ليز تشيني.. هل تساعد هاريس أم تضرها؟
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
تجوب نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس أنحاء البلاد (الولايات المتحدة) وخاصة الولايات المتأرجحة الرئيسية قبل انتخابات الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ورافقتها في عدة مناسبات مشجعة غير متوقعة، إنها ليز تشيني، عضو الكونغرس الجمهورية السابقة من وايومنغ، وابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني.
وتعرض تشيني الأب طويلا لانتقادات شديدة من جانب الديمقراطيين بسبب دوره المركزي في الدفع نحو غزو العراق عام 2003 وتنفيذه على أسس تبين فيما بعد أنها زائفة، أما الابنة ليز فقد تبنت إرث والدها المحافظ الجديد طيلة حياتها المهنية.
لكن العداء المشترك لدونالد ترامب، الرئيس السابق والمرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري، دفع تشيني الابنة إلى معسكر هاريس، وانضم إليها أيضا العديد من الجمهوريين البارزين في انتقاد ترامب وتأييد هاريس.
في تقرير له بموقع الجزيرة الإنجليزية يتساءل دواين أكسفورد عن الفائدة التي قد تعود على هاريس من هذا؟ هل يمكن أن يساعدها الدعم الحماسي الذي تحظى به ليز تشيني في الفوز بأصوات الناخبين الجمهوريين في هذا السباق الرئاسي المتقارب؟ أم قد ينتهي الأمر إلى الإضرار بهاريس؟
كيف تدعم تشيني هاريس؟في الأسابيع الأخيرة، عقدت هاريس وتشيني سلسلة من الجلسات العامة في ولايات بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، تحت شعار "الوطن قبل الحزب"، والفارق بين هاريس وترامب أقل من نقطة مئوية واحدة في كل من الولايات الثلاث.
كانت تشيني من أشد المنتقدين لترامب وداعمي محاكمة الرئيس السابق للمرة الثانية بعد هجوم 6 يناير/كانون الثاني 2021 على مبنى الكابيتول الأميركي.
وفي تجمع حاشد أقيم مؤخرا، قالت تشيني "أعلم أن أكثر المبادئ المحافظة على الإطلاق هي الإخلاص للدستور. ويتعين عليك أن تختار في هذا السباق بين شخص كان مخلصا للدستور، وسوف يظل مخلصا له، ودونالد ترامب، الذي لا نستطيع أن نتوقع منه حتى تصرفاته. لقد شاهدنا ما فعله بعد الانتخابات الأخيرة (2020). وشاهدنا ما فعله في السادس من يناير/كانون الثاني".
وفي فعالية أقيمت في ولاية ويسكونسن، قالت "أنا أتابع كيف يعمل رؤساؤنا، وحتى عندما كان هناك رؤساء قد نختلف معهم بشأن قضايا معينة، فقد احترموا الدستور".
بدورها، وصفت هاريس ترامب بأنه شخص غير لائق لمنصب الرئيس، وأضافت "دونالد ترامب رجل غير جاد، لكن عواقب كونه رئيسا للولايات المتحدة خطيرة للغاية".
في استطلاع للرأي أجرته صحيفة "واشنطن بوست" ومدرسة شار في الفترة من 30 سبتمبر/أيلول إلى 15 أكتوبر/تشرين الأول، تبين أن 74% من الناخبين في الولايات المتأرجحة قرروا بالفعل من سيصوتون له، ولكن النسبة المتبقية (26%) من الناخبين ما زالت غير متأكدة من هوية من سيصوتون له.
ومن المتوقع أن تحدد سبع ولايات متأرجحة نتيجة الانتخابات، وهي نيفادا وأريزونا وويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا وجورجيا وكارولينا الشمالية، حيث تتنافس هاريس وترامب بكثافة، وتشكل هذه الولايات ما مجموعه 93 صوتًا في المجمع الانتخابي، أي ثلث الأصوات الـ270 اللازمة للفوز بالمجمع الانتخابي الذي يضم 538 صوتًا، وبالتالي الفوز بالانتخابات.
ويقول المحللون إن هاريس تأمل في استغلال الناخبين الجمهوريين الذين لم يحسموا أمرهم، مستعينة بمساعدة تشيني.
وقال أدولفوس بيلك، أستاذ العلوم السياسية والدراسات الأفريقية الأميركية في جامعة وينثروب، للجزيرة "إذا كنت من الحزب الديمقراطي، فأنت ستواصل اتباع إستراتيجية تعظيم الأصوات، وهذا يعني توسيع مساراتك نحو النصر، وخاصة في أماكن مثل بنسلفانيا وأوهايو وويسكونسن وميشيغان، حيث يوجد بعض الناخبين الجمهوريين الذين دعموا ترامب في عام 2016، لكنهم الآن يفكرون بجدية في التصويت للديمقراطيين".
