الثورة /وكالات

 

تروي المقادمة في شهادتها للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ما حدث حينها: “سمعنا صوت إطلاق نار، كنا خائفين من مشاهدة ما يحدث وبقينا متجمعين في الطابق العلوي، في غرفة واحدة، ما هي إلا دقائق حتى دخل الجيش وأمرنا بالخروج مسرعين نحو المنطقة الشرقية في محيط ملعب بيت لاهيا ومدرسة أبو تمام”.

وحينما نزلت المقادمة وعائلتها إلى الطابق الأرضي وجدت زوج أختها خالد شهيداً بطلقين ناريين في بطنه والدماء تنزف منه، وابنه البكر إبراهيم (21 عاما) بطلق ناري بالرأس، “وقفت مصدومة للحظات ليهددني الجندي بالتحرك أو إطلاق النار، كان عددنا قرابة 26 شخصًا، وجدت شقيقتي هيفاء منهارة على زوجها وابنها، حاولنا إخراجها وهي تقول أريد توديعهما والجنود بعدد 12 كانوا يرفضون ذلك”.

وتضيف المقادمة: “خرجنا مسرعين من المنزل وطائرة كوادكابتر تحلق فوق رؤوسنا، وقرابة 15 جنديًا موزعين من حولنا خارج المنزل، وشقيقتي تردد وتقول: أعدموهم قدامي (أمامي)، وفي طريق خروجنا، قالت شقيقتي إنه بمجرد تفجير البوابة ودخول جنود الاحتلال إلى المنزل، أطلقوا النار مباشرة على زوجها وابنها حينما كانوا واقفين في جانب الغرفة، قتلوهما دون أن يحرك أحدهما ساكنًا”.

وفي شهادتها للمرصد تقول هيفاء، زوجة الشافعي: “أمرونا بالخروج بسرعة، حاولت سحب زوجي وابني، رفضوا اقتراب أي أحد منهما، وهدودنا بالخروج تحت تهديد السلاح. حدث ذلك أمام الأطفال الصغار الذين أعدم والدهم وشقيقهم أمامهم وعددهم 4 أولاد و4 بنات”.

ولا تزال هيفاء وأطفالها يعانون من صدمة عصبية شديدة، وترفض التحدث مع أي شخص. وحتى توثيق المرصد لشهادتها، ما تزال جثة الشهيد خالد ونجله في مكان إعدامهما، حيث لم تتمكن العائلة أو طواقم الإنقاذ من الوصول لهما.

ويؤكد الأورومتوسطي توثيق عشرات جرائم القتل العمد والإعدامات الميدانية الجديدة التي نفذتها قوات جيش الاحتلال ضد عدد كبير من المدنيين شمال قطاع غزة ضمن عدوانها المتصاعد، في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها ضد الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر 2023.

ويرزح شمال قطاع غزة منذ 43 يوماً تحت حصار ناري إسرائيلي عبر قصف الجوي والمدفعي، يترافق مع عملية تجويع وقتل ممنهج بمنع للمعونات الإنسانية الغذائية، والصحية للمستشفيات، وتهجير قسري للأهالي من منازلهم بالقوة، وعزل كامل للمحافظة الشمالية عن غزة، في واحدة من أكبر عمليات التطهير العرقي في العصر الحديث.

ويشدد المرصد الحقوقي على أن آلاف الفلسطينيين المحاصرين في شمال قطاع غزة يعانون من الجوع والخوف، مبينا أن من يصاب منهم يتعذر غالبًا نقله للعلاج أو حتى علاجه ميدانيًّا، ليتوفى عدد كبير منهم ببطء بسبب عدم توفر الرعاية الطبية المنقذة للحياة.

ويشير الأورومتوسطي إلى توثيقه وجود عشرات الضحايا ممن استشهدوا تحت الأنقاض بعد قصف منازلهم دون توفر طواقم طبية أو دفاع مدني لإنقاذهم، حيث تواصل قوات الاحتلال لليوم الـ 25 تعطيل عمل الدفاع المدني وطواقم الإسعاف قسرا في مناطق شمال قطاع غزة.

تجويع وتهجير بالقوة

وفي شهادته عن الأهوال التي يعيشها سكان شمال قطاع غزة، تحدث (ع.ج) بإسهاب عن حالة الحصار وسياسة التجويع والإعدامات الميدانية التي ينفذها جيش الاحتلال في بلدة بيت لاهيا.

