مركز عمليات الوعي قسم الحرب النفسية باستخبارات إسرائيل العسكرية
تاريخ النشر: 26th, July 2025 GMT
مركز عمليات "تشكيل الوعي"، ويُسمى اختصارا "ملات"، هو قسم التأثير على الخصوم في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) بالجيش الإسرائيلي، تناط به قيادة عمليات الحرب النفسية ضد الخصوم، خاصة أثناء الحروب.
وأثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي انطلقت بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كثّف المركز استخدام تكتيكات مختلفة لشن حرب نفسية ضد المقاومة الفلسطينية وسكان القطاع، بالتزامن مع حرب الإبادة الجماعية التي كان يمارسها جيش الاحتلال.
قبل عام 2005 كانت مهمة بث الدعاية في الجيش الإسرائيلي منوطة بقسم المتحدث باسم الجيش وجهاز الاستخبارات، وبعدها تأسس مركز عمليات "تشكيل الوعي" ضمن هيئة العمليات في الجيش الإسرائيلي، بتوجيه من وزير الجيش الإسرائيلي آنذاك موشيه يعالون.
وصرّح يعالون لصحيفة هآرتس في 25 يناير/كانون الثاني 2005 أنه مع الحروب المتكررة مع الفلسطينيين، نشأ إحباط كبير في الجيش الإسرائيلي نتيجة صعوبة التأثير على مواقف الفلسطينيين، أو حتى إيجاد طرق للتواصل معهم، وهو ما دفع قيادته إلى إنشاء "مركز عمليات تشكيل الوعي".
ومنح يعالون المركز مكانة قسم في الجيش، ووضع على رأس قيادته ضابطا مخضرما من المخابرات برتبة مقدم، ومنحه صلاحية تجنيد عدد كبير من الضباط والجنود في المركز، خاصة من الناطقين باللغة العربية، وكان ذلك جزءا من مساعيه لـ"تشكيل الوعي وبناء الإمكانات التنظيمية التي تدعم رؤية الجيش".
وكان المركز في البداية جهة للتخطيط والتنفيذ، هدفه تركيز وتطوير مجال الوعي، وتنسيق جهود التأثير الإدراكي داخل الجيش الإسرائيلي ضمن حملة وعي متكاملة.
وبعدها بعام نقل المركز إلى شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، وأصبح جهة تنفيذية فقط، وترتكز مهمته في التأثير على الخصوم، وأصبحت نشاطاته تتسم بالسرية.
يناط بالمركز العمل على تغيير المواقف والمشاعر والسلوك لدى الجمهور المستهدف، ببث الدعاية والحرب النفسية وتمارين الخداع.
إعلانووضع الجيش الإسرائيلي خطة متكاملة للتأثير في الخصوم وتغيير وعيهم، وهدف من وراء إنشاء المركز إلى:
وضع تصورات لشن حملات على الوعي لدى أعداء إسرائيل. تطوير الأدوات التكنولوجية وتدريب الأفراد الملائمين وبناء الأطر التنظيمية التي تدعم الرواية الإسرائيلية. توجيه رسالة مباشرة إلى المجتمعات المستهدفة في الدول المعادية.ولتحقيق أهداف مركز عمليات "تشكيل الوعي"، استخدم وسائل عدة، أبرزها:
توزيع المنشورات. السيطرة على بث الإذاعات والتلفزيونات التابعة للخصوم والتشويش عليها. إنشاء مواقع إنترنت وهمية للتشويش على الخصوم واغتيالهم معنويا. إدارة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لتشوية الخصوم. أبرز الحملاتقاد المركز حملة معنوية ضد الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006، ألقت فيها الطائرات الإسرائيلية على لبنان رسومات لأشجار الأرز -الرمز الرسمي للبلاد- وشعار العلم الوطني للبنان أيضا، ويظهر خلف الشجرة نصر الله مختبئا، بهدف زرع فكرة لدى اللبنانيين بأن "مشاكلهم سببها حزب الله، وأنه يستخدم لبنان لمصالحه الشخصية ويختبئ خلفها".
كما ألقت الطائرات الحربية الإسرائيلية منشورات، كشفت فيها عن أسماء أعضاء الحزب وحجم خسائره، ومدى سيطرتها على قنوات الاتصال التابعة لحزب الله.
