الواقعة الثالثة في 45 عاما .. اغتيال محمد صباحي ممثل المرشد الإيراني
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
شهدت محافظة فارس الواقعة في جنوب إيران، حادثة اغتيال رجل الدين محمد صباحي، وهو ممثل المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، لتصبح هذه هي الواقعة الثالثة من نوعها في نفس المدينة منذ عام 1979.
وأكدت وسائل إعلام إيرانية، في وقت سابق من اليوم الجمعة أن رجل الدين محمد صباحي، الذي يعد ممثل المرشد علي خامنئي وخطيب صلاة الجمعة بمدينة كازرون، شمال غرب محافظة فارس جنوب إيران، أغتيل بطلق ناري في منطقة الرأس، بعد هجوم من شخص مجهول.
وقالت وكالة تسنيم الإيرانية، أن صباحي نقل إلى المستشفى وهو بحالة حرجة وخطيرة، وخضع لعملية جراحية في أحد مستشفيات مدينة كازرون، قبل أن يفارق الحياة.
وأكد حاكم مدينة كازرون محمد علي بخرد أن المهاجم الذي فتح النار على خطيب صلاة الجمعة أقدم على الانتحار، مشيراً إلى أنه من المرجح أن تكون هناك عداوة شخصية بين المهاجم وخطيب صلاة الجمعة.
وعلق حاكم مدينة كازرون، التي تقع بمحافظة فارس الإيرانية، محمد علي بُخرد، قائلاً: "إن الجاني أقدم على هذا الفعل لأسباب غير معروفة"، مستبعدًا الدوافع الإرهابية، ومشيرًا إلى أن الحادث قد يكون ناتجًا عن خلاف شخصي.
وقال عضو البرلمان عن مدينة كازرون، غلام رضا دهقان ناصر آبادي، إن المعتدي أطلق النار على الإمام باستخدام مسدس.
وذكرت إحدى القنوات على "تليجرام" أن المعتدي قد يكون أحد المحاربين القدامى وقد أطلق النار على صباحي ثم حاول الانتحار.
لكن رئيس مؤسسة الشهيد في كازرون، مهدي مزارعي، نفى أن يكون الجاني من المحاربين القدامى أو من عوائل الشهداء، وهدد بملاحقة من ينشر تلك المزاعم.
وباغتياله اليوم، تنتهي عشرة سنوات متصلة لصباحي كان فيها إماما للجمعة في محافظة فارس، ويصبح ثالث إمام جمعة يُقتل في كازرون، منذ الثورة الإيرانية عام 1979.
وسبقه إمام جمعة كازرون محمد خرسند بعدما تعرض لعملية طعن، في عام 2019 فيما قُتل الإمام عبدالرحيم (رحمان) دانشجو بثلاث رصاصات، ونسبت السلطات هذا الاغتيال إلى منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: اغتيال محمد صباحي ممثل المرشد الإيراني المرشد الإيراني محمد صباحي المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي محافظة فارس خطيب صلاة الجمعة مدينة كازرون عملية طعن
إقرأ أيضاً:
ليلة اغتيال السير لي ستاك القائد العام للجيش المصري
منذ أن فرض الاحتلال البريطاني سيطرته على مصر عام 1882 تزايدت حدّة المقاومة الوطنية وتنوّعت أساليبها من الاحتجاج والضغط السياسي إلى تبني بعض العمليات المسلحة المنظمة ضد رموز الاحتلال والمتعاونين معه.
وقد دفع تعمّق شعور المصريين بفشل الوسائل السلمية مجموعات شبابية وتنظيمات سرية إلى تبنّي عمليات الاغتيال السياسي كوسيلة مباشرة لزعزعة هيمنة المستعمر، وإظهار استمرار فاعلية المقاومة رغم القبضة الأمنية البريطانية.
وبرزت سلسلة من المحاولات التي تنوّعت نتيجتها بين النجاح والفشل، كان من أبرزها اغتيال بطرس غالي باشا عام 1910 رئيس الوزراء الذي أبرم اتفاقية جعل البريطانيين فيها جزءا من حكم السودان مع مصر، مما أغضب الحركة الوطنية المصرية وأدى في النهاية إلى اغتياله.
