كتب - محمود مصطفى أبوطالب:

أكد الدكتور نظير عيَّاد، مفتي جمهورية مصر العربية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أنَّ الأديان جاءت لترسيخ قِيَم السلام والعدالة، واصفًا التعاون بين الأمم والمؤسسات الدينية بالضرورة لتحقيق الاستقرار والأمان للشعوب.

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها خلال مشاركته في القمة العالمية لرؤساء الأديان ضمن الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف، المنعقدة في باكو عاصمة أذربيجان يومَي 5 و6 نوفمبر 2024.

ودعا مفتي الجمهورية في كلمته رؤساء الأديان في العالم إلى ضرورة تعزيز وتحقيق العدالة المجتمعية والعالمية، حيث يجب علينا جميعًا أن نتعاون ونتكاتف من أجل رفع الظلم عن هذه الشعوب المظلومة وتلك المجتمعات المقهورة، وفي مقدمتها شعب فلسطين الأبيُّ، صاحبُ الأرض والحقِّ الذي يتعرَّض لأعظم جريمة إبادة جماعية وقعت في التاريخ الإنساني القديم والمعاصر على مرأى ومسمع المجتمع الدولي.

وأشار إلى أنَّ هذه المهمة لا يمكن أن يحققها القادة السياسيون بمعزل عن المؤسسات الدينية والمجتمعية؛ لذا فنحن بدورنا وإيماننا بقوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92]، لذا يتوجَّب علينا تقديم يد العون والمساعدة في أي مسار يمكن أن يحقق العدل ويرفع الظلم عن هذه الشعوب.

وأشار مفتي الجمهورية في كلمته إلى الْتزام مصر، من خلال مؤسساتها الدينية والمجتمعية، بالعمل على رفع الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة وتخفيف الانبعاثات الضارة، مؤكدًا أنَّ التعاون بين المؤسسات الدينية والدولية يُعد حتميًّا لمواجهة الأزمات التي تهدد استقرار العالم.

وأكَّد أنَّ الأديان في مضامينها المقدسة وتاريخها العريق إنما تدعو إلى السلم والسلام، ولا تدعو إلى الحرب والنزاع، وإنَّ ما جنحت إليه شرذمة قليلة نحو التطرف والإرهاب قد انحرفت في فهم نصوص الأديان وتطبيقها بشكل خاطئ، وفي نفس الوقت لا تمثل في سياق التاريخ أو الواقع إلا فئة قليلة لا يمكن تعميمها على جمهور المؤمنين أو محاكمة الأديان من خلالها.

وأوضح مفتي الجمهورية أن النصوص الدينية التي تؤكد السلم والسلام أو تدل عليه لا يمكن حصرها في هذا المقام، ومنها على سبيل المثال: قوله تعالى في القرآن الكريم: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنفال: 61]. وما ورد في الكتاب المقدس: "طوبى لصانعي السلام، فإنهم سيدعون أبناء الله". [متى: 5/ 9].

وأضاف المفتي أننا دائمًا نؤكِد أنَّ الأديان ضد نظريات صدام الحضارات والإسلاموفوبيا وغيرها من النظريات التي تحرِّض على الحروب والنزاعات الطائفية، وتكرس لمظاهر التمييز والعنصرية والكراهية، وغير ذلك.

كما دعا إلى ضرورة تعزيز اليقين بالله تعالى والقيم الدينية والأخلاقية الثابتة في الأفراد والمجتمعات، وأهمية مواجهة الأفكار اللادينية التي تستغلُّ التغيرات الثقافية، والجيوسياسية، والعلمية، والتقنية، والاتصالات، والاكتشافات العلمية الحديثة، والحروب الدائرة اليوم في العالم في نشر أفكارها اللادينية البغيضة، وتستقطب بها الشباب وتجنح بهم نحو الفساد والإباحية وهدم القيم الأخلاقية، وتبث في نفوسهم روح التشاؤم والانعزالية وغير ذلك من المبادئ الخطيرة على الإنسانية جمعاء.

وقال:"من وجهة نظري فإن تعزيز اليقين بالله في الأفراد والمجتمعات لا يمكن أن تستقل به المؤسسات الدينية بمعزل عن المؤسسات المدنية والمجتمعية؛ وإلا فكيف لنا أن نقوم بهذا التعزيز وغيرنا يعمل على هدمه؟!"

