بوابة الوفد:
2025-05-16@03:26:55 GMT

يتعافى المرء بأصدقائه

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

عادةً ما نردد المثل الذى يقول «الصديق وقت الضيق»، والذى يعرّف الصديق بأنه الكيان الذى تلجأ له وقت الشدة. ونعتقد أننا أدركنا هذه القيمة منذ فترة قريبة، إذ يتعافى المرء وقت الضيق بأحبته وأصدقائه وعائلته، يتعافى بالضحكات التى لا تتوقف حتى يدمع، والحكايات التى لا تنتهي، والدفء المحيط بهم حتى فى أكثر الليالى برودة، يتعافى بالأيدى التى تمسك به إذا وقع، والكتف الذى يحتضنه عند الحاجة.

نحن نتعافى بالحب، ونتعافى بالدعم، ونتعافى بالصحبة والأصدقاء.

فالصديق هو الشخص الذى تثق به وتشترك معه فى مستوى عميق من التفاهم والتواصل، وللصديق الجيد صفات تؤكد وجوده، ومنها أن يكون جديرا بالثقة، ومتسما بالوفاء، فيُظهر لصديقه دعما قويا ومستمرا. ومن أكثر الصفات التى يتميز بها الصديق الحقيقي، أن يكون متعاطفا، كما يجب على الصديق الحقيقى ألا يحكم على الآخرين، فالأصدقاء دائما متسامحون ويقبلون اختيارات أصدقائهم. ومن الصفات أيضا، أن يكون الشخص مستمعا جيدا، وأن يكون داعما لأصدقائه فى أوقاتهم الجيدة أو العصيبة، فالأصدقاء الحقيقيون يجعلون مشاكلك مشاكلهم.

وليس كل من يتعرف عليه الإنسان يعد صديقا، فقد تقابل فى حياتك كثيرا من الأشخاص يمكن عدهم زملاء عمل أو دراسة، ولكن يظل الصديق هو الأقرب، وهو محل الثقة، وهو الشخص الذى يمكن الاعتماد عليه فى جميع المواقف. وتظهر الصداقة الحقيقية فى الشدائد والمحن، ويظهر الصديق الحقيقى فى هذه الأوقات العصيبة يعاون صديقه ويؤازره ولا يتخلى عنه، وقد يكون لدى الفرد دائرة كبيرة من الأصدقاء فى المدرسة أو الكلية أو العمل، لكنه يعلم أنه لا يمكن الاعتماد إلا على شخص واحد أو شخصين فقط، يشاركانه صداقة حقيقية، فوجود صديق حقيقى يجعل الحياة أسهل بحيث يتمكن الفرد من أن يكون على طبيعته تماما دون خوف من حكم الطرف الآخر عليه، فهو يتقبله، ويجعله يشعر بالحب والقبول، ومتى لم تجد هذا الشخص فمن الأفضل لك أن تبتعد.

وهذا ما ذهب إليه جبران خليل جبران عندما قال: «يتعافى المرء بأصدقائه» عندما يرزقك الله بأصدقاء تربطهم عشرة ممتدة لسنوات بها جميل الذكريات والسهر والسمر، وأجمل اللحظات والضحكات وصدق المشاعر والإخاء والوفاء مع كل لقاء يجمعكم تشعر معهم بسعادة غامرة تنسيك أتعاب الحياة وآلامها التى لا يخلو منها أحد، وعلى النقيض فهناك أصدقاء أو «تظنهم أصدقاء» تقتلهم الغيرة من نجاحاتك، لذا هم يختفون من الساحة، بل ويطعنوك فى ظهرك بالقول وبالفعل، لذلك فالصديق هو الذى يفرحه فرحك ويسره نجاحك، يشاركك أحوال الحياة كافة.

وفى النهاية، يتعافى المرء بالبعد عن «اللت والعجن والقيل والقال والأصل والفصل، والهرى والرغى والكانى والماني، والسين والجيم وقالوا وعادوا، وشالوا وحطوا، والحكاية والرواية».

أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب–جامعة المنصورة

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د أحمد عثمان الصديق وقت الضيق أن یکون

إقرأ أيضاً:

بيتنا الذى كان .. او ما تبقى منه

*المكتب ( جوار كمبونى ) ، تعرض للنهب و الاتلاف و سرقة الاف المستندات*
*استخبارات المليشيا كانت تراقب المكتب منذ ما قبل الحرب ، وهو امر كان معروف للاجهزة الامنية و للاصدقاء من القوى السياسية،*

*ليس من شك انها محاولة لمحو ذاكرة المواطن ، بعد ان تم تدمير ذاكرة الامة فى دار الوثائق و نهب المتاحف و سرقة النيزك الذى هبط علينا من السماء*
*ما حدث لا يمكن وصفه او تصويره ، ما حدث ليس من فعل البشر ،*

فى زيارتى الاخيرة للسودان ، و كانت حصرآ للخرطوم و الشمالية ، لست ادرى اكان شوقآ يستعجل زيارتى لبيتنا القديم او ما تبقى منه ، او ربما استعجالا و يقينا للوقوف على حجم الكارثة ،بعد ان وصلتنى لقطات مصورة للبيت ،

فى الطريق من ام درمان الى الخرطوم مررنا بشارع الوادى و الشهداء و الموردة ، كان الدمار هائلآ ، معظم البيوت و المحلات التجارية مفتوحة على مصراعيها ، خاوية على عروشها ، فى العودة شاهدنا وسط الخرطوم و شارع الجمهورية و الجامعة و شارع القصر ، لم يتركوا شيئ ،
فى الشارع المؤدى الى البيت عربات محروقة و اخرى تعرضت للتفكيك ، ثلاجات ، قطع اثاث ، الاشجار استطالت و تشعشبت ،

