هيرست: حروب إسرائيل الأبدية في الشرق الأوسط ستمهد لزوالها
تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT
شن الكاتب البريطاني ديفيد هيرست في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" هجوما لاذعا على ما يسميها "خطة الجنرالات" الإسرائيليين للخروج من مأزق الحرب التي تخوضها في قطاع غزة وجنوب لبنان ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله اللبناني على التوالي.
فما هي "خطة الجنرالات هذه؟ وماذا تعني للحرب في غزة؟ يجيب هيرست في مقاله بالموقع الذي يرأس تحريره موضحا أن الخطة وضعها الجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي غيورا آيلاند الذي يعترف بأن تكتيكات إسرائيل في غزة قد فشلت، إذ في كل مرة يفرغ الجنود من "تطهير" منطقة في القطاع من مقاتلي حماس فإنهم ما يلبثون أن يظهروا مرة أخرى.
وقال إن الحل الذي يقترحه آيلاند في خطته لا يتمثل في حل الأزمة بالتفاوض، بل في إجبار 400 ألف من سكان شمال غزة على الخروج بتخييرهم بين التضور جوعا أو الموت.
ويروج آيلاند لخطته على أنها هي الطريقة الوحيدة لتحقيق أهداف إسرائيل من الحرب، وقد حظيت الخطة بدعم واسع النطاق في دولة الاحتلال من الجيش والبرلمان (الكنيست) ووسائل الإعلام، في حين قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنه يدرسها.
لكن هيرست يرى أن الخطة بعيدة كل البعد عن التفكير الإبداعي، لافتا إلى أن هناك أناسا كثرا يعتقدون اليوم أن الجيش الإسرائيلي ينفذ بالفعل أجزاء منها، حتى أنه أصدر أوامر الطرد الواردة في الخطة كمرحلة أولى.
ووفقا للمقال، فقد انتهى الجيش الإسرائيلي بالفعل من بناء ممر نتساريم الذي يشطر القطاع جنوب مدينة غزة، وهو "عنصر أساسي" في تكتيكات آيلاند بالحصار.
ونُقل عن جندي متمركز في ممر نتساريم قوله إن الهدف من هذا الممر هو منح السكان الذين يعيشون شمال منطقة نتساريم مهلة نهائية للانتقال إلى جنوب القطاع "وبعد هذا الموعد كل من سيبقى في الشمال سيعتبر عدوا وسيقتل".
ومضى هيرست إلى القول إن صور "إرهاب الحرب" التي ترتكبها إسرائيل في غزة أو لبنان لا تدخل قوائم الترشيح لجائزة بوليتزر، كما أنها لا تستثير بيانات إدانة من رؤساء الولايات المتحدة أو رؤساء حكومات بريطانيا الحاليين والسابقين، أو تصريحات تعبر عن اشمئزازهم من الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في غزة أو لبنان.
وأضاف أنه لا توجد محاذير في النقاشات الدائرة بإسرائيل، ولا حتى حول استخدام مصطلحات مثل "الإبادة".
وذكر الكاتب البريطاني أنه حتى المؤرخين في إسرائيل يحرضون على الإبادة الجماعية، فهذا عوزي رابي -وهو كبير المحاضرين في قسم الدراسات الشرق أوسطية والأفريقية بجامعة تل أبيب، والذي يعد أيضا من أبرز الخبراء الإسرائيليين بشؤون المنطقة- قد صرح في مقابلة تلفزيونية أجريت معه الشهر الماضي بأن "كل من سيبقى هناك (شمال غزة) سيحكم عليه القانون كإرهابي وسيخضع إما لعملية تجويع أو إبادة".
وأضاف أنه "لا ينبغي لإسرائيل أن تحاول حل المشاكل في المنطقة برفق شديد"، مضيفا أن تصرفات إسرائيل ستكون بنكهة "التوابل الشرق أوسطية".
وهناك بيني موريس -الذي كان في زمن مضى أحد "المؤرخين الجدد" الذين كشفوا عن المجازر التي ارتكبتها إسرائيل عام 1948- يريد الآن ضرب إيران بالقنابل النووية.
ونقل هيرست عن أحد الصحفيين الذين يعيشون في جحيم القصف الإسرائيلي المتواصل في غزة قوله إن الناس هناك -خاصة في جباليا- لم يتزحزحوا، بل يفضلون الموت في الشوارع على الرحيل إلى الجنوب.
