خبير أمن معلومات: مصر وضعت استراتيجيات وطنية للأمن السيبراني لحماية منشآتها الحيوية (حوار)
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
قال وليد حجاج، خبير أمن المعلومات، عضو الهيئة العليا الاستشارية للأمن السيبراني، إن الحروب النفسية تعتمد على تقنيات رقمية متطورة وأساليب نفسية متقنة لإقناع الجمهور بصدق الأكاذيب في وقت قياسي، ما يؤدي إلى تأثيرات هائلة على المجتمع والاقتصاد.
وأضاف «حجاج»، في حوار لـ«الوطن»، إن صناعة الأكذوبة الرقمية تبدأ من فكرة بسيطة، والفضاء الرقمي أصبح ميدانًا للصراعات السياسية والاقتصادية، ما دفع مصر إلى وضع استراتيجيات وطنية للأمن السيبراني لحماية منشآتها الحيوية من تهديدات الفضاء الإلكتروني.
* ما دور منصات التواصل الاجتماعي في الحروب النفسية؟
- استراتيجية الانتشار السريع، تعتمد الشائعات على منصات التواصل الاجتماعي «فيس بوك، إكس، وإنستجرام»، بالإضافة إلى تطبيقات الرسائل الفورية مثل «واتساب» و«تيليجرام» لنشر الأكاذيب بسرعة كبيرة. وبفضل الخوارزميات التي تعزز التفاعل، تنتشر الأكاذيب بشكل أسرع من الحقائق، وكلما زاد التفاعل «إعجابات، مشاركات، تعليقات» زادت فرصة وصول الأكذوبة إلى جمهور أوسع. كما أن العنصر الرابع هو الاعتماد على «البوتات» الرقمية، حيث تستخدم الروبوتات الآلية لتنفيذ هجمات رقمية منسقة تنشر الأكاذيب على نطاق واسع. وتنشر تلك الروبوتات التعليقات والتفاعلات المزيفة لزيادة الثقة في الأكذوبة، ويمكن للآلاف من الروبوتات الترويج لمحتوى زائف في وقت قصير، مما يعزز انتشار الأكذوبة.
* ماذا عن كتائب الإخوان الإلكترونية ونشرها للأكاذيب؟
- «السوشيال ميديا»، تمثل أرضاً خصبة لنشر الشائعات مجهولة المصدر وهي غير مكلفة، فهناك العديد من الحسابات المسروقة التي تصل لمئات الآلاف وتُستخدم في ترويج الشائعات، وهناك نوعان من الشائعات، إحداهما استباقية لجس نبض الشارع، والأخرى هدامة تستهدف النيل من أي إنجاز يتحقق على أرض الواقع، وعادة ما يكون بطل حرب الأكاذيب وهمياً، غير موجود في الحقيقة، فهناك برامج حديثة تُستخدم في صناعة حسابات مزيفة، فتجد شخصاً واحداً قادراً على التحكم في 10,000 حساب مزيف، ويصدر منها تعليقات مختلفة في نفس التوقيت للترويج للشائعات ونشر الفوضى.
كما أن التنظيم الإرهابي يقوم بصناعة رأي عام مزيف، ويحشد لأمور غير موجودة على أرض الواقع، فهناك تريندات على تويتر يتحكم فيها هاكر، فتجد تعليقات لـ100 ألف حساب تحمل هاشتاجاً واحداً، لتصديره للعالم. كذلك يتم استخدام فيديوهات قديمة بعد تغيير الصوت لإظهار أمور غير حقيقية، وأنصح المواطن بعدم تصديق أي فيديو ينشره تنظيم الإخوان الإرهابي وأعوانه.
