تحوّل السودان إلى ساحة للصراع بين القوى الدولية، روسيا تدعم مرة قوات الدعم السريع ثم تزود الجيش بسلاح يرجح ربما كفته في الصراع. فيما تنتقد واشنطن تزويد أي جهة داخل السودان بسلاح قد يطيل من أمد الحرب الأهلية.

التغيير: وكالات

تلعب روسيا دورًا متزايدًا في السودان  لتعزيز نفوذها في البحر الأحمر وتوسيع حضورها الإفريقي.

إذ تعتبر روسيا البحر الأحمر ممرًا مائيًا حيويًا، حيث تسعى لتعزيز وجودها الأمني والجيوسياسي في المنطقة، من خلال تأمين موطئ قدم على السواحل السودانية، بحسب ما يرى مراقبون. فيما تبدي واشنطن اهتماما واضحا في السودان من خلال تعيين مبعوث أميركي خاص بشأن السودان توم بيرييلو الذي بدأ عمله بزيارة الرياض والقاهرة وأنقرة ابتداء من 8 سبتمبر الماضي، لمواصلة الجهود الطارئة لإنهاء الحرب الدائرة في السودان والمجاعة الناتجة عنها. وبالبناء على النجاح الأخير الذي حققته مبادرة “مجموعة التحالف من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان”.

لكن رغم كل الجهود الدولية يشهد السودان صراعا على السلطة بين  قوات الدعم السريع  والجيش منذ 15 أبريل 2023، وتحول البلد الأفريقي الكبير نتيجة ذلك إلى ساحة صراع بين قوى إقليمية ودولية، إما بسبب أطماع في ثرواته أو وضع قدم في هذا البلد الأفريقي المهم أو لتصفية حسابات.

مصالح روسيا في السودان

نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، عن ياسر العطا، عضو مجلس السيادة الانتقالي ومساعد القائد العام  للقوات المسلحة السعودية، قوله إن “روسيا طلبت إقامة محطة للوقود في البحر الأحمر مقابل توفير أسلحة وذخيرة، وإن اتفاقيات بهذا الصدد سيتم توقيعها قريباً”. بشأن ذلك يقول لؤي عبد الرحمن، رئيس تحرير موقع “قلب إفريقيا” الإخباري السوداني، لـ DW إن روسيا تسعى لتعزيز وجودها السياسي في القارة الإفريقية، “السودان، بفضل موقعه الجغرافي وموارده الطبيعية الغنية، بما في ذلك المعادن والزراعة، يمثل فرصة استثمارية واقتصادية مهمة لروسيا”.  ويضيف لؤي ” أن السودان قد يصبح نقطة انطلاق لتعزيز النفوذ الروسي في وسط وجنوب وغرب إفريقيا، مما يشكل تحديًا لتواجد القوى الغربية، وخصوصًا فرنسا”. يشار إلى أن الجانب الروسي لم يعلن رسميا عن تزويده الجيش السوداني بالسلاح.

من جانبه يرى مكي المغربي، مستشار في الملف الأمريكي والافريقي بنيويورك، أن”مصالح روسيا في  السودان  تتمثل في الحاجة إلى موطئ قدم عسكري على البحر الأحمر، وهو ما عبَّرت عنه روسيا من خلال الاتفاقية الخاصة بالقاعدة اللوجستية”. وأكد مكي أن “السودان يحتاج إلى التعاون العسكري والسياسي في المحافل الدولية، فضلاً عن الحاجة المتزايدة في مجالات الزراعة والتعدين. على الرغم من خروج السودان من العقوبات الأمريكية، لا تزال هناك عقوبات تؤثر عليه وعلى منظومة الصناعات الدفاعية”.

وفي هذا الإطار يضيف لؤي عبد الرحمن قائلا: “إن الحكومة السودانية لجأت إلى روسيا في ظل ضعف الدعم الغربي، حيث لم تتخذ الدول الغربية موقفًا واضحًا أو قويًا ضد مليشيا الدعم السريع” على أمل أن تتلقى الدعم العسكري والسياسي في المحافل الدولية في ظل الضغوط الميدانية”.

