عكست نبرة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين ومضمون محادثاته كما مواقفه العلنية في بيروت مضيّه في محاولة متقدمة للجم الحرب ولو وسط تعاظم الشكوك في جدوى هذه المحاولة تحت نيران التصعيد الحربي الجنوني الذي تتراكم معه المجازر التي تخلفها الغارات الإسرائيلية في قلب المناطق المأهولة.
وبدا لافتاً في المحادثات التي أجراها هوكشتاين مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي أنه لم يطرح أي صيغة يستشف منها تعديل القرار 1701 أو الاتجاه إلى قرار أممي جديد يدمج القرارين 1701 و1559 كما قيل، بل طرح التفاوض حول التزام آليات محدّثة لتنفيذ القرار الأول بما يكفل تحويل جنوب الليطاني إلى منطقة تحت السلطة الكاملة للجيش المعزّز عديداً وعتاداً واليونيفيل، وانسحاب "حزب الله" بالكامل من المنطقة، كما الشروع في مفاوضات ترسيم الحدود البرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل.


وكتبت" النهار": لعلّ ما عزّز الانطباعات عن مضيّ هوكشتاين في مهمته بين بيروت وتل ابيب أن الرئيس بري التزم تحفظاً شديداً حيال المحادثات مكتفياً بالإيحاء أنها كانت إيجابية فيما فُهم من مناخاتها أن "شيئاً ما يجري طبخه والعمل عليه" بما يعني أن للمهمة متابعة. 
ونقلت شبكة "سي أن أن" في هذا السياق عن مسؤول اميركي "أن جهودنا تركز على الاستفادة من الضغط العسكري الإسرائيلي في لبنان لفرض تطبيق القرار 1701".
وكتبت" الاخبار": لخص مسؤول لبناني بارز حصيلة زيارة الموفد الاميركي بأن الاجتماعات كانت عبارة عن طروحات وطروحات مقابلة، وان الجانبين الاميركي واللبناني استمعا الى بعضهما البعض، لكنهما يتصرفان بواقعية انهما امام مرحلة انتظار جولة جديدة من العنف الصهيوني، كون الموفد الاميركي جاء ليفاوض تحت النار. وقال المسؤول اللبناني نفسه ان «هوكشتين جاء مهوِّلا وراغبا في بث الرعب، وانه كان واضحا في كل ما قاله بان بلاده واسرائيل ترفضان العودة الى القرار 1701 بصورتهة القائمة حاليا. وهو قال صراحة ان هذه الصيغة باتت من الماضي». وقال المسؤول ان «الوضع صعب ودقيق جدا، فلبنان لا يمكنه القبول بما حمله هوكشتين لأنه يمثل دعوة صريحة الى الاستسلام، كما ان لبنان يعرف انه يصعب عليه اقناع الولايات المتحدة الان بموقفه بطريقة سهلة، ما يعيد الجميع الى مربع الانتظار لوقائع الميدان». وقالت المصادر انه لم يتم الاتفاق بصورة دقيقة على الخطوات اللاحقة، وان احتمال عودة هوكشتين الى لبنان قبل موعد الانتخابات الاميركية مستبعد الا في حال كان يحمل ما هو مختلف جذريا عما جاء به في هذه الزيارة.

وكتبت" اللواء": رفعت اسرائيل من مستوى ضغطها على لبنان، في خضم مفاوضات بوساطة الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين، وصوبت باتجاه استهداف العاصمة، في الوقت الذي تستعد فيه لاستقبال الوسيط الاميركي، الذي يفاوض على «تفسير جديد» للقرار 1701، يسمح بوضعه موضع التنفيذ.. ليصير من الممكن وقف النار، مع ترتيبات تقضي بنشر الجيش اللبناني عند الخط الازرق، ليقوم بفعالية اكبر، بالتعاون مع قوات الامم المتحدة العاملة في الجنوب «اليونيفيل» وسط دعوات لتحويلها لقوة صادمة، او مانعة للتواجد العسكري (في اشارة الى قوات حزب لله) في مناطق عملياتها..
ولئن كانت واشنطن لا تبدو انها على وفاق مع اسرائيل في ما خص خرق الهدنة غير المعلنة، بعدم استهداف بيروت وضاحيتها الجنوبية، فإن الافلاس الاسرائيلي، بدا واضحاً لجهة استهداف مؤسسات القرض الحسن، وتحويلها الى ركام في بيروت والبقاع والنبطية، وحيث لديها فرع تمكنت طائرات العدو من تسويته بالارض.
ومع ذلك، سجلت المساعي الاميركية والاوروبية والعربية حضوراً نشطاً للتوصل الى وقف قريب لاطلاق النار..

وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن ما خرجت به اجتماعات الموفد الأميركي آموس هوكشتين في بيروت لم تعط جوابا واضحا حول التقدم بأي مسعى لوقف إطلاق النار حتى وإن كان هناك اتقاقا على القرار ١٧٠١. وأشارت إلى أن هوكشتين لا يمكن أن يمنح أية ضمانات إذ انه يقوم بمهمة نقل طرح، في الوقت الذي يستمر فيه العدوان ضد لبنان. 
وأوضحت هذه المصادر أن نتائج هذه الزيارة تتظهر قريبا وإي كلام عن هدنة لفترة محددة يظهر أيضا، في حين يبقى ملف الرئاسة ينتظر مفاوضات أولوية وقف إطلاق النار، معتبرة أن حضور الكتل النواب في جلسة اليوم في مجلس النواب قد تفتح الشهية أمام تكرار المطالبة لأنتخاب رئيس جديد للبلاد.
واكدت مصادر المعلومات ان هوكشتاين لم يطرح تعديل القرار 1701 بل كان مهتماً بالتوصل الى آلية تنفيذية لتطبيقه، وان الرئيس بري اقترح عل الموفد الاميركي مفترحات تنفيذية لم تكشفها المصادر لكن جوهرها التزام الكيان الاسرائيلي بالتطبيق كإلتزام لبنان.لكن لبنان لم يقدم اي ضمانات ما عدا التزامه بالقرار الدولي خلافاً لما قام به نتنياهو من تفجير التفاهم الاميركي الفرنسي على وقف اطلاق النار بإغتيال الشهيد السيد حسن نصر لله وتصعيد العدوان التدميري على لبنان خلال وجوده في نيويورك. ولن يقدم لبنان رسميا رداً على اي مقترح قبل اعلان كيان الاحتلال وقف اطلاق النار.
ورجحت المعلومات ان يكون هوكشتاين قد غادرلبنان الى فلسطين المحتلة لينضم الى وزير الخارجية انطوني بلينكن الذي يصل الى القدس المحتلة اليوم للقاء رئيس حكومة كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو لمناقشة سبل وقف اطلاق النار في لبنان وغزة والمرحلة المقبلة. فيما ذكر الاعلام الإسرائيلي «أن مدير الموساد يسعى لاتفاق ينهي حرب غزة ولبنان وإطلاق الرهائن الإسرائيليين».
وكتبت" الديار": لم يحمل المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين املاءات اميركية «فجة»، تتمشى مع الاجواء التي سبقت وصوله الى بيروت، ولهذا لم يتحدث في عين التينة او السراي الحكومي عن تعديل القرار 1701، لمعرفته المسبقة بعدم القدرة على الذهاب الى مجلس الامن والحصول على قرار معدل بوجود «الفيتو» الروسي والصيني. لكن هذه الاجواء لا تعني ان واشنطن المعنية بالوصول الى هدوء يسبق الانتخابات الرئاسية، لا تريد الاستثمار بالحرب «الاسرائيلية» غير المنضبطة ضد لبنان، لهذا تلفت اوساط سياسية مطلعة الى ان الاميركيين يحاولون الالتفاف على عقبة التعديل ، من خلال الحديث عن «آليات تنفيذية» للقرار تضمن تطبيقه، بما يضمن الهدوء المستدام لسنوات طويلة، دون الكشف عن فحوى الضمانات المطلوبة «اسرائيليا»، وكيفية الوصول اليها عمليا. ولهذا جرى التركيز على تطبيق صارم للقرار وتفعيل دور الجيش وقوات «اليونيفيل». وتجزم تلك الاوساط بان هوكشتاين لم يحصل على اي ضمانات لبنانية تتجاوز الالتزام بمضمون القرار 1701 وروحيته، وكان الرئيس بري واضحا بان الاولوية تبقى وقف النار قبل اي شيء آخر، من خلال احياء اقتراح هدنة الاسابيع الثلاثة، وبعدها يجري النقاش حول الالتزامات المتبادلة على الحدود.
ووفقا للمعلومات، كان بري راضيا عن طبيعة النقاشات مع هوكشتاين، واودع المبعوث الاميركي مجموعة افكار تنفيذية منسقة مسبقا مع رئيس الحكومة، وقد سمع المبعوث الاميركي من بري وميقاتي موقفا موحدا بعدم تقديم اي اجوبة نهائية وحاسمة، قبل الحصول على موقف واضح من «اسرائيل» حيال المقتراحات الراهنة بما فيها وقف النار.
وفي هذا السياق، شدد رئيس حكومة تصريف الاعمال على «أن الاولوية هي لوقف اطلاق النار والتطبيق الشامل والكامل للقرار 1701 ، لكونه الركيزة الاساسية للاستقرار في المنطقة. اما هوكشتاين فشدد على أن المساعي الديبلوماسية لا تزال قائمة وجدّية، مؤكدا العمل للتوصل الى وقف لاطلاق النار في الفترة المقبلة ، ودعم التطبيق الكامل والشامل للقرار 1701، ودعا كل الاطراف للعمل على التوصل الى صيغة تفاهم حيال كيفية تطبيق القرار.

