عربي21:
2025-08-01@13:18:01 GMT

خرافة المقاومة والايديولوجيا!

تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT

كتب أستاذ علوم سياسية مصري معروف، وعضو “معين غير منتخب” في مجلس الشورى المصري، ومن أبرز منظري الانقلاب العسكري في مصر، وهو مشهور بموقفه الواصف للتظاهرات مدفوعة الثمن التي قام بها ما كان يطلق عليهم بفلول مبارك بأنها “ثورة مضادة”، مقالا ميَّز فيه بين ما يسميه “الأذى”، وبين “المقاومة”، وأن الأذى أمر مؤقت، بينما المقاومة “استراتيجية طويلة البال، متعددة الأوجه، صريحة الهدف، قوية العقيدة، شدبدة المراس، خطوتها الأولى وحدة وطنية، وهو ما حققته حركات التحرر الوطني، مثل جبهة التحرير الجزائرية، وجبهة التحرير الفيتنامية”!

وبعيدا عن اللغة الانشائية التي استخدمها أستاذ العلوم السياسية الشهير لتوصيف المقاومة، والتي لا تحيل إلى معنى، سوى إدانة حماس فإن النموذجين اللذين استخدمهما يفضحان الرغبة في الخداع وليس التوضيح!

في الجزائر، وعقب انطلاق الثورة الجزائرية عام 1954، عمد مصالي الحاج، الذي كان يلقب بأبي الأمة وأبي الوطنية، في السنة نفسها الى تشكيل “الحركة الوطنية الجزائرية”، والتي اشتهرت شعبيا بعنوان “الحرْكة” (بتسكين الراء)، قاتلت ضد جبهة التحرير، وحظيت بدعم مباشر من الفرنسيين!

وقد شكلت الحركة قوة مسلحة تحت عنوان “الجيش الوطني الشعبي الجزائري” بقيادة محمد بلونيس، الذي عقد اتفاقا مع الفرنسيين في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 1957، كان من أبرز فقراته: التأكيد على أن تبقى الجزائر مرتبطة بفرنسا، بصيغة استقلال ذاتي وإدماج تام، فضلا عن تعهد بالقضاء على جبهة التحرير الجزائرية!

وفي دراسة أكاديمية حول “الحركة الوطنية الجزائرية (المصالية) النشأة والموقف من الثورة والصراع مع جبهة التحرير الجزائرية 1954 ـ 1962” نقرأ ما يأتي: “إن الصراع بين الحركة الوطنية الجزائرية وجبهة التحرير الوطني كان عنيفا ومأساويا”! وتشير الدراسة الى أن مصالي الحاج وجه رسالة إلى الشعب الجزائري “يندد فيها بالحرب والقمع”، ويتهم جبهة التحرير بأنهم “مغامرون”!

أما في فيتنام، فلم يكن هناك شيء اسمه “وحدة وطنية” من الأصل؛ لأن الصراع كان قائما بين الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام الشيوعية “الفيت كونغ”، وبين الجيش الجمهوري الفيتنامي المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية!

بالعودة إلى تنظير أستاذ العلوم السياسية هذا، نقرأ أيضا: “الأذى يوجد فقط للحاجة النفسية، أما المقاومة فهي استراتيجية لطرد مستعمر أو غاز أو طاغية، وثانيا وهو الأهم قيام الدولة المستقلة الواحدة لشعب بعينه، وهي عملية صبورة لا تقطعها “حماس” بعد توقيع اتفاقية أوسلو الذي أقام أول سلطة فلسطينية على الأرض الفلسطينية في التاريخ”، وأن “القيادة السياسية”، وهي هنا منظمة التحرير الفلسطينية حصرا من وجهة نظره، هي التي ” تمتلك استراتيجية الحرب والسلام، واستخدام الدبلوماسية للتفاوض أو السياسة لبناء التحالفات أو الحرب، شاملةً كانت أو جزئية، دائمةً أو مرحلية؛ لأن عليها أن تَقِيس توازنات القوى بدقة بين طرفَي الصراع”!

إن عبارة “دولة مستقلة واحدة لشعب بعينه” كتبت بقصدية واضحة هنا، وهي تعريض ضمني بحركة حماس، فهي تقول ضمنا بأن حماس، بصفتها حركة تنتمي إلى الإسلام السياسي، ليست “حركة تحرر وطني”، وبالتالي لا ينطبق عليها توصيف “المقاومة”! والواقع أنه خطاب مطروح كثيرا اليوم يتهم حماس بأنها قامت بتهجين خطابها الديني بآخر وطني واستخدمت مصطلحات المقاومة بديلا عن مصطلح الجهاد!

