صدر عن مركز الجزيرة للدراسات عدد أغسطس/آب 2025 من مجلة "لباب للدراسات الإستراتيجية"، حافلا بجملة من القضايا الجيوسياسية والفكرية المتشابكة، أبرزها تداعيات المواجهة العسكرية الأخيرة بين إيران وإسرائيل، وتنامي أدوار الاستخبارات، وأسئلة الشرعية السياسية وإعادة بناء الدولة في العالم العربي.

ويجمع العدد بين التحليل الميداني والتحقيق المفاهيمي، ساعيا إلى قراءة التحولات الإقليمية من زوايا أمنية واقتصادية وثقافية، واستشراف مآلاتها في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كيف نفهم إستراتيجية روسيا في البحر الأسود؟list 2 of 2بعد حرب الـ12 يوما مع إيران.. بماذا أوصت مراكز الأبحاث الإسرائيلية نتنياهو؟end of list

يسلّط العدد الضوء على تصاعد الدور الاستخباراتي في النزاعات الحديثة، من خلال محور بحثي يتناول طبيعة الأجهزة الاستخباراتية واختلالاتها المؤسسية والنفسية، إلى جانب رصد تجربة المدرسة البريطانية في ترسيخ الشفافية والمساءلة داخل العمل الأمني. وتتناول إحدى الدراسات ما سمّته "باثولوجيا الاستخبارات"، في تشريحها للعلل البنيوية المؤثرة في كفاءة القرار الأمني.

وفي امتداد لهذا التناول، يطرح العدد قضية فكرية حول مسألة الشرعية السياسية بوصفها ركيزة للاستقرار، من خلال دراسة محورية تربط بين الشرعية والثقافة السياسية، وتبرز أثر غياب التوافق بين الدولة والمجتمع في تفاقم الأزمات.

كما تقدم المجلة قراءة في أشكال التعبير غير المؤسسية للشرعية، من خلال حالة "الألتراس" في المغرب، باعتبارها ظاهرة جماهيرية تعيد صياغة الولاء والانتماء خارج القنوات الرسمية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تتناول إحدى الدراسات دور القطاع الخاص في ترسيخ النزاهة كأحد أسس الشرعية الحديثة، مقترحة شراكة إستراتيجية ثلاثية تجمع بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بهدف تقليص الفساد وتعزيز الثقة العامة.

أما في البعد الجيوسياسي، فتتناول المجلة السياسة الخارجية الصينية في آسيا، من خلال دراسة تركّز على "الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني"، بوصفه نموذجا للقوة الذكية التي تمزج بين أدوات التنمية والتأثير الإستراتيجي، مع مساءلة حدود هذه القوة في بيئات إقليمية تتوجّس من التمدد الجيوسياسي.

إعلان

وفي زاوية "قراءة في كتاب"، تقدم المجلة مراجعة تحليلية لكتاب نكبة غزة 2023- 2024، الذي يتناول -بعيون يابانية- العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، من منظور ما بعد كولونيالي، ويعيد الاعتبار للسردية الفلسطينية بوصفها شكلا من أشكال المقاومة الرمزية في مواجهة الهيمنة.

ويختتم العدد بدراسة تحليلية ترصد المواجهة العسكرية الأخيرة بين إيران وإسرائيل، التي امتدت لـ12 يوما، مسلطة الضوء على تحولات الردع وتوازنات القوى، واستخدام أدوات غير تقليدية، من السيبرانية إلى الاستخبارات الدقيقة، بما يعكس تحولا في منطق الحرب في الشرق الأوسط.

وبهذا التنوع المعرفي والمنهجي، يربط العدد بين مساءلة السلطة وتشريح الخلل في مؤسساتها الأمنية، وتحليل التحولات الجيوسياسية، وإعادة التفكير في مفاهيم الاستقرار والشرعية.