وبث المركز منشورات كان الغرض منها تشجيع اللبنانيين على التعاون مع إسرائيل، عبر موقع إلكتروني أنشأه لهذه الغاية، كما وفر رقما هاتفيا يمكن عبره الاتصال بممثلي الجيش الإسرائيلي باللغة العربية.
كما بث منشورات جاء فيها "ندعو المواطنين إلى رفع أصواتهم ضد تصرفات حزب الله التي تتسبب في استمرار الضربات الإسرائيلية".
وكان للمركز دور مركزي في الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، ففي حرب "الرصاص المصبوب" التي شنتها إسرائيل على القطاع عام 2008 استهدف قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبر إلقاء منشورات على الغزيين من الطائرات الحربية، والسيطرة على محطات إذاعية وتلفزيونية تابعة للحركة، وإنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي وبث مقاطع فيديو عليها.
وأنتج المركز نشرات إخبارية، وأعاد بثها أكثر من مرة عبر الإذاعات التي استولى عليها، كما سيطر على بث قنوات فضائية، وأجرى مكالمات هاتفية مع سكان غزة لحثهم على الإبلاغ عن عناصر حماس.
وفي حرب عمود السحاب التي شنتها إسرائيل على القطاع عام 2012، وبعدها حرب "الجرف الصامد التي اندلعت صيف 2014، ركّز المركز على تشويه حركة حماس وقادتها، وعلى رأسهم رئيس مكتبها السياسي وأعضاء المكتب وأعضاء المجلس العسكري لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة، بهدف إضعاف معنويات عناصرها والتأثير على وعي السكان تجاهها.
وحسب دراسة لمعهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب نشرت يوم 15 فبراير/شباط 2021، بعنوان "حملات المعلومات الإسرائيلية في غزة: العصر الرقمي ميدانا للحرب"، فإن من بين الأدوات التي استخدمها المركز، "المكالمات الروبوتية"، أي المكالمات الهاتفية التي يتلقاها المدنيون في غزة، وتحمل رسالة آلية يريد جيش الاحتلال نقلها إليهم، مثل "هذا ليس حلما، هذا كابوس حماس".
إعلانكما استخدم -حسب الدراسة نفسها- أحد الأساليب المتمثلة في نشر أسماء عناصر حماس الذين استشهدوا أثناء الحرب، وعرض صورهم مع علامة "إكس" حمراء عليها وساعة رملية في الخلفية، مما يشير إلى أن "الوقت ينفد أمام حماس".
فشل في تحقيق الأهدافوقال معهد "دراسات الأمن القومي" إن مركز "عمليات تشكيل الوعي" أعدّ -من أجل تحقيق أهدافه- حملة بمساعدة مستشارين مدنيين، تضمنت مقاطع فيديو ومنشورات، كما طوّر قدرات لإنتاج محتوى سريع أثناء الحرب، لكنه فشل في تحقيق ذلك.
وحاول الجيش الإسرائيلي تعزيز الانطباع بأن حماس تعرضت لضربات قاسية، واختار لذلك عدم تركيز أنشطته النفسية على قيادة حماس، بسبب الاعتقاد أن "الهجمات الشخصية لن يكون لها تأثير مرغوب فيه على السكان، بل ربما تتسبب بحشد التأييد الشعبي لقادة حماس".
ووجد المركز "صعوبة في اكتساب زخم حقيقي لأي رواية تضر بالدعم الشعبي لحماس، إضافة إلى صعوبة قياس مدى الإنجاز في هذا المجال، بحيث يصعب إظهار النجاح الفعلي في تحقيق هذا الهدف"، حسب الدراسة.
معركة طوفان الأقصىبعد معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية ضد المستوطنات الإسرائيلية على غلاف غزة فجر 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عمل المركز على تشويه المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس، بهدف:
تهجير السكان من مناطقهم. إضعاف معنويات المدنيين. نشر الرعب. تأليب السكان على المقاومة الفلسطينية، في محاولة لإحداث شرخ بينها وبينهم، وتحميلها مسؤولية ما يجري من قتل ودمار على صعيد الأرواح والممتلكات. التركيز على سياسة العقاب الجماعي.ومن بين المزاعم التي تعمّد نشرها بين الغزيين، بالتعاون مع مؤسسات إسرائيلية أخرى، أن "قادة حماس فروا وتخلوا عن المدنيين، وحماس تستخدم المدنيين دروعا بشرية، وتسرق المساعدات الإنسانية المخصصة لهم"، وحمل أحد هذه المنشورات اسم "صحيفة الواقع"، وتضمن تحريضا مباشرا على حماس.
