بوابة الوفد:
2025-06-02@09:41:20 GMT

نتيجة تجلت فى هولندا

تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT

لا وجه للدهشة مما حصل فى العاصمة الهولندية أمستردام، التى شهدت مطاردات من جانب شباب عربى، قيل إن غالبيته مغربية، لمشجعى فريق كرة قدم اسرائيلى. 

حدث هذا فى ليل الخميس ٧ من هذا الشهر، وهناك رواية عن أن مشجعى فريق كرة القدم الإسرائيلى هم الذين بدأوا فهتفوا ضد العرب والمسلمين على هامش المباراة التى كانت تجرى بين فريقهم وبين فريق هولندى.

. والرواية تضيف أنهم لم يهتفوا فقط، ولكنهم تناولوا عَلَمًا فلسطينيًا ثم مزقوه على الملأ. 

وحتى بافتراض أنهم لم يهتفوا ولم يمزقوا العَلَم، فإن مطاردات من نوع ما جرى تظل متوقعة جدًا كلما اجتمع جمهور عربى واسرئيلى فى مكان واحد منذ الآن وإلى مدى يعلمه الله تعالى. 

لقد أدت المطاردات إلى وقوع جرحى، وإلى عنف نقلته وكالات الأنباء، وإلى حالة من الاستنفار شهدتها العاصمة الهولندية.. ودخل بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة التطرف فى تل أبيب على الخط، فاستنفر ما لديه من قوة هو الآخر، وأرسل طائرتين إلى هولندا تنقلان جرحاه ومصابيه. 

ولو أن عاقلًا إلى جواره أخلص له النصح، فسوف ينصحه بأن يوقف الحرب على غزة ولبنان، بدلًا من أن يستنفر ما عنده من قوة لإنقاذ مشجعى فريق كرة القدم.. فهذا المشهد الذى شهدته العاصمة الهولندية مرشح للوقوع فى أى عاصمة أخرى، ومرشح للتكرار فى أكثر من عاصمة، لا لشيء، إلا لأن ما ارتكبه ويرتكبه نتنياهو وحكومته فى غزة وفى لبنان فوق أى طاقة على الاحتمال، ولا يمكن أن يتابعه الشباب العربى فى أى مكان ثم يقف صامتًا إذا واتته الفرصة للتعبير عن غضبه مما أصاب الأبرياء فى أرض فلسطين وفى لبنان ولا يزال يصيبهم. 

وأكاد أقول إن هذا المشهد العنيف فى أمستردام هو مجرد بداية، وبغير أن يكون فيما أقوله دعوة للعنف. فما ارتكبته وترتكبه حكومة التطرف فى تل أبيب لا يمكن أن يمر هكذا بغير ثمن كما قد تتصور حكومة التطرف التى توصف بأنها أشد الحكومات تطرفًا فى تاريخ الدولة العبرية. 

الذين درسوا علم المنطق يذكرون أن من مبادئه العلمية الثابتة أن المقدمات تؤدى إلى نتائجها، وأن كل مقدمة مؤدية حتمًا إلى نتيجة تتبعها أو تأتى بعدها بمسافة زمنية، ولكنها لا بد أن تأتى مهما تأخرت، وليس المشهد الهولندى الذى تابعه العالم بقلق سوى نتيجة لمقدمة سبقته فى غزة مرة، وفى لبنان مرةً ثانية. 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: سليمان جودة خط أحمر العاصمة الهولندية أمستردام فريق كرة قدم

إقرأ أيضاً:

مصر خارج المشهد

في واحدة من لحظات السخرية الثقيلة في الإعلام المصري، قال الإعلامي أحمد موسى، المقرّب من السلطة: "هناك دول ستظهر، ودول ستختفي، ودول أخرى ستتفكك".. قالها مستعرضا ما بدا له كتحولات تهدد خصوم النظام المصري. لكن في الحقيقة أن الدولة التي باتت مرشحة للاختفاء الرمزي والجغرافي بفعل بيع أراضيها وأصولها، والتي تتآكل أركانها السياسية والاقتصادية والمعنوية، لم تكن إلا مصر نفسها.

