التجنيد القبلي لقوات الدعم السريع.. إشعال حرائق جديدة في نيران الحرب
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
نفذت قوات الدعم السريع في دارفور وكردفان، خلال الأسابيع الماضية، حملات مكثفة لاستنفار المقاتلين في صفوفها على أساس قبلي مما يضيف مخاوف جديدة عن إطالة أمد النزاع القائم، وكلفت قوات الدعم السريع قادة الإدارة الأهلية للقبائل وزعماء العشائر الموالية لها، بمهمة جلب المقاتلين تمهيدًا لتفويجهم إلى مناطق العمليات في العاصمة الخرطوم والفاشر بشمال دارفور ومناطق السودان الأخرى.
منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
اعداد وتحرير: سودان تربيون
الفاشر: 10 نوفمبر 2024 ــ نفذت قوات الدعم السريع في دارفور وكردفان، خلال الأسابيع الماضية، حملات مكثفة لاستنفار المقاتلين في صفوفها على أساس قبلي مما يضيف مخاوف جديدة عن إطالة أمد النزاع القائم.
وكلفت قوات الدعم السريع قادة الإدارة الأهلية للقبائل وزعماء العشائر الموالية لها، بمهمة جلب المقاتلين تمهيدًا لتفويجهم إلى مناطق العمليات في العاصمة الخرطوم والفاشر بشمال دارفور ومناطق السودان الأخرى.
وتنامت مع حملات التجنيد، التي تتم على أساس جهوي ومناطقي، مخاوف قوية من أن يتحول الصراع في السودان إلى قتال بين القبائل، خاصة وإن الخطاب الذي يبثه قادة الإدارة الأهلية يشير إلى إنهم يقاتلون في صفوف الدعم السريع من أجل تأكيد وجودهم.
وازدادت حملات استنفار المقاتلين، بعد إعلان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو في 9 أكتوبر المنصرم، التعبئة العامة وإصدار أوامر لقواته في الاذونات وقوات الاحتياطي بالتبليغ الفوري لوحداتهم العسكرية لتنفيذ ما أسماها بالخطة "ب".
ظهور الناظر "نمر"
وفي تأكيد على أن التجنيد لصالح قوات الدعم السريع يجري على أساس قبلي، وقف ناظر عموم قبائل المسيرية مختار بابو نمر أمام حشد عسكري ضخم تابع لقوات الدعم السريع في مقر رئاسة النظارة بمدينة المجلد، وذلك في أول ظهور له منذ اندلاع الحرب.
وشهد الحشد، إلى جانب مختار بابو نمر قادة الدعم السريع وقادة العشائر والقبائل في ولاية غرب كردفان التي تُعد مركز ثقل المسيرية، وهي قبيلة ينحدر منها أكبر عدد من قادة وجنود الدعم السريع بعد قبيلة الرزيقات.
وهدفت قبيلة المسيرية من إقامة العرض العسكري في رئاسة النظارة، استنفار مزيد من الجنود والدفع بهم إلى جبهات القتال في الخرطوم والجزيرة وفقًا لأحد قادة الإدارة الأهلية بولاية غرب كردفان.
وقال أحد قادة الإدارة الاهلية لقبيلة المسيرية لـ"سودان تربيون" إن انحيازهم لقوات الدعم السريع والقتال في صفوفها هو واجب مقدس من أجل الدفاع عن القبيلة.
وأشار إلى أن المعركة التي يقودونها الآن إلى جانب قوات الدعم السريع هي معركة وجودية، مبديًا مخاوف من ارتكاب الجيش وحلفائه إبادة جماعية تطال القبائل التي ناصرت قوات الدعم السريع حال إنتصاره.
وتابع: "لن نسمح بذلك، ومن أجل المحافظة على وجودنا فإننا انحزنا لقوات الدعم السريع وسنقاتل معها حتى آخر جندي".
رغبة لم يهتم بها الدعم السريع
وفي الأشهر الأولى لبدء الحرب، عارض قادة من قبيلة المسيرية نقل القتال إلى ولاية غرب كردفان والسيطرة على مواقع القوات المسلحة، فيما أيد آخرون خطط الدعم السريع التوسعية في المنطقة.