وكما يرصد عبد الحكيم العفيفي في كتابه "تاريخ الاغتيالات السياسية في مصر" فقد تبع ذلك محاولات عديدة لاستهداف مسؤولين ووزراء مصريين تعاونوا مع الإنجليز وتماهوا معه، كان على رأسهم السلطان حسين كامل الذي فشلت محاولة اغتياله، فضلا عن موظفين بريطانيين كبار مثل مستر براون المراقب العام الإنجليزي لوزارة المعارف المصرية الذي قتل وهو يغادر مقر الوزارة في 18 فبراير/شباط 1922.
وتلاه مقتل مستر كييف وكيل حكمدار القاهرة في 24 مايو/أيار 1922 وهو خارج من مقر المحافظة في القاهرة بمنطقة باب الخلق، وفي كلتا الواقعتين لم يتم القبض على المنفذين، وقُيدت القضايا ضد مجهولين.
وشكّلت عملية اغتيال السير لي ستاك في نوفمبر/تشرين الثاني 1924 ذروة هذا المسار المتصاعد من المواجهة، إذ اعتُبرت رسالة قوية أعادت رسم حدود الصراع بين الحركة الوطنية المصرية والاحتلال، وامتدت آثارها إلى العلاقة السياسية بين مصر والسودان ومستقبل النفوذ البريطاني في المنطقة.
إعلانوقد عاشت مصر في تلك الحقبة اضطرابا سياسيا حادا نتيجة الخلاف المتفاقم بين رئيس الحكومة سعد زغلول والملك فؤاد الأول على عدة قضايا داخلية تناولها المؤرخ عبد الرحمن الرافعي في كتابه "في أعقاب الثورة المصرية" بالتفصيل.
وارتبط ذلك التوتر بقضية السودان التي أثارت المشاعر العامة على ضفّتَي وادي النيل، ففي الخرطوم وبقية المدن السودانية تعالت هتافات تدعو إلى بقاء مصر والسودان تحت راية واحدة.
وفي السودان تشكلت حركة ذات توجه وحدوي مع مصر مناهض للسيطرة البريطانية، وعُرفت باسم اللواء الأبيض بقيادة الضابط السوداني علي عبد اللطيف، الذي اكتسب شعبية واسعة بوصفه رمزًا لوحدة المصير، ورافضا لمؤامرات البريطانيين في تقسيم تلك الوحدة.
وقد أدّى تصلّب الاحتلال وتمسّك سعد زغلول بموقفه الرافض لأي فصل بين البلدين إلى احتدام الأزمة، مما دفعه لتقديم استقالته في 29 يونيو/حزيران 1924، لكن الملك تجاهل الطلب وأبقاه في منصبه.
وكما يذكر يوشيكو كوريتا في دراسته "علي عبد اللطيف وثورة 1924: بحث في مصادر الثورة السودانية" تعرّض زعيم اللواء الأبيض علي عبد اللطيف للاعتقال بتهمة تدبير انقلاب، إذ خضع لمحاكمة شكلية انتهت بالحكم عليه بالسجن 7 سنوات، ليُنقل بعدها إلى مصحة نفسية ثم إلى مصر في أوائل الأربعينيات.
وفي تلك الأثناء وبعد ظهر يوم الأربعاء 19 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1924، وفي تمام الساعة الثانية، غادر السير لي ستاك القائد العام للجيش المصري الخاضع للاحتلال البريطاني برتبة "سردار" مقر عمله بوزارة الحربية متجها إلى محل إقامته في حي الزمالك، قبل أن يتعرض لهجوم مسلّح مدبّر أثناء مرور سيارته في شارع الطرفة الغربي الذي عُرف لاحقا باسم شارع إسماعيل باشا أباظة.
واعترض الموكب 5 مهاجمين ترصّدوا لحظة وصول السردار إلى نقطة محددة، فألقوا قنبلة قرب المركبة تلاها وابل من الطلقات النارية أصابت ستاك إصابة بالغة في منطقة البطن، كما أُصيب مرافقه والسائق بجروح خطيرة.
وتمكنت المجموعة المنفّذة من الانسحاب بواسطة سيارة كانت على مقربة من المكان، في حين حاول أحد الجنود مطاردتهم فتعرّض لإطلاق نار مباشر أصيب بسببه في الرأس واليد.