ناصية البيت دارت معارك شرسة لقربه من بيوت حميدتى و يقع فى شارع يؤدى الى المدرعات ، فوارغ الذخيرة من كل حجم و نوع تغطى الارض ، الجدار الخارجى نال حظه من الرصاص ،

البيت تعرض للسرقة و النهب و تدمير شبكة الكهرباء ، و اجهزة التكيف ، تم حفر ارضية المنزل لاستخراج كيبل الكهرباء الواصل من العمود بالشارع ، وحفرت الجدران لاخذ اسلاك التوصيلات الداخلية ، و كان من السهل سحبها دون الحاجة الى تدمير الجدار ، و لم يترك مفتاح او بلك او لمبة ، كان محزنآ تدمير الصور و اللوحات على الجدران ، بما فى ذلك صور الاسرة ، تم تمزيق و( تشتيت ) البومات الصور فى الحوش و على الارضيات ، الشهادات الجامعية و شهادات الابناء و الرقم الوطنى و شهادات الميلاد لا اثر لها ، و ربما تكون اسفل اكوام من الاوراق و المستندات تم العبث بها ، ليس من شك انها محاولة لمحو ذاكرة المواطن ، بعد محاولات تدمير ذاكرة الامة فى دار الوثائق و المتاحف و سرقة النيزك الذى هبط علينا من السماء ..،
ما اثار النفس تحطيم اناتيك و مجسمات نادرة ، مجسم الكعبة المشرفة ، تاج محل ، قرن وحيد القرن ، ( خنجر يمنى اصلى ) ، ساعة ( الجيب ) المفضضة ورثة من الوالد عليه الرحمة ، و ساعة جوفيال و قلم باركر و مقتنيات موروثة ، شهادات تقديرية و وشاحات ، فقدان 12 فلاش تحتوى على ذاكرتى السياسية و الصحفية منذ اربعين عامآ ، تقديراتى ان البيت تعرض للسرقة و النهب فى ثلاثة موجات ، الاولى الاستيلاء على الوثائق و المستندات و الشاشات و ما خف وزنه و غلى ثمنه ، الثانية كانت للعربات ، و الثالثة القضاء تمامآ على الموجودات و تكسير اى حاجة تحتوى على النحاس و اخذه، و ما لم يسرق تم تحطيمه

المكتب ( جوار كمبونى ) ، تعرض للنهب و الاتلاف و سرقة الاف المستندات ، غرفة المكتب الرئيسية تعرض سقفها لقذيفة ومن الواضح ان المكتب تم حرقه بمواد حارقة ( الترابيز و الكراسى – سايحة – ) ، و تم استخدام مركزالطاقة الشمسية المجاور مقرآ للمجموعة رقم 27-28 من المليشيا ،بعد نهبه و سرقته تمامآ و تحويله الى مركز قيادى و مخزن للمسروقات فى الكونتينرات ، استخبارات المليشيا كانت تراقب المكتب منذ ما قبل الحرب ، وهو امر كان معروف للاجهزة الامنية و للاصدقاء من القوى السياسية ، هم يعرفونه جيدا،

مقر الهيئة الشعبية للشمال فى الخرطوم (3) وجدناه مسيج بشريط احمر ، ربما هناك جثث او مخلفات القصف تحت الركام ، اتخذته المليشيا ارتكازآ و مقرآ للسيطرة ، فهو يقع فى منطقة حاكمة من الطريق المؤدى للقسم الشمالى و السجانة او الى الخرطوم (2) و متفرعات نادى الاسرة ،الاخ الصادق من ساكنى جوار المقر وهو من اللذين قاوموا التهجير و ظل مع نفر قليل حتى التحرير ، قال شهدت قصف المقر بواسطة مسيرة و تدمير الارتكاز و قتل (13) من المليشيا تم دفنهم فيما بعد ،

بدأت تباشير العودة الى مربع (9) جبرة و المربعات المجاورة، تم اقامة ( تكية ) ، و يرابط شباب المنطقة فى حراسة ما تبقى من ممتلكات المواطنين ، محاولات جادة لاستعادة ضخ المياه بواسطة الطاقة الشمسية ، الحياة بدأت تدب فى السوق المركزى و سوق الشجرة ، مواصلات من ام درمان و بحرى للخرطوم و حتى الكلاكلات ،

ما حدث لا يمكن وصفه او تصويره ، ما حدث من فعل الشياطين ، لا يمكن لبشر سوى ان يفعل مثله ، اعادة الحياة رهينة بعودة الجميع خاصة الشباب ، و المشاركة فى آزالة اثار العدوان ، ما جرى لا يمكن وصفه بالسرقة او النهب هو يتعدى ذلك ، و ليس تدميرآ ، هو ابعد من ذلك ، و ليس حقدآ او غلآ ، هو اكثر من ذلك ،

محمد وداعة

14 مايو 2025م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الخضيري: ارتجاع المريء قد يكون بسبب سلوك الشخص بعد الأكل
  • موتى يعملون بعد رحيلهم.. إلى أين يأخذنا الذكاء الاصطناعي؟
  • انطلاق معسكر “أبي بكر الصديق” الأول لذوي الهمم بالإسكندرية
  • انطلاق معسكر أبو بكر الصديق الأول لذوي الهمم بالإسكندرية
  • وسط ترقب بيانات أمريكية.. الذهب يتعافى جزئيًا بعد هبوطه لأدنى مستوى في شهر
  • بيتنا الذى كان .. او ما تبقى منه
  • وعود اليمامة لجسد معطوب
  • هل يساعد المكياج على مقاومة الاكتئاب؟ هكذا تحسّن مستحضرات التجميل نفسيتك
  • مش واضحة .. أعراض تدل على سوء التغذية
  • حبيسة الأحلام