لكنه عبد الرحمن يرى “أن الانحياز الروسي للحكومة السودانية ليس كاملاً”. وأشار إلى أن روسيا لم تكن شريكًا أساسيًا للحكومة في الأصل، بل كانت تربطها علاقات وطيدة مع قوات الدعم السريع. “وقدمت روسيا مستشارين لهذه الميليشيا وأقامت علاقات استثمارية قوية معها، خاصة في قطاع الذهب”.

يشار إلى أن قوات الدعم السريع تمتلك أسلحة روسية حصلت عليها سابقًا، فضلاً عن وجود حلفاء لهذه الميليشيا من الدول المجاورة، مما قد يعني تلقي الدعم الروسي بشكل غير مباشر. وفي هذا السياق يقول لؤي: “إن الحكومة السودانية تدرك أن الميل الروسي نحوها ليس كاملاً، وأن روسيا قد تستخدم هذا التوجه كورقة ضغط لتحقيق مصالحها الخاصة.”

ونشر مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد، وهو شبكة عالمية من الصحفيين الاستقصائيين، تقريراً في نوفمبر 2022 يوضح بالتفصيل تدخل مجموعة فاغنر في قطاع التنقيب عن الذهب في السودان.

الموقف الأمريكي من الأزمة السودانية

أبدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قلقها إزاء تقارير تفيد بوصول شحنات أسلحة من إيران إلى الجيش السوداني، الذي يخوض صراعاً عنيفاً مع “قوات الدعم السريع” المتهمة بتلقي دعم من روسيا وجهات أخرى. ويأتي هذا الموقف في إطار جهود أمريكية لاحتواء التدخلات الخارجية المتزايدة في السودان التي تهدد استقرار المنطقة.

وخلال محادثات أجرتها مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، مولي فيي، على هامش القمة الأفريقية في أديس أبابا، أكدت الولايات المتحدة التزامها بأولوية استعادة الحكم المدني في السودان. وتسعى واشنطن عبر ما أطلقت عليه “خطة اليوم التالي” إلى إنهاء النزاع وضمان استقرار المنطقة، في ظل تزايد التنافس الدولي على النفوذ في السودان والقرن الأفريقي.

ويرى مراقبون إن تزايد النفوذ الروسي في السودان سيدفع الولايات المتحدة للتحرك أكثر وسد الطريق أمام النفوذ الروسي المتزايد. ويقول مكي المغربي إن “التعاون الروسي والتقارب السوداني الإيراني له تأثير إيجابي لأنه يعكس انفتاح السودان على منافسيه أمريكا في المنطقة”. ويؤكد بالقول: “طلبنا التعاون مع أمريكا فلم تهتم بنا ولكن عندما نتوجه نحو روسيا تهتم، ليس لتطوير العلاقة معها بل لمنع السودان من العلاقة مع روسيا ثم تتنصل هي عن وعودها”.

عقوبات واشنطن على السودان

وفي خطوة تهدف إلى تقييد الموارد العسكرية للقوات المسلحة السودانية فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ميرغني إدريس سليمان، المدير العام للصناعات الدفاعية وأحد القادة البارزين في الجيش السوداني. ووفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، يتهم إدريس بقيادة جهود مكثفة لتوسيع القدرات العسكرية للجيش، بما في ذلك شراء الطائرات المسيرة من إيران وروسيا، وتبادل الأسلحة مع موسكو مقابل تسهيلات لوجستية.

ويرى مراقبون أن هذه العقوبات تأتي في وقت يشتد فيه الضغط الدولي لإنهاء النزاع في السودان، حيث يعاني أكثر من 21 مليون سوداني من نقص حاد في الغذاء، بينما تشرد 11 مليوناً بفعل النزاع. وتشير هذه الخطوة إلى استراتيجية من واشنطن تهدف إلى توسيع نطاق الضغط على النظام السوداني، حيث يمكن أن تشمل العقوبات قادة عسكريين آخرين ومسؤولين حكوميين متورطين في انتهاكات حقوق الإنسان أو تعزيز النزاع. ويهدف هذا إلى إرسال رسالة قوية مفادها أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع أي محاولة لزيادة التسليح، مُشيرةً إلى ضرورة المساءلة في ظل الظروف الإنسانية الحرجة.

