معارض إيراني ينتحر بعد رفض مطلبه بالإفراج عن معتقلين سياسيين
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
طهران- "حياتي بعد هذه التغريدة ستنتهي"، بعيد نشره هذه التدوينة، أقدم الناشط والصحفي الإيراني المعارض "كيانوش سنجري" (42 عاما)، على الانتحار، مساء الأربعاء الماضي، احتجاجا على رفض السلطات الإيرانية مطالبه بالإفراج عن سجناء سياسيين، في حين تتحدث مصادر إيرانية عن معاناته من اضطرابات نفسية.
وفي تفاصيل الحادث، نقلت صحيفة "سياست روز" الناطقة بالفارسية عن الطبيبة النفسية للناشط سنجري قولها، إن الضحية سبق أن نشر يوم الثلاثاء الماضي تغريدة على منصة إكس وطالب السلطات الإيرانية بإطلاق سراح كل من المعتقلتين السياسيتين فاطمة سبهري ونسرين شاكرمي، وكذلك السجينان، مغني الراب توماج صالحي، وأرشام رضائي.
وحذر الناشط سنجري في تغريدته، من أنه سينهي حياته احتجاجا على "الديكتاتورية" في بلاده إذا لم يتم إطلاق سراح السجناء الأربعة بحلول السابعة مساء الأربعاء (الماضي)، وينشر الخبر على وكالة أنباء السلطة القضائية.
وأوضحت الطبيبة النفسية، أن كيانوش كان قد اتخذ قرارا بالانتحار منذ أيام، وأنها رافقته خلال السويعات القليلة التي سبقت انتحاره، واجتمعت به في مجمع "جهارسو" التجاري الذي رمى بنفسه من طبقاته العليا، مضيفة أنه قَبِل العدول عن قرار الانتحار خلال اجتماعها به في المجمع التجاري، وأنه وافق على مواصلة جلسات العلاج النفسي معها، لكنه نفذ تهديده بعد دقائق من توديعها ففارق الحياة على الفور.
وفيما اعتبرت الصحيفة وضع الناشط سنجري شرطا للعدول عن الانتحار بأنه "مطلب غير معقول وغير منطقي" ولا يمكن لأي نظام سياسي أن يقبل به، نقلت في تقرير آخر عن فتاة مقربة من أسرة سنجري قولها إنه كان يرقد في أحد المستشفيات للعلاج النفسي جنوبي طهران وأنه رفض تناول الأدوية منذ فترة.
وبالعودة إلى حساب الناشط كيانوش سنجري على منصة إكس، يظهر أنه كان قد نشر تغريدة قبل يوم من الكشف عن عزمه الانتحار، كتب فيها أنه "من المقرر أن أتخذ قرارا صعبا بين الموت والحياة".
وبعد مضي نحو 20 دقيقة من نشره صورة عالية الجودة التقطت من الطبقات العلوية في مجمع جهار سو التجاري بشارع حافظ وسط العاصمة طهران، نشر سنجري تغريدة أخرى كتب فيها أنه "لا ينبغي سجن أي شخص بسبب التعبير عن آرائه. الاحتجاج حق لكل مواطن إيراني".
وتابع في تغريدته أن "حياتي ستنتهي بعد هذه التغريدة، لكن علينا أن لا ننسى أننا نختار الموت من أجل حب الحياة وليس الموت. نأمل أن يستيقظ الإيرانيون يوما وأن يتغلبوا على العبودية".
نشاط سياسيوبدأ الناشط كيانوش سنجري نشاطه السياسي خلال أيام الدراسة في الجامعة عام 1999 ما أدى إلى اعتقاله إثر مشاركته في احتجاجات طلابية غادر إثرها بلاده إلى إقليم كردستان شمالي العراق، ومن هناك هاجر إلى النرويج ثم إلى الولايات المتحدة، وعمل صحفيا في وسائل الإعلام المعارضة الناطقة بالفارسية.
وكشف المعتقل السياسي السابق عبد الرضا دلاوري -الذي كان قد رافق سنجري في سجن إيفين شمالي العاصمة طهران- أن الراحل كان قد اختلف مع المعارضة الإيرانية بالخارج مما أدى به للعودة إلى إيران رغم علمه باعتقاله فور وصوله إلى أرض الوطن.