ورغم الإسعاف الفوري ونقله بسرعة إلى المستشفى، فإن تدهور حالته الصحية أدى إلى وفاته بعد منتصف الليل في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، وقد أعقب ذلك تنظيم جنازة رسمية واسعة ظهرت فيها الرمزية العسكرية والتشريفات البروتوكولية بحضور كبار المسؤولين المصريين والقيادات البريطانية في القوات العاملة بمصر، في مشهد عكس خطورة التداعيات السياسية المترتبة على الحادث.
وكما يذكر الرافعي في كتابه السابق فقد عمّت البلاد حالة من الذعر عقب هذا الحادث، إذ كان القتيل من أبرز الشخصيات ذات النفوذ السياسي والعسكري في مصر والسودان، ولم تكد الحكومة البريطانية تستوعب وقع ما حدث حتى بدأت بوادر الاضطراب تظهر في الشارع وفي الصحف.
وتصاعدت الاتهامات بأن هذا الحدث يُشكّل تهديدا لأمن الدولة واستقرارها، لتشن الصحافة البريطانية حملة شرسة على سعد زغلول، وتحمّله وحكومته مسؤولية تأجيج المشاعر المعادية لبريطانيا، بل اعتبرت أن سياسات حكومته هي التي مهّدت لهذا الاعتداء الخطير.
إعلانوفي محاولة لاحتواء الغضب البريطاني، أصدر سعد زغلول تصريحا رسميا عبر الصحف أنكر فيه أي صلة للحركة الوطنية بالحادث، واعتبر الجريمة فعلا طائشا يستهدف تقويض هيبة الدولة وتشويه صورتها أمام العالم، وأكد أن منفذي الهجوم لا ينتمون إلى معسكر الساعين لاستقلال البلاد، بل يعملون على زعزعة الأمن وإغراق مصر في اضطرابات لا طائل منها، معبرا عن صدمته بكلمات لافتة حين قال إن الطلقات التي اخترقت جسد السردار قد أصابته هو في الصميم.
في المقابل تعاملت بريطانيا مع الحادث كتهديد خطير لمكانتها العسكرية والإدارية في وادي النيل، وصدرت أوامر فورية تقضي بتشديد الحراسة على جميع الرعايا الإنجليز ومنعهم من السير بمفردهم في الشوارع، كما غصت القاهرة بالدوريات المسلحة، واتخذ جنود الاحتلال مواقع هجومية في الميادين الرئيسية تحسبا لأي هجمات متوقعة، لتبدو المدينة كأنها تستعد لجولة جديدة من الصراع بين سلطة المستعمر وتصاعد روح المقاومة الوطنية.
بعد انتهاء مراسم تشييع السردار لي ستاك، تحرّك المعتمد البريطاني في مصر وقتئذ اللورد إدموند ألنبي نحو مقر رئاسة الوزراء في مشهد عسكري استعراضي هدفه إظهار التفوق البريطاني، حيث تقدّم موكبه المؤلف من مئات الجنود البريطانيين ليواجه سعد زغلول بإنذار قاسٍ يخلو من أي مساحة للحوار.
وكما يرصد م. ديلي في دراسته "الوظيفة العامة للحاكم العام السير لي ستاك في السودان (1917-1924)" فقد احتوى هذا الإنذار على شروط شديدة الإهانة للسيادة المصرية، في مقدمتها تقديم اعتذار رسمي فوري، واعتقال المنفّذين وإنزال أقصى العقوبات عليهم دون مراعاة لعوامل العمر أو الدافع الوطني، إلى جانب حظر التجمعات ذات الطابع السياسي بالمطلق.
كما طالب ألنبي مصر بدفع 500 ألف جنيه باعتبارها "دية" للسردار، وأصر على سحب الضباط والوحدات العسكرية المصرية كاملة من السودان خلال يوم واحد، مع إلزام القاهرة بعدم الاعتراض مستقبلا على أي إجراءات بريطانية تتعلق بالمصالح الأجنبية، فضلا عن إعطاء الإدارة السودانية حرية غير محدودة في توسيع استثمار الأراضي الزراعية في مشروع الجزيرة.
وضع هذا الموقف البريطاني المتشدّد سعد زغلول أمام تحدٍّ سياسي بالغ الحساسية، فحاول المناورة بقبول الحد الأدنى من المطالب المتمثل في الاعتذار ودفع بالفعل التعويض البالغ نصف مليون جنيه وملاحقة مرتكبي العملية؛ إلا أن رفض ألنبي لأي تنازل أو تعديل في مضمون الإنذار أنهى فرص التسوية.