وحتى الناس في الجنوب يقولون إن "الموت في غزة أفضل من الموت في الجنوب"، لأن الموت في الجنوب لا يطاق، والحياة في الجنوب لا تطاق وأصعب بكثير من الشمال رغم أن الموت واحد"، بحسب الصحفي الذي لم يذكر الكاتب البريطاني اسمه.
ولا يتوقف الأمر عند المؤرخين أو العسكريين أو السياسيين، فالبروفيسور آفي بارلي المحاضر في إسرائيل وتاريخ الصهيونية بجامعة بن غوريون كان قد كتب في أكتوبر/تشرين الأول 2023 أن الفلسطينيين "مجتمع يفضل الموت ويرفع راية القتل".
ولم يستثن هيرست حتى وسائل الإعلام من هجومه اللاذع، والتي يقول إنها إما "صامتة أو متواطئة"، واستشهد بتقارير قناة سكاي نيوز التي وصفت الجنود الإسرائيليين الذين قُتلوا في قصف صاروخي لحزب الله على قاعدة عسكرية بأنهم "ضحايا مراهقون".
وأشار إلى أن محرر شؤون الشرق الأوسط في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) جيريمي بوين أجرى مقابلة مع آيلاند بـ"حيادية مدروسة، وكأن خطته وجهة نظر مشروعة".
ولم يذكّر بوين المؤرخ الإسرائيلي بأن بلاده متهمة بجرائم حرب وإبادة جماعية من قبل أكبر محكمتين عدليتين (الجنائية الدولية والعدل الدولية)، والتي تعد خطة آيلاند دليلا رئيسيا في القضيتين.
ويعتقد هيرست أن الأمر لا يعدو أن يكون مسألة وقت فقط، قبل أن تجر هذه الحرب وتلك التكتيكات كل دولة في المنطقة تهددها إسرائيل بالقصف وبطموحاتها التوسعية.
ويحذر الكاتب من أن هذه الحرب تهدد هوية السنّة والشيعة على حد سواء في سوريا والأردن والعراق وإيران، فهي "حرب وجود".
وفي ختام مقاله تساءل هيرست عما إذا كانت هذه حرب أبدية، وهل ستنتهي بالاحتلال أم بالتراجع؟ ويجيب عن ذلك بأنه ليس متأكدا، فإذا كانت إسرائيل لم تعد قادرة على إعادة حساباتها والتوقف وإعادة التفكير "فهي تسير بلا تبصر نحو زوالها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات ترجمات فی الجنوب الموت فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
فورين أفيرز: كيف يفسد نتنياهو فرصة ترامب للسلام؟
نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، مقالا، للزميلة الأولى في برنامج الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، زها حسن، قالت فيه: "إنه وفي أعقاب الهجمات الإسرائيلية والأمريكية على المواقع النووية الإيرانية وما تلاها من وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، بدا أن اتفاقا آخر بات وشيكا، هذه المرة في غزة".
وأضافت حسن، في المقال الذي ترجمته "عربي21": "مع ذلك، في أواخر الأسبوع الماضي، أوقفت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل مشاركتهما في المفاوضات، متهمتين حماس بنقص التنسيق وحسن النية".
وتابعت: "إن استمرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في احترام إسرائيل وانسحابه من المحادثات خطأ فادح. فما لم يتم التوصل إلى اتفاق، فإن رغبة ترامب في قيادة سلام إقليمي أوسع يشمل تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والسعودية ستُصبح من الماضي".
وأردفت: "مع ذلك، لم يُظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وائتلافه الحاكم القومي المتطرف، أي مؤشرات على استعدادهم لإعطاء الأولوية لسلام دائم. حتى لو تم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المتبقين لدى حماس، فقد أكد نتنياهو أن إنهاء الحرب في غزة مستحيل حتى يتم نزع سلاح حماس بالكامل ونفي قادتها".
وأوردت: "حتى في هذه الحالة، يريد أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية على غزة والضفة الغربية إلى أجل غير مسمى"، مضيفة: "في أيار/ مايو، قال نتنياهو عن سكان غزة: نحن ندمّر المزيد والمزيد من المنازل، وليس لديهم مكان يعودون إليه. والنتيجة الحتمية الوحيدة هي رغبة سكان غزة في الهجرة خارج قطاع غزة".