* كيف يتم إقناع الناس بالأكاذيب؟
- يعتمد ذلك على تقنيات نفسية لإقناع الناس بتصديق الأكاذيب، من خلال استغلال عدة عوامل نفسية من بينها التكرار، وهو أحد أقوى أساليب الإقناع. عندما يرى الشخص نفس المعلومة أو الفكرة مراراً وتكراراً عبر منصات مختلفة، يبدأ في تقبلها كحقيقة، وهذا يتم استغلاله على نطاق واسع في نشر الشائعات عبر «التناغم الرقمي»، وأحد الأساليب لإقناع الناس أيضاً هو التأكيد الزائف، حيث يزعم صانع الشائعة أن الأكذوبة مصدرها «موثوق»، أو أنها مدعومة بأدلة علمية، ما يزيد من مصداقيتها من وجهة نظر الجمهور. وكذلك التلاعب بالعواطف.
تأُير الحروب السيبرانية الاقتصادية والسياسية* ما التأثير الاقتصادي والسياسي للحروب السيبرانية على الدولة؟
- تُظهر الحروب السيبرانية أن الفضاء الرقمي أصبح ميداناً جديداً للصراعات السياسية والاقتصادية، ويمكن أن تؤدي الهجمات السيبرانية إلى خسائر مالية ضخمة، كما يمكن أن تسبب اضطرابات واسعة في القطاعات الحيوية مثل المصارف، الطاقة، النقل، والتجارة الإلكترونية. وهذه الهجمات لا تقتصر على الإضرار بالاقتصاد الوطني فقط، بل تتجاوز ذلك إلى التأثير على القرارات السياسية والتحالفات الدولية. وعلى المستوى القومي، يمكن أن يؤدي نجاح هجوم سيبراني إلى زعزعة ثقة المواطنين في قدرة الحكومة على حماية الدولة والبنية التحتية، مما يولد شعوراً بعدم الأمان. وفي حالات أخرى، قد تستغل بعض الدول الحروب السيبرانية للضغط على خصومها السياسيين، حيث تقوم بزرع معلومات مضللة أو تسريب وثائق سرية لتعزيز نفوذها السياسي على الساحة الدولية.
وأصبح الاقتصاد الرقمي جزءاً لا يتجزأ من حياة الدول الحديثة، ما يجعله هدفاً مغرياً للهجمات السيبرانية، ويمكن لهذه الهجمات أن تؤدي إلى خسائر في الإيرادات، ووقف العمليات، وحتى تراجع أسهم الشركات الكبرى في الأسواق المالية. وعلى الصعيد السياسي، تسهم الهجمات السيبرانية في إضعاف الدولة وزعزعة استقرارها، مما يعرضها للتدخلات الأجنبية والتبعية السياسية.
* ما آليات المواجهة المجتمعية للحروب النفسية؟
- لمواجهة الحروب النفسية يجب تعزيز الوعي المجتمعي من خلال التعليم والتثقيف الإعلامي، وتعليم الأفراد كيفية التمييز بين المعلومات الصحيحة والمغلوطة. كما يجب تعزيز الوحدة الوطنية من خلال ترسيخ قيم التضامن والحوار المفتوح بين مختلف فئات المجتمع. ويجب مكافحة الشائعات والأخبار الزائفة عبر منصات موثوقة للتحقق من المعلومات، وتنظيم حملات توعية عبر وسائل الإعلام المحلية، ودعم المجتمع من خلال تقديم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي وتدريب الأفراد على التعامل مع القلق والخوف.
ويمكن للمؤسسات المجتمعية، مثل المنظمات غير الحكومية، أن تلعب دوراً حيوياً في نشر التوعية. كما يجب أن تكون هناك آليات تواصل فعالة بين الحكومة والمجتمع لتوضيح الحقائق سريعاً. ويجب الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي لمكافحة التضليل ونشر الحقائق بشكل فعال، مما يعزز قدرة المجتمع على التصدي لحروب المعلومات النفسية.