هكذا تقول الإيكونوميست في عددها الصادر بتاريخ 29 أيار/ مايو 2025، في تقريرها الصادم: "الخاسرون في الشرق الأوسط الجديد". جاءت مصر، لا كدولة محورية أو مؤثرة، بل كواحدة من أبرز الخاسرين في معادلة إقليم يُعاد رسمه بألوان لا تملك القاهرة فرشاته، ولا حتى القدرة على الوقوف أمام لوحته.

مصر، التي كانت قلب العروبة النابض، بدت في تقرير المجلة كجسد أنهكه المرض، وكنظام لا يعرف سوى سبل الإنكار. تحوّلت من "أمّ الدنيا" إلى عجوز مسنّة منسيّة، تتنفس بصعوبة في ردهة التاريخ، تعاني من شيخوخة اقتصادية، وهشاشة سياسية، وعزلة استراتيجية خانقة.

التحولات واضحة لا تخطئها العين؛ تراجع في الحضور العربي والإقليمي، غياب القدرة على المبادرة أو الردع أو التأثير، اعتماد مفرط على التمويل الخارجي والقروض بدل السياسات الإنتاجية، انسداد سياسي داخلي يستنزف طاقة الدولة في قمع الداخل بدل بناء الخارج. ولعل الأخطر من ذلك كله، هو فقدان الرغبة في العودة
اختفت مصر التي كانت يوما تقود المنطقة، تصنع العواصم وتُسقط الملوك، وتتوسط في النزاعات، لتظهر اليوم مكانها عجوز تقف مترنحة، تراقب المشهد من خلف زجاجٍ معتم، تعاني من عجز متزايد عن التأثير، حتى في قضايا تعتبرها من "حقوقها التاريخية"، مثل الملف الفلسطيني، والسودان، وليبيا.

لم تعد القاهرة قادرة على الحركة، لا فعليا ولا مجازيا. الوساطة التي كانت لعبتها المفضلة فقدت بريقها، لم تعد الفصائل تنتظر كلمتها، ولا العواصم تسعى لرضاها. لقد انسحبت من المشهد، بوهن مخزٍ دون أن تعلن ذلك رسميا.

فالمشهد الإقليمي الآن يُعاد رسمه، لا بالدم وحده، بل بالتحالفات والمصالح والعقول. دول الخليج، مثل السعودية والإمارات وقطر، باتت تمارس أدوارا دبلوماسية متقدمة، مستفيدة من ثرواتها ورؤاها واستقرارها النسبي. تركيا تجاوزت لحظة الانكماش وعادت بثقة إلى الساحة، بينما إيران، رغم العقوبات والضغوط، فرضت نفسها لاعبا حاضرا في ملفات العراق وسوريا ولبنان، وحتى غزة. وفي هذا الزحام، اختفت مصر تدريجيا، لم تُطرد من المشهد، بل خرجت منه بمحض إرهاقها.

تقرير الإيكونوميست لا يكتفي بالرصد، بل يرسم دلالات عميقة لما يحدث. فالمكانة الإقليمية، كما يقول، ليست إرثا يُحتفظ به إلى الأبد، بل وظيفة سياسية تتطلب أدوات: اقتصاد قوي، سياسة خارجية مستقلة، شرعية داخلية مرنة، وقيادة واعية. ومصر اليوم لا تملك من ذلك إلا الذكريات، لم يبقَ من دورها سوى خطاب رسمي هش مكرّر فحواه "ما زلنا هنا"، بينما الأرض تتغيّر من تحت قدميه.

وكان الغياب في غزة: لحظة رمزية للانحدار، حين اندلع العدوان على غزة، بدت القاهرة غائبة بشكل فادح، الحدود المصرية مع غزة لم تكن بوابة فعل، بل جدار توتر، الوساطة لم تكن بيد مصر، بل تحرّكت الدوحة وأنقرة، وتسللت طهران بثقة إلى عمق المعادلات.

القاهرة، التي كانت تُمسك بخيوط الفصائل، أصبحت تنتظر على الهامش، تُناور في العلن، بينما يجري التفاوض الحقيقي في أماكن أخرى. لم تعد غزة بوابة نفوذ، بل مرآة تُظهر حجم التآكل، حجم الغياب، حجم الفقد.