وكان هوكشتاين لفت في بيان إلى "أننا أمضينا أحد عشر شهراً نحاول أن نحتوي الأزمة ولم نتمكن من حلّها، والحلّ كان ممكناً ولكن تم رفضه وخرجت الأوضاع من السيطرة".

وأعلن "أن ربط مستقبل لبنان بنزاعات أخرى في المنطقة لم يكن وليس في مصلحة الشعب اللبناني"، موضحاً "أن القرار 1701 كان ناجحاً في إيقاف الحرب في العام 2006 ولكن علينا أن نكون صريحين: لم يقم أي أحد بأي شيء لتطبيقه خلال كل هذه السنوات وهذا يجب أن يتغير لأن التزام الطرفين بالـ1701 لا يكفي، وأنا عدت اليوم إلى بيروت لأقوم بمباحثات مع الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني ورؤساء وقادة سياسيين آخرين، وبصراحة أي شخص يمكن أن يلعب دوراً أساسياً لوضع لبنان على طريق جديدة من القوة والاستقرار وأيضاً الإزدهار الاقتصادي". 

وشدد على "أن العالم سيقف إلى جانب لبنان وقادته إذا قاموا بأخذ الخيارات الشجاعة والصعبة والضرورية والمطلوبة في هذا الوقت لمصلحة كل الشعب اللبناني". وكشف هوكشتاين أن "أميركا تريد إنهاء هذه المواجهة وهذا النزاع بأسرع وقت ممكن وأننا نعمل مع الحكومة اللبنانية ومع الحكومة الإسرائيلية للوصول إلى صيغة تضع حداً لهذا النزاع ولينتهي النزاع نهائيا". وقال: "التزامنا هو أن نحل هذا النزاع استناداّ وبناءً للقرار 1701، أستطيع أن أجري المحادثات ليس حول تغيير 1701، فالقرار هو ما هو، وهذا ما نتطلع إليه كأساس لوضع حد لهذا النزاع، ولكن ما يجب القيام به بالإضافة الى ذلك، التأكد من تطبيقه وتنفيذه بطريقة عادلة ودقيقة وشفافة، وأعتقد أن ذلك يأتي من الثقة التي يجب أن تعطيها الحكومة الإسرائيلية والحكومة اللبنانية للشعوب على جانبي الحدود، وأيضاً المجتمع الدولي".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: وقف اطلاق النار هذا النزاع القرار 1701 للقرار 1701

إقرأ أيضاً:

المؤرخ آفي شلايم: لهذا السبب أؤيد اتخاذ بريطانيا موقفا مختلفا تجاه حماس

شدد المؤرخ الإسرائيلي البريطاني آفي شلايم، على دعمه لاتخاذ المملكة المتحدة موقفا مختلفا تجاه حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، لافتا إلى أن حجج لندن وراء إدراج الحركة على قائمة الجماعات المحظورة "واهية".

وقال شلايم في مقال له نشره موقع "ميدل إيست آي"، إن الحكومة البريطانية "كانت تميز من قبل بين الجناحين العسكري والسياسي للحركة، إلا أن تلك السياسة انتهت عندما صدر الأمر بحظر الحركة بشكل كامل في عام 2021".