وأرسل ناظر القبيلة مختار بابو نمر و22 من القيادات في 30 ديسمبر 2023، خطابًا إلى قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو، يعلنون فيه رفضهم لنقل الحرب إلى مناطقهم وإبعاد الجيش من ديار القبيلة.
وحذروا من اختراق حدود السودان وتدمير منشآت النفط حال إقدام قوات الدعم السريع على مهاجمة قيادة الجيش الرئيسية بولاية غرب كردفان والسيطرة عليها.
ولكن بعد وقت وجيز من الخطاب، هاجمت قوات الدعم السريع بابنوسة، في محاولة هدفت للسيطرة عليها ولكن دون جدوى بسبب استماتة الجيش في الدفاع عن المدينة وقيادته الرئيسية، لتنقل قوات الدعم السريع معاركها نحو عاصمة الولاية مدينة الفولة حيث سيطرت عليها بالكامل.
قادة الاستنفار
واخذ الاستنفار في جنوب دارفور طابع إثني وقبلي وعنصري، حيث تحدث ناظر قبيلة الترجم محمد يعقوب إبراهيم في منطقة بلبل، عن ضرورة قتال أبناء القبيلة مع الدعم السريع وتدمير الفاشر، وهي طريقة يعتمدها قادة القبائل والعشائر في حشد المقاتلين.
وأسندت قوات الدعم السريع لزعماء الإدارة الأهلية في دارفور وكردفان، مهمة حشد المقاتلين بعد أن منحتهم سيارات للتحرك نحو مناطقهم، من أجل حث أبنائهم على القتال في صفوفها ووفقا لقادة أهليون مقربون من هذه الحملات.
وكُلف الأمير علي حسين ضي النور - وهو شقيق مسؤول استخبارات الدعم السريع السابق اللواء مضوي حسين ضي النور - والذي تردد بأنه قتل في غارة جوية في الأيام الأولى لبدء الحرب؛ مهمة الاستنفار داخل قبائل الرزيقات بولاية جنوب دارفور ويساعده في ذلك العمدة علي محمود شرارة والعمدة سعيد ضي النور وآخرون.
وفي قبيلة الفلاتة ينشط ناظر عموم القبيلة الفاتح أحمد السماني البشر وهو ضابط شرطة برتبة رائد - مازال في الخدمة ولم يحال إلى المعاش ــ رغم إعلان ولائه لقوات الدعم السريع.
ويعاون ناظر قبيلة الفلاتة في حشد المقاتلين كل من: العمدة مرجي خليل وهو مدرس أمضى سنوات طويلة في مهنة التدريس بولاية جنوب دارفور، والعمدة عبد الرحمن أبو درة، حيث يشرف عليهم ضابط في قوات الدعم السريع من قبيلة الفلاتة يدعى شيخ حجر وضابط آخر يسمى جلال.
وقالت مصادر أهلية لـ "سودان تربيون"، إن قبيلة الفلاتة أقامت معسكرات لتجنيد المقاتلين لصفوف قوات الدعم السريع في مناطق "سرقيلا، رجاج، بقاقة، النضيف، قليزانة، تخمة، التيس" وهي مناطق تابعة لمحلية تلس وبرام بولاية جنوب دارفور.
وأفادت بأن ناظر قبيلة البني هلبة التوم الهادي دبكة وهو قيادي بارز في حزب المؤتمر الوطني، من أكثر الشخصيات تشددا تجاه الولاء لقوات الدعم السريع حيث يقود حملات جمع مقاتلي القبيلة بنفسه.
وفي قبيلة المسيرية بولاية جنوب دارفور، يتولى غلام الدين التاج عبدالقادر وهو نجل زعيم القبيلة مهمة جمع المقاتلين.
ويقود ناظر قبيلة الهبانية يوسف علي الغالي حملة الاستنفار في مناطق نفوذه، يعاونه في ذلك العمدة طلعت الشناحي وحسن الفهري وعثمان عز الدين علاوة على العمدة الدرة مختار وعباس علي عبدالله وسراج الغالي فضلًا عن سليمان علي عيسى أبو شدة.