الذهب والسلاح والنفوذ في السودان

يُعتبر السودان من أبرز منتجي الذهب في إفريقيا، حيث يحتل المرتبة الثالثة عشرة عالميًا، إذ تبلغ احتياطيات من الذهب حوالي 1550 طنًا. ومع ذلك، كشفت تقارير حديثة، بما في ذلك تقرير شبكة “سي أن أن” الأمريكية، عن قضية خطيرة تتعلق بنهب الذهب السوداني من قِبَل روسيا، التي تستخدمه لتمويل حربها في أوكرانيا.

وبحسب مراقبين، فإن تقدّيم روسيا دعمًا سياسيًا وعسكريًا قويًا لمجلس السيادة السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان سيزيد من تعقيد المشهد السياسي في البلاد. ومن خلال هذه العلاقة، تسعى روسيا إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، مع الاستفادة من الموارد الطبيعية الغنية للسودان، مثل الذهب.

وفي نفس السياق يقول لؤي: “إن الحكومة السودانية تستغل الدعم الروسي كأداة ضغط ضد الغرب، بهدف إجبار مليشيا الدعم السريع على التفاوض وفق أجندة الجيش السوداني. في حين يُعتبر هذا التوجه تكتيكيًا من جانب السودان، فإن روسيا ترى في هذا التواجد فرصة استراتيجية لتوسيع نفوذها في المنطقة”.

ومن الواضح أن”التدخل الروسي لا يمثل عائقًا كبيرًا أمام عملية السلام في السودان، إذ أن علاقات روسيا في الأصل لم تقتصر على الحكومة السودانية، بل امتدت إلى “مليشيا الدعم السريع” التي تجمعها بروسيا مصالح اقتصادية، وخاصة في قطاع الذهب”، بحسب مكي المغربي. ويشرح مكي بالقول إن “السودان كان يرغب في علاقات أقوى مع أمريكا أكثر من روسيا، ولكن انزلقت أمريكا في أجندة الرباعية وهي (أمريكا، بريطانيا، السعودية، الامارات)” .

وليس سرا أن كلا من الولايات المتحدة وروسيا والصين تبحث عن مصالحها في القارة الأفريقية التي تعاني من ويلات الحروب والصراعات، بل أن القارة أصبحت ساحة للصراع على المستوى الاقتصادي. وطالما انتقد ناشطون مدنيون سودانيون الموقف الامريكي تجاه الأزمة في البلاد، وطالبوا واشنطن بعدم الأكتفاء بفرض عقوبات على قوات الدعم السريع وقيادتها أو على قيادات عسكرية في الجيش، بل بدخول قوات أممية تفصل  بين القوات المتحاربة وتحمي المدنيين .

نقلاً عنDWعربية

الوسومأمريكا الذهب السوداني حرب الجيش والدعم السريع روسيا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أمريكا الذهب السوداني حرب الجيش والدعم السريع روسيا الحکومة السودانیة قوات الدعم السریع الولایات المتحدة الجیش السودانی البحر الأحمر فی السودان فی المنطقة السودان من روسیا فی من خلال فی هذا

إقرأ أيضاً:

«الدعم السريع» تعلن السيطرة على مثلث الحدود مع مصر وليبيا والجيش يقر بـ«الإخلاء»

الدعم السريع وصفت انفتاح قواتها على محور الصحراء الشمالي بأنه يُعد تحوّلاً استراتيجياً في تأمين الحدود وحماية البلاد.

الخرطوم: التغيير

أعلنت قوات الدعم السريع، فرض سيطرتها على منطقة المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا “في خطوة سيكون لها ما بعدها”، فيما أقر الجيش السوداني بإخلائه المنطقة ضمن ترتيبات التصدي لتوغل قوات ليبية إلى الأراضي السودانية.

