عادةً ما نردد المثل الذى يقول «الصديق وقت الضيق»، والذى يعرّف الصديق بأنه الكيان الذى تلجأ له وقت الشدة. ونعتقد أننا أدركنا هذه القيمة منذ فترة قريبة، إذ يتعافى المرء وقت الضيق بأحبته وأصدقائه وعائلته، يتعافى بالضحكات التى لا تتوقف حتى يدمع، والحكايات التى لا تنتهي، والدفء المحيط بهم حتى فى أكثر الليالى برودة، يتعافى بالأيدى التى تمسك به إذا وقع، والكتف الذى يحتضنه عند الحاجة.
فالصديق هو الشخص الذى تثق به وتشترك معه فى مستوى عميق من التفاهم والتواصل، وللصديق الجيد صفات تؤكد وجوده، ومنها أن يكون جديرا بالثقة، ومتسما بالوفاء، فيُظهر لصديقه دعما قويا ومستمرا. ومن أكثر الصفات التى يتميز بها الصديق الحقيقي، أن يكون متعاطفا، كما يجب على الصديق الحقيقى ألا يحكم على الآخرين، فالأصدقاء دائما متسامحون ويقبلون اختيارات أصدقائهم. ومن الصفات أيضا، أن يكون الشخص مستمعا جيدا، وأن يكون داعما لأصدقائه فى أوقاتهم الجيدة أو العصيبة، فالأصدقاء الحقيقيون يجعلون مشاكلك مشاكلهم.
وليس كل من يتعرف عليه الإنسان يعد صديقا، فقد تقابل فى حياتك كثيرا من الأشخاص يمكن عدهم زملاء عمل أو دراسة، ولكن يظل الصديق هو الأقرب، وهو محل الثقة، وهو الشخص الذى يمكن الاعتماد عليه فى جميع المواقف. وتظهر الصداقة الحقيقية فى الشدائد والمحن، ويظهر الصديق الحقيقى فى هذه الأوقات العصيبة يعاون صديقه ويؤازره ولا يتخلى عنه، وقد يكون لدى الفرد دائرة كبيرة من الأصدقاء فى المدرسة أو الكلية أو العمل، لكنه يعلم أنه لا يمكن الاعتماد إلا على شخص واحد أو شخصين فقط، يشاركانه صداقة حقيقية، فوجود صديق حقيقى يجعل الحياة أسهل بحيث يتمكن الفرد من أن يكون على طبيعته تماما دون خوف من حكم الطرف الآخر عليه، فهو يتقبله، ويجعله يشعر بالحب والقبول، ومتى لم تجد هذا الشخص فمن الأفضل لك أن تبتعد.
وهذا ما ذهب إليه جبران خليل جبران عندما قال: «يتعافى المرء بأصدقائه» عندما يرزقك الله بأصدقاء تربطهم عشرة ممتدة لسنوات بها جميل الذكريات والسهر والسمر، وأجمل اللحظات والضحكات وصدق المشاعر والإخاء والوفاء مع كل لقاء يجمعكم تشعر معهم بسعادة غامرة تنسيك أتعاب الحياة وآلامها التى لا يخلو منها أحد، وعلى النقيض فهناك أصدقاء أو «تظنهم أصدقاء» تقتلهم الغيرة من نجاحاتك، لذا هم يختفون من الساحة، بل ويطعنوك فى ظهرك بالقول وبالفعل، لذلك فالصديق هو الذى يفرحه فرحك ويسره نجاحك، يشاركك أحوال الحياة كافة.
وفى النهاية، يتعافى المرء بالبعد عن «اللت والعجن والقيل والقال والأصل والفصل، والهرى والرغى والكانى والماني، والسين والجيم وقالوا وعادوا، وشالوا وحطوا، والحكاية والرواية».
أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب–جامعة المنصورة
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د أحمد عثمان الصديق وقت الضيق أن یکون
إقرأ أيضاً:
6000 شخص حول العالم يجيبون: من هو الإنسان “الرائع”؟
صراحة نيوز- كشفت دراسة دولية جديدة عن وجود توافق عالمي حول معنى أن يكون الشخص “رائعًا”، على الرغم من اختلاف الخلفيات الثقافية بين الدول.
وشملت الدراسة، التي أجريت بين عامي 2018 و2022، نحو 6000 مشارك من بلدان متعددة، بينها الولايات المتحدة وأستراليا وألمانيا والهند والمكسيك ونيجيريا وكوريا الجنوبية وغيرها، حيث طُلب من المشاركين تحديد شخصيات “رائعة” و”غير رائعة”، وتقييم صفاتهم وسلوكياتهم.
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم “رائعون” يشتركون في سمات شخصية معينة، منها: الانفتاح، الشغف بالمغامرة، حب المتعة، الاستقلالية، والقوة. في المقابل، ارتبطت صفة “الطيبة” بسمات مثل الالتزام، التقاليد، الدفء، والأمان.
وقال الباحث المشارك في الدراسة كالب وارن: “لكي يُنظر إلى الشخص على أنه رائع، يجب أن يكون محبوبا أو مثيرا للإعجاب، لكنه لا يُشترط أن يكون بالضرورة تقليدياً أو جيدًا بالمعنى الأخلاقي المتعارف عليه”.
من جانبه، أوضح الباحث الرئيسي الدكتور تود بيزوتي أن مفهوم “الرائع” تطوّر عبر الزمن، وبدأ ظهوره من ثقافات فرعية، مثل موسيقى الجاز في أربعينيات القرن الماضي، قبل أن يتحول إلى مفهوم واسع يحمل قيمة تجارية في مجالات مثل الأزياء والموسيقى والسينما.
وأكدت الدراسة أن السعي للظهور بمظهر “رائع” أصبح سلوكًا عالميًا، ينعكس في طريقة تصرف الأفراد، واختيارهم لملابسهم وأماكن تسوقهم، وهو ما يستهلك الكثير من الوقت والمال.
ورأى الباحثون أن هذه الرغبة لا تقتصر على التميز الفردي، بل ترتبط أيضا بسمات تدفع نحو الإبداع والتغيير، مشيرين إلى أن العالم اليوم يفضل السمات غير التقليدية أكثر من أي وقت مضى، ما يساعد في فهم بعض التحولات الثقافية والاجتماعية المعاصرة.
وقد نُشرت نتائج الدراسة في مجلة *علم النفس التجريبي: العام (Journal of Experimental Psychology: General)*.