وتجاوز الأمر تلك المطالب إلى إصدار ألنبي قراره باحتلال جمرك الإسكندرية، وإزاء استحالة القبول بكل الاشتراطات دون المساس بالمكانة الوطنية لحكومته، لم يجد زغلول بُدا من تقديم استقالته، التي قوبلت بالترحيب من القصر، ليُسند تشكيل الوزارة التالية إلى أحمد زيور باشا، المعروف بقابليته الكبرى للاستجابة لتوجهات سلطة الاحتلال والملك فؤاد.
وقد رضي زيور باشا بجميع مطالب الإنجليز، فقرر على الفور سحب الجيش المصري عن السودان، وطرد الموظفين المدنيين المصريين منه وكان عددهم يبلغ حينئذ 125 موظفا، وبذلك وقع جلاء مصر عسكريا ومدنيا عن السودان كما يقول الرافعي في تاريخه.
وبالعودة إلى التنظيم الذي نفذ عملية مقتل السردار لي ستاك ففي خضم ذلك الحراك الثوري منذ مقتل بطرس غالي وحتى عملية مقتل السردار سير لي ستاك، برز اسم عبد الفتاح عنايت الطالب بكلية الحقوق ضمن جيل جديد رأى في المواجهة المسلحة ردا مناسبا على ما تعرض له الوطن المصري من قمع واحتلال وفشل لثورة 1919، التي كانت تطمح إلى جلاء الإنجليز عن مصر نهائيا.
كان عنايت مدفوعا كذلك باعتبارات شخصية، بعدما لحق الظلم بشقيقه محمود على أيدي القوات البريطانية من قبل، الأمر الذي عزز انتماءه لجمعية "اليد السوداء" هو وأخوه عبد الحميد، وهي الجمعية التي يعتبرها محمد مورو في كتابه "تاريخ مصر الحديث" امتدادا لحركة التضامن الأخوي التي ترأسها إبراهيم الورداني، ذلك المقاوم الذي اغتال بطرس غالي باشا سنة 1910 بسبب موافقته على الشراكة البريطانية لمصر في حكم السودان.
إعلانوقد اتجهت مجموعة "اليد السوداء" إلى إعداد عملية اغتيال دون العودة إلى مركزية القيادة، مستهدفة إحدى القيادات البريطانية العليا، ويذكر جمال بدوي في كتابه "شاهد عيان على الحياة المصرية" أن الهدف الأول الذي وضعته الخلية كان اللورد ألنبي، رمز السلطة البريطانية الأعلى في مصر، غير أن الاعتبارات الأمنية وملابسات التنفيذ قادتهم في اللحظات الأخيرة إلى تعديل الهدف نحو السردار لي ستاك.
وما إن تولى إسماعيل صدقي باشا وزارة الداخلية في وزارة زيور باشا، حتى اتجهت السلطة التنفيذية إلى تبني سياسة أمنية مشددة للتعامل مع حادث اغتيال السردار، فصدر إعلان حكومي يرصد مكافأة ضخمة بلغت عشرة آلاف جنيه لكل من يقدم معلومات تفضي إلى كشف منفذي العملية.
وقد شكل توقيف سائق سيارة السردار نقطة تحول في مسار التحريات، بعدما قدم شهادات مكّنت الأمن من الوصول إلى خيوط مهمة بشأن هوية المنفذين.
وفي تقرير رسمي للأمن العام المصري بتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1924، تبين أن الاغتيال كان ثمرة عمل منظم قامت به مجموعة ناشطة تضم بين صفوفها شخصيات سياسية ومتعلمين وطلابًا، وهو ما اعتُبر دليلا على عمق التأييد الشعبي للعمل الثوري.
ونتيجة لذلك شنت القوات البريطانية حملة اعتقالات واسعة طالت شخصيات بارزة في الحياة السياسية المصرية، من أعضاء البرلمان وكبار الموظفين مثل عبد الرحمن فهمي ووليام مكرم عبيد ومحمود النقراشي وغيرهم، دون مراعاة للحصانة الدستورية التي كانوا يتمتعون بها.
