لبنان ٢٤:
2025-07-31@16:23:21 GMT

شرق أوسط جديد...البداية من لبنان؟

تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT

شرق أوسط جديد...البداية من لبنان؟

ما يتردد من كلام إسرائيلي متنامٍ عن رسم خارطة سياسية جديدة لمنطقة الشرق الأوسط تحت مسمّى "شرق أوسط جديد" ليس وليدة اليوم، ولا يأتي بالطبع من ضمن ما يُعرف بـ "الحلم الإسرائيلي التاريخي" عن مشروعها التلمودي بالنسبة إلى إقامة الدولة الإسرائيلية من البحر إلى النهر، أي من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الفرات، بل هو شبيه بـ "سايس – بيكو" يعاد فيه ترتيب موازين القوى ورسم خارطة سياسية مختلفة للمنطقة، وهو ليس هدفًا إسرائيليًا جديدًا، ولكن هناك من يرى في إسرائيل أن هذا الأمر قد بات اليوم أقرب إلى التطبيق من أي وقت مضى في ظل التطورات المتسارعة والمواجهات المستمرة مع ما يُعرف بـ"محور المقاومة" الذي تقوده إيران في المنطقة، وذلك منذ هجوم حركة "حماس" في 7 تشرين الأول الماضي، وصولًا إلى بدء مرحلة جديدة من الحرب الإسرائيلية المفتوحة على لبنان، والتي لم تنتهِ فصولها بعد، على ما يبدو، لا في غزة ولا في لبنان، بعد اغتيال رمزين مهمين من رموز "المقاومة"، وهما السيد حسن نصرالله ويحيى السنوار، وما بين هذين الاغتيالين من تصفيات لقيادات سياسية وميدانية، بالتوازي مع تدمير ممنهج للمناطق التي لا تزال تتعرّض لأقصى أنواع القصف في القطاع وفي لبنان، وما يصاحب هذا العدوان المخطّط له منذ سنوات من نزوح بشري فلسطيني كثيف نحو رفح وآخر لبناني في اتجاه مناطق لا تزال تُعتبر حتى الأمس القريب آمنة أكثر من غيرها نسبيًا.