وتاليا النص الكامل للمقال مترجما:
وصلت سمعة حماس إلى الحضيض بعد هجومها الذي شنته يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والذي قتل فيه 1200 إسرائيلي وأجنبي وأخذ فيه 251 رهينة.

أثار هذا الهجوم داخل إسرائيل عاصفة من الغضب، وانطلقت بعده دعوات صارخة إلى الانتقام ومطالبات بالتطهير العرقي في غزة، وتشكل إجماع وطني على دعم الاجتثاث الكامل لحركة حماس. وكانت النتيجة هي خوض أطول حرب، وأكثرها فتكاً وتدميراً، في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.

إن حماس حركة اجتماعية ومنظمة سياسية لديها جناح عسكري اسمه كتائب القسام. كان الجناح العسكري قد حُظر من قبل الحكومة البريطانية باعتباره منظمة إرهابية في شهر مارس (آذار) 2001. ثم في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2021، قررت وزيرة الداخلية السابقة بريتي باتيل إضافة المنظمة السياسية إلى قائمة الجماعات المحظورة.


مثّل هذا القرار تراجعاً مفاجئاً عن سياسة الحكومة السابقة التي كانت تميز بشكل واضح بين جناحي حماس السياسي والعسكري.

في تبرير بدا لي شخصياً غير مقنع، احتجت الوزيرة باتيل، التي تؤيد إسرائيل بقوة، بأن التمييز بين الجناحين لم يعد مقبولاً. أما إسرائيل فلم تفتأ، من طرفها، تصر على عدم وجود فرق بين الجناحين.

وكانت باتيل، أثناء شغلها منصب وزيرة التنمية الدولية، قد قامت في شهر أغسطس من عام 2017 بزيارة إلى إسرائيل برفقة اللورد بولاك، الرئيس الشرفي لمجموعة أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين وأحد كبار المتبرعين للحزب. علماً بأنها كانت من قبل قد عملت إدارية في المجموعة البرلمانية لأصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين في الفترة من 2011 إلى 2014.

وبينما كانت تتظاهر بأنها تقوم بزيارة خاصة، إلا أن الوزيرة السابقة عقدت 12 اجتماعاً سرياً مع كبار المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ولدى عودتها من تلك الرحلة، طلبت الوزيرة السابقة من المسؤولين لديها البحث في إمكانية تحويل بعض الأموال المخصصة ضمن ميزانية المساعدات الخارجية وصرفها في سبيل تمكين الجيش الإسرائيلي من القيام بأعمال إنسانية في مرتفعات الجولان المحتلة. ولكنها ما لبثت أن أجبرت على الاستقالة بسبب تسترها على طبيعة رحلتها إلى الإسرائيل وعلى الغاية الحقيقية منها.

حجة واهية
وفي عام 2019، أعاد رئيس الوزراء حينذاك، بوريس جونسون، تأهيل باتيل وعينها في منصب وزيرة الداخلية. كان جونسون يشترك مع باتيل في نظرتها المانوية للصراع في الشرق الأوسط، وهي النظرة التي تعتبر إسرائيل ممثلة لقوى النور بينما يمثل الفلسطينيون قوى الظلام.

لم يأت الإعلان عن تغيير السياسة تجاه حماس على لسان وزير الخارجية وإنما على لسان وزيرة الداخلية، حيث قالت باتيل إن تصنيف حماس ككل منظمة إرهابية ينبغي أن ينظر إليه من منظور محلي: لأن من شأن ذلك أن يساعد في حماية اليهود في هذا البلد.

ولكن هذه كانت حجة واهية. فلم يحصل بتاتاً أن نفذت حماس أي عمليات خارج إسرائيل والمناطق الفلسطينية المحتلة، كما أنه لا وجود لها في بريطانيا، ولا تشكل تهديداً لليهود البريطانيين في هذا البلد.

ولا أدل على ذلك من أن وثيقة حماس التي صدرت في عام 2017 تحت عنوان "وثيقة المبادئ والسياسات العامة" (على النقيض من ميثاق حماس الذي صدر في عام 1988) تميز بشكل صريح بين اليهودية كدين والصهيونية كمشروع سياسي. بل وتؤكد على أن صراع حماس مع إسرائيل إنما هو بسبب الاحتلال، وليس لأسباب دينية، وتعبر صراحة عن أن الحركة على استعداد للقبول بإقامة دولة فلسطينية ضمن حدود عام 1967 ولكن دون الاعتراف بإسرائيل.