وأكَّد مفتي الجمهورية على ضرورة التكامل والتعاون والاتفاق المؤسسي نحو هذا التعزيز وضرورة صياغة الأجوبة الدينية المناسبة على الأطروحات والتساؤلات اللادينية بشكل منطقي وسليم لا يتعارض مع النصوص الدينية القطعية، وكذلك يتوافق مع المنجزات الإنسانية الحديثة حتى نضمن بشكل قطعي عدم وقوع الشباب فريسة للأفكار اللادينية وأساليبها الماكرة.

فيما دعا المفتي إلى ضرورة الإفادة من التنوع الديني والعِرْقي والمذهبي، واستثماره في البناء الحضاري والعمراني، وتحقيق الرفاه والعيش الرغيد للشعوب، بدلًا من اتخاذه سببًا للحروب والصراعات ومعوقًا للتقدم والازدهار، مؤكدًا أن الله -سبحانه وتعالى- قد جعل هذا التنوع سبيلًا ومنهاجًا للتعارف والتعاون والتكامل، وفي ذلك يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].

وأضاف أنه يمكن لنا أن نفيد من التجارب والنماذج العملية في هذا المسار، والتي يأتي في مقدمتها "بيت العائلة المصرية" الذي يتعاون فيه "الأزهر الشريف" و"الكنيسة المصرية" لتعزيز التسامح الديني والعيش المشترك في المجتمع، برعاية الدولة المصرية.

وأوضح مفتي الجمهورية أنَّ مواجهة الأزمات المناخية الواقعة والمستجدة بشكل حاسم وجاد يأتي من باب المحافظة على مقاصد الأديان، التي تدور حول محورين رئيسين؛ الأول: محور الإنسان، من حيث المحافظة على عقيدته، وقيمه، ومبادئه، وعِرضه، وماله وكسبه، وكل ما يحافظ على هذه الأمور من وسائل وأدوات فهو مشروع ومقصود في الأديان. الثاني: الاستخلاف الحضاري والعمراني، الذي من شأنه أن يحقق الرسالة الثانية من خلق الإنسان في هذه الحياة، وهي: تعمير هذه الأرض، وبناء حضارتها المجيدة، وكل ما يحقِّق ذلك من أدوات ووسائل، وفي مقدمتها مواجهة الأزمات المناخية المستجدة، فهو -أيضًا- مشروع ومقصود في الأديان.

وفي ختام كلمته قال المفتي، إن اجتماعنا اليوم يُعَدُّ ركيزة أساسية في مواجهة الفتن والاضطرابات والقلائل والأزمات التي من شأنها زعزعة استقرار المجتمعات وتخريب العمران الذي شيدته الإنسانية بالكد والكفاح، وهذا يتطلب منا جهودًا حثيثة وكبيرة نحو المُضي قُدمًا للتعاون والتكاتف والاستمرارية في بذل الغالي والنفيس من أجل تحقيق السلام والعيش الرغيد للشعوب والمجتمعات".

وأكد أن دار الإفتاء المصرية بدعم كامل من الدولة المصرية تطمح للتعاون الجاد والمشاركة الحيوية في هذا الطريق، مشيرًا إلى دعم الدار الكامل لجميع المبادرات التي ستنبثق عن هذا المؤتمر الكريم.

نظير عيَّاد مفتي الجمهورية إبادة جماعية قمة رؤساء الأديان

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة مفتي الجمهورية: نولِي اهتمامًا كبيرًا ببرامج التدريب التي تستهدف رفع أخبار مفتي الجمهورية ينعي ضحايا حادث الجلالة.. ويدعو بالشفاء العاجل للمصابين أخبار مفتي الجمهورية يبحث مع نظيره الأوزبكي سبل التعاون الثنائي وتبادل الخبرات أخبار المفتي: الإسلام يرسِّخ مفاهيم السلام والخير ويدعو للتعايش السلمي بين أخبار أخبار مصر وزيرة التنمية المحلية تستعرض إنجازات مصر في التنمية وتحسين معيشة المواطنين منذ 28 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر أسامة رسلان متحدثًا رسميًا لوزارة الأوقاف منذ 32 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر كيف قيد قانون الإجراءات الجنائية سلطة أوامر المنع من السفر والإدراج منذ ساعتين قراءة المزيد أخبار مصر السكة الحديد تُعلن مواعيد القطارات على خطي القنطرة شرق- بئر العبد منذ 3 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر رياح وأمطار وشبورة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الـ 6 أيام المقبلة منذ 3 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر برلماني: مدبولي يلتقي رؤساء اللجان النوعية الخميس المقبل منذ 4 ساعات قراءة المزيد