وفي تغريدة على منصة إكس، كتب دلاوري أن سنجري كان معارضا شريفا لم ينتهك مبادئ الأخلاق بالرغم من وجود شرخ كبير في العقلية السياسية والأيديولوجيا بينهما، مضيفا أن سنجري قال له ذات ليلة إنه يفضل مواجهة "تنين الجمهورية الإسلامية" على الحياة إلى جانب المعارضة بالخارج، التي وصفها بأنها "مصاصة الدماء".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
التايمز تكشف: أطباء سوريون ساعدوا الأسد في تغييب معتقلين وقتلهم
نشرت صحيفة "التايمز" ومقرها في لندن، تقريرًا أعدته إيما يومانس قالت فيه إن الأطباء السوريين المتورطين بجرائم نظام بشار الأسد في سوريا يعملون الآن في أوروبا، وكشف التحقيق عن وجود وثائق عدة وصور تم الحصول عليها من فرع للمخابرات السورية حول العاصمة دمشق، عن الدور الذي لعبته المستشفيات العسكرية في عمليات الاعتقال الجماعي وقتل المدنيين.
Syrian doctors complicit in Assad’s torture now working in Europe https://t.co/Gev3njIyxk — The Times and The Sunday Times (@thetimes) December 4, 2025
واعتقل أكثر من 150,000 شخصا أو غيبوا في سجون الأسد خلال الحرب التي استمرت 14 عاما، وذلك حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان. وعندما انتهى عهد الإرهاب والخوف للأسد، تدافع السوريون إلى مراكز الاعتقالات بحثا عن أعزائهم ممن اختفوا، وفي الوقت الذي قام البعض بتحرير الناجين إلا أنا الآلاف لا يزالون في عداد المفقودين.
حاول النظام إخفاء جرائمه وراء نظام بيروقراطي
وتحتوي الوثائق على صور أكثر من 10,000 شخصا قتلوا في السجون وتكشف الضوء عن الطريقة التي حاول فيها النظام إخفاء جرائمه وراء نظام معقد من البيروقراطية، وقام مصورون يعملون مع الشرطة العسكرية بالتقاط صور لجثث القتلى في السجن وقد حصلت وكالة "أن دي أر" الألمانية على الصور وشاركت "التايمز" البريطانية بها.
وتكشف الصور عن التعذيب الواسع، حيث تضم الجثث التي التقطت صورها، رجالا ونساء وأطفالا، وتم التقاط صور الضحايا في سيارات السجن أو مسجاة على الأرض، حيث ظهرت عليها أثار التجويع وسوء التغذية والضرب والإهمال الطبي، وهناك صور تظهر الضحايا وهي مكدسة كالأخشاب أو مغطاة وآلاف منها مجهولة الهوية، نقلت إلى مقابر جماعية، تاركين عائلاتهم دون أي سجلات توثق كيفية أو متى قتل أحباؤهم.
ومن بين الذين التقطت صورهم، مازن الحمادة، وهو ناشط هرب إلى أوروبا واشتهر بروايته لقصة تعذيبه في أحد السجون، وعاد إلى البلاد من برلين عام 2020 بعدما هددت، على ما يبدو أجهزة المخابرات السورية عائلته، وتوفي في الاعتقال قبل بضعة أشهر من سقوط نظام الأسد.
الصور و"قانون قيصر"
وفي عام 2016 وحده، تم تصوير 3,166 ضحيةـ أي ما يصل إلى 177 في يوم واحد، وقد استمر التوثيق حتى الأيام الأخيرة للنظام، مما يكشف كيفية تعذيب المسؤولين للسجناء على نطاق واسع حتى بعد نشر صور "قيصر" عام 2015، وهو الاسم الرمزي لمنشق قام بتهريب أرشيف مماثل من سوريا، وأثارت هذه الصور احتجاجًا دوليًا ودفعت الرئيس ترامب إلى توقيع "قانون قيصر"، وهو حزمة من العقوبات على سوريا، خلال فترة ولايته الأولى.
وفي عام 2014، قال "قيصر"، الذي كشف في وقت سابق من هذا العام عن نفسه باسم فريد المذهان، رئيس قسم الأدلة الجنائية السابق في الشرطة العسكرية في دمشق، لفريق من المحققين الدوليين أن ضباط الجيش طلب منهم تصوير الجثث لإثبات تنفيذ أوامر القتل، وأضاف أن الصور استخدمت أيضا في شهادات الوفاة. وفي معظم الحالات، أدرجت هذه الوثائق الحكومية، زورا، أسباب وفاة السجناء على أنها سكتة قلبية مفاجئة.
The images coming out Sednaya Prison should haunt us for ages to come, thousands trapped beneath layers of structures, never seeing the light of day.