مصر تواجه تحديات الأمن السيبراني* كيف واجهت مصر تحديات الأمن السيبراني الأخيرة؟
- واجهت مصر خلال العقد الأخير تحديات كبيرة فيما يتعلق بالأمن السيبراني، خاصة مع التطور السريع الذي شهدته البلاد في مجال الرقمنة والتحول الرقمي في جميع القطاعات. وتعد الهجمات السيبرانية واحدة من أخطر التهديدات التي تواجه البنية التحتية الرقمية المصرية، في ظل الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا في المجالات الحكومية والاقتصادية. وخلال السنوات الأخيرة، وضعت مصر استراتيجيات وطنية للأمن السيبراني، تستهدف حماية منشآتها الحيوية من التهديدات السيبرانية، وأطلقت الدولة عدة مبادرات لتعزيز القدرات السيبرانية وتعزيز التعاون مع الدول الأخرى في هذا المجال، بهدف الحد من المخاطر والتعامل مع التهديدات المتزايدة. كما تم تعزيز القدرات الأمنية للمؤسسات الحكومية والخاصة من خلال برامج التدريب وتطوير البنية التحتية التكنولوجية.
* هل تلجأ مصر إلى تطوير أنظمة متقدمة للتصدي للتحديات السيبرانية؟
- لا تزال التحديات قائمة، فمع تزايد الهجمات السيبرانية العالمية، تواجه مصر تحديات جديدة تتمثل في تطوير أنظمة متقدمة للتصدي لهذه الهجمات، وكذلك تعزيز التشريعات والقوانين التي تدير الفضاء السيبراني. كما أن التنسيق بين مختلف القطاعات والمؤسسات يعد أمراً حاسماً لتعزيز الأمن السيبراني على مستوى الدولة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الامن السيبراني صناعة الاكاذيب الفضاء الرقمي امن المعلومات الاخوان كتائب الاخوان منصات التواصل انستجرام واتساب اكس الهجمات السیبرانیة التواصل الاجتماعی للأمن السیبرانی الحروب النفسیة من خلال
إقرأ أيضاً:
دعوى قتل خطأ تُلاحق OpenAI وتفتح ملف الذكاء الاصطناعي والصحة النفسية
دخلت شركة OpenAI واحدة من أكثر القضايا القانونية حساسية في تاريخ الذكاء الاصطناعي، بعد رفع دعوى قضائية ضدها بتهمة القتل الخطأ، على خلفية جريمة مروعة وقعت في أغسطس الماضي، حين أقدم رجل على قتل والدته المسنة ثم انتحر.
القضية، التي كشف تفاصيلها تقرير لصحيفة The Verge، تضع برنامج ChatGPT والرئيس التنفيذي للشركة سام ألتمان في قلب جدل قانوني وأخلاقي واسع حول حدود مسؤولية أدوات الذكاء الاصطناعي.
وتشير الدعوى إلى أن الضحية، سوزان آدامز، البالغة من العمر 83 عامًا، قُتلت داخل منزلها على يد نجلها شتاين-إريك سولبيرغ، البالغ من العمر 56 عامًا.
ووفقًا لما ورد في المستندات القانونية، فإن سولبيرغ كان قد انخرط لفترة طويلة في محادثات مكثفة مع ChatGPT، تزعم عائلة الضحية أنها لعبت دورًا محوريًا في تعزيز أفكاره الوهمية والارتيابية التي سبقت ارتكاب الجريمة.
وترى تركة الضحية أن برنامج الدردشة الآلي لم يكتفِ بالاستماع لتلك الأوهام، بل قام بتأكيدها وتضخيمها، واصفة سلوك ChatGPT بأنه كان متقبّلًا بحماس لروايات سولبيرج حول المؤامرات التي كان يعتقد أنها تحاك ضده. وتزعم الدعوى أن الروبوت شجّع هذه التصورات خطوة بخطوة، ما أسهم في خلق عالم خيالي أصبح محور حياة الجاني بالكامل.