إعلان

أخبار مهرجان الجونة

المزيد أخبار مهرجان الجونة منتج "الفستان الأبيض" لـ"مصراوي": قصة الفيلم مختلفة وسعدت بمشاركته أخبار مهرجان الجونة طلاب أكاديمية MBC ونجوم السعودية يشاركون في نشاطات وفعاليات على هامش أخبار مهرجان الجونة يسرا لـ"مصراوي": "الجونة السينمائي" خلية نحل وتربطني صداقة كبيرة بـ أخبار مهرجان الجونة "أنا تخينة بسبب الدواء".. أسما شريف منير ترد على انتقادات إطلالتها أخبار مهرجان الجونة بالفيديو.. آية سماحة تكشف سبب ارتدائها بدلة رجالي في مهرجان الجونة

إعلان

أخبار

المفتي في قمة رؤساء الأديان: علينا التعاون والتكاتف للدفاع عن الشعوب المظلومة

أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات

© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى

إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك 28

القاهرة - مصر

28 19 الرطوبة: 37% الرياح: شمال المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: مهرجان الجونة السينمائي الانتخابات الرئاسية الأمريكية ثلاثي الزمالك أسعار البنزين سعر الدولار أسعار الذهب الطقس حسن يوسف الهجوم الإيراني يحيى السنوار طوفان الأقصى الدوري الإنجليزي التصالح في مخالفات البناء فانتازي مفتي الجمهورية إبادة جماعية قراءة المزید أخبار مصر أخبار مهرجان الجونة المؤسسات الدینیة مفتی الجمهوریة صور وفیدیوهات لا یمکن

إقرأ أيضاً:

غضب مكبوت.. قنابل في داخل الشعوب

د. عبدالله باحجاج

تعتمد الحكومات في المنطقة على مبدأ كسب الشعوب كشرعية وجودية لها ومن ثم ديمومتها في السلطة، مما يجعل هذا المبدأ سياسيًا يقابل مبدأ التمثيل السياسي في حكومات أخرى حول العالم.

 والفرق بين الشرعيتين كبير -شكلًا وجوهرًا- وهو يعكس طبيعة الأشكال السياسية للدول، وهي ليست موضوع حديثنا هنا.. الأهم أن هناك شرعية قد بُنيت عليها أساس العلاقة الجوهرية-الوجودية- بين الأنظمة وشعوبها في المنطقة، استطاعت من خلالها الأنظمة الإقليمية تحقيق الاستقرار والسلم الأهلي.

وهنا نتساءل: لو تغيّر هذا المبدأ (كسب الشعوب)، فما هي نتائجه أو تداعياته؟

تساؤل ستكون الإجابة عليه متعددة وعميقة، ولن نتناول منها سوى مفهوم واحد مفترض بفرضية الوجوب الزمني الراهن، وهو: أن تظل الحكومات ممثلًا لشعوبها ومعبّرًا ومدافعًا عن هويتها، وإلا ستظهر مؤسسات وقوى أفقية تنافسها بقوة على الشرعية، ولديها مداخلها المفتوحة القديمة/الجديدة، مما قد يؤدي إلى ممارسات يتم من خلالها تجاوز الحدود من تحت الحكومات، وقد تتحول إلى وقود عنف.

وهذا الطرح عام، ويمكن إسقاطه على كل مجالات التدبير والتسيير العمومي في أي بلد لرؤية تطبيقاته. لكننا هنا سنركّز على مدى تماهي مواقف الحكومات الإسلامية والعربية مع مواقف شعوبها تجاه ما يجري لإخوة الإسلام في غزة من إبادة وحشية، تستخدم فيها قوات الكيان الصهيوني ترسانة عسكرية مدمّرة ومدعومة من الأمريكان والغرب عامة، على بقعة لا تتجاوز مساحتها 365 كيلومترًا مربعًا، مستهدفة ما يزيد على مليونين من الفلسطينيين المحاصرين فيها، في صمت أنظمة وتواطؤ أخرى، لقرابة سنتين متواصلتين.