ولقد كلفت حماس الآن مكتب المحاماة ريفروي، الذي يتخذ من لندن مقراً له، بالتقدم بطلب إلى وزيرة الداخلية من أجل إلغاء تصنيف الحكومة للحركة مجموعة إرهابية محظورة والاعتراف بدورها كحركة مقاومة فلسطينية تشارك في النضال من أجل تقرير المصير والتحرير.

تقدم بالطلب موسى أبو مرزوق، الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس. وأنا واحد من ضمن 19 خبيراً يدعمون هذا الطلب القانوني والمعزز بتقارير حول تاريخ احتلال فلسطين وحول السياق الذي تم فيه إخراج الفلسطينيين من أراضيهم. يصف التقرير الذي تقدمت به شخصياً الدور المركزي الذي لعبته بريطانيا في تسهيل هذا الاحتلال والتشريد، بدءاً بإعلان وعد بلفور في عام 1917 وحتى يومنا هذا.

اعتمدت وسائل الإعلام الغربية بكثافة على الرواية الإسرائيلية لما حدث يوم السابع من أكتوبر، والتي تضمنت مزاعم باطلة وافتراءات محضة لا تعد ولا تحصى، مثل حكاية الأربعين رضيعاً الذين قطعت رؤوسهم. في تلك الأثناء، كانت وسائل الإعلام تلك مقتصدة جداً في نقل روايات الجانب الفلسطيني.


من أبرز الأمور التي ذكرها موسى أبو مرزوق تصحيحاً لما ورد في الرواية السائدة ما يتعلق بخلفية ما حفز حماس على شن هجومها يوم السابع من أكتوبر. فطبقاً لما قاله، سعت حماس أثناء العملية إلى تحقيق أهداف عسكرية محددة، وأصدرت إلى عناصرها تعليمات واضحة بعدم استهداف النساء والأطفال والمسنين.

ونظراً لوقوع مخالفات لهذه التعليمات، كما تقر الحركة، فإن حماس على استعداد للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية أو أي طرف ثالث محايد من أجل إجراء تحقيق مستقل وشفاف في الأحداث التي وقعت في ذلك اليوم. يبدو هذا الموقف مناقضاً بشكل صارخ لحظر إسرائيل دخول الصحفيين إلى قطاع غزة، ورفضها السماح بإجراء أي تحقيق مستقل في الفظائع وجرائم الحرب التي ارتكبتها قواتها.

تفسير سلوك حماس لا يعني بحال تبريره، فقتل الأبرياء خطأ، نقطة على السطر. ولكن السياق هنا، كما هو الحال دوماً، في غاية الأهمية. لم يحصل هجوم السابع من أكتوبر في فراغ. بل وقع على خلفية عقود من الاحتلال العسكري الوحشي والخانق. والأكثر من ذلك، وكشعب يعيش تحت الاحتلال غير المشروع، من حق الفلسطينيين أن يقاوموا، بما في ذلك حق المقاومة المسلحة.

إن تصنيف القادة السياسيين لحماس باعتبارهم إرهابيين من شأنه بكل تأكيد وبساطة أن يمنح إسرائيل ضوءاً أخضر لممارسة القتل والتدمير في غزة دونما مساءلة أو محاسبة. ناهيك عن أن الوصم بالإرهاب يقطع الطريق على مزيد من الفهم المتوازن والمختلف لتاريخ حماس ولما لديها من محفزات وما تنتهجه من سياسات وما تحمله من مبادئ.

سياق بالغ الأهمية
يندر أن يسمع الناس في الغرب الحكاية من وجهة نظر حماس، رغم أنها تشكل سبباً مقنعاً لرفع اسم الجناح السياسي من قائمة المنظمات المحظورة.