وفي هذا الإطار، تتعدد الروايات لما يمكن أن تكون عليه ملامح الشرق الأوسط في المستقبل. ويكاد يكون هناك إجماع بين أهل المعرفة التاريخية في المنطقة وخارجها من أن شرق أوسط جديدًا بدأت ملامحه تتشكّل، ولكن طرف يراه من منظاره الخاص، وإن كانت الوقائع الميدانية هي التي تتحكّم بالمسار الآيلة إليه طبيعة تطّور الأمور على الأرض، والتي هي بطبيعة الحال ترجمة واقعية لما هو مرسوم على الورق. وما رفض إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة وفشل المفاوضات في كل من القاهرة والدوحة، وانتقالًا إلى رفض أكيد لوقف الحرب على لبنان، سوى حلقة في سلسلة ما بدأت به تل أبيب، التي لها أهداف مغايرة لأهداف سعاة الخير، الذين يطالبون بوقف المجازر، التي تُرتكب يوميًا. إلا أن دون الوصول إلى ما يُخطّط له ليس بالأمر السهل. من هنا يأتي الحديث عن حرب طويلة الأمد، مع ما سيرافقها من "تصفيات" لبعض رموز الحقبة الماضية، والتي تنامت الحركات الأصولية فيها في شكل غير عفوي بعد ما يسمّى بـ "الغزو الأميركي" للعراق العام 2003، وما عانته سوريا بعد انتفاضة العام 2011، وما تخّللها من حروب متشابكة بين مكونات النظام السوري مدعومًا من روسيا من جهة ضد المجموعات الأصولية كـ "داعش" والنصرة"، ومشاركة "حزب الله" فيها في شكل علني، حيث كانت لهذه المشاركة فعالية لافتة، مع ما للوجود الأميركي في أجزاء من العراق وسوريا من رمزية، فضلًا عن التدّخل التركي في الشمال السوري والتحركات الانفصالية لأكراد العراق وسوريا.
وما يجري في أوكرانيا قد لا يبدو بعيدًا عمّا يجري على الساحة الشرق أوسطية، بعد كل ما شهدته المنطقة من انتفاضات قد يعتبرها البعض بداية البدايات لما قد تشهده هذه المنطقة من متغيرات جوهرية. وما شهدته ساحات العراق ولبنان والجزائر والسودان ومن قبلهم مصر والمغرب وسوريا واليمن من احتجاجات تصدح بأن الشعب يريد تغيير الأنظمة القائمة لم يكن سوى بداية التحضير لما أعلن في السابق عمّا سمي بـ "الفوضى الخلاقة"، وما دعت إليه كونداليزا رايس بالنسبة إلى "شرق أوسط جديد".
وما الحديث عن علاقة الحرب الروسية – الأوكرانية بما يجري الآن في المنطقة ليس سوى التذكير بأن مبادئ احترام سيادة الدول وعدم التدخل فيها هي من بين الأسباب الموجبة التي تؤجج الحروب، وتسمح للدول المعتبرة قوية بأن تستقوي على جيرانها توسعًا وطمعًا. وهذ السياسة التوسعية ليست سمة جديدة، فالدول الكبيرة والصغيرة، من داخل المنطقة وخارجها، فعلت ذلك باستمرار، منذ نهايات القرن الـ 18 (غزو نابليون لمصر 1798) والمنطقة تشهد تدخلا من القوى العظمى بما يمكن معه القول إن شيئا لم يتغير منذ ذلك التاريخ. حرب اليمن -منتصف الستينيات- والوحدة السورية - المصرية عام 1958 هي مجرد أمثلة على تدخل القوى الإقليمية في شؤون الدول الأخرى.
وعليه، فإن من يراقب بتمعن ما تقوم به إسرائيل في غزة ولبنان لا بدّ له من الوصول إلى استنتاج واحد، وهو أن ثمة أهدافًا أخرى من هذه الحرب الهمجية التدميرية والتهجيرية، ومن بينها، على ما هو ظاهر، خلق كيانات مغايرة عمّا كان عليه الوضع قبل 7 تشرين الأول من العام الماضي. ولكن دون الوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة الكثير من العوائق والكثير من التعقيدات. وقد يتطلب أمر إزالة هذه العوائق وفكفكة التعقيدات وقتًا طويلًا واستنزافًا اقتصاديًا وبشريًا قد لا يكون في مقدور الفلسطينيين في القطاع ولا اللبنانيين تحمّل نتائج هذا الاستنزاف طويلًا. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: شرق أوسط جدید

إقرأ أيضاً:

الفظائع التي لن ينساها التاريخ

يتواصل المسلسل الإجرامي في غزة بشكل تصاعدي، بعد انسحاب الكيان والراعي الرسمي له من مفاوضات الدوحة، والدخول في متاهة البحث عن مخرج من الوضع الإنساني الكارثي الذي أنتجته سياسة “جهنم” الأمريكية الصهيونية في غزة.

جريمة نكراء تنزع ما تبقى من ورق توت على خاصرة حضارة النفاق العالمي المؤطر للإجرام عبر التقتيل والتجويع والتشريد والتهجير والإبادة المنهجية في عالم القرن الـ21 وليبرالية قرن أمريكا والغرب التي باتت تتفتَّت أوراقُها مع خريف شتاء قادم يعرِّي ما تبقى من سيقان وأغصان نبتت من جذع مشترك: ديمقراطية وبرجوازية عصر ما بعد قرن الأنوار.

الجُرم المشهود، والإبادة الشاملة، والإنكار الأمريكي والصهيوني وحتى لدى بعض دول الغرب التي بدأ جزءٌ منها يخرج عن الصمت المريب، والخنوع المطلق لإرادة أمريكا والصهيونية العالمية، أوصل الوضع في غزة إلى حالة الفضيحة العالمية المدوِّية، دفعت الكيان وعرَّابه في سلسلة ألاعيب المفاوضات الدائرة رحاها منذ 22 شهرا، إلى انسحاب تكتيكي أمريكي صهيوني في الدقائق الأخيرة من الاقتراب من موعد التفاهم على آخر بند متعلق بطريقة توزيع المساعدات التي تريد كل من الولايات المتحدة والربيب الصهيوني الإبقاء على صيغة الرقابة التامة بشأن إدخال المساعدات وتوزيعها ولو بـ”القتل مقابل كيس طحين”، بما يمنح سيطرة لجيش الكيان على غزة ونهاية المقاومة واستسلام حماس. هذا ما لم يحدث تحت طائل المفاوضات العبثية.