مسؤولية القتل والنهب
وقال الصحفي بولاية جنوب دارفور علي منصور، لـ "سودان تربيون"، إن الاستنفار الذي تقوم به قوات الدعم السريع وسط القبائل تتم بطريقة فيها نوع من العنصرية ويتم تحفيز المقاتلين على السرقات والنهب والتي يسمونها بالغنائم.
وأضاف: "هذا الأمر قاله محمد يعقوب والتوم الهادي دبكة، لذلك لا يستغرب الإنسان كثيرًا من سلوك الشباب في نهب أموال الناس وقتلهم بدم بارد".
ورأى بأن اقحام القبائل في المعارك العسكرية هو خطأ كبير مسؤولة عنه قوات الدعم السريع وقادة الإدارة الأهلية الذين انحازوا لهذه القوات من أجل دوافع ذاتية.
واتهم علي منصور قادة الإدارة الأهلية بولاية جنوب دارفور بالتحريض على الفتنة، مشددًا على أنهم مسؤولين عن كل جرائم القتل التي تطال المدنيين ونهب أموالهم واغتصاب النساء.
وأضاف: "هؤلاء القادة ما عادوا يعرفون قيمة الإدارة الاهلية وأصبحوا جزء أساسي من الفتنة وإشاعة الفوضى ويحللوا لابنائهم السرقة والنهب، كما قال الناظر التوم الهادي دبكة بأن المنازل والسيارات والاموال في نيالا هي ملك لهم".
وذكر منصور، وفقًا لمعلومات استقاها من مصادر متعددة، بأن قائد ثاني قوات الدعم السريع عبدالرحيم حمدان دقلو طالب من كل قبيلة في إقليم دارفور تجهيز 600 مقاتل والدفع بهم على الفور نحو جبهات القتال.
وتوقع أن يفشل قادة الإدارة الاهلية في جلب المقاتلين لأسباب من بينها عزوف عدد من الشباب على القتال في صفوف الدعم السريع خوفا من الموت في المعارك.
وأشار إلى أن هناك أسر في إقليم دارفور فقدت أعداد كبيرة من أبنائها في المعارك المستمرة، مبينًا أنه "حتى نهاية الحرب ستجد عدد من القبائل الموالية للدعم السريع بأنها فقدت جيل كامل من أبنائها".
تأكيد إضافي
وقال رئيس تنسيقية قبيلة الرزيقات الضيف عيسى علي، إن حشد المقاتلين لصالح قوات الدعم السريع يجرى على أساس عرقي بخطاب مضلل من قادة الإدارة الأهلية.
وأفاد، في تصريح لـ "سودان تربيون"، بأن الأدارة الأهلية تغرر الشباب بخطابات عاطفية ممزوجة بالحمية القبلية والإغراء بالمال.
وأضاف: "الإدارة الأهلية تُخاطب أفراد القبيلة بأن انتصار الجيش في الحرب يعني طردها من السودان وإهانة أفرادها".
وتناصر تنسيقية قبيلة الرزيقات الجيش حيث وصل وفد رفيع منها لمدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر واجروا لقاءات مع عدد من المسؤولين.
وقال الضيف إن خطابات الإدارة الأهلية تقود الشباب إلى المقاصل كالخراف، حيث حولت الحرب إلى "غرابة وشريط نيلي وشايقية"، مما يزيد الوضع تعقيدًا.
وأوضح بأن التنسيقية تعمل على توعية الشباب بخطورة هذا الخطاب التضليلي، مما ساهم في الحد من عمليات الاستنفار، حيث بدأت الأصوات في مناطق سيطرة الدعم السريع ترتفع برفض حشد المقاتلين.
تضييق فرص المصالحة
وقال المهتم بقضايا دارفور المحامي عبد الباسط الحاج، إن خطورة حملات الاستنفار التي تقوم بها قوات الدعم السريع، تكمن في تضييق فرص المصالحة الاجتماعية ومضاعفة التفكك الاجتماعي عبر خلق المزيد من التوترات وإعلاء شأن العصبية القبلية بدلا من المواطنة المتساوية والسلم الاهلي.