ما تشير إليه المجلة، ضمنا وصراحة، أن مصر إن استمرت في هذا المسار، فهي مرشحة لأن تخرج من معادلات الشرق الأوسط الجديد. لن تُحذف من الخريطة، لكنها ستُختزل إلى رقم في التقارير، ودور شرفي في المؤتمرات.

فالتحولات واضحة لا تخطئها العين؛ تراجع في الحضور العربي والإقليمي، غياب القدرة على المبادرة أو الردع أو التأثير، اعتماد مفرط على التمويل الخارجي والقروض بدل السياسات الإنتاجية، انسداد سياسي داخلي يستنزف طاقة الدولة في قمع الداخل بدل بناء الخارج. ولعل الأخطر من ذلك كله، هو فقدان الرغبة في العودة..

إن استمر العناد والإنكار، فسيُكتب تاريخ الشرق الأوسط الجديد بلا فصل مصري، وسيتحوّل غياب مصر الكامل عن التاريخ الجديد إلى مجرد مسألة وقت، وستتحوّل "أم الدنيا" إلى سطرٍ باهت في ذاكرة الكبار
فالقيادة في مصر لا تشغلها مكانة مصر بقدر ما يشغلها البقاء على كرسي الحكم، مهما كانت النتائج والعواقب التي ستعانيها البلاد والعباد.

بلد لم يعُد يرى في ذاته مشروعا، بل صفقة للبيع لمن يدفع حتى يستطيع النظام أخذ قبلة للحياة، بلد لم يعد منه سوى تماثيل الماضي، أو استعراضات حاضر خادعة، عبر مشروعات خزعبلية لا طائل من ورائها، سوى زيادة الدين والانهيار الداخلي.

ولكن يأتي في النهاية سؤال: هل يمكن إنقاذ تلك العجوز وإعادتها إلى مكانها ومكانتها، خاصة بعد أن أصبح معلوما للجميع، مصريين أو عربا وعجما، من الذي قزّم مصر لهذا الحجم وأسقطها في هذا المستنقع؟

نعم الفرصة لا تزال ممكنة، لكنها تُصبح أقل يوما بعد يوم، الطريق بالتأكيد لن يكون عبر بيعها تحت مسمى "الاستثمارات"، ولا عبر الحملات الإعلامية التي يطلقها النظام، ولا عبر القبضة الأمنية التي تلوي عنق الشعب وتزهق روحه نفسا نفسا، بل عبر تغيير جذري شامل وإصلاح داخلي حقيقي وشجاع: اقتصاد ينبض، وسياسة تنفتح، وإعلام يعكس الواقع بدل أن يزوّره، وشعب يُمنح حقه في أن يحلم ويشارك.

أما إن استمر العناد والإنكار، فسيُكتب تاريخ الشرق الأوسط الجديد بلا فصل مصري، وسيتحوّل غياب مصر الكامل عن التاريخ الجديد إلى مجرد مسألة وقت، وستتحوّل "أم الدنيا" إلى سطرٍ باهت في ذاكرة الكبار، يتذكرونه من كتاب تاريخٍ طواه الزمن، بينما يمضي الشرق الأوسط بشكله الجديد دون أن يعرف أن تلك العجوز كانت يوما تصنع التاريخ.

مقالات مشابهة

  • خست جامد .. هنا شيحة تخطف الأنظار في هولندا
  • مصر خارج المشهد
  • الجوية الجزائرية: اضطرابات في الرحلات من وإلى فرنسا
  • رئيس الجمهورية يستقبل نظيره اللبناني في قصر بغداد
  • وزير الخارجية السوري يستقبل نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان في مطار دمشق الدولي بعد تغيّر المشهد السياسي في سوريا
  • صور| 200 رحلة ترددية يوميًا لضيوف خادم الحرمين من وإلى المسجد الحرام
  • البيوضي: آن أوان إخراج حكومة الدبيبة من المشهد دون أسف
  • وزير الخارجية والهجرة يتلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير خارجية هولندا
  • ارتفاع أسعار رحلات الصيف من وإلى مطار “بن غوريون” الإسرائيلي بفعل الضربات اليمنية
  • هولندا ترصد أثارا لمخدر القنب في هذا النوع من الحلوى