لا يمكن عزل هذا الخطاب عما اسميناه في مقالة سابقة “شيزوفرينيا الليبراليين العرب”، الذين يشيطنون الحركات الإسلامية وفقا لتحيزاتهم الشخصية المسبقة، أو وفقا لطبيعة الخطاب التي تتبناه دولهم كما في حالة أستاذ العلوم السياسية المصري الذي اتهم حماس في لقاء تلفزيوني جرى عام 2021، بأنها “تشكل عقبة رئيسية في قيام الدولة الفلسطينية” مع أن الحركة كانت قد أقرت في ميثاقها الجديد عام 2017 بقبولها بفكرة قيام دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها اسرائيل في حرب عام 1967!

المفارقة هنا أن هؤلاء (المتنورين) ينظرون حول “شرعية” الانقلاب الذي حصل في مصر ثم تونس، الذي أزاح “خصومهم الإسلاميين”، ولا يجدون حرجا في التناقض بين هذا الطرح وبين مفهوم الديمقراطية التي يبشرون بها!

إن هذا الربط المتعسف بين الايديولوجيا والمقاومة، لا علاقة له بالمقولات والمنهجيات المتعلقة بالمقاومة، بل إن هدفه سياسي بحت، فهم يسعون إلى صناعة “كتالوغ” ينفي عن حركات الإسلام السياسي صفة “المقاومة” أولا، ومن ثم ينفي حقها في “مقاومة الاحتلال”! وهي محاججة متحيزة لا تلتفت إلى فعل الاحتلال نفسه، أو الاحتلال الاستيطاني كما في الحالة الفلسطينية.



وهذا يعني أن “الحق في المقاومة” ليس حقا “أصيلا” للمواطن الواقع تحت الاحتلال، بل هو حق قابل للتحويل، وقابل للتجزيء، وغير متساو وتمييزي، وبالتالي يمكن تأويله تبعا للتحيزات، وتبعا لوجهات النظر الشخصية! وأن هذا الحق يرتبط بايديولوجيا المواطن نفسه؛ فالمواطن غير المنتمي إلى الإسلام السياسي لديه حق في “المقاومة”، فيما يسقط هذا الحق عن المنتمي للإسلام السياسي!

يؤكد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3103 الصادر في 12 كانون الأول/ ديسمبر 1973 المتصل بالمبادئ الأساسية المتعلقة بالمركز القانوني للمقاتلين الذين يكافحون السيطرة الاستعمارية والأجنبية والنظم العنصرية “أن استمرار الاستعمار بجميع أشكاله ومظاهره… يعد جريمة».

ويقرر في مادته الأولى على «أن كفاح الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية والنظم العنصرية في سبيل إقرار حقها في تقرير المصير والاستقلال هو كفاح مشروع يتفق مع مبادئ القانون الدولي»، وأن «المنازعات المسلحة التي لها دخل بكفاح الشعوب ضد السيطرة الاستعمارية والأجنبية والنظم العنصرية تعتبر منازعات مسلحة دولية بالمعنى الوارد في اتفاقية جنيف لعام 1949، كما أن المركز القانوني المستهدف سريانه على المقاتلين في اتفاقية جنيف لعام 1949 وفي سائر الوثائق الدولية يعتبر ساريا على الأشخاص الضالعين بكفاح مسلح ضد السيطرة الاستعمارية والأجنبية والنظم العنصرية”.

وهذا التوصيف ينطبق بالكامل على الشعب الفلسطيني ككل، وعلى المقاتلين الفلسطينيين ككل، بمعزل عن الانتماءات الايديولوجية أو السياسية!

يمكن للمرء أن يكون له موقف معارض لحركات الإسلام السياسي بالمجمل، وأن يكون لديه اعتراضات موضوعية على سياسات حماس وسلوكها، لكن هذا لا يعطي الحق لأي شخص، كائنا من كان، أن ينزع عن حماس صفة المقاومة، أو أن يفرض نفسه وصيا على خيارات الفلسطينيين، أو أن يجعل تحيزاته الشخصية هي المعيار في الحكم على الأشياء!

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة حماس الاحتلال حماس غزة الاحتلال المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإسلام السیاسی جبهة التحریر

إقرأ أيضاً:

حماس تحيي الذكرى الأولى لاغتيال إسماعيل هنية

في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إسماعيل هنية، أصدرت الحركة بيانًا أكدت فيه أن "عامًا مضى على رحيل شهيد فلسطين والأمة، القائد الكبير الذي اغتالته يد الغدر الصهيونية في طهران فجر الثلاثاء 31 يوليو 2024، في جريمة غادرة لن تنسى".

وشددت الحركة في بيانها على أن سياسة الاغتيال التي ينتهجها الاحتلال "لم تزده إلا تجذرًا في المقاومة، وإصرارًا على مواصلة النضال حتى التحرير ودحر الاحتلال عن الأرض والمقدسات".