وبحسب نص الدعوى، ساعد ChatGPT في ترسيخ تصور ذهني لدى سولبيرغ بأنه يعيش داخل شبكة مؤامرات معقدة، وأنه مستهدف بشكل كامل، بل وذهب البرنامج – وفق الادعاءات – إلى تأكيد أن مشاعر القلق والخوف التي كان يعيشها مبررة تمامًا. هذا العالم الوهمي، كما تصفه الدعوى، صوّر سولبيرغ على أنه محارب صاحب رسالة إلهية، محاط بأعداء حقيقيين ومفترضين.
ومن أخطر ما ورد في القضية أن ChatGPT يُزعم أنه وافق على فكرة أن طابعة تملكها الضحية كانت أداة تجسس، بل أشار إلى أنها ربما تُستخدم لرصد الحركة ورسم خرائط السلوك داخل المنزل. كما لمح، بحسب الادعاءات، إلى أن الضحية كانت تحمي الجهاز عمدًا كنقطة مراقبة، وأنها قد تكون خاضعة لتأثير أو سيطرة قوة خارجية.
وتتوسع الدعوى في سرد أمثلة أخرى، حيث يُقال إن الروبوت حدد أشخاصًا حقيقيين كأعداء محتملين، من بينهم سائق توصيل، وموظف في شركة اتصالات، وضباط شرطة، وحتى امرأة كانت على موعد غرامي مع الجاني. وخلال تلك المحادثات، كان ChatGPT – بحسب المزاعم – يؤكد مرارًا أن سولبيرغ “ليس مجنونًا”، وأن احتمالية كونه واقعًا تحت تأثير أوهام نفسية “قريبة من الصفر”.
وتشير الدعوى إلى أن سولبيرج كان يعتمد بشكل أساسي على نموذج GPT-40، وهو نموذج وُصف سابقًا بأنه شديد الميل لمجاراة المستخدمين. ورغم أن OpenAI استبدلت هذا النموذج لاحقًا بنموذج أحدث أقل توافقًا، إلا أن احتجاجات المستخدمين أدت إلى إعادة النموذج القديم بعد فترة قصيرة. كما تتهم الدعوى الشركة بتخفيف ضوابط السلامة عند تطوير GPT-40، في إطار سعيها لتعزيز قدرتها التنافسية أمام نماذج أخرى مثل Google Gemini.
وتؤكد الوثائق القانونية أن OpenAI كانت، بحسب الادعاء، على علم بالمخاطر المحتملة لمنتجها، لكنها لم تتخذ إجراءات كافية للتحذير أو الوقاية، بل أخفت مؤشرات على هذه المخاطر، في الوقت الذي واصلت فيه الترويج لسلامة منتجاتها عبر حملات علاقات عامة.
في المقابل، وصفت OpenAI القضية بأنها “موقف محزن للغاية”. وقالت المتحدثة باسم الشركة، هانا وونغ، إن OpenAI ستواصل تطوير تدريب ChatGPT ليكون أكثر قدرة على التعرف على علامات الضيق النفسي أو العاطفي والاستجابة لها بشكل أكثر أمانًا.
وتأتي هذه القضية في ظل تزايد المخاوف من تأثير برامج الدردشة الآلية على الصحة النفسية، خاصة مع ظهور مصطلح “الذهان الناتج عن الذكاء الاصطناعي”، بعد حوادث مشابهة خلال العام الماضي. ومن بينها قضية شاب يبلغ من العمر 16 عامًا يُزعم أنه انتحر بعد محادثات طويلة مع GPT-40، وهي حادثة تواجه OpenAI بسببها دعوى قانونية أخرى تتعلق بالقتل غير العمد.
وبينما لم تُحسم هذه القضايا بعد، فإنها تفتح نقاشًا واسعًا حول مسؤولية شركات الذكاء الاصطناعي، وحدود الاعتماد على النماذج اللغوية في التعامل مع المستخدمين الذين يعانون من اضطرابات نفسية، في وقت يتسارع فيه انتشار هذه التقنيات في الحياة اليومية.