينهم برصاص إسرائيلي، منذ بدء العمليات في مايو، وفق وزارة الصحة في غزة.
وتقول الأمم المتحدة إن أحد المشاكل في إيصال المساعدات هو رفض السلطات الإسرائيلية منحها الإذن باستخدام طرق أقل ازدحامًا؛ إذ أصدرت "إسرائيل" أوامر نزوح لنحو 80% من أراضي غزة واعتبرتها مناطق عسكرية مغلقة. ونتيجة لذلك، لا تستطيع القوافل الأممية الدخول إلا عبر مسارين — شمالي وجنوبي — يمران بمناطق مزدحمة.
ورغم أن السلطات الإسرائيلية وافقت منذ السبت على مزيد من الشاحنات، فإن القوافل غالبًا لا يُسمح لها بالتحرك إلا في وقت متأخر، بعد تجمع الحشود، مما يزيد احتمالات النهب.
وتقول "واشنطن بوست": لعدة أشهر، ضغطت الأمم المتحدة وشركاؤها الإنسانيون على السلطات الإسرائيلية لفتح مزيد من المعابر الحدودية. ومع تفاقم الأزمة، قدمت "إسرائيل" وعودًا خطية للأمم المتحدة بأنه بحلول نهاية يونيو سيتم فتح مزيد من المعابر، ودخول 100 شاحنة على الأقل يوميًا، وعدم وجود قوات إسرائيلية على طول طرق القوافل أو في المستودعات. لكن شيئًا من ذلك لم يتحقق مطلقًا.
ونقلت الصحيفة عن فق بلال أبو مغيصيب (35 عامًا)، الذي يعمل في شركة شاحنات وأمن عائلية أن السير على الطرق المعروفة شديد الخطورة، ما يجبرهم على القيادة بسرعة عالية وسط طرق مكتظة مليئة بالحفر وأحيانًا، يدهس السائقون أشخاصًا وهم يحاولون اجتياز حشود من الناهبين الذين يرمون الحجارة أو يطلقون النار.