وأشار إلى أن ذلك سيكون له تأثير كبير مستقبلا علي الصعيد السياسي عبر التمكين بقوة السلاح بدلا عن المصالحة و المساوة الاجتماعية، كما أن له تأثير اقتصادي لاعتبار قوة السلاح سوف تكون بوابة للثراء و الاكتناز، و تأثير اجتماعي و أمني حيث لا يمكن أن تستقر المنطقة والإقليم في حال انتشار السلاح والتمترس قبليا وبالتالي استمرار دوامة الحرب.
واعتبر تجنيد القبائل في دارفور على أساس عرقي أمرًا ليس بالجديد، حيث بدأ منذ وقت طويل وكرسته حكومة الرئيس المعزول عمر البشير فيما عرف بـ "الجنجويد"، الذين ارتكبوا أفظع الجرائم في دارفور منذ العام 2003.
وتابع: "حينها كانت تتم عمليات التجنيد عن طريق الإدارات الاهلية وبقيادة العقداء كما هو معروف في دارفور، فكان بكل قبيلة عقيد وقد كان التركيز ولا زال علي المجموعات العربية في دارفور".
وأشار إلى أن الخطوة الاخيرة التي تقوم بها الدعم السريع فيما يتعلق بحشد المقاتلين، أمر مفهوم في إطار أن الدعم السريع نفسه امتدادًا للجنجويد الذي تم تأسيسه سابقا.
وأضاف: "التركيبة الداخلية للدعم السريع تقوم هيكليا على المجموعات العربية. وعندما اندلعت الحرب منذ الشهر الثاني مباشرة خرجت عدد من القبائل العربية في دارفور في مؤتمر ونشرت بيان تأمر فيه أبناء تلك القبائل بالانضمام للقتال بجانب الدعم السريع".
وشدد على أن الدعم السريع وقيادته لا تستطيع الإنفكاك من التركيبة القبيلة، لأن التوزيع الهيكلي والقيادي في السباق داخل الدعم السريع تحدث على اساس قبائلي.
ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني
#SilenceKills
#الصمت_يقتل
#NoTimeToWasteForSudan
#الوضع_في_السودان_لا_يحتمل_التأجيل
#StandWithSudan
#ساندوا_السودان
#SudanMediaForum
#منتدى_الإعلام_السوداني
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع فی بولایة جنوب دارفور لقوات الدعم السریع قبیلة المسیریة سودان تربیون وأشار إلى أن ناظر قبیلة غرب کردفان القتال فی فی صفوفها فی دارفور على أساس عدد من من أجل
إقرأ أيضاً:
السلالية في تركيبة الدعم السريع: رسالتي دي شيروها تصل نائب القائد وحميدتي ذاتو
السلالية في تركيبة الدعم السريع: رسالتي دي شيروها تصل نائب القائد وحميدتي ذاتو
عبد الله علي إبراهيم
ملخص
(اتفق لطائفة من القوى التي كانت من وراء ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 أن “الدعم السريع” هي جيش ثانٍ في يومنا ولا بد لأية تسوية للحرب أن تأخذ حقيقتها هذه بالاعتبار. وهذا منها بخلاف ما اتفق لهم خلال مقاومتهم دولة الإنقاذ وثورتهم حين عدوه ميليشيات “تنحل ولا تحكم دولة”. وقضى اتفاقهم الإطاري للإصلاح الأمني والعسكري عند مغرب حكومتهم الانتقالية بدمجه في الجيش. وطالما راجعت هذه القوى موقفها من “الدعم السريع” فعدتها جيشاً ثانياً لا ميليشيا، صح لها أن تقف من كثب على تراكيبه المهنية والاجتماعية، بما في ذلك المؤسسة الاقتصادية التي بيده، في الاتفاق الوطني الذي يبشرون به بعد وقف إطلاق النار. فكثير منهم منزعج جداً للميليشيات والحركات العسكرية التي تقاتل مع الجيش ويخشون يوماً كريهاً منها على استقرار البلاد. وصح بالمثل أن يقفوا على “السلالية” المستفحلة في “الدعم السريع” التي كشف هذا المقال عنها لاستصحابها في تسكينهم له كجيش ثانٍ في الدولة الوطنية الحديثة المنتظرة).
