كيف ينجح العقل الإسلامي المعاصر في صناعة التحالفات؟
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
من جوانب إخفاق العقل السياسي المعاصر للحركات الإسلامية، والتي يجب التركيز على تحليلها في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ أمتنا، الإخفاق في بناء وصناعة التحالفات، وذلك برغم تميز ساحة الحركة والفعل بالتنوع، وثرائها بالتعدد الفكري والسياسي، بل وازدحام منطقتنا بالطوائف والعرقيات والقوميات، وهو ما يعد قيدا رئيسيا على كل محاولات النهوض والخروج من مشكلاتنا التاريخية المستعصية، وهو ما يحتاج بشدة للقيادات الرشيدة، التي تعمل على إدارة الاختلافات بمهارة، وتستفيد من التوافقات بحكمة، وتوظف التنوع والتعدد لصالح مشروعها بكفاءة.
وإذا أردنا أن نضع أيدينا على أهم العوامل التي يمكن أن تسهم في نقل العقل الإسلامي نقلة مهمة في اتجاه تحصيل القدرة على صناعة التحالفات وإدارة الاختلافات وتوظيف التوافقات، فإننا يجب أن نهتم بالآتي:
بالمرونة الفكرية والسياسية والعمل الدائم على إيجاد نقطة توازن بين المبادئ والواقعية، فالعقل الإسلامي يجب أن يوازن بين الالتزام بالمبادئ والقيم الإسلامية من جهة، ومتطلبات الواقع السياسي والاجتماعي من جهة أخرى. هذا التوازن يسمح للحركات الإسلامية بأن تكون منفتحة على تحالفات متعددة، دون التخلي عن هويتها الفكرية.
العقل الإسلامي يجب أن يوازن بين الالتزام بالمبادئ والقيم الإسلامية من جهة، ومتطلبات الواقع السياسي والاجتماعي من جهة أخرى. هذا التوازن يسمح للحركات الإسلامية بأن تكون منفتحة على تحالفات متعددة، دون التخلي عن هويتها الفكرية
وبأهمية القبول بالاختلاف، حيث يجب أن يكون لدى الحركات الإسلامية استعداد للتعاون مع حلفاء يختلفون معها في بعض القضايا دون المساس بالقضايا الجوهرية، والقدرة على التعايش مع التعددية والاختلاف السياسي، فهو مما يتيح للحركات بناء تحالفات أوسع.
كما من المهم فهم السياق المحلي والإقليمي والدولي وتحليل المصالح المشتركة، فالنجاح في صناعة التحالفات يتطلب القدرة على تحديد المصالح المشتركة بين الحركات الإسلامية والأطراف الأخرى، سواء كانت حركات سياسية أخرى، أو دول، أو قوميات، أو طوائف، أو منظمات دولية. هذه المصالح يجب توظيفها لبناء تحالفات قوية ومثمرة.
كما يلزم العقل الاستراتيجي الإسلامي التأقلم مع التغيرات السياسية المحلية والإقليمية والدولية، فالتحالفات تحتاج إلى أن تكون ديناميكية ومتكيفة مع التغيرات في البيئة السياسية. الحركات الإسلامية يجب أن تكون قادرة على الاستجابة بسرعة للتغيرات في المواقف السياسية للدول والقوى العالمية والساحات المختلفة.
وفي هذا الإطار فإن العقل الإسلامي بحاجة لاستراتيجيات بناء الثقة عن طريق الحوار المستمر، فالحركات الإسلامية يجب أن تسعى إلى إجراء حوارات دائمة مع الجهات المختلفة لتعزيز الثقة المتبادلة. هذه الحوارات يمكن أن تركز على القضايا ذات الاهتمام المشترك وكيفية التنسيق لتحقيق الأهداف المشتركة.
كما يجب تحري الشفافية والوضوح في الأهداف، فالحركات الإسلامية يجب أن تكون واضحة وشفافة بشأن أهدافها السياسية والاجتماعية في التحالفات التي تسعى إلى بنائها، فعندما تكون الأهداف والمواقف واضحة، تقل احتمالات سوء الفهم أو الخذلان.
الحركات الإسلامية يجب أن تكون واضحة وشفافة بشأن أهدافها السياسية والاجتماعية في التحالفات التي تسعى إلى بنائها، فعندما تكون الأهداف والمواقف واضحة، تقل احتمالات سوء الفهم أو الخذلان
ويجب كذلك إبراز دور الحركات الإسلامية في حل النزاعات، فالعقل الإسلامي يمكن أن يلعب دورا محوريا في الوساطة وحل النزاعات المحلية أو الإقليمية، فالقدرة على الوساطة بنجاح تعزز مكانة الحركات الإسلامية كطرف قادر على بناء التحالفات وقيادة التوافقات.
الحركات الإسلامية تحتاج إلى تطوير مهاراتها في التواصل الدبلوماسي الفعال مع الحكومات والجهات الدولية، فوجود دبلوماسيين وأعضاء ذوي خبرة في العلاقات الدولية يعزز من قدرة الحركات على بناء تحالفات خارجية قوية.