وكل يوم يمرّ تحترق فيه شعوب المنطقة من الداخل، وقد وصل الحريق الآن إلى مستويات لا يمكن التنبؤ بانفجارها. وقد اعتبر أبو عبيدة، المتحدث الرسمي باسم الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية، قادة ونخب الأمة الإسلامية والعربية خصومًا أمام الله عز وجل، في ظل مشاهد استشهاد كبار السن والأطفال من الجنسين بسبب التجويع، مما حرّك علماء الأمة، وتعالت صرخات ودعوات الشعوب، بين من يطالب بفتح الحدود أو بمواقف سياسية بحجم الإبادة، أو فتح باب التبرعات... وحتى هذا الأخير -وهو أضعف الإيمان- تُحرم منه أغلب الشعوب، وبالتالي يزداد غضبها المكبوت داخل الصدور، رغم ما يظهر على السطح... ولا نظن أنه سيظل طويلًا هناك.

لن يستمر ذلك إلى ما لا نهاية، لأنه ليس هناك أفق لنهاية التجويع كوسيلة للإبادة الجماعية. ولأن المحتلين الصهاينة يتفنّنون في الإبادات، وآخرها -ولن تكون الأخيرة- مصائد المساعدات التي أُعدم فيها العشرات إن لم يكن المئات رميًا بالرصاص أمام عدسات الكاميرات. وعند الاستشهاديين، لا فرق: فالموت واحد، جوعًا أو رصاصًا. ومن فنونهم أيضًا رشّ رذاذ الفلفل في العيون، وتشاركهم في ذلك قوات أمريكية، كشف عن ذلك أحد جنودها بعد أن فرّ تائبًا أمام فظاعة المشهد الإنساني، وقد اعترف بذلك على الهواء.

تأتي حروب التجويع بعد أن انتشرت القبور في كل مكان بغزة، وتحولت المباني إلى أكوام من الركام فوق الجثث المتحللة.. ويأتي قرار ما يسمى بـ "الكنيست الصهيوني" سحب السيادة الفلسطينية من الضفة الغربية، ليُسقط كل الأقنعة المزيفة عن مسرحيات التطبيع ووقف إطلاق النار، ويضع العرب المطبعين -والسائرين نحوه- أمام انكشافات الشعوب.

لن نصدق المناشدات الأوروبية، وخاصة الفرنسية والبريطانية، بوقف هذه الإبادات أو بالتعبير عن الاستعداد للاعتراف بالدولة الفلسطينية كما فعل ماكرون، فهذه مجرد فصل من فصول مسرحية التهجير.

لن نصدق الإرهابي الصهيوني نتنياهو في نواياه بوقف إطلاق النار، فهو يتبادل الأدوار مع جناح الإرهاب المتشدد بن غفير وسموتريتش، الذين يرفضون مطلقًا أي انسحاب من أي منطقة في غزة... لن يتنازل الإرهابي نتنياهو عن ترك السلطة بسهولة، ولا عن طموحه في العودة لها خلال الانتخابات المقبلة.

واشنطن تكذب، وأوروبا تكذب، وللأسف بيننا من يتماهى معهم في الكذب.. كلهم يمهّدون لتهجير غزة من سكانها.

وما سياسة التجويع، التي تمس الوجود البشري في غزة، إلا نوع من حروب تفريغ الديموغرافيا من جغرافيتها، وهذا قد أصبح معلومًا، ولم يعد محل شك... والرئيس ترامب نفسه سبق أن اقترح التهجير. إذًا، التهجير هو الهدف الواضح الآن، وهو ما يسحب من الأنظمة الإسلامية والعربية كل حجج التطبيع واستمراريته.

ورغم ذلك، هناك كثير من الأدلة العقلية الأخرى التي نعتمدها في كشف المزاعم الكاذبة لمسرحيات وقف إطلاق النار والتطبيع، الهادفة إلى كسب الوقت حتى يتم دفع أهالي غزة إلى طلب التهجير طوعًا، هربًا من مشانق التجويع أو الموت رميًا بالرصاص.

وفي وقت حروب التهجير، يجري الموساد الصهيوني محادثات مع عدة دول عربية وإفريقية، حددتها مواقع صهيونية وأمريكية مثل وكالة "أسوشيتد برس" وموقع "أكسيوس"، وكشفت عن موافقات مبدئية من بعض تلك الدول.