وقد أشعلت هذه الإجراءات أزمة دستورية داخل البرلمان، حيث اعتبر النواب أن القبض على زملائهم دون إجراءات قانونية يمثل تعديًا صارخًا على صلاحيات المؤسسة التشريعية، لكن النيابة العامة بررت موقفها بضرورات الحفاظ على الأمن العام، فقضت المحكمة بجواز مواصلة التحقيقات، مما أضعف موقف البرلمان وأظهر مدى تغول السلطة التنفيذية تحت الضغط البريطاني، وأمام هذا التعقيد سعى أحمد زيور باشا إلى تهدئة الموقف بالتواصل مع المندوب السامي، لينتهي الأمر بإحالة المتهمين إلى القضاء المصري.
وفي سياق تعقّب المتورطين في اغتيال السردار لي ستاك، بدأت في مايو/أيار 1925 محاكمة خاصة في قضية جنايات قسم السيدة زينب رقم 110 لسنة 1924، لـ9 من المتهمين من خلفيات اجتماعية ومهنية متنوّعة.
وهو ما يستقصيه الباحث مالك بدراوي في دراسته "العنف السياسي في مصر: الجمعيات السرية والمؤامرات والاغتيالات 1910-1925″، حيث يشير إلى أن قائمة الاتهام ضمّت شريحة من الطلاب والعمال والموظفين والمهنيين في دلالة على اتساع دائرة المشاركة في العمل الوطني المسلّح خارج الإطار التقليدي للنخب السياسية.
وبحسب ملف القضية ذاته، فقد جاء على رأس المتهمين الأخوان عبد الفتاح عنايت (22 عامًا)، وعبد الحميد عنايت (19 عامًا)، وكلاهما من طلاب الحركة الوطنية، إلى جانب كل من إبراهيم موسى (31 عامًا)، ومحمود راشد أفندي (33 عاما)، وإبراهيم محمد (22 عامًا)، وراغب حسن (23 عامًا)، فضلا عن شفيق منصور (37 عامًا)، ومحمود إسماعيل، وكذلك محمود صالح محمود.
ويرى بدراوي في تحليله لهذه الشخصيات وتنوعها الاجتماعي أنها تعبّر عن انتقال العمل الفدائي إلى قاعدة شعبية أوسع تشمل عمال الورش والطبقة الوسطى المهنية، وليس فقط النشطاء السياسيين التقليديين.
وقد تولى المحامي إبراهيم الهلباوي مهمة الدفاع عنهم أمام المحكمة، محاولا التركيز على الظروف السياسية الضاغطة التي أحاطت بعملية التحقيق، والسعي إلى التشكيك في الاتهامات الموجهة إليهم، غير أن المحكمة في جلسة الثامن من يونيو/حزيران 1925 أصدرت حكمها القاضي بإعدام 8 من الفدائيين، بينما اقتصر العقاب على السائق بالسجن لعامين مع الشغل.
وفي تلك الأثناء تدخلت الإرادة السياسية العليا في البلاد لتخفيف وقع هذه الأحكام على الرأي العام، خاصة أن قائمتهم تضمنت شقيقين من عائلة واحدة هما عبد الفتاح وعبد الحميد عنايت، فصدر عفو ملكي بتحويل عقوبة عبد الفتاح عنايت إلى السجن المؤبّد، في محاولة لاحتواء الغضب الشعبي ومنع تفاقم الاحتقان تجاه السلطة.
وهكذا كشفت قضية اغتيال السردار لي ستاك أنه لا يمكن اختزالها في كونها حادثة اغتيال سياسي فحسب، بل مثلت محطة حاسمة انتقل فيها العمل الوطني المسلّح من إطار النخب إلى مشاركة شرائح اجتماعية أوسع من طلاب وعمال وموظفين، في مواجهة الاحتلال البريطاني وسياساته القمعية، كما أبرزت حدود قوة الاستعمار أمام تصاعد الروح الوطنية الشعبية.
إعلانورغم شدة الرد البريطاني وما تلاه من محاكمات وأحكام رادعة ومحاولة إعادة فرض السيطرة على القرار المصري والسوداني، فإن صدى هذه القضية ترك أثرًا عميقا في مسار الحركة الوطنية، وأسهم في تمهيد الطريق لتحولات كبرى انتهت بتراجع النفوذ البريطاني وانتصار إرادة الاستقلال بعد عقود قليلة.