كما تضمن أحد المنشورات مثلا شعبيا يقول "حماس مثل البومة ما بتلف إلا على الخراب"، ومنشور آخر احتوى على عبارة مأخوذة من سورة العنكبوت في القرآن الكريم وهي "فأخذهم الطوفان وهم ظالمون" (آية 14)، في محاكاة للتسمية التي أطلقتها المقاومة على معركة 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
كما اختُتم العديد من المنشورات بعبارة "قد أعذر من أنذر". وفي منشورات أخرى طبعت أسماء وصور تزعم إسرائيل أنها لأعضاء من جهاز الاستخبارات العسكري التابع لحركة حماس، ووضعت في منشورات أخرى أرقام هواتف وعناوين لبريد إلكتروني تحث الغزيين على الاتصال عبرها للإدلاء بمعلومات عن الأنفاق وأماكن الأسرى الإسرائيليين.
وشملت بعض المنشورات رسوما وصورا لمنازل مدمرة بغزة، وكُتبت على بعضها عبارات تسخر من المقاومة الفلسطينية، مثل "هل بات النصر على الأبواب أم ليس بعد؟"، وعلى أخرى "حلل يا دويري"، في إشارة ساخرة إلى الوضع الميداني جراء حرب الإبادة.
وظهرت عبارة "انتصار جديد للمقاومة" مرفقة برسومات تصور أطفالا وشيوخا ونساء يبكون فوق أنقاض منازل دمرتها إسرائيل في العدوان على غزة.
وإلى جانب ذلك، اخترق المركز موجات الإذاعات الفلسطينية وبث رسائل تحريضية ضد المقاومة، وأنشأ صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لتشويه المقاومة.
وفي كل مرة تلقي الطائرات الإسرائيلية المنشورات على غزة، كانت تحرص على إسقاطها بالقرب من مقرات الصحافيين في غزة، حتى "تتمكن الصحافة المحلية من نشرها".
وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقريرا للصحفي ينيف كوفوفيتش، كشف فيه أن الجيش الإسرائيلي كان المسؤول، بشكل مخالف للقانون، عن إدارة قناة في "تليغرام" باسم "72 حورية-بدون رقابة".
وأوضح تقرير "هآرتس" أن وحدة الجيش الإسرائيلي المسؤولة عن عمليات الحرب النفسية، هي التي تدير القناة، وتستهدف فيها الإسرائيليين مع "المحتوى الحصري من قطاع غزة"، وتعرض جثث مقاتلي حركة حماس بوعد "تحطيم خيال الإرهابيين".
إعلانوتشجع القناة متابعيها البالغ عددهم أكثر من 5 آلاف متابع على مشاركة محتواها "الحصري من قطاع غزة" وفيه أكثر من 700 منشور وصورة وفيديو لفلسطينيين يقتلون ويدمرون في القطاع، حتى "يرى الجميع كيف أننا نحطمهم".
واضطر الجيش الإسرائيلي للاعتراف بأن "قسم التأثير" في قسم العمليات يشغل أيضا قناة "72 عذراء بلا رقابة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات المقاومة الفلسطینیة الجیش الإسرائیلی الإسرائیلیة على الحرب النفسیة مرکز عملیات تشکیل الوعی التأثیر على أثناء الحرب حرکة حماس قطاع غزة فی الجیش الأول 2023
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي يسمح بدخول مساعدات غذائية إلى غزة.. وفاة 86 شخصاً بسبب الجوع
أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، أن نحو 70 شاحنة محمّلة بالمساعدات الإنسانية دخلت إلى قطاع غزة عبر معبري زيكيم شمالاً وكرم أبو سالم جنوباً، وذلك “بناءً على تعليمات المستوى السياسي”، وفق ما جاء في بيان رسمي.