واسترسلت: "لكن صيغة نتنياهو لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط غير مناسبة. لن تقبل أي حكومة عربية بالتهجير القسري للفلسطينيين. علاوة على ذلك، أوضحت الدول العربية بشكل متزايد أنها لم تعد مستعدة لتعميق علاقاتها أو تطبيع العلاقات مع إسرائيل حتى تقبل إسرائيل بدولة فلسطينية ذات سيادة".
"شكّل نتنياهو عقبة أمام أهداف ترامب في الشرق الأوسط منذ ولايته الأولى في البيت الأبيض. آنذاك، كان ترامب يأمل في أن يجعل من اتفاق سلام كبير في الشرق الأوسط إنجازه الأبرز. لكن بسماحه لنتنياهو بالمشاركة في صياغة خطته لعام 2020 للسلام الإقليمي الشامل، قضى ترامب على أي فرصة كانت لديه للنجاح" وفقا للمقال نفسه.
وأوضح: "إذا كان لأحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وما تلاها من أحداث أثر بالغ على الدول العربية الرئيسية، فهو أن الحاجة إلى السلام والأمن الإقليميين مُلحّة، وأن السلام بين إسرائيل والفلسطينيين لا ينفصل عن هذا الهدف. لقد أصبح غياب الحل بمثابة حبل مشنقة للأمن القومي يلفّ عنق كل دولة في الشرق الأوسط".
ومضى بالقول: "كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، واضحا: فبعد ما وصفه بـ"الإبادة الجماعية" التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، لا يمكن لبلاده قبول سوى عملية تطبيع تُشبه تلك التي اقترحتها مبادرة السلام العربية لعام 2002، والتي اعتُمدت في قمة جامعة الدول العربية: يجب على إسرائيل أولا قبول دولة فلسطينية عاصمتها القدس. وعندها فقط ستُطبّع السعودية العلاقات".
وتابع: "ينبغي على ترامب أن يسعى إلى اتفاق يحظى بدعم مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة في الشرق الأوسط، وفي جميع أنحاء العالم الإسلامي، وفي أوروبا. سيحتاج إلى العديد من الحكومات في تلك المناطق إلى جانبه للمساعدة في توفير مليارات الدولارات اللازمة لتمويل إعادة إعمار غزة".
واسترسل: "فقط عندما تخضع غزة والضفة الغربية لسلطة واحدة، يمكن أن تبدأ المهمة الهائلة المتمثلة في تعافي غزة وإعادة إعمارها. ولا يمكن إلا لقيادة فلسطينية موحدة وشرعية أن تضمن الالتزام بشروط أي اتفاق سياسي مستقبلي مع إسرائيل".
وأبرز: "في نهاية المطاف، وللتوصل إلى سلام حقيقي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، سيحتاج ترامب إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وهي الجهة المعترف بها دوليا والتي تمتلك الأهلية القانونية لتوقيع اتفاق نيابة عن جميع الفلسطينيين. وبدعمه ضم حماس تحت مظلة المنظمة، سيخفف من احتمالية وجود مفسدين".
واستدرك: "كان ترامب مستعدا بشكل فريد للانفصال عن إسرائيل في العديد من القضايا - على سبيل المثال، من خلال عقد صفقات مع جماعة الحوثي في اليمن وفتح حوار دبلوماسي مع الزعيم السوري الجديد، أحمد الشرع، على الرغم من تحالفه السابق مع تنظيم القاعدة".
وبحسب المقال نفسه، "سيُضطر ترامب إلى الانفصال عن نتنياهو مجددا، بغض النظر عن تداعيات ذلك على مستقبله السياسي. عليه التراجع عن تصريحه السابق الداعم لإعادة توطين الفلسطينيين من غزة، وأن يُوجّه رسالة مباشرة للإسرائيليين مفادها أن أمنهم مرتبط بأمن الفلسطينيين وسائر المنطقة".
واختتم بالقول: "فيما يتعلق بإسرائيل والفلسطينيين، أبدت إدارة ترامب مرونة بالفعل بخروجها عن تقليد واشنطن التقليدي بفتح قنوات اتصال مع حماس لضمان إطلاق سراح مواطن أمريكي محتجز في غزة. والآن، يتطلب وضع المصالح الأمريكية في المقام الأول التوسط لوقف إطلاق نار فوري ودائم في غزة. إذا مضى ترامب قدما، فقد يُحقق إنجازا يُستحق جائزة السلام - ولكن ليس إذا ماتت غزة جوعا".