ويعتبر محللون أن أعمال الشغب في الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021 التي قام بها أنصار ترامب، ومواقفه المربكة في كثير من الأحيان تجاه الإجهاض والحقوق الإنجابية، كانت من بين القضايا التي تركت بعض الناخبين الجمهوريين حذرين من ولاية ترامب الثانية.
هل يمكن أن تساعد تشيني هاريس على الفوز؟هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن إستراتيجية هاريس في بناء تحالف ثنائي مع الجمهوريين المناهضين لترامب من الممكن أن تساعد حملتها.
وبحسب استطلاع رأي حديث أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" بالتعاون مع كلية سيينا، فإن 9% من الناخبين الجمهوريين على مستوى البلاد قالوا إنهم سيصوتون لصالح هاريس. والأمر الأكثر أهمية هو أن استطلاع رأي منفصلا أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال" في الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر/تشرين الأول وجد أن 8% من الجمهوريين في ولاية أريزونا، حيث يتعادل ترامب وهاريس، سيصوتون لصالح هاريس.
ويرى بيلك أن الديمقراطيين يعتقدون أن الاعتدال هو الطريق إلى الأمام، وأنه يمكنك الحصول على أقصى قدر من الأصوات من خلال التحرك أكثر نحو المركز، في القضايا نفسها التي استخدمها الجمهوريون لمعاقبتك في الانتخابات الرئاسية السابقة.
ويقول "أعتقد أن فريق هاريس-تشيني يدور حول دفع بعض الجمهوريين، بما في ذلك الأعضاء السابقون في إدارة ترامب، إلى إرسال إشارة إلى الناخبين الجمهوريين الذين يفكرون في التصويت لصالح هاريس".
ورغم هزيمة ترامب لمنافسيه في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، فإن أعدادا كبيرة من الناخبين الجمهوريين دعموا السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي وحاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي، وكان هؤلاء الناخبون من ذوي التعليم العالي، وعادة ما يكونون من خريجي الجامعات الذين يميلون إلى الاعتدال السياسي.
وعندما تكون الفوارق بين ترامب وهاريس ضئيلة كما هي في الوقت الحالي -أقل من نقطة مئوية واحدة تفصل بينهما في بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن ونيفادا- فإن بضعة آلاف من أصوات الجمهوريين قد تحدث فرقا كبيرا بالنسبة لهاريس.
يقول بيلك عن الديمقراطيين "إنهم يستهدفون ناخبي هيلي. ولهذا السبب يذهبون إلى فوكس"، في إشارة إلى مقابلة كامالا هاريس على قناة فوكس نيوز في 16 أكتوبر/تشرين الأول، معتبرا أن فوكس هي المفضلة بين الناخبين المحافظين.
ولكن هل يحتمل أن تلحق تشيني الضرر بهاريس؟لقد ظل اسم تشيني لسنوات طويلة سامًّا تقريبا بالنسبة لليبراليين في أميركا، حيث ارتبط بالفشل الذريع في السياسة الخارجية لإدارة جورج بوش الابن.
وينطبق هذا بشكل خاص على الناخبين الأميركيين العرب والمسلمين، الذين تأثرت مجتمعاتهم بشكل مباشر بالحرب في العراق وتصاعد مشاعر الإسلاموفوبيا في وطنهم الولايات المتحدة.
ويعتقد محللون أن هاريس تخاطر بخسارة هؤلاء الناخبين -الذين يشعر الكثير منهم بالفعل بالاستياء الشديد منها بسبب دعم إدارة بايدن الهائل لحرب إسرائيل على غزة- من خلال الترويج بفخر لتأييد تشيني لها. ويقول بيلك إن هناك عددا من الديمقراطيين الليبراليين والتقدميين يشعرون بالانزعاج إزاء هذا الأمر.
في الشهر الماضي، أظهر استطلاع رأي أجراه مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) عن ولاية ميشيغان، موطن جالية عربية أميركية كبيرة وولاية رئيسية في ساحة المعركة، تأييد 40% من الناخبين المسلمين لجيل شتاين من الحزب الأخضر، فيما حصل دونالد ترامب على 18% من الدعم بينما أيد 12% من الناخبين هاريس.
وبرأي بيلك فإن حملة هاريس تواجه خيارات صعبة، ويقول "إن الأمر يتلخص في تقديم المساعدات لغزة بيد، والقنابل باليد الأخرى. وقد حاولت الإدارة الأميركية ممارسة بعض الضغوط على (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو، ولكن نتنياهو لم يستسلم لهذه الضغوط".