وفي ذلك يجب أن يكون للعقل الإسلامي المعاصر حضور إعلامي متميز لتوضيح مواقفه، والتصدي للدعاية المضادة، وإبراز أدواره الإيجابية. هذا التواصل الإعلامي يساعد في تحسين صورته وتعزيز فرصه في بناء التحالفات.
وكذلك التركيز على التموضع الفعال في قلب القضايا المحورية المشتركة مثل القضية الفلسطينية، فالقضية الفلسطينية نقطة محورية لبناء التحالفات، حيث إن هذا الموضوع يمثل نقطة تجمع واسعة للقوى الإسلامية والوطنية وحتى الدولية. الحركات التي تدافع عن القضية الفلسطينية يمكن أن تحشد دعما واسعا على مستوى العالم الإسلامي.
وفي مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية تبرز تحالفات تستند إلى أهداف اجتماعية واقتصادية، مثل محاربة الفقر، وتحسين التعليم، والصحة العامة، والتي تجذب قوى سياسية محلية ودولية تبحث عن حلول لهذه التحديات.
كما يأتي في ذات السياق استثمار النجاحات السابقة للحركات الإسلامية لتعزيز مكانتها وبناء تحالفات مع القوى والأطراف التي تعترف بتجربتها. هذه النجاحات تُظهر قدرة الحركات على الإدارة والقيادة، مما يجعلها شريكا أكثر جاذبية.
كما يمكن للحركات الإسلامية الاستفادة من خبرات الحركات الإسلامية الأخرى في دول العالم المختلفة، عبر بناء شبكات تعاون عابرة للحدود، لتبادل التجارب والخبرات.
كما يمكن للحركات الإسلامية التي تشارك في جهود الإغاثة والعمل الخيري أن تبني تحالفات مع منظمات غير حكومية دولية أو حتى حكومات تعنى بالجوانب الإنسانية، فالقوى الناعمة تسهم في تحسين الصورة وجذب الشركاء.
الحركات الإسلامية تحتاج إلى بناء كوادر قيادية تستطيع تمثيلها بفعالية في أي تحالف. هذه القيادات يجب أن تكون مؤهلة للتفاوض، قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة، ومؤمنة بمبادئ الحركة
كما أن الاستثمار في المشاريع التعليمية والثقافية يساهم في بناء تحالفات على المستوى الشعبي والمدني، هذه التحالفات يمكن أن تتحول في المستقبل إلى قوى سياسية داعمة في التحالفات الأوسع.
كما أن الحركات الإسلامية تحتاج إلى بناء كوادر قيادية تستطيع تمثيلها بفعالية في أي تحالف. هذه القيادات يجب أن تكون مؤهلة للتفاوض، قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة، ومؤمنة بمبادئ الحركة.
ولن يكون بعيدا عن ذلك ضرورة تحديد أولويات التحالفات بناء على المصالح الأساسية، فلا يمكن للحركات الإسلامية أن تتحالف مع الجميع، لذا يجب تحديد الأولويات بوضوح، كما يجب أن تسعى الحركات إلى بناء خريطة تحالفاتها بناء على أولوية التحالف مع القوى التي تشترك معها في الأهداف الرئيسية.
من خلال هذه الخطوات، يمكن للعقل الإسلامي المعاصر أن ينجح في بناء تحالفات قوية، قادرة على مواجهة التحديات المحلية والإقليمية والدولية، والمساهمة في تحقيق الأهداف الإسلامية والوطنية بشكل فعّال ومستدام.