أثار الصحافي عثمان فضل الله منذ 2023 مسألة متعلقة بطبيعة قوات “الدعم السريع” وتراكيبها قلت إثارتها في الخطاب حولها. فقال فضل الله إن الوضع في الحرب اقترب من الانفلات، وذكر للجيش عيوبه من هذه الجهة، لكنه قال إن دلائل هذا الانفلات أوضح ما تكون في “الدعم السريع”. فتركيبة هذه القوات، بحسب قوله، اختلفت اليوم عنها في الـ15 من أبريل يوم نشوب الحرب القائمة في السودان. حين كانت قوة شبه نظامية بقانون، لكنها انتهت في يومنا إلى تحالف من ست ميليشيات، بل واستصحبت جماعة مستنفرة معروفة بـ”أم باغة” تقاتل لأجل الغنيمة. كذلك فإن بينها اليوم طلاب غنيمة آخرين مستنفرين من قبلها عرفوا بـ”الكسابة” (جمع كاسب). فلم تعد “الدعم السريع”، بحسب فضل الله، جيشاً موحداً وإنما مجموعات عسكرية يرغب قادة “الدعم” في التنسيق بينها، لكن “المؤشرات جميعها ترجح احتمالية تفككها وتحولها إلى عصابات تهاجم المدن من أجل السلب والنهب في ظل الضعف البائن على الأجهزة الأمنية والعسكرية”.
وفرت وقائع أخيرة في أوساط قوات “الدعم السريع” نافذة لنظرة أخرى لطبيعة “الدعم السريع”. وأسفرت بفضل هذه الوقائع عن تكوينات مغرقة في القبائلية لم تلطف منها 25 شهراً من الحرب. وهذه الوقائع هي معركة أم صميمة في كردفان في هذا الشهر التي خسر “الدعم السريع” فيها البلدة بكلفة فادحة وسط منسوبيه من شعب المسيرية من البقارة. أما الواقعة الأخرى فهي حملة “الدعم السريع” لمحاربة الظواهر السالبة في حاضرته مدينة نيالا في دارفور. وساءت أشياء منها منسوبيه من شعب الفلاتة من أهل جنوب دارفور فعرضوا بهويتهم القبلية. أما الواقعة الثالثة فهي هجوم جماعة قيل إنها منسوبة لـ”الدعم السريع” على شعب دار حامد من سكان شمال كردفان عند مدينة الأبيض. فنهب المهاجمون قرية شق النوم وما حولها وأحرقوا بيوتها وقتلوا نحو 300 شخص. وبالطبع ساء ذلك منسوبي “الدعم السريع” من دار حامد وظاهروا بهويتهم القبلية.
تواترت اللايفات من منسوبي “الدعم السريع” من المسيرية بجنوب كردفان بعد خسارة أم صميمة وعرضوا لتظلمهم من “الدعم السريع” على بينة من هويتهم القبلية. فطغت الشكوى من أن كردفان ناقصة في عتاد الحرب حتى إن أحد “اللايفاتية” قال إنهم فاتحوا قائد ثاني “الدعم السريع” عبدالرحيم دقلو بالأمر حين التقوا به في نيروبي على أيام مؤتمر نيروبي في فبراير (شباط) الماضي للتحضير لقيام حكومة موازية في مناطق سيطرة “الدعم السريع”، فقال لهم عبدالرحيم “أبشروا”، ولكن لا حياة لمن تنادي. وقال إن قيادة الدعم ترسل لهم في كردفان قوى إسناد من دارفور بكامل عتادها إلا أنها لا تغشى الوغى في حين تتوعد بغزو الإقليم الشمالي.
وبؤس تسليح المسيرية قديم حتى إن القائد جلحة، الذي قتل بمسيرة في الخرطوم في يناير الماضي، كان يقول إنه كان “يقلع” السلاح والسيارات قلعاً من الجيش و”الدعم السريع” معاً. وقال سافنا، قائد آخر من مسيرية كردفان، إنه كان كذلك يستولي عنوة على المركبات بل يملأها غازاً من بعض ذهب عثر عليه لأنه لم يكن له مرتب حتى. وبلغ بهم سوء الإعداد في قولهم إن أفراد قوتهم حاربوا وهم ينتعلون “شباشب” لا الأحذية العسكرية.
