عناق دبلوماسي أم شبح العقوبات.. العراق يتأرجح في المواقف تجاه ترامب
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
7 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: أثار فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية موجة من الانقسام في العراق بين مواقف رسمية ترحب بالنتائج، ومواقف فصائلية تتوجس من تبعات هذا الفوز على مستقبل العراق وعلاقاته الخارجية.
وقدّم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تهنئة رسمية لترامب، مؤكداً في رسالة مقتضبة “استعداد العراق لتعاون مشترك يخدم استقرار المنطقة”، فيما تباينت ردود الأفعال حول هذا التصريح داخل الأوساط السياسية والشعبية.
وفي الوقت الذي أبدت فيه القوى السياسية الحليفة لإيران مواقف محذرة من تأثير عودة ترامب، حيث استنكر إبراهيم السكيني، عضو ائتلاف “دولة القانون”، تهنئة السوداني واعتبرها “تنازلاً أمام الضغوط الخارجية”.
وقد لاقى هذا الرأي صدى واسعاً في الأوساط المؤيدة لإيران، حيث ذكرت مصادر، أن “تهنئة ترامب تعني الاستعداد لفتح باب جديد من الضغط الاقتصادي والسياسي”.
من جهة أخرى، قال رئيس مركز التفكير السياسي العراقي، إحسان الشمري، إن “مع فوز ترامب، لا مكان للمناورة لحلفاء إيران في العراق”. وأضاف الشمري في تدوينة على “إكس” أن “ترامب سيكون أكثر صرامة في التعامل مع القوى القريبة من طهران”، وتوقع أن يواجه العراق مرحلة حرجة تستلزم اتخاذ قرارات حاسمة تتجنب التصعيد مع الإدارة الأمريكية، خاصة في ظل الخلافات المستمرة بشأن وجود القوات الأمريكية والتوترات المتعلقة بالعقوبات الاقتصادية.
وقد جاءت آراء الشارع العراقي متباينة أيضاً، حيث عبر مواطن عراقي على “إكس” ، هو احمد هاشم، عن قلقه من تأثير فوز ترامب على الاقتصاد العراقي المتأرجح، قائلاً: “إذا عاد ترامب بسياسة العقوبات، فسيدفع المواطن العراقي الثمن الأكبر، وسيظل الوضع الاقتصادي في مهب الريح”.
فيما رأى آخرون أن عودة ترامب قد تشكل فرصة للتخلص تعدد المواقف في العراق، حيث ذكرت تغريدة لأحد الناشطين أن “فوز ترامب يمكن أن يكون تحديا من اجل بناء موقف جمعي واضح” .
وتفيد تحليلات بأن الفصائل المسلحة قد تكون في حالة استعداد لأي تطورات جديدة، حيث أشار بعض المحللين إلى احتمال تصاعد عمليات الاستهداف ضد قواعد أمريكية في العراق إذا استمرت سياسة ترامب المتشددة تجاههم، وقد يُترجم هذا التوتر على شكل تصعيد متبادل قد يُدخِل العراق في دوامة أمنية جديدة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: فی العراق
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: لجنة وطنية لمواجهة الضغوط الأمريكية
عادت العلاقات السودانية الأمريكية إلى واجهة التوتر، بعد إعلان واشنطن فرض عقوبات جديدة على السودان، استنادًا إلى اتهامات باستخدام الجيش السوداني أسلحة كيميائية خلال الحرب ضد مليشيا الدعم السريع. غير أن التوقيت والسياق السياسي يفرضان قراءة مغايرة، تكشف عن تحوّل نوعي في طريقة تعامل السودان مع الضغوط الأمريكية، بالنظر لتجارب سابقة.
في خطوة وصفها مراقبون بـ”الذكية”، أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني قرارًا بتشكيل لجنة وطنية للتحقيق في المزاعم الأمريكية، تضم وزارات الخارجية والدفاع، وجهاز المخابرات العامة. هذه الخطوة تعكس جدية الدولة في تناول الملف، وتحمل أبعادًا قانونية ودبلوماسية مهمة، حيث تؤكد التزام السودان بالاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. كما أنها تبعث برسالة واضحة: السودان دولة مؤسسات، ترفض الإملاءات والتجريم المسبق.
كانت الولايات المتحدة قد أعلنت أن العقوبات ستدخل حيّز التنفيذ في يونيو المقبل، وتشمل قيودًا على الصادرات وخطوط الائتمان الحكومية. ورغم أن الأثر الاقتصادي لهذه العقوبات يبدو محدودًا بسبب ضعف العلاقات التجارية بين البلدين، إلا أن توقيتها السياسي يثير التساؤلات. فقد تزامن إعلان العقوبات مع تقدم ميداني كبير أحرزه الجيش السوداني، ما دفع بعض المراقبين إلى الربط بين القرار الأمريكي والواقع العسكري، واعتبار العقوبات محاولة لإعادة ترتيب موازين القوى وفرض بيئة تفاوضية لا تعكس الوقائع على الأرض، بل تعبر عن رغبات خارجية تمثل مصالح داعمي المليشيا الإقليميين.