وفي الختام.. فإن من أهم الملامح الشخصية التي شكلت تكوين القيادات الإسلامية، التي نجحت على مدى تاريخنا في تحقيق إنجازات مهمة، وانتصارات جوهرية، قدرتها على إقامة التحالفات، وإدارة الاختلافات، فضلا عن التوافقات، وذلك بطبيعة الحال في ضوء أهداف واضحة، مشتقة من عقيدة الأمة، ومنحازة لأهدافها الكلية، ومرتبطة بسياقها التاريخيّ.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التحالفات المشاريع مشاريع الحركات الاسلامية تحالفات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العقل الإسلامی یجب أن تکون تحتاج إلى قادرة على یمکن أن فی بناء من جهة
إقرأ أيضاً:
عدنان الروسان .. هل تكون نهاية ايران كنهاية حزب الله
#سواليف
هل تكون #نهاية_ايران كنهاية #حزب_الله
لا نسمع الا صمتا و لا نقرأ الا شعارات فارغة من اي مضمون
#عدنان_الروسان
مقالات ذات صلة “هآرتس”: “الموساد” أنشأ قاعدة لطائرات مُفخخة داخل إيران 2025/06/13ايران تقف اليوم امام مفترق طرق و الخيارات أمامها قليلة جدا بعد الهجوم القوي و العلني الذي تقوم به #اسرائيل على قلب ايران ، و قتل بعض قياداتها من الصف الأول ، لقد تباهت ايران كثيرا بقوتها في المنطقة و اقامت أذرعا لها في اماكن كثيرة ، كان من المفترض ان تكون داعما قويا لها في حال تعرضت لهجوم من #أمريكا او #اسرائيل ، كما انها ستكون رافدا للمقاومة الفلسطينية في قتالها ضد #المحتل_الفاشي الإسرائيلي ، لكننا لاحظنا في الأشهر الماضية أن :
• قامت اسرائيل بقتل العشرات من #الخبراء و #العلماء_الإيرانيين في ايران و لبنان و مناطق اخرى
• قامت اسرائيل بقتل اسماعيل هنية في وسط طهران
• قامت اسرائيل بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق
• قامت اسرائيل بقصف ايران ثلاث مرات متتالية على فترات متقاربة
• قامت اسرائيل بالحصول على مواد استخبارية ايرانية بكميات كبيرة و عرضتها على الملأ
• قامت اسرائيل بزرع عملاء لها في ايران و قد قاموا بتصفية بعض العلماء في مجال الطاقة الذرية
• قامت اسرائيل باخراج حزب الله و هو الذراع الأقوى و الأهم في منظومة ايران العسكرية و السياسية في المنطقة بطريقة مذلة و مهينة من الساحة اللبنانية و العربية
• قامت اسرائيل بقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله و خليفته هاشم صفي الدين
• قامت اسرائيل بقصف اليمن مرات كثيرة و الحوثيون هم من أهم حلفاء ايران
• قامت اسرائيل ليلة أمس و ما تزال تقوم بهجمات قوية و مدمرة على القواعد العسكرية الإيرانية في قلب ايران
ايران تكتفي بالتهديد و الوعيد ، و الصراخ ، و رفع دعوى الى مجلس الأمن ، و التعلق باستار القانون الدولي ، ايران ليست مختلفة كما يبدو عن اي دولة عربية ، نفس التصرفات ، نفس الخوف ، نفس الإستسلام ، نفس الشعارات ، نفس السوالف و الخطاب السياسي المستهلك و المكرر و لا ينقصها الا ان تسجل اسمها في جامعة الدول العربية و تنضم الينا في القمم العربية و هيك بنكون كلنا ما حدا احسن من حدا أمام اسرائيل..
ايران قدمت أسوا سيناريوهات و مواقف حتى الآن مقابل اسرائيل و الولايات المتحدة ، اضافة الى أنها منذ خمسين سنة و هي تحاول صنع قنبلة ذرية ، و لم تتمكن حتى الآن على الأقل كما يبدو ، و أمام كل هجوم عليها تكتفي بردود كرتونية و بروباغندا عالية الصوت ، الموت الموت لإ_س رائ/يل و غير ذلك من شعارات ، نسمع جعجعة و لا نرى طحنا ، و من الواضح ان النظام الإيراني ضعيف البنية رغم كل ما تتمتع به ايران من موارد بشرية و مالية و جغرافية و ثروات ، لقد تبين أن حماس ( و بشيء من المبالغة ) هي أكبر قوة و أكثر حكمة ، و ادق تنظيما و فهما للمنطقة من ايران ، حماس تقاتل منذ واحد و عشرين شهرا اسرائيل التي لا تستطيع ان تفعل اي شيء سوى قتل المدنيين بينما حماس تقتل الجنود و تضرب اسرائيل و تقف شامخة في وجه الفاشية الإسرائيلية و الإنبطاح العربي.
الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيل العسكري المستمر هو الذي سيحدد هل ستكون ايران دولة اقليمية قوية أو واحدة من دول الإقليم الغنية التي تدور في فلك اسرائيل و الولايات المتحدة نحن على مشارف متغيرات جديدة و كبيرة كما كان متوقعا ، و نتنياهو قال انه سيغير وجه و شكل الشرق الأوسط ، و قد غيره كما يرغب في النسخة العربية و يقوم اليوم بتغييره في النسخة الإيرانية ، يتوقع الكثيرون ان يكون هناك رد على الهجوم الإسرائيلي يقلب موازين القوة في منطقة الشرق الأوسط ، حتى اسرائيل نفسها تعلن ذلك و ويتكوف يقول ذلك و لكن كما يبدو أن ايران قد تخيب ظنون الجميع و تبقى تردد معزوفة الموت الموت لإس رائ/يل كما هو معتاد و تكتفي باستعارة الشعارات العربية و ترجمتها الى الفارسية و الإنجليزية.
الله قال و لتعلن علوا كبيرا لبني اسرائيل
و هم في أقصى درجات العلو الكبير ، و في أوج القوة بينما عرب الديانة الإبراهامية و التطبيع العربي يرقصون على أنغام ابن عمي عرق عيني ، و اليهود اقرب الينا من غيرهم..و هذا صار شعورا سائدا لسوء الحظ في اوساط كثيرة و صار كما قال أحد السياسيين العرب ، صار الحزب الإسرائيلي في العالم العربي هو الحزب الأقوى و الله أعلم..