واستدعى حرج خسارة أم صميمة خروج القائد البارز قجة من شعب المسيرية بقضية جماعاتهم في “الدعم السريع” بقوة مع سعة. فوجه رسالته لحميدتي وأخيه عبدالرحيم مذكراً بأرتال شهدائهم للقضية. وقال إنه لا يؤمن بالقبلية، لكن مكره للحديث عنها. فمهما قلنا عنها سلباً فهي لا تزال العامل الذي من وراء نجاح قضيتهم. ثم وجه حديثه لمنسوبي المسيرية في “الدعم السريع” في كل جبهات القتال للوحدة لكي يثأروا لشهدائهم إذ سقط 50 منهم فقط في معركة أم صميمة. وقال بعد تعديد قادة المسيرية الشهداء إنهم سيقاتلون الكيزان حتى آخر مسيري. وأكد خلوه من الشك في القبائل التي قاتلت معهم جنباً لجنب بولاء وفروسية ولا مطعن. ولأنه ليس بالإمكان جمع مسيرية “الدعم السريع” في مؤتمر عام في يومه فهو يوجه عنهم رسالة للقائد العام ونائبه بما حملته له 35 مجموعة منهم عن نقصهم في عتاد الحرب. وجاؤوا له بالشكوى لأنه بمنزلة القيادة فيهم. وقال إنهم لا يطلبون غير تزويدهم بالعتاد لأداء واجبهم في الميدان حتى الموت على أكمل وجه. فهم يريدون من قيادة “الدعم السريع” أن تزودهم بالسلاح الثقيل من منظومات إلى مدافع 25 إلى مدافع 14 ونصف وأجهزة التشويش، ولتسألهم بعد ذلك إن خذلوها. ونفى العنصرية عن نفسه، بل عرض الأمر بوجهه القبلي لإحسان القتال من أجل القضية التي نزفوا شهداء عدداً من أجلها.
ومع تبرؤ قجة عن الطعن في فروسية غيرهم في الحرب إلا أن كثراً دونه رتبة حملوا على الرزيقات، بخاصة جماعة حميدتي، بغير مواربة. فقال أحدهم إنهم هم من قاتلوا دون غيرهم وبذلوا الشهداء، 489 منهم، في بلدة الخوي وأم صميمة وحتى مدينة نيالا التي هي عاصمة “الدعم السريع” في دارفور. وتساءل أين كان قادة بالاسم من الرزيقات حين كانوا يكتوون هم بالحرب ولا يزالون. بل تجد من عزى في شهيد قائد أخير لهم هو التاج يوسف محمود قولنجنق واتهم قادة من الرزيقات بالاسم قال إنهما من وفرا للجيش إحداثيات أصابت موضع الاجتماع الذي كان انعقد بينهم. وطلب من القيادة أن يخضع القائدان لتحقيق قال إنه عاجل غير آجل. وزاد قائلاً إن قلبهم محروق على قولنجنق وثأره يكون في هزيمة الجيش في مدينة الأبيض، حاضرة كردفان، وولاية النيل الأبيض.
وعاد قائد آخر إلى بؤس تسليحهم بقوله إنه أحصى 1500 مركبة للرزيقات موصولة بالواي فاي “تتحاوم” في الأرجاء بينما هو وجنده، 1750، بلا سيارات في حمى القتال. وشكا آخر من عدم تعزية القائد العام لهم في شهدائهم. وانتقد مجموعات الرزيقات في نيالا التي تحظي بعناية “الدعم السريع” وهم خارج ميدان المعركة الدائرة في كردفان يعانون نقصاً في الطعام والبنزين. وسأل “من أين لي ملء تنك السيارة؟ أنت لم تعطني مرتباً”. واستنكر طريقة القيادة في ترضية خاطر كل من خرج بلايف يشكو حاله. وسأل “هل تحولت حربنا إلى الوسائط؟ هل لم يبق لنا سوى الشحذة من فوق منصاتها؟”. وقال إنهم لا يشحذون من بشر إلا من رب العالمين، وإن الروح بلغت الحلقوم ولن يصمتوا بعد هذا. وجاء أخيراً من قال إن القضية التي يقاتلون من أجلها هي قضيتهم بغض النظر عن “الدعم السريع”، وإن “الدعم السريع” لو قرر أن يتنصل منها فسيحاربونه كما يفعلون مع الجيش.