ويقول الرجل الخمسيني في شهادته للمرصد الحقوقي – الذي يحتفظ باسمه حفاظًا على حياته كونه ما يزال متواجدًا في منطقة خطرة – “منذ 10 أيام، تعاني بلدة بيت لاهيا من حملة إسرائيلية واسعة حيث يدفع جيش الاحتلال الناس من مناطق سكناهم نحو تجمعات معيّنة يحددها مع إخراج المواطنين من مناطق سكناهم”، مشيراً إلى أن جيش الاحتلال يدخل على المواطنين الذين ما يزالون في منازلهم ويعتقل عددًا منهم ويأمر الآخرين بالتحرك نحو المنطقة الشرقية للبلدة.

ويتركز سكان بلدة بيت لاهيا حالياً، وفقاً لشهادة (ع. ج) في 3 مآو مجاورة لبعضها وقريبة من ملعب بيت لاهيا البلدي، وهي مدرسة أبو تمام، ومدرسة بيت لاهيا الإعدادية، ومدرسة بيت لاهيا الثانوية، مبيناً أنه ينام في مدخل مبنى مدرسة أبو تمام بسبب تكدّس النازحين داخل المأوى.

ويضيف أن زوجته تعرضت لإصابة خطيرة في وقت سابق وتعاني من تدهور كبير في وضعها الصحي، وتضطر للنوم على الأرض رغم حاجتها الملحة لسرير بسبب إصابتها، “فهي مقعدة. وأي مواطن يحاول الذهاب للبقاء والنوم في منزله يتم قصف المنزل عليه وإطلاق قذائف مدفعية لإجباره للخروج من منزله”.

وبشأن حالة الجوع التي يعانيها السكان في بلدة بيت لاهيا، يقول (ع.ج): “حاليًّا، لا يوجد أي نوع طعام للمواطنين المتواجدين في المآوي الثلاثة والذين يقدّر عددهم بنحو 5 آلاف شخص. لتأمين الطعام، يعمل المواطنون على الخروج إلى المنازل وجلب ما تبقى من طعام هناك، وهناك العشرات الذين خرجوا لجلب الطعام ولم يعودوا بسبب إعدامهم في الشوارع”.

الكلاب تنهش جثث الضحايا

وأبرز المرصد الأورومتوسطي شهادة فلسطيني من عائلة حمودة، تمكّن من الوصول لمنزله قرب الدوار الغربي وجلب كيس طحين، قال فيها: “ونحن في طريق العودة شاهدت الكلاب تنهش في جثث ملقاة على جوانب الطريق لخمسة شبان أعرفهم من عائلتي زايد ورجب”.

وتابع: ”كان هناك كيس طحين ملقى بجانب أحد الضحايا، يبدو أنه كان قد نجح في الخروج بالكيس من منزله ولكن أطلق جيش الاحتلال النار عليه أثناء عودته لمأوى النزوح”.

ومضى بالقول: “وضع الطعام صعب جدًا في المآوي الثلاثة، وأي طعام نعمل على تأمينه من المنازل المجاورة نوزّعه على الأطفال أولًا وبكمية أقل على المسنين، في حين الشباب يأكلون رغيف خبز واحد يوميًّا في أحسن الأحوال”.

فشل المنظومة الدولية

وفي هذا الإطار، جدد الأورومتوسطي تأكيده أن “تلكؤ المنظومة الدولية” عن اتخاذ قرارات حاسمة تجاه مجازر الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وخاصة في شماله، “يجعلها شريكة في تلك الجرائم ويمثل ضوءًا أخضر لإسرائيل للمضي قدمًا في تصعيد جريمة الإبادة الجماعية، كما يعكس تجاهلًا صادمًا لحياة الفلسطينيين وكرامتهم”.

ويشير إلى أن المنظومة الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية والاتحاد الأوروبي ومنظمات الأمم المتحدة المختلفة، جميعها “تعاجزت عن تحقيق الأهداف والمبادئ الأساسية التي قامت عليها، وأظهرت فشلًا مشينًا على مدار 13 شهرًا في الالتزام بحماية المدنيين ووقف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة، وهو ما يفترض أن يكون في صميم عملها وسبب وجودها”.

وطالب الأورومتوسطي، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإنقاذ مئات الآلاف من سكان شمالي غزة، ووقف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل للعام الثاني على التوالي، وفرض حظر أسلحة شامل عليها، ومساءلتها ومعاقبتها على جرائمها كافة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

رئيس المرصد الأورومتوسطي: فيديو إسرائيل بشأن “مجزرة ويتكوف” كشف جريمة جديدة

غزة – صرح رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، إن الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي لنفي مسؤولية إسرائيل عن مجزرة المدنيين في رفح، ارتد عليه وتحول إلى فضيحة.