في هذا السياق، تبدو السياسة الأمريكية تجاه السودان وكأنها لا تزال رهينة لكتاب قديم يعود إلى تسعينيات القرن الماضي، تُعيد قرأته كلما تعثرت رهاناتها على التحولات المحلية. فمنذ سقوط نظام البشير عام 2019، انخرطت واشنطن في محاولات متعددة لإعادة تشكيل المشهد السياسي السوداني، بدءً بدعم البعثة الأممية بقيادة فولكر بيرتس، ومرورًا بمحاولات فرض “دستور المحامين” بصيغته المستوردة، وانتهاءً بالاتفاق الإطاري الذي وُلد ميتًا بعد أن اصطدم بواقع سوداني معقد ومتشابك. ومع فشل هذه الأدوات “الناعمة”، انتقلت الإدارة الأمريكية إلى أدوات أكثر خشونة، من خلال دعم غير مباشر لتحركات مليشيا الدعم السريع التي انقلبت على السلطة في أبريل 2023 وأدخلت البلاد في أتون الحرب.
هذه القراءة تكشف عن محاولة لإعادة هندسة موازين القوى، وفرض مناخ تفاوضي جديد يستند إلى ضغوط خارجية تُستخدم فيها قضايا الحقوق كسلاح سياسي. تدرك الولايات المتحدة أن انتصار الجيش سيُضعف من نفوذها في البلاد، ويوسّع هامش مناورة الخرطوم، ما قد يدفع السودان نحو تقارب أكبر مع شركاء دوليين كروسيا أو الصين، وهو ما لا يخدم مشروع الهيمنة الغربية في المنطقة.
وفي هذا السياق، أعلنت الخارجية الأمريكية فرض قيود على الصادرات وخطوط الائتمان الحكومية، تدخل حيز التنفيذ في يونيو 2025، في محاولة لضبط المسار السياسي مجددًا، بعد فشل الرهان على المليشيا. اللافت أن هذا الدعم غير المباشر للمليشيا ينسجم أيضًا مع أجندات بعض الحلفاء الإقليميين، خصوصًا الإمارات، التي ترى في هذه القوات أداة تخدم مشروعها في السودان و القرن الإفريقي، وهي سياسات أثارت انتقادات حتى داخل الولايات المتحدة نفسها، كما عبّرت عن ذلك السيناتور سارة جاكوبس التي حذّرت من تواطؤ واشنطن مع أبوظبي، مؤكدة أن السياسات الأمريكية تُضلّل الرأي العام ولا تعكس قيمًا أخلاقية حقيقية (رويترز).
العقوبات الأمريكية على السودان ليست جديدة، بل امتداد لسلسلة بدأت منذ عام 1993، وأدت إلى عزله اقتصاديًا وتكنولوجيًا، دون أن تحقق أهدافها السياسية. بل إنها أضرت بالمواطن ودفعته للتعامل مع دول بديلة كالصين. وفي هذا الإطار، وصفت الحكومة السودانية عبر الناطق الرسمي خالد الإعيسر الاتهامات الأمريكية بحسب “سونا” بأنها “ابتزاز سياسي” و”تزييف للحقائق”، مشيرة إلى تشابه هذه المزاعم مع سيناريوهات قديمة، كقصف مصنع الشفاء في عام 1998.
وفي سياق تعزيز موقفها الأخلاقي والقانوني ، عمدت الحكومة إلى تقديم نفسها كقوة منضبطة في سلوكها العسكري، إذ قامت الفرقة الثالثة شندي، قبل يومين، بتسليم 66 طفلًا جندتهم مليشيا الدعم السريع إلى أسرهم، عبر المجلس القومي لرعاية الطفولة، بحضور ممثلين من مؤسسات حكومية وعدلية. وقد مثّل هذا الحدث ردًّا عمليًا على الاتهامات، وفارقًا جوهريًا في طبيعة السلوك القتالي بين الجيش و المليشيا المتمردة.
ومن منظور # وجه_ الحقيقة ، فإن تعامل السودان مع الأزمة الراهنة يُظهر تحوّلًا تدريجيًا من الاستجابة الانفعالية إلى إدارة متأنية للأزمات، في توازن بين الدفاع السياسي والاحتواء الدبلوماسي، دون التفريط في السيادة أو السقوط في فخ العزلة. ومع أن الولايات المتحدة ما تزال تملك أوراق ضغط، فإن السودان اليوم أكثر وعيًا بتاريخ هذه الضغوط، وأكثر استعدادًا لصياغة مسارات بديلة تحترم قراره الوطني. ويبقى السؤال المفتوح: هل تنجح الخرطوم في تجاوز هذه العقوبات؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد ملامح المرحلة القادمة في السودان.
دمتم بخير وعافية.
إبراهيم شقلاوي
السبت 31 مايو 2025م Shglawi55@gmail.com