وخرج جماعة من منسوبي شعب الفلاتة بجنوب دارفور بهويتهم القبائلية بعد حملة نظمتها قيادة “الدعم السريع” في بدايات هذا الشهر لمحاربة الظواهر السالبة في مدينة نيالا. فصدر الأمر بألا يوجد عسكري بزيه وكدموله وسلاحه وسيارته العسكرية في سوق المدينة. وبدا أن قيادة “الدعم السريع” استجابت لتجار السوق الذين اشتكوا من الإتاوات التي يفرضها عليهم عسكريون من “الدعم السريع”، أو في لباسه. وبجانب هذا منعت الحملة بيع السلاح والمخدرات.
وحدث أن تعرض لواء بـ”الدعم السريع” من الفلاتة، وهو ابن زعيم فيهم أيضاً، إلى معاملة قاسية من فريق من فرق الظواهر السالبة انتهت إلى جلده في عرض الفضاء. وجاء مرافق له في لايف وحكى الواقعة وهو في غاية الغضب لإهانة الضابط العظيم ابن قبيلته. فلعن الظواهر السالبة ذاتها التي خولت ضرب ضابط زعيم ما كان لأحد أن يمد عليه أصبعاً من قبل. وقال إنه لا يشك في أن تلك الواقعة كانت مقصودة أراد بها الرزيقات في نيالا الإساءة للفلاتة في شخص الضابط. فاحتج أن الحملة لم توقف السيارة لتسأل عن هوية من فيها، بل امتدت يد بعضهم إلى قطع غيار السيارة وأخذوها. وحين احتج الضابط وسأل: هل هذه حملة ظاهر سالبة أم حملة حرامية؟ كان ما كان.
وزاد بأن الضابط الذي أهانه الرزيقات لازم المعارك جميعها ولم يتأخر عن واحدة. وقال لمن تقصدوا أهله بأنهم ليسوا أشرف منهم في حرب بذلوا قصاراهم فيها بضحايا وجرحى لم يحظوا بعلاج بعد. وعاد إلى تقصد الفلاتة ورجع إليهم بـ”العجم” مقابل العرب وقال إنهم إن صمتوا عما حاق بهم من حملة الظواهر كتبهم التاريخ جبناء إلى جنى الجنى. وقال إن بوسعهم كفلاتة إسقاط نيالا المدينة نفسها في يوم واحد. وقال إن “الدعم السريع” لم يفقد الخرطوم إلا لأن المتنفذين فيه لا يقيمون وزناً لغيرهم. وجاء جماعة من منتسبي الفلاتة في “الدعم السريع” من المجموعة 110 لينادوا كل من فيها لمغادرة مقدمات ميادين القتال والعودة إلى تلس، حاضرة الفلاتة، لأن ما تعرض له الضابط العظيم “عنصرية عديل” لا يرضون بها.
وأخرج منسوبو “الدعم السريع” من شعب دار حامد، شمال مدينة شمال الأبيض في شمال كردفان، هويتهم القبلية في ملابسات انتهاكات واسعة قامت بها قوات من “الدعم السريع” على قراهم كما تقدم. وجاء مدثر شمين منهم على لايف ليستنكر خلو ديارهم من الحماية التي تتمتع بها نيالا ومدن آمنة غيرها في دارفور. وحز في نفسه أن ينهب المتفلتون “بنات عمه” ويوسعوا أهله قتلاً بقوة مدججة بالدواشكي والمدافع وهو وجماعته مرابطون في ثغور “الدعم السريع”. وقال إنه إذا كان الخيار بين قبيلته و”الدعم السريع” فقبيلته أولى. وسيحارب “الدعم السريع” بكاكيه وسلاحه هو نفسه. ونفى أن يكون الهجوم على أهله من “الدعم السريع”، ولكن أخذ عليه غياب الحماية منها عنهم. وحيا القائد حميدتي وقال إنه من وحد القبائل. ونسب الهجوم إلى من أرادوا الفتنة بين دار حامد “والدعم السريع”، وهذا مناهم ولن يحصل.