وأوضح عبده أن “الفيديو الذي عرضه الجيش الإسرائيلي لا علاقة له بموقع المجزرة في رفح، بل يظهر عملية نهب لسبع شاحنات محملة بأكياس الدقيق، نفذتها عصابة مدعومة من إسرائيل في مدينة خان يونس”.

وأشار إلى أن “مجموعة من المدنيين حاولوا استعادة بعض المساعدات التي تمت سرقتها، إلا أن أفراد العصابة أطلقوا النار عليهم، في مشهد جرى تحت مراقبة طائرة مسيرة إسرائيلية كانت تحلق في المكان دون أن تتدخل”.

وأضاف عبده أن “كل شخص حاول الحصول على كيس دقيق دون دفع 100 شيقل، أي ما يعادل نحو 30 دولارا أمريكيا، تعرض لإطلاق نار مباشر أو تعرض للضرب على يد أفراد العصابة ذاتها، والتي تحظى بحماية مباشرة من قوات الاحتلال”.

وأكد أن “الطائرات المسيرة الإسرائيلية كانت ترصد المشهد بكامله، دون أن تتخذ أي إجراء لمنع الجريمة، ما يعزز مسؤولية الاحتلال عن حماية عصابات النهب التي تفرض الإتاوات على المعونات الإنسانية”.

وأوضح رئيس المرصد أن “اللقطات الجوية التي بثها جيش الاحتلال بهدف التنصل من مسؤوليته عن “مجزرة ويتكوف”، كشفت في نهاية المطاف عن جريمة جديدة، تمثلت في حماية عصابات النهب ورعايتها، بدلا من تقديم صورة تبرئ إسرائيل من المجزرة”.

وأعلن الدفاع المدني في قطاع غزة أمس الأحد، مقتل 31 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 176 شخصا بنيران إسرائيلية قرب مركز أمريكي لتوزيع المساعدات الغذائية احتشد في محيطه العشرات وسط أزمة جوع كارثية  في القطاع المحاصر.

ووصف الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل إطلاق النار في رفح في جنوب القطاع، بـ”المجزرة”، وذكر أن “آليات إسرائيلية أطلقت النار في اتجاه آلاف المواطنين الذين توجهوا فجر الأحد إلى موقع المساعدات الأمريكية غرب رفح”.

فيما تضمن بيان مقتضب للجيش الإسرائيلي أنه “حتى هذه الساعة، لا توجد معلومات عن وقوع إصابات بسبب إطلاق نار من جيش الدفاع في موقع توزيع المساعدات”، مشيرا إلى أن “الموضوع لا يزال قيد الفحص”.

من جهته، اعتبر الإعلام الحكومي في غزة التابع لحماس في بيان ما حدث “جريمة متكررة تثبت زيف الادعاءات الإنسانية، ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الجوعى الذين احتشدوا في مواقع توزيع ما يُسمى المساعدات الإنسانية”.

وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 مايو تنفيذ خطة توزيع مساعدات إنسانية عبر ما تُعرف بمؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية، وهي جهة مدعومة إسرائيليا وأمريكيا، لكنها مرفوضة من قبل الأمم المتحدة.

وأطلق على الحادث تسمية “مجزرة ويتكوف” حيث يرتبط اسم “ويتكوف” بالمبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي قدم مقترحا لوقف إطلاق النار في غزة، عرف بـ”مقترح ويتكوف”. وقد وافقت إسرائيل على هذا المقترح، بينما أعلنت حركة حماس دراسته دون إعلان موقف نهائي منه.

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يقتحم المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة
  • الاحتلال الإسرائيلي يقتحم المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا
  • رئيس المرصد الأورومتوسطي: فيديو إسرائيل بشأن “مجزرة ويتكوف” كشف جريمة جديدة
  • الأورومتوسطي: فيديو الاحتلال عن مجزرة رفح يُدينه / شاهد
  • الأورومتوسطي: فيديو الاحتلال عن مجزرة رفح يُدينه
  • “الأورومتوسطي”: الفيديو الذي نشرته “اسرائيل” لتبرير مذبحة رفح صورته في خان يونس
  • الأورومتوسطي .. إسرائيل تنفذ المجزرة الأكبر بحق المُجوَّعين
  • المقاومة تجهز على قوة صهيونية في بيت لاهيا وشرق غزة
  • مسابقة التصوير العالمية للطعام.. تعرف على الصور التي حازت على المراكز الأولى
  • جرائم الاحتلال متواصلة.. ارتفاع عدد شهداء قطاع غزة إلى 54,381