وإليكم بعض أهم الحقائق ذات العلاقة: في يناير (كانون الثاني) 2006، حققت حماس فوزاً كاسحاً في انتخابات حرة ونزيهة نظمت في كل أنحاء فلسطين، ومضت لتشكل الحكومة. إلا أن إسرائيل رفضت الاعتراف بهذه الحكومة ولجأت إلى سلسلة من الإجراءات القاسية لتقويضها، مدعومة في ذلك من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

في مارس (آذار) من عام 2007، شكلت حماس حكومة وحدة وطنية بالاشتراك مع منافستها حركة فتح، ولكن إسرائيل رفضت التفاوض معهم. بدلاً من ذلك، شجعت إسرائيل والولايات المتحدة حركة فتح على تنظيم انقلاب للإطاحة بحماس من السلطة، إلا أن حماس استبقت انقلاب فتح من خلال الاستيلاء على السلطة في غزة، فما كان من إسرائيل إلا أن فرضت حصاراً على القطاع – كنوع من العقاب الجماعي الذي يحرمه القانون الدولي – وظل الحصار مفروضاً لستة عشر عاماً سبقت هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر.

كان التمييز بين الجناحين السياسي والعسكري لحركة حماس أمراً بالغ الأهمية. ولا ريب أن قرار الوزيرة السابقة باتيل حظر حماس بأسرها كان تحركاً حافزه سياسي بحت، يصرف النظر عن السبيل الديمقراطي الذي سلكته حماس للوصول إلى السلطة وكذلك عن اعتدال موقفها بشكل متزايد منذ أن وصلت إلى السلطة.

كما أن تصنيف حماس بأسرها منظمة إرهابية يفضي إلى تعزيز موقف إسرائيل المتصلب، ويزيد من رفضها للتفاوض ومن اعتمادها على القوة العسكرية الوحشية. والمحصلة هي أن حظر بريطانيا والقوى الغربية الأخرى يقر إسرائيل على رفضها إخضاع حماس للاختبار من حيث استعدادها لتقديم تنازلات.


يصف جنرالات إسرائيل اعتداءاتها المتكررة على غزة منذ عام 2008 بعبارة "جز العشب". وهذا يعني أن الحرب ستليها في الحال حرب أخرى. وما بعد الهجوم العسكري يوم السابع من أكتوبر، مضت إسرائيل إلى أبعد من ذلك بكثير، ترتكب الجريمة تلو الجريمة: بل وترتكب الإبادة الجماعية.

وكما يشير أبو مرزوق في بيان شهادته، ليست بريطانيا متفرجاً بريئاً في الإبادة الجماعية التي تدور رحاها أمام أعيننا في غزة. لقد تم صُنع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في بريطانيا، فبريطانيا كانت القوة الاستعمارية التي مكنت الحركة الاستعمارية الاستيطانية الصهيونية من الاستيلاء على فلسطين.

وما الحرب في غزة إلا آخر وأقسى مرحلة في هذا الجهد الاستعماري الهادف إلى تشريد الشعب الفلسطينيين واحتلال وطنهم وتطهيره عرقياً. تعتبر حماس قطاعاً حيوياً من المجتمع الفلسطيني، وطليعة مقاومته في وجه الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع.

يشكل رفع الحظر عن الجناح السياسي لحركة حماس خطوة صغيرة نحو تصويب الخطيئة التاريخية الهائلة. يجدر بوزيرة الداخلية قبل أن تحسم أمرها أن تقرأ تقرير الأدلة المكون من 700 صفحة، والذي بناء عليه تم التقدم بطلب رفع الحظر عن الحركة.

مقالات مشابهة

  • المنسّقة الأممية للبنان في زيارة إلى إسرائيل لبحث تنفيذ القرار 1701
  • مخزومي: تحية لروح سمير قصير وأرواح شهداء الكلمة والوطن
  • الرئيس عون بحث مع الدويهي مسار تنفيذ القرار 1701
  • إضراب تحذيري رفضا زيادة أسعار المحروقات وتوقّعات بارتفاع الاسعار
  • الكونغرس يكشف أشخاصا وقعوا أوامر تنفيذية بالنيابة عن بايدن
  • اللجنة الوزارية الإسلامية تؤكد دعمها لجهود مصر وقطر لوقف اطلاق النار بغزة
  • بري: مصرون على انسحاب إسرائيل من لبنان تمهيدا لتطبيق 1701
  • شهيد الفجر.. طائرة للاحتلال تقتل لبنانيا في النبطية أثناء توجهه للصلاة
  • المؤرخ آفي شلايم: لهذا السبب أؤيد اتخاذ بريطانيا موقفا مختلفا تجاه حماس
  • حول مقترح وقف اطلاق النار في غزة.. هذا ما كتبه وليد جنبلاط