فلسطين مجرد البداية، المخطط الحقيقي يسعى خلف مكة المكرمة والمدينة المنورة.
قد يطول شرح هذا الأمر، لذا أتمنى أن تصبروا عليّ في هذه الرحلة وألا تغادروا في منتصف الطريق .
احزموا امتعتكم .. اربطوا احزمتكم ..
اقرأوا دعاء السفر .. توكلوا على الله ولا تنسوا البسملة !
بسم الله الرحمن الرحيم .. فلنبدأ ..
حسناً .. لفهم هذه المسألة علينا معرفة الحقيقة المجردة لهذا الصراع .
ولمعرفة ذلك يتوجب علينا العودة إلى أولى صفحات التاريخ، إلى تلك اللحظة بالتحديد!
لحظة إعلان العداء المطلق من قبل إبليس وقوله تعالى موضحاً ما جاء على لسان الرجيم :
{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}
ثم قوله تعالى مخاطباً أبانا آدم وإبليس:
{قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}
هنا بدأ كل شيء .. دُشّن الصراع .. أقيمت ركائزه
ارتسمت ملامحه .. حُددت أطرافه .. أُعلنت أهدافه .
هذه حرب أعلنها إبليس على الآدمية بُغية إغوائهم .. نقطة على السطر!
ما يعني أن حقيقة وأصل وعمق الصراع الدائر
على هذه الأرض «ديني – عقائدي»، ديني عقائدي …
لا «ديانات ومعتقدات» عليكم التفريق بين ذلك وتلك!
يسعى إبليس لتحريف وتهجين الفكر والعقيدة التي جبلنا الله عليها ومحو كل
(( أثر وسبيل ومعلم مادي يقودنا إليها ))
«ما بين القوسين ركيزة موضوعنا، احفظوه جيدًاً»
واستبدالها بواحدة من صنيعته، وتحقيق غايته .
هذا ما عنيته بالصراع «الديني العقائدي» بالطبع نتج عنه تفرعات عديدة «اقتصادية – شخصية – توسعية – طموحات – سلطة – ثروات – مصالح وما شابه» لكنها كلها امتدادات لأصل عتيق وغطاءات لهدف وحيد ووسائل عدة بررتها غاية واحدة، تم توضيحها أعلاه .
الآن بعد معرفتنا بأن حقيقة الصراع «ديني – عقائدي»
لنأخذ جولة سريعة في المكان!!
لنذهب إلى بيت المقدس تحديداً !
«القدس – أورشليم – أرض الميعاد – سموها ما شئتم»
لنلقِ نظرة على تاريخها الحافل!!
قد يفاجئكم هذا الأمر .. أو ربما لن يفعل!
لقد تعرضت هذه المدينة للاحتلال 44 مرة!!
هوجمت 52 مرة ودُمرت مرتين!!
هذا ما حملته كتب التاريخ ناهيكم عما سقط عنها!!
نحن أمام رقم قياسي لن تحطمه أية مدينة أخرى!
السؤال هنا .. ما المميز في القدس ؟!
لِمَ يسعى الجميع للاستحواذ عليها ؟!
لِمَ لم تمر إمبراطورية من كتب التاريخ والجغرافيا إلا واحتلت القدس، بدءاً ببابل وانتهاءً بالتاج البريطاني والولايات المتحدة الأمريكية!!
ما السبب ؟!
سيقول البعض بسبب موقعها الجغرافي ..
خط التجارة .. الأهمية الاستراتيجية!!
ترهات .. ولو حملت بعض الصحة إلا أنها لا تتعدى حقيقة كونها مجرد ترهات!
السبب الحقيقي وراء ذلك أنها لطالما شكلت عاصمة العقيدة وقبلة الدين وموطن الأنبياء ومستقر آثارهم وبقية ميراثهم وكثير مما تركوه وخلفوه!
ولأن الصراع «ديني – عقائدي»
فعلى المستوى التاريخي :
يجب عليك احتلالها .. تدميرها .. طمس معالمها ..
محو كل دليل يثبت بأن دين الله ليس بخرافة!
أما على المستوى الجغرافي :
إذا أردت هزيمة عدوك فعليك أخذ عاصمته!
إذاً ما الذي تغير اليوم ولمِ هي مجرد «بداية»،
ثم ما علاقة كل هذا بمكة والمدينة ؟!
ألم يخبروكم أن كل ما كان في القدس قد انتقل إليهما !
أثناء البعثة المحمدية أصبحت مكة المكرمة عاصمة العقيدة وقبلة الدين!
أما المدينة فكانت مستقر الأثر وبقية الميراث وكثير مما ترك وخلف!
لذا باتتا هما الهدف القادم!
وبالطبع إبليس ليس أحمق ليدفع أحداً للقيام باحتلالهما بشكل مباشر!
لذا سيأخذ فلسطين أولاً بذريعة إرث اليهود التاريخي!
ومنها سيشق طريقه إليهما!
بعد تدجين مجتمعاتها وغزوهم فكرياً وثقافياً وسياسياً معتمداً على كيانه الذي بات أمراً واقعاً لايمكن تجاهله!
الأن … ألا تجدون هذا مثيراً للريبة ؟!
إن كلاً من الفكر الصهيوني والوهابي قد نشآ في القرن السابع عشر !!