واتهم الجيش السوداني، أمس الثلاثاء، قوات اللواء الليبي خليفة حفتر بالتورط المباشر في هجوم شنته الدعم السريع في المنطقة الحدودية الثلاثية بين السودان وليبيا ومصر، ووصف العملية بأنها تعدٍ سافر على سيادة السودان.

وأعلنت الدعم السريع في بيان اليوم الأربعاء، تمكن قواتها “من تحرير منطقة المثلث الاستراتيجية التي تُشكّل نقطة التقاء محورية بين السودان وليبيا ومصر”.

ووصف الناطق باسم القوات الأمر بأنه خطوة نوعية سيكون لها ما بعدها على امتداد عدة محاور قتالية، لا سيما في الصحراء الشمالية، “كما يُسهم هذا الانتصار في مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر على الحدود السودانية”.

وأضاف أن قواتهم خاضت معارك خاطفة وحاسمة ضد من أسماهم مليشيات الارتزاق وكتائب الإرهاب “انتهت بتقهقر العدو وفراره جنوباً بعد تكبده خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، كما استولت القوات على عشرات المركبات القتالية.

وذكر البيان أن أهمية هذا الانتصار تنبع من الموقع الجغرافي الحيوي لمنطقة “المثلث”، إذ تُعد معبراً حدودياً اقتصادياً واستراتيجياً بين ثلاث دول، ومركز محوري للتجارة والنقل بين شمال وشرق أفريقيا، كما تحتوي المنطقة على موارد طبيعية غنية بالنفط والغاز والمعادن، إلى جانب كونها فضاءً يعكس التنوع الثقافي والتداخل الاجتماعي بين شعوب المنطقة.

ووصف بيان الدعم السريع انفتاح قواتها على محور الصحراء الشمالي بأنه يُعد تحوّلاً استراتيجياً في تأمين الحدود وحماية البلاد، خاصة بعد تكرار تعديات من وصفهم بـ “حركات الارتزاق والمليشيات المدعومة من سلطة بورتسودان الإرهابية”.

وأشار إلى أن أهالي المنطقة خرجوا في احتفالات جماهيرية عفوية، دعماً للقوات وترحيباً بتحرير “المثلث”، واستبشاراً بعودة الأمن والاستقرار.

من جانبه، قال الناطق باسم الجيش السوداني في بيان مقتضب، إنه “في إطار الترتيبات الدفاعية لصد العدوان، أخلت قواتنا اليوم منطقة المثلث المطلة على الحدود بين السودان ومصر وليبيا”.

الوسومالإتجار بالبشر الجيش السوداني الدعم السريع السودان الشمالية الصحراء المثلث الحدودي الهجرة غير الشرعية خليفة حفتر ليبيا مصر

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني والدعم السريع يتنازعان السيطرة على منطقة المثلث الاستراتيجية
  • مثلث العوينات في السودان... ما أهمية سيطرة الدعم السريع على المنطقة؟
  • الشمالية: سنتصدى لتوغل حفتر والدعم السريع في المثلث بكل قوة
  • التجمع الاتحادي: سيطرة الدعم السريع على المثلث الحدودي «تطور خطير»
  • السودان.. لجنة إغاثية تتهم (الدعم السريع) بقتل 8 أشخاص في الفاشر
  • الدعم السريع يعلن السيطرة على المثلث الحدودي مع مصر وليبيا بعد انسحاب الجيش السوداني
  • «الدعم السريع» تعلن السيطرة على مثلث الحدود مع مصر وليبيا والجيش يقر بـ«الإخلاء»
  • تحوّل استراتيجي شمال السودان.. الدعم السريع يسيطر على «المثلث» الحدودي مع مصر وليبيا
  • الدعم السريع يعلن السيطرة على المثلث الحدودي مع مصر وليبيا
  • وزارة الخارجية بالحكومة الليبية: لم ننخرط في الصراع السوداني بأي شكل من الأشكال