من هنا، يستوجب التحذير من الغضب المكبوت داخل الشعوب، ولا يمكن التقليل من شأنه، فكيف إذا ما التقى مع الإحباطات الداخلية وما أكثرها؟ المطلوب الآن، على الأقل، الحد الأدنى من الوعي السياسي، قبل أن تتحول بوصلة الغضب من مساراتها الطبيعية إلى مسارات داخلية وخارجية، قد تتقاطع مع أجندات متربصة.

وهناك دول -للأسف- تمنع شعوبها حتى من التبرع بالمساعدات المالية لإخوانهم في الدين.

ولله الحمد والمنة، فإن حكومتنا تستوعب معاني وغايات هذه الأخوة الوجودية، وتفتح باب التبرعات عن طريق الهيئة العُمانية للأعمال الخيرية، وشهادة المسن الفلسطيني من أهل غزة لدور أهل عُمان -حكومة وشعبًا- التي تناقلتها وسائل الإعلام والتواصل، شهادة تجعلنا نشعر -على الأقل- بالحد الأدنى من التضامن مع الأشقاء، رغم أننا نتطلع إلى أكثر من ذلك.

وندعو مؤسسات مجتمعنا المدني إلى إصدار بيان عاجل مشترك للوقوف مع الأشقاء في محنتهم الوجودية، تعزيزًا لمستوى الحد الأدنى، في ظل الواقع وإمكاناته.

لا فقدان للأمل، ولا يأس، بعدما انكشف حجم الخطط وما وراء الإبادة الوجودية لأهلنا في غزة.

إنهم يخططون لما يسمى بـ "شرق أوسط جديد"....

ونحن نؤمن أن شيئًا لن يتحرك، ولن يسكن، إلا بإذن الله تعالى ومشيئته. فكل ما يحدث في غزة بمشيئة الله وإرادته الكونية، وذلك حتى تنكشف دول الظلم وتسارع في السقوط.

ومن يقرأ تاريخ انهيار الأفراد والأنظمة والدول والإمبراطوريات الظالمة، سيتساءل الآن: متى يسقط الكيان الصهيوني ودولة الظلم الكبرى "أمريكا" وكل من يتواطأ معها؟.. إنها مسألة وقت فقط... ترقّبوها.

فمظاهر الانهيار الحتمي تظهر على السطح. فبحجم الظلم الوجودي الهائل على غزة -وهو متعدد المصادر- ستسقط السُّلط والدول التي تقف وراءه، يقينًا.

فإيماننا بالله، واطلاعنا على سننه من خلال أحداث التاريخ، يقودنا إلى القول باستحالة أن تعيش دول الظلم طويلًا بعد جرائمها الكبرى في غزة.. هذه سنة كونية تجري على الجميع، سواء أكانت دولًا، أو جماعات، مسلمة أو كافرة.

دورنا الآن الإخلاص في الدعاء باستعجال السقوط.

وقد ينبثق دورٌ ما ضمن صيرورة هذا السقوط، فهي -أي الصيرورة- لا تستأذن ولا تستشير، وإنما تحمل كل أداة: من حجر، وشجر، وبشر، لتحقيق نتائجها.. هي آتية... آتية... لا محالة، بحجم إبادة غزة، والتواطؤ فيها.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يبحث مع رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة تعزيز التعاون
  • المفتي يبحث مع رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الارتقاء بخدمات دار الافتاء
  • مفتي الجمهورية يدين الهجوم الإرهابي على كنيسة بالكونغو الديمقراطية
  • مفتي الجمهورية يدين الهجوم الإرهابي على كنيسة في الكونغو الديمقراطية
  • بلاغ قضائي ضد “سوزي الأردنية” بتهمة ازدراء الأديان بعد تصريحات مثيرة للجدل
  • غضب مكبوت.. قنابل في داخل الشعوب
  • الدبلوماسية التي تغير العالم تبدأ بالتعاطف
  • تنقلات وتعيينات.. ننشر حركة وكلاء وزارة الصحة على مستوى الجمهورية
  • كيف تواكب المؤسسات الدينية الذكاء الاصطناعي دون تفريط في الفتوى؟ مفتي الجمهورية يُجيب
  • الحكيم يدعو الى دعم مبادرة “أسرتي وطني” والتكاتف من أجل نجاحها