وأوضح البيان أن الشاحنات تحمل مواد غذائية بشكل رئيسي، وقد تم إدخالها بعد “فحص أمني دقيق”، كما زعم الجيش أنه نسق مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لجمع أكثر من 150 شاحنة أخرى من الجانب الفلسطيني لإدخالها قريباً، بينما ينتظر أكثر من 800 شاحنة على الجانب المصري دخول القطاع المحاصر.
يأتي ذلك في ظل كارثة إنسانية متفاقمة يعيشها سكان غزة، حيث يواجه أكثر من مليوني شخص نقصاً حاداً في الغذاء والدواء، ما أدى إلى تفشي المجاعة وسوء التغذية بشكل واسع، خاصة بين الأطفال.
وتشير تقارير حقوقية إلى وفاة 86 شخصاً بسبب الجوع، بينهم 76 طفلاً، في ظل انهيار شبه تام لمنظومتي الغذاء والرعاية الصحية.
ووصفت منظمات أممية وحقوقية الوضع بأنه يتجاوز الأزمة الإنسانية التقليدية، محذرة من “جريمة إبادة بطيئة عبر استخدام التجويع كسلاح”.
ودعت هذه المنظمات إلى وقف الحصار فوراً وفتح المعابر بشكل دائم لضمان تدفق المساعدات، إضافة إلى وقف العمليات العسكرية التي تؤدي إلى مزيد من التدهور في الوضع الإنساني.
ويطالب المجتمع الدولي بضرورة حماية المدنيين في غزة وضمان وصول المساعدات بشكل سريع ومنتظم، في وقت يستمر فيه التوتر على الأرض وسط تصعيد عسكري متقطع وتباطؤ في جهود التهدئة.
تل أبيب تدرس رد “حماس” على مقترح وقف إطلاق النار في غزة.. ومسؤول إسرائيلي: “الرد قابل للعمل”
كشف مسؤول إسرائيلي رفيع أن إسرائيل تلقت ردًا رسميًا من حركة “حماس” بشأن مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة، واصفًا إياه بأنه “أفضل من الرد السابق” و”يحتوي على عناصر قابلة للعمل”.
وقال المسؤول في تصريح نقله مراسل موقع “أكسيوس” في إسرائيل باراك رافيد، الخميس، إن “الرد الذي قدم الليلة من قبل حماس يُعدّ تحسنًا واضحًا مقارنة برد يوم الثلاثاء الماضي”، مشيرًا إلى أن الوسطاء كانوا قد رفضوا الرد الأول دون اطلاع إسرائيل عليه.
وأضاف: “الآن هناك ما يمكن العمل عليه”، ما يشير إلى احتمال إحياء جهود التهدئة التي تواجه عقبات منذ أسابيع.
من جهتها، أكدت حركة حماس في بيان مقتضب أنها سلمت، عبر الوسطاء، ردها ورد باقي الفصائل الفلسطينية على مقترح وقف إطلاق النار، لكنها لم تكشف عن التفاصيل.
وقالت الحركة: “حماس سلمت، للإخوة الوسطاء، ردها ورد الفصائل الفلسطينية على مقترح وقف إطلاق النار”.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن نقاط الخلاف الرئيسية في المفاوضات تتعلق بـانسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق أعادت السيطرة عليها منذ مارس الماضي، بالإضافة إلى خلافات بشأن قوائم الأسرى الفلسطينيين الذين قد تشملهم صفقة التبادل.
كما برزت تحفظات من جانب حماس تتعلق بـالضمانات الدولية لإنهاء الحرب، حيث اعتبرت الحركة أن الوعود الأمريكية غير موثقة رسميًا، إلى جانب اعتراضها على آلية إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
ويأتي هذا التطور في وقت تستمر فيه الجهود الإقليمية والدولية لدفع الطرفين نحو اتفاق يضع حدًا للحرب المستمرة في قطاع غزة منذ أكثر من تسعة أشهر.
????A senior Israeli official said that Israel received Hamas' response to the Gaza hostage and a ceasefire deal proposal and is currently studying it
????The Israeli official noted that the response delivered tonight is better than the one Hamas gave on Tuesday, which was rejected… https://t.co/ctgjp3gMIM