كذلك هو حال الانتداب البريطاني لفلسطين وتأسيس النظام السعودي في شبه الجزيرة .. حدث ذلك في العقد نفسه!
محاولات هدم مرقد النبي .. هدم منازله .. فتاوى هدم الكعبة باعتبارها صنماً .. محاولات محو كل أثر مادي .. زرع العداوة بين المسلمين .. حالة الانفلات والانحلال التي يعيشها المجتمع السعودي اليوم!
ألا ترون أوجه التشابه وما الذي يجري التحضير له ؟!
سيقومون بتهويد مقدساتنا في مكة والمدينة كما قاموا بتهويدها في بيت المقدس!
لا أستبعد أنهم باتوا يملكون أراضي واسعة تحيط بمقدساتنا في المدينتين!
لذا نعم .. فلسطين مجرد البداية، والعين على المكرمة والمنورة .. وسيفعلونها، لا اعني باستخدام عملائهم!
بل بأنفسهم وبشكل مباشر، وما سياسات المملكة الرعناء التي تسببت بنبذها من قبل محيطها العربي والإسلامي إلا لضمان تركها وحيدة عند وقوع الكارثة!
هذه حرب على دين الله ومقدساته، وآيات الله بالقتال والدفاع عن دينه لم تأتِ من عبث!
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
نصر بعد إبادة
راشد بن حميد الراشدي
الحمد لله حمد الحامدين الشاكرين الذاكرين لله في السراء والضراء فمع إعلان النصر ووقف الحرب بعد شلالات الدماء التي أزهقت في حرب صهيونية قذرة غير متكافئة أبادت وأفنت أممًا مجاهدة في سبيل الله وفي سبيل عزة وكرامة وطنها وأمتها حيث جاهدت حتى الشهادة أو النصر والفوز بالمجد.
صُراخات بني صهيون اليوم جاءت تتوسل وقف الحرب والخروج بماء الوجه الملطخ بدماء شعب أعزل ووجوه كُتب لها الخزي والعار ما تعاقب ليلٌ أو نهار تلاحقهم لعنة الله إلى يوم الدين.
تحقق النصر بيد الشرفاء والمقاومين الشجعان المرابطين في غزة وعموم فلسطين ورغم الألم والشهداء والتضحيات أشرق اليوم وجه الحق وخسر وخسيء وزهُق صوت الباطل وأعماله النتنة المارقة فما سطره أبطال غزة من ملاحم سيكون منهاج حياة الأمم اللاحقة التي تبحث عن عزتها والتحرر من جبروت الطغاة وأفعالهم الشنيعة.
إن العالم الذي تابع أكبر إبادة بشرية وظلم وطغيان في العالم خلال الألفية الجديدة ليدرك اليوم جرمه في التواطؤ مع شياطين الأرض في جبروتهم الذي مارسوه لمدة عامين كاملين على أرض غزة، معتقدين أن الحرب ستكون للصهاينة منتهاها ونصرها. لكن هيهات هيهات فمن عند الله باق وسيدق رقاب العدا واحدًا تلو الآخر، في ملحمة الإباء التي سطَّر أبناء فلسطين فصولها الأبدية في استرداد القدس ووطنهم المحتل، ولن تبقى لليهود قيد أنملة في فلسطين العزة- بإذن الله- فقد استعرت الحرب وحمي وطيسها فلا رجعة إلّا بتحرير القدس وفلسطين بأسرها.
العدو المغتر بقوته وأذياله من الذين شايعوه وأعانوه على الظلم، مارس أبشع وأقذر حرب عرفها التاريخ بين بني البشر، متناسين قدرة الله وقوته ورحمته التي وسعت كل شيء؛ ليحتفل العالم الحر اليوم بوقف الحرب وغدًا بإذن الله بدحر الاحتلال وعودة الأوطان إلى أصحابها.
نصر بعد إبادة ومعارك حامية الوطيس كان فيها أسود غزة يصولون ويجولون طوال سنتين في ميادين الكرامة والعزة؛ ليفتخر كل مؤمن بما تحقق من نصر مبين. وستظل غزة وفلسطين موطناً للشرفاء، فلا عهد إلّا باسترداد القدس الشريف وكامل أرض فلسطين المجيدة.
لقد رأينا خذلان الأخ والصديق والحبيب لغزة الجوعى الثكلى المجروحة بجراح السنين، واليوم نرى بوارق الأمل والنصر والفوز في وجوه كل من تشبث بالأرض والوطن، ولم يرض إلّا بطرد المحتل الغاشم من بيته ووطنه فنكصوا على أعقابهم نادمين لعنة الله عليهم.
اتفاقيات ووقف حروب ومعاهدات ومشاورات لحقن الدماء تُعلن، ولكن الحقيقة أن صناعها رجال غزة حين أذلوا المعتدي فأنقلب صاغرًا ذليلًا لإرادة أولئك الرجال.
غفر الله لشهداء غزة وفلسطين الأحرار الذين آمنوا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن الجهاد حق؛ فإمَّا شهادة أو فوز ونصر على عدو الله ورسوله والمؤمنين، فقد تحقق النصر بعد الإبادة والدمار.. فالله أكبر ولله الحمد.
رابط مختصر