وفي خاتمته، يطرح العدد أسئلة جوهرية على طاولة الفكر السياسي:

هل يمكن إعادة بناء شرعية سياسية متجذّرة ثقافيا ومرنة سياسيا في السياقات العربية؟ وهل تملك المجتمعات الأدوات الفكرية والمؤسسية لتحويل النقد المعرفي إلى إصلاح فعلي؟

يمكنكم الاطلاع على العدد وتحميله من خلال الضغط على هذا الرابط.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات دراسات من خلال

إقرأ أيضاً:

تحقيق أمريكي يكشف ملاحقة إسرائيلية لمدعي عام الجنائية الدولية

كشفت مجلة "ذي نيويوركر" الأمريكية، في تحقيق موسّع للصحفي ديفيد دي. كيركباتريك بعنوان "لاهاي أمام المحكمة"، تفاصيل ضغوطٍ وملاحقاتٍ تعرّض لها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، على خلفية طلبه إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، بتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.

واستعرض التحقيق نشأة المحكمة الجنائية الدولية بعد مذابح رواندا وحروب البلقان، مشيرا إلى بطء عملها خلال عقدين لم تصدر فيه سوى نحو 40 مذكرة توقيف، معظمها لقادة وأمراء حرب من أفريقيا، مع تجنب واضح لمواجهة القوى الكبرى أو حلفائها.

ولفتت المجلة إلى أن الولايات المتحدة وروسيا والصين وإسرائيل لم توقع على نظام روما المؤسِّس للمحكمة، التي تُشرف عليها الدول الأطراف فيها.

وأوضحت "ذي نيويوركر" أن كريم خان، وهو بريطاني من أصل باكستاني يبلغ من العمر 55 عاما، انتخب مدعيا عاما للمحكمة عام 2021 متعهدًا بإعادة تنشيطها وملاحقة مرتكبي الجرائم "مهما كانت مواقعهم".

وأصدر خلال ثلاث سنوات أكثر من 40 مذكرة توقيف، بعضها غير معلن، بينها مذكرات بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقادة من حركة حماس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه.



وقالت المجلة إن مذكرات التوقيف بحق نتنياهو وغالانت كانت "الأكثر إثارة للجدل" في تاريخ المحكمة، إذ استهدفت لأول مرة حليفا وثيقا لواشنطن.

وذكّرت بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت قد فرضت عقوبات على المدعية السابقة فاتو بنسودا عام 2020 لمجرد فتحها تحقيقًا في جرائم محتملة ارتكبتها قوات أمريكية في أفغانستان.

وأضاف التحقيق أن خان سمح لمخرج وثائقي بمرافقته خلال عام 2024 أثناء تحقيقاته، وأنه في اليوم الذي قدّم فيه طلب مذكرات التوقيف الإسرائيلية في أيار/مايو أجرى مقابلة مع الإعلامية كريستيان أمانبور من مقر المحكمة في لاهاي.

وبيّن التحقيق أن حياة خان المهنية والشخصية تغيّرت مساء 17 تشرين الأول/أكتوبر 2024، بعدما تلقّى اتصالا من محامية ماليزية كانت تعمل مساعدته الخاصة، قالت إنها مريضة وتعاني الاكتئاب، قبل أن تعود لاحقًا إلى الواجهة بادعاءات تحرش ضده.

وأشار التحقيق إلى أن مكتب الرقابة الداخلية كان قد أُبلغ سابقًا بشكوى من المحامية، لكنها رفضت التعاون مع التحقيق الداخلي، فتم إيقافه.

ووفق "ذي نيويوركر"، فقد تجددت القضية لاحقا مع بدء حملة ضغوط غربية في ربيع 2024 لثني خان عن إصدار مذكرات التوقيف ضد القادة الإسرائيليين، تزامنًا مع تحذيرات من محاولات "الموساد" اختراق المحكمة، وفي خريف العام نفسه أُعيد إحياء ملف الشكوى عبر بريد إلكتروني مجهول سرّب تقريرا داخليًا إلى صحفيين.

وأشارت المجلة إلى أن خان نفى جميع الاتهامات، بينما بدأت تسريبات على منصة «إكس» تتحدث عن تحقيقات في سلوكه، وتبعتها تغطية من صحيفة «وول ستريت جورنال» نشرت تفاصيل مزاعم ضدّه، وصفتها المجلة بأنها «غير مؤكدة»، ولاحقًا قررت المحكمة فتح تحقيق خارجي، تبعه تحقيق أممي مستقل.