ويضيف "لقد استمر هذا الصراع لأكثر من عام، ويبدو أنه امتد إلى دول أخرى في المنطقة. لذا فإن هذه كانت مشكلة كبيرة بالنسبة لهذه الإدارة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الناخبین الجمهوریین من الناخبین
إقرأ أيضاً:
أوروبا لن تتفق أبدا بشأن إسرائيل - ولكنها قد تساعد غزة
ترجمة: أحمد شافعي -
بدأت الضمائر الأوروبية تستيقظ على جرائم الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وآن أن يحدث ذلك. فما الذي تسبب في هذه الصحوة البطيئة المتأخرة؟ هل يتمثل سببها في قتل إسرائيل أربعة وخمسين ألف فلسطيني منذ هجمة حماس الوحشية في السابع من أكتوبر 2023، أم في تعرض آلاف الأطفال الرضع لخطر الموت من الجوع أو من سوء التغذية، أم في إحراق المدنيين أحياء، أم في خطط وزراء إسرائيليين لمعاودة احتلال قطاع غزة واستعماره وطرد الفلسطينيين منه، أم لعل السبب هو إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على دبلوماسيين بعضهم أوروبيون في الضفة الغربية، أم الهتاف العنصري في مسيرة ممولة من الدولة في القدس نودي فيها بـ«الموت للعرب» وتردد هتاف «عسى أن تحترق قراهم»؟
قد يكون الأمر مزيجا من كل ما سبق، فضلا عن الإقرار بأن الضغط المبدئي على إسرائيل لن يأتي يقينا من واشنطن. ومهما يكن الدافع فإن أوروبا الآن ربما تقترب من نقطة تحول في مسارها لتطوي صفحة تواطئها مع إسرائيل قرابة عشرين شهرا في حرب غزة.
اتخذت قلة من البلاد الأوروبية موقفا مبدئيا من الحرب؛ فقد اعترفت أسبانيا وأيرلندا وسلوفينيا (من أعضاء الاتحاد الأوروبي) والنرويج (من غير أعضائه) بفلسطين دولة مستقلة في العام الماضي، ووجهت دعما كاملا لإجراءات وقرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، واستمرت في تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وصوتت لصالح جميع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن غزة.
غير أن قلة أخرى من البلاد استمرت في تقديم دعم مطلق لحكومة بنيامين نتنياهو؛ فأشدها إمعانا في ذلك جمهورية التشيك والمجر، تليهما ألمانيا وإيطاليا. بل لقد مضى رئيس وزراء المجر فكتور أوربان إلى حد دعوة نتنياهو لزيارة بودابست رغم مذكرة اعتقاله الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية. ثم انسحبت المجر كليا من المحكمة الجنائية الدولية.
غالب البلاد الأوروبية الأخرى لزمت الصمت، وبقيت في الوسط. وفي الشهور الستة الأولى من الحرب كان هذا يعني رفض الدعوة إلى وقف إطلاق النار. ولم يحدث إلا في ربيع عام 2024 حين غيرت إدارة جو بايدن المسارعة في موالاة إسرائيل من موقفها أن انضم إليها الاتحاد الأوروبي في جوقة المطالبة بهدنة.
قاومت حكومات أوروبية ومؤسسات في الاتحاد الأوروبي مقاومة هينة مقترح دونالد ترامب الوحشي المعروف بريفيرا غزة، وتبنت الخطة العربية للإنعاش وإعادة الإعمار، لكنها بقيت على تعاونها مع إسرائيل، ومضت في ذلك إلى حد عقد اجتماع لمجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل في فبراير برئاسة الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي كايا كالاس ووزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر. وفي أقصى الحالات وجهوا لإسرائيل تخويفا لطيفا بسبب عنفها الغاشم والعشوائي في القطاع.
غير أن الأغلبية الصامتة تتغير الآن؛ فقد علقت المملكة المتحدة مفاوضات على اتفاقية ثنائية للتجارة الحرة مع إسرائيل. وليس في إيقاف هذه المفاوضات أي تكلفة تتكبدها إسرائيل لأنه ما من اتفاقية قائمة بعد، لكن للأمر أهميته الرمزية.
فرنسا أعلى صوتا، وأنشط عملا، لا في سعيها الدبلوماسي وحسب من أجل حل الدولتين، بل أيضا في الإشارة إلى إمكانية فرض عقوبات مستهدفة على إسرائيل. غير أن الخطى حتى الآن ضئيلة، وأغلبها ذو طبيعة مجردة أو مؤقتة، لكنها تلمح إلى تغير في الوتيرة والجوهر.