انسحابٌ تكتيكي صهيوني أمريكي، بغرض إلقاء اللوم على حماس ومضاعفة المزيد من الضغط عليها للحصول على تنازلات لن تقدّمها حماس، إلا ضمن الرؤية والتصوُّر الذي قدَّمته للوسطاء من قبل ومن بعد.

إقدامُ العدوّ، في آخر لحظة بعد انسحاب الوفد الأمريكي الصهيوني من محادثات الدوحة، على ذرِّ الرماد في أعين العالم المصاب بالذهول لما يحدث أمام أعينه، عبر السماح بإدخال بعض الشاحنات شمال غزة وجنوبها وهدنة مؤقتة موقوتة، لتوزيع وجبات العار والدمار باتجاه تجمُّعات تريد فصلها عن باقي القطاع في شكل محتشد إنساني تتحكم فيه وفي إدارة المساعدات ولو بإطلاق النار على المجوّعين، أو إنزال طرود جوية، ليس في الواقع سوى مسرحية سريالية عبثية وفرجة عالمية ساخرة من سلطة احتلال وعرّابه، بغطرسته الإجرامية لما يحدث، محاولة منهما تبييض وجه أسود لكيان مجرم مدعوم أمريكيًّا بشكل لا يصدًّق وغير مسبوق: تبييض وجوه سود ببشرة بيضاء، أخرجت الحامل والمحمول من دائرة الإنسانية إلى دائرة التوحُّش الإجرامي المشهود.

مناورة سرعان ما اتّضحت نيّاتها على يد راعي الكيان: “حماس تدرك أنها ستموت بعد أن تفقد أوراق ضغطها، وستموت”، قبل أن يعلن من جديد عودة المفاوضات إلى مسارها، عندما أبلغت حماس الوسطاء والعالم عبر خطاب خليل الحية أنه لا معنى لحياة مفاوضات تحت طائل التقتيل والتجويع، بما يعني انسحاب محتمل لحماس من مفاوضات الدوحة.

هذا الوضع، لا يريح الكيان وداعميه في الولايات المتحدة والغرب، لأنهم لا يملكون ورقة أخرى لم يجرّبوها بالحديد والنار والعار، والمكر الغدار، فتسارع هذه الدوائر، إلى محاولة أخرى بائسة ويائسة معا: شيطنة المقاومة إعلاميًّا وعمليًّا عبر الظهور بوجه المتظاهر بالإنسانية، أخيرا، الرؤوف، المتباكي بدموع تماسيح على ضحايا بسبب “تعنّت حماس”.

مسرحية واحدة بإخراج متغيِّر ومشاهد متجددة لا تخفي النيّات ولا الغايات.
أعمال وممارسات وحشية، يندى لها ضمير قرن الـ21، الذي سيرسم التاريخ يوما أن المحرقة النازية تبدو أقلَّ شأنا من نازية ضحايا النازية أنفسهم، وهذا بشهادة شهود من أهلها، ممن لم تتمكّن الفظائع من جعلهم يبتلعون ألسنتهم.

الشروق الجزائرية

مقالات مشابهة

  • في هذه المنطقة.. جولات مراقبة تكشف مخالفة في مياه المعامل وتوقف تداول لبنة غير مطابقة
  • حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة ليست إلا البداية
  • هل هاتفك منهم ؟ ..تحديث HyperOS 3 سيصل في البداية إلى هذه الأجهزة
  • من هو أبو شباب؟ .. تحقيق يُعرّي الميليشيا التي تحكم بالمساعدات التي تنهبها وتُهدد مستقبل غزة
  • بعد موجة الحر الشديد التي ضربت لبنان... كيف سيكون طقس الأيام المقبلة؟
  • ما هي السورة التي تقرأ في شهر صفر؟
  • أيُّ عصابة هذه التي تزعم حماية دارفور وتبتز أبناءها؟!
  • إعلان حالة طوارئ مائية فورية في هذه المنطقة
  • رادوكانو.. «البداية صحيحة» في «مونتريال»
  • الفظائع التي لن ينساها التاريخ