وخرجت هوية منتسبي “الدعم السريع” من السلامات، وهم من شعب البقارة، لمناسبة بتر رجل قائد منهم هو الليبي. فظهر اللايفاتي فرانكو ليحييه ويكفر له كمدخل لتظلم السلامات. فالقادة منهم، في قوله، لا يحظون بسيارات مصفحة مثل غيرهم. وحكى عن اضطرارهم إلى تأجير عربة ثلاجة في أم درمان لنقل قائد مصاب منهم لأن أصحاب العربات من غير السلامات بخلوا بها عليهم. ومن تكرم “الدعم السريع” منهم عليه بسيارة كانت خربة. وعرض لثباتهم في الحرب دون غيرهم. فجاء بذكر قائد من الرزيقات لم يغش موضعاً حاراً من الحرب إلا غادره إلى موقع خلفي. ثم شكا من إهمال جرحاهم حتى تعفنت جراحهم. ثم عرج على الحكومة التي يزمع “الدعم السريع” تكوينها واحتج على خلوها من سلامي منهم مع أنهم أشجع من سائر غيرهم. وطلب تخصيص وزارة الدفاع لهم، بل قال إنه كان من المفروض أن يكون للسلامات المركز الثاني بعد حميدتي لسابقتهم في “الدعم السريع”.
ثم ظهر لايفاتي آخر منهم احتج على عبدالرحيم دقلو لإهمال جرحاهم وعلاجهم في نيالا في أحسن الحالات في حين يبعثون بجرحى الرزيقات إلى الإمارات العربية المتحدة لتلقي العلاج. وجاء ثالث يحتج على تهميشهم وحرمانهم من عربات للقتال وليطلب في آخر كلمته من الأفراد من السلامات في “الدعم السريع” الانسحاب من كل المواقع المتقدمة.
وكشف متحدث من قبيلة المحاميد وهم من رزيقات شمال دارفور عن هويته القبلية في معرض ما انكشف له عن عنصرية “الدعم السريع” أيضاً وقال إنه كمن كتب عليهم أن يكونوا في مقدم الحرب بينما يتراخى (تلميحاً للماهرية وهم الخاصة من الرزيقات في الدعم السريع) وسماها عنصرية. وإذا وضعوهم في الالتفافات، أي في جانب من الحرب، كثرت الاتصالات بهم أن أفزعونا لأن العدو غلبهم. واشتكى أن العربات تذهب لمن لم يقاتل ولم يتدرب حتى. وقاتل المحاميد في قولهم من الـ14 من أبريل ودفعوا ثمن بنزين من جيوبهم.
اتفق لطائفة من القوى التي كانت من وراء ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 أن “الدعم السريع” هي جيش ثانٍ في يومنا ولا بد لأية تسوية للحرب أن تأخذ حقيقتها هذه بالاعتبار. وهذا منها بخلاف ما اتفق لهم خلال مقاومتهم دولة الإنقاذ وثورتهم حين عدوه ميليشيات “تنحل ولا تحكم دولة”. وقضى اتفاقهم الإطاري للإصلاح الأمني والعسكري عند مغرب حكومتهم الانتقالية بدمجه في الجيش. وطالما راجعت هذه القوى موقفها من “الدعم السريع” فعدتها جيشاً ثانياً لا ميليشيا، صح لها أن تقف من كثب على تراكيبه المهنية والاجتماعية، بما في ذلك المؤسسة الاقتصادية التي بيده، في الاتفاق الوطني الذي يبشرون به بعد وقف إطلاق النار. فكثير منهم منزعج جداً للميليشيات والحركات العسكرية التي تقاتل مع الجيش ويخشون يوماً كريهاً منها على استقرار البلاد. وصح بالمثل أن يقفوا على “السلالية” المستفحلة في “الدعم السريع” التي كشف هذا المقال عنها لاستصحابها في تسكينهم له كجيش ثانٍ في الدولة الوطنية الحديثة المنتظرة.
عبد الله علي ابراهيم
عبد الله علي إبراهيم