قد يكون الأجدى هو التحرك داخل الاتحاد الأوروبي لتعليق ترتيبات التجارة التفضيلية مع إسرائيل بموجب اتفاقية الشراكة بين الاتحاد وإسرائيل، ولو أن تعليق التجارة التفضيلية لا يمثل بالطبع عقوبة. فالعقوبات ـ بمعنى حظر الواردات أو تقييدها ـ تقتضي اتفاقا بالإجماع في الاتحاد الأوروبي، ومن الصعب أن نتخيل حكومات الاتحاد السبع والعشرين تتفق على هذا مطلقا. ومن الصعب أيضا أن نتخيل تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد وإسرائيل تعليقا كاملا، فهذا أيضا يستوجب الإجماع.
لكن تعليق التجارة التفضيلية يعني منع فوائد اتفاقية الشراكة، وهذا يقع في نطاق سياسة الاتحاد الأوروبي التجارية التي لا تستوجب غير التصويت بالموافقة للأغلبية المؤهلة [qualified majority] من الدول أعضاء الاتحاد، فتستمر التجارة بين الاتحاد وإسرائيل، ولكن دونما شروط تفضيلية مثلما كان الحال منذ بدء سريان اتفاقية الشراكة في عام 2000.
وثمة الآن إمكانية ـ لم تكن واردة قط في الماضي ـ لمضيّ هذه العملية قدما؛ ففي الوقت الراهن فوضت كالاس مراجعة انصياع إسرائيل لالتزاماتها المفروضة عليها في اتفاقية الشراكة. والمثير أن طلب هذه المراجعة رسميا لم يأت من دولة مناصرة لفلسطين من قبيل أسبانيا أو أيرلندا أو حتى فرنسا، بل جاء من دولة معروفة بمناصرتها لإسرائيل هي هولندا في ظل حكومة يمينية.
وبالنظر إلى أن حقوق الإنسان واحترام القانون الدولي «عناصر جوهرية» قانونا في المادة الثانية من الاتفاقية القائمة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل؛ فسيكون من الفحش تجاهل المراجعة ـ التي سوف تشمل النظر في جرائم الحرب الإسرائيلية الموثقة ـ، وعدم حث المفوضية الأوروبية على تعليقها.
تستوجب الأغلبية المؤهلة اللازمة لتعليق القسم التجاري في الاتفاقية خمس عشرة من سبع وعشرين دولة. ولقد وافقت سبع عشرة دولة على المراجعة، لكن الأغلبية المؤهلة تستوجب أيضا موافقة دول تمثل 65% من سكان الاتحاد الأوروبي؛ فلو عارضت ألمانيا وإيطاليا هذه الخطوة لن تُستوفى هذه العتبة السكانية، فلا بد من تغيير إحدى الدولتين موقفها.
في الوقت الراهن لم تبد حكومة إيطاليا اليمينية المتطرفة بقيادة جورجيا ميلوني أي بادرة على تغيير سياستها. وانتقاد إسرائيل يتزايد لكنه لا يصل إلى نقطه الدفع إلى تغيير في السياسة.
وطالما اعتبرت الحكومات الألمانية أن أمن إسرائيل مصلحة وطنية لألمانيا في ضوء التاريخ. ويعني هذا أنه مما يشارف المستحيل أن تنتقد حرب إسرائيل في غزة. ولكن الآراء في ذلك قد تتغير أخيرا؛ إذ أعلن المستشار فريدريش ميرز هذا الأسبوع أنه لم يعد يمكن تبرير أفعال إسرائيل في غزة، وأنه لم يعد قادرا على فهم أهداف إسرائيل في غزة.
في الوقع؛ أهداف إسرائيل أوضِحت مرارا من خلال تصريحات الحكومة الإسرائيلية، ومن خلال أفعالها أيضا. فهذه حرب غايتها الكبرى إعادة احتلال، وإعادة استعمار، وطرد شعب، ولا علاقة تذكر لها بأمن إسرائيل، وإطلاق سراح الرهائن. وحتى أشد أنصار إسرائيل من أمثال ميرز بات يصعب عليهم إنكار هذا؛ فباتوا بالتالي أقل مقدرة على غض الطرف، ومواصلة الدعم.
قد لا يؤدي تعليق بنود التجارة التفضيلية في اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل إلى إيقاف حرب غزة على الفور، لكنه سيكون الخطوة الملموسة الأولى في المجتمع الدولي لفرض ثمن على إسرائيل لجرائمها. وفي النهاية فرض تكلفة كهذه هو السبيل الوحيد لإحداث تغيير.
الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل؛ ولذلك فالتكلفة المعنية غير قليلة. وهذا العمل الآن لن يرجع إلى الحياة عشرات الآلاف في قطاع غزة؛ فهؤلاء سوف يبقون وصمة على ضميرنا الجمعي، ولكن هذه الخطوة قد تقلل من الاحتمالات البغيضة بأن لا يحمل المستقبل إلا مزيدا من الموت والخراب.
ناتالي توتشي متخصصة في الشأن الأوروبي في صحيفة ذي جارديان
عن صحيفة الجارديان البريطانية