ماذا بعد السنوار (جيفارا) فلسطين؟
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
ماذا بعد #السنوار (جيفارا) #فلسطين؟ _ د. #منذر_الحوارات
سادت لحظات من الصمت لدى الملايين في فلسطين والعالم بُعيد الإعلان عن استشهاد يحيى السنوار، فالبعض لم يستطع تصديق الخبر والبعض الآخر لم يُرِد، إذ كيف يموت رجل صنع المجد بالنسبة للملايين؟ فهو من صمم وفعل أسطورة السابع من (أكتوبر) الذي يعتبره أغلب الفلسطينيين أسطورتهم وملحمتهم الخالدة عبر عقود الصراع الطويلة، فهو بالنسبة لهم لحظة فارقة بين ماضيهم وحاضرهم أثبتت لهم أنهم قادرون على النيل من العدو وإيلامه بالرغم من كل ما يمتلك من قوة وعنجهية، فكانت لحظة “الطوفان” هي التعبير الأمثل عن فشة الغل عن كل ما جرى من قهر وظلم، وكيف لا وهم يشاهدون بأمّ أعينهم عدوهم وهو يترنح لساعات لا يلوي على هدف، لذلك رسم الفلسطينيون صورة في مخيالهم لهذا الرجل تتناسب مع هول ما فعل، وعند استشهاده رسمت الأقدار صورة موته بطريقة يستحيل حدوثها بمثل هذا الكبرياء حتى لو فعلها شخص لنفسه، لقد شكلت لحظة ارتقائه ملحمةً سيخلدها محبوه وحتى كارهوه على مدى عقود طويلة.
لقد قضى الرجل لأجل حلم أيده فيه الكثيرون وعارضه عدد غير قليل، فمن أحبوه كانوا منسجمين مع فكرة أن التحرر من الاحتلال يتطلب تضحيات هائلة لا يجب الوقوف عند أرقامها مهما كانت الخسائر، لأنه حسب رأيهم لا يمكن الحصول على التحرر دونها، أما من عارضوه فمبدأهم في ذلك أن الصراع الطويل مع دولة الاحتلال أثبت أن استخدام القوة ضدها لا يصب إلا في صالحها بحكم ما تمتلكه من قوة نارية هائلة ودعم دولي غير محدود بالذات من الولايات المتحدة، وأن هذا العدو قادر على أن يحول أي فعل عسكري ضده إلى بكائية يستطيع من خلالها استدرار عطف العالم ودعمة، ويحاجج مناصريه أن هذه المرة بالذات كان الدعم الشعبي الدولي لمصلحة الفلسطينيين، ويرد معارضوهم إن هذه لا تعدو عن كونها لحظة عابرة، إذ سرعان ما ستستعيد الحركة الصهيونية الزخم وتقلب الآية رأساً على عقب بواسطة الأفلام الدعائية وغيرها من الوسائل، وهي شديدة الدهاء والبراعة في ذلك، هذا هو شكل النقاش الدائر بين مؤيدي ومعارضي يحيى السنوار، لكن ما لا يمكن إغفاله أن الوضع بات حرجاً في قطاع غزة وعلى مستوى القضية الفلسطينية، بالتالي فإن استشهاد السنوار لن يكون حدثاً عادياً يمكن المرور عليه بشكل عابر، إذ ربما يكون ما بعد اغتياله نقطة تمهد لنهاية حماس أو أن تكون نقطة انطلاق جديدة بأسلوب جديد للنضال.
تحاول إسرائيل تفكيك الحلقات القيادية لدى خصومها على عدة مستويات، أولها إفراغ المحتوى السياسي من القادة البارزين ذوي الخبرة بقتلهم أو اعتقالهم، وبعد ذلك قطع الحلقة بين المستوى السياسي والعسكري بواسطة قطع صلة وصلهم أو بتعقيد الاتصالات بينهم من خلال اغتيال القادة العسكريين على مختلف المستويات ونتيجة ذلك قطع السلسلة البيروقراطية بين العسكري والسياسي وهذا سيؤدي بالنتيجة إلى اتخاذ قرارات ارتجالية تخدم تكتيكات العدو، بالتالي فإن الخطوة القادمة بالنسبة لحماس لا بد أن تكون ترتيب الهيكل القيادي بما يتناسب مع معطيات المعركة، والتي يجب أن تكون أولى مقدماتها ذات طبيعة براغماتية، وأقول ذلك لأن طبيعة الرد على اغتيال الشهيد السنوار لم تكن بالقدر المتوقع، وهذا يشير إلى بداية استنزاف لإمكانيات حماس العسكرية من جهة وعدم تقديم الدعم الكافي من حلفاء حماس في المحور وهذا يؤشر إما إلى تضعضعه أو عدم قدرته على فعل ذلك، طبعاً هذا شيء خطير، ويحتم على قيادة حماس الجديدة استغلال أي فرصة للحصول على صفقة تنهي فيها الحرب وتمكنها من الحصول على مكاسب.