وقالت "ذي نيويوركر" إن خان ومحاميه اعتبروا أن الادعاءات استُغلت من جانب إسرائيل وحلفائها لتقويض التحقيقات بشأن حرب غزة، مؤكدين أن المتهمة استُدرجت إلى حملة تستهدف شخصه والمؤسسة القضائية الدولية.

في المقابل، نقلت المجلة عن نتنياهو قوله في مقابلة مع موقع "بريتبارت" إن خان "ختار استهداف اليهود ورئيس الحكومة الإسرائيلية" بسبب الاتهامات الموجهة إليه، معتبرًا المحكمة "منظمة فاسدة".

ولفت التحقيق إلى أن إدارة ترامب وعددًا من أعضاء الكونغرس الأمريكي استخدموا الاتهامات الموجهة لخان في إطار دفاع سياسي عن نتنياهو وغالانت، غير أن المجلة أوضحت أن الربط بين القضايا "يتناقض مع الوقائع"، إذ إن فريق الادعاء كان يعمل منذ أشهر على دراسة الهجوم الإسرائيلي على غزة، بمشورة لجنة خبراء ضمت قاضيين دوليين ومستشارا قانونيا بريطانيا وأمل كلوني، وتوصلت اللجنة إلى وجود أدلة كافية على "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" ارتكبها الطرفان، تشمل أعلى مستويات القيادة الإسرائيلية.

وأشارت المجلة إلى أن خان واجه تهديدات مباشرة، إذ حذّره مستشار البيت الأبيض بريت ماكغيرك في نيسان/أبريل 2024 من "عواقب وخيمة" إذا أصدر المذكرات، فيما قال وزير الخارجية البريطاني حينها ديفيد كاميرون إن القرار سيكون بمثابة "قنبلة هيدروجينية".



كما بعث 12 سيناتورا جمهوريا بينهم ميتش ماكونيل وماركو روبيو رسالة تهديد قالوا فيها: "استهدف إسرائيل وسنستهدفك".

وكشفت "ذي نيويوركر" أن خان تلقى في ربيع 2025 تهديدا غير مباشر عبر محامٍ بريطاني–إسرائيلي يدعى نِك كوفمان، زعم أنه ينقل عرضًا من نتنياهو وغلانت لوقف الملاحقات مقابل "تسوية"، محذرا من أن تجاهل العرض سيؤدي إلى "تدمير المحكمة".

ونقلت المجلة عن ليلى سعادات، أستاذة القانون بجامعة واشنطن ومستشارة سابقة بمكتب الادعاء، قولها إنها عملت مع خان ومع المحامية صاحبة الاتهامات، ولا ترى سببًا للتشكيك في «حسن نية أي منهما»، معتبرة أن الربط بين القضية الشخصية والتحقيق في جرائم غزة «غير معقول ومؤسف».

وختمت تحقيقها بالإشارة إلى أن تقرير محققي الأمم المتحدة المنتظر سيحسم مصير خان أمام مجلس الدول الأطراف الذي تتحكم فيه اعتبارات سياسية، فيما تسببت الحملة ضده فعليًا في إعاقة مسار محاسبة إسرائيل على المجازر المرتكبة في غزة، مؤكدة أن المحكمة تواجه خطر العقوبات الأمريكية مجددًا، وأن المتهمة تشعر بالأسف من «خلط قضيتها الشخصية بملف غزة.

مقالات مشابهة

  • ترامب: الصراع في أوكرانيا أعقد من قضايا الشرق الأوسط
  • خطوات دفع فاتورة الغاز المنزلي وتسجيل قراءة العداد
  • لوبوان: كيف أفلتت أحداث 7 أكتوبر من رقابة الاستخبارات الإسرائيلية؟
  • الأردن بين التحديات والتحولات: قراءة في كتاب “Jordan: Politics in an Accidental Crucible”
  • تحولات في سوق الذكاء الاصطناعي: سهم إنفيديا يتأرجح بعد صفقة AMD مع OpenAI
  • تحقيق أمريكي يكشف ملاحقة إسرائيلية لمدعي عام الجنائية الدولية
  • من العراق إلى تونس.. قراءة معمقة في بنية الاستبداد العربي.. كتاب جديد
  • جاسم تحتفي بيوم المعلم
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: موقف حماس يشكل تحولاً في مسار الصراع
  • «تريندز» يناقش تحولات الشرق الأوسط خلال مؤتمر دولي