محطة مفصلية

وأشادت الحركة بسيرة القائد الراحل، مؤكدة أن مسيرته كانت "حافلة بالعمل والنضال في ميادين المقاومة والسياسة والدبلوماسية، منذ انخراطه في صفوف الحركة عقب الانتفاضة الأولى عام 1987، مرورًا برئاسته للحكومة الفلسطينية، وحتى قيادته للمكتب السياسي لحماس".

واعتبرت حماس أن استشهاد هنية، الذي دفن في العاصمة القطرية الدوحة، شكل "محطة مفصلية تؤكد أن قادة المقاومة في قلب المعركة، يقدمون أبناءهم شهداء كما فعل القائد أبو العبد الذي ودع عددًا من أبنائه وأحفاده قبل أن يختم حياته بالشهادة".

ودعت الحركة إلى اعتبار الثالث من أغسطس من كل عام يومًا وطنيًا وعالميًا لنصرة غزة والقدس والأقصى والأسرى، مطالبة الأحرار حول العالم بجعل هذه المناسبة "محطة نضالية ضد الاحتلال، وحراكًا شعبيًا مناهضًا لحرب الإبادة والتجويع بحق أهل غزة".

واختتمت الحركة بيانها بالتأكيد على "مواصلة درب الشهداء، والدفاع عن الثوابت، والسعي لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس"، مكررة شعارها: "وإنه لجهاد... نصر أو استشهاد".

تفاصيل الاغتيال

ففي صباح الأربعاء 31 يوليو 2024، أعلن الحرس الثوري الإيراني اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، إثر غارة إسرائيلية استهدفته في مقر إقامته بطهران، عقب مشاركته في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.

وأكدت حماس في بيان رسمي استشهاد هنية، ناعية "القائد المجاهد إلى الشعب الفلسطيني، والأمة العربية والإسلامية، وكل أحرار العالم"، واصفة الهجوم بأنه "غارة صهيونية غادرة".

وشهدت العاصمة الإيرانية، في اليوم التالي، مراسم تشييع رسمية وشعبية بحضور المرشد علي خامنئي، قبل أن ينقل جثمان هنية إلى العاصمة القطرية الدوحة. 

وأقيمت عليه صلاة الجنازة بعد صلاة الجمعة 2 أغسطس في جامع محمد بن عبد الوهاب، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ووالده الأمير الوالد، إلى جانب وفود رسمية من تركيا، وقيادات فلسطينية، ومنظمات إسلامية، وجموع غفيرة من المشيعين. ووري الثرى في مقبرة الإمام المؤسس بمدينة لوسيل شمال الدوحة.

فشل العملية

وفي تطور لافت، كشفت "القناة 12" الإسرائيلية في تقرير نشرته لاحقًا أن العملية كانت قاب قوسين من الفشل، بعد أن غادر هنية غرفته – التي تم تفخيخها – بسبب عطل مفاجئ في نظام التكييف. 

وأضاف التقرير أن موظفين إيرانيين تدخلوا لإصلاح الخلل قبل عودة هنية إلى الغرفة، مشيرًا إلى أن الغارة التي أودت بحياته نفذت لاحقًا في الموقع ذاته، الذي يتبع لأحد بيوت الضيافة التابعة للحرس الثوري الإيراني.

هذه التفاصيل الجديدة تسلط الضوء على الثغرات الأمنية التي استغلها الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ واحدة من أخطر عمليات الاغتيال التي طالت قيادة "حماس" في السنوات الأخيرة.

طباعة شارك هنية اغتيال حماس إسماعيل هنية غزة القدس

مقالات مشابهة

  • تدريب قوات فلسطينية وفق خطة أمنية مصرية.. ماذا تُعد القاهرة وشركاؤها لغزة؟
  • ما هي الدول التي تغيرت رسومها الجمركية منذ إعلان ترامب في يوم التحرير؟
  • حماس ردًا على "إعلان نيويورك": المقاومة وسلاحها استحقاق وطني
  • واصل أبو يوسف: منظمة التحرير الإطار الشرعي الوحيد لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية
  • عام على اغتيال إسماعيل هنية.. حماس: دماء القادة مناراتٌ على درب التحرير
  • حماس تحيي الذكرى الأولى لاغتيال إسماعيل هنية
  • في ذكرى استشهاده.. حماس تُحيي إرث هنية.. ارتقى قائدًا كما عاش مقاومًا
  • كيف أصبحت المقاومة البديل الذي لا يُهزم؟
  • "حماس" تحذر من خطورة الوضع الذي يعانيه الأسرى داخل سجون الاحتلال
  • ترامب: إسرائيل ترفض حصول حماس على المساعدات التي يتم توزيعها في غزة