مقالات ذات صلةورغم كل شيء سيبقى يوم السابع من أكتوبر هو #أيقونة #التاريخ_الفلسطيني وسيبقى قائد هذا اليوم أيقونة #النضال_الفلسطيني، وربما لا أبالغ إذا قلت إن جيفارا جديد سيشغل صدور محبي الثورة والنضال في العالم على مدى العقود القادمة بغض النظر عن النجاحات أو الإخفاقات التي تلت ذلك اليوم أو الاتهامات التي قد تطال الرجل بأنه جلب الويلات والدمار لشعبه وربما قضيته، لكنه رغم كل ذلك سيبقى، وسَتُخَلّد لحظة استشهاده أجيال وأجيال قادمة.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: السنوار فلسطين أيقونة التاريخ الفلسطيني النضال الفلسطيني
إقرأ أيضاً:
جيفارا الشرق.. المناضل اللبناني “جورج عبدالله” .. صلابة الموقف واستمرار النضال
• إحدى وأربعون سنةً، لم تَفِلّ النصلَ، ولم تُصدِئهُ. قُدِّمَت له المُغرَيات – وأغلاها الحرية – مقابلَ إعلانِ توبته، لكنه أبى الذل، لمعرفته أن مذاق الحرية التي يعِدونه بها هي العبودية، وأن الحرية الحقيقية هي أن يقول وأن يفعل ما يريد هو، انطلاقاً من قناعاته، وانتصاراً لقضيته، ولأن خدعة «إعلان توبته» ما هو إلا اعتراف بأنه على خطأ، بينما هو مؤمن بأنه على الصواب.. فهو مناضل، لا مجرم.
• الحرية التي يشعر بها في أعماقه هي أن يخالفهم، ولو ظل في السجن.. بل إنه يشعر بالحرية في السجن أكثر من شعوره بها خارج السجن إذا باع لسانه ومبدأه وتخلى عن قضيته.
• المناضل «جورج إبراهيم عبدالله» عاد إلى وطنه حراً، كما غادره حراً، بل عاد وقد اختمرت تجارب وأفكار أكثر من أربعة عقود من النضال الصامت، للتحول إلى نضال غير صامت، نضال صارخ، متقد، ملتهب، متفجر…، ينبغي أن لا يُهملَ أو يُؤجّل.
• عاد وعينه على فلسطين، لا على منصب سياسي أو مكسب مادي، عاد وهو القضية لأنه يحمل القضية، عاد وهو المقاومة لأنه يتبنى فكر المقاومة، عاد سلاحاً وصوتاً، يذكرنا بأشهر أحرار العالم وقادتها في القرن العشرين، الثوري الأرجنتيني الماركسي «تشي جيفارا»، لأنه لم يسلم ولم يهادن ولم يتخلّ عن دربه الذي رسمه له إباؤه وشرفه وحسن انتمائه إلى وطنيته وعروبته.
• بانتظار الانتقال من الخطاب إلى الأفعال، نخشى من التفريط في حياة المناضل الثوري «جورج إبراهيم عبدالله»، فالعدو مترقب، مترصد، يهوى قتل القادة الشرفاء من أبناء أمتنا العربية والإسلامية، والظروف الراهنة تحتم علينا حشد الجهود وتوحيدها وتوجيهها باتجاه واحد هو القضية الفلسطينية، وأبناء فلسطين الشرفاء.
• رموز أمتنا العربية والإسلامية قمم وإن قلّوا، لكننا لا ندرك قيمتهم، ولا نعطيهم حقهم من الحماية والحب والائتمار، وإن كنا نراهن بعزتهم لا عليها، نثق بصوابية توجههم وصدقه وجدواه.. لكننا نفرّط بهم، وسرعان ما تنفرط آمالنا بذهابهم ضحايا تفريطنا..
• نحن في اليمن نضع السيد القائد «عبدالملك بن بدرالدين الحوثي» في حدقات أعيينا، نخبئه في نبضنا، نشعر به في أنفاسنا، لأنه يستحق ذلك، ولأنه أثبت ومازال يثبت كل يوم أنه بالفعل يفدي اليمنيين الشرفاء بنفسه، بل وشرفاء الأمة، ولأنه القائد الذي تُقنا إليه على مدى أربعة عشر قرناً، ونسعى لتلافي أخطاء السابقين في التفريط وعدم الائتمار، والتأثر بدعاية وحيل الأعداء، لذلك نجده يُطِلُّ علينا كل خميس ليغذي هذه الأرواح والنفوس والقلوب التواقة إلى الاستقلال والحرية، والعزة والكرامة والاستقرار والنماء، فكلماته المباشرة هي الوقود لأرواحنا ونفوسنا وقلوبنا وأنفاسنا، نستمد منه العزم، ونتعلم منه الإرادة، وننتهل الإيمان من إيمانه الذي لو وُزِنَ بإيمان أهل الهوية الإيمانية لرجحه، لأنه السر المَصون، والجوهر المكنون، في حقيقة كل ذات أبية، لا فضاءَ لها إلا الحرية.
• المناضل «جورج إبراهيم عبدالله» خرج من السجن، والموت يترقبه اليوم أو غداً بالاغتيال، فالعدو لن يطيق تلك التصريحات التي ألقاها على شاشة قناة «الميادين» ، ولن ينتظر حتى يرى الأفعال .. فلتحافظ «لبنان» على أحرارها الشرفاء، ولتُخرِس أصوات الغوغاء، الناعقين على ما يهوى العدو الصهيوني. ولنَعلم أن القادة الشرفاء، لا يجود بهم الدهر إلا نادراً، وأنهم إذا ما خلت الساحة منهم، صار بقية الشعب مَغنماً سهلاً للأعداء، ونحن أمة لديها كل مقومات النهضة والكرامة والعزة والسيادة، ولا ينقصنا سوى القادة الشرفاء، ولو كانت بقية الدول العربية والإسلامية لديها قادة كالسيد «حسن نصر الله» والسيد القائد «عبدالملك بن بدرالدين» والسيد «علي خامنئي» لكنا اليوم في شأن آخر، ولكنا قادة الأمم.