Detainees held without charge in solitary confinement, left to rot. This is the "Human Slaughterhouse" of Syria. pic.twitter.com/Q6ghSIxv49 — Rami Jarrah (@RamiJarrah) December 8, 2024
وقد أدار نظام الأسد أكثر من 100 مركز احتجاز في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك سجن صيدنايا سيئ السمعة، وكانت بعض المستشفيات العسكرية، مثل تشرين وحرستا قرب دمشق، تضم أجنحة أو طوابق احتجاز ينقل إليها المعتقلون ويوضعون تحت الحراسة، وهنا تم استدعاء الأطباء للمساعدة في إصدار شهادات الوفاة، بالإضافة إلى علاج السجناء.
إصابات وسوء تغذية لدى معظم المتوفين
وتشير شهادات الوفاة إلى أسباب طبيعية، لكن الأدلة من الصور والسجلات الأخرى تظهر إصابات وسوء تغذية لدى معظم المتوفين. وتكشف بعض الشهادات التي اطلعت عليها صحيفة "التايمز" أن بعض الأطباء الذين يمارسون المهنة حاليًا في أوروبا ساعدوا في إصدار شهادات الوفاة.
وتظهر إحدى الوثائق، الموقعة من طبيب ممارس في ألمانيا، وفاة ستة سجناء معا نقلوا إلى المستشفى، دون ذكر اسم أي منهم. وجاء في الوثيقة: "وصل المعتقلون إلى قسم الطوارئ في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 إثر سكتة قلبية، ولم تكلَل محاولات الإنعاش بالنجاح"، وفي العام الماضي، نشرت الأمم المتحدة تقريرًا قالت فيه إن شهادات الوفاة التي أصدرتها سلطات السجن ووزعتها على عائلات الضحايا احتوت على معلومات كاذبة، بهدف إخفاء سبب الوفاة الحقيقي.
كما وزعم بعض المعتقلين السابقين أن أطباء شاركوا في تعذيبهم، لكن لم يتم التحقق من ذلك، ولا يعرف ما إذا كان النظام قد أرغمهم على عمل ذلك. ولم تذكر "التايمز" أي اسم من الأطباء الذين وقعوا على شهادات الوفاة لأسباب قانونية.
إحراق السجناء وإجراء عمليات جراحية دون تخدير
وأصدرت محكمة ألمانية في حزيران/يونيو حكما بالسجن المؤبد ضد علاء موسى، وهو طبيب سوري، بتهم تعذيب وقتل معتقلين في مستشفى عسكري ومقر للمخابرات العسكرية. واتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية تشمل على إحراق السجناء وإجراء عمليات جراحية دون تخدير، وقال طبيب عمل في مستشفى حرستا، طلب عدم ذكر اسمه، إنه شهد تعذيبًا وسوء معاملة كبيرة. وكان الجنود الذين يدخلون العنابر يطفئون السجائر في أجساد السجناء ويسكبون مياها قذرة من المرحاض على جروحهم ويعتدون عليهم بالعنف.
وأضاف أن الشاحنات كانت تصل مرتين محملة بالجثث، حيث كانت تلقى في حديقة المستشفى، ولم يعرف ماذا فعلوا بها، وقال إنهم كانوا يرمونها "مثل رمي الرمال في موقع بناء"، وقال طبيب سابق آخر، أصبح شاهدا على قضية جنائية كبرى في ألمانيا، إن الجثث كانت تكدس في شاحنات تبريد بيضاء وتنقل إلى مقابر جماعية، وأفادت مصادر في سوريا أنه بعد عام 2015، نقل الطاقم الطبي إلى مستشفيات أخرى حتى تستخدم حرستا فقط لمعالجة جثث من ماتوا في المعتقلات.
العلاقة بين المستشفيات والجيش تشبه "إبادة جماعية طبية"
وقالت أنصار شحود، الباحثة المتخصصة في جرائم النظام السوري إن العلاقة بين المستشفيات والجيش تشبه "إبادة جماعية طبية". وقالت: "لقد استخدموا المستشفيات كسجون، وكان ذلك يستخدم بشكل منهجي، وكان عدد القتلى داخل المستشفيات أكثر من عددهم في السجون، هناك مستشفيات كانت جزءًا من عمليات القتل الجماعي في سوريا"، ومع أن البيانات الجديدة تحتوي على أسماء تشاركت فيها المنظمات التي تحقق في المفقودين إلا أن غالبية السجناء رمز إليهم بأرقام، مما يجعل من مهمة تحديد هويات المفقودين مستحيلة.
ولم يمنع هذا السوريين المتلهفين لمعرفة الحقيقة عن المحاولة، فالضابط السوري السابق، الذي شغل منصب رئيس وحدة حفظ الأدلة في الشرطة العسكرية بدمشق بين عامي 2020 و2019، هو من وفر الصور إلى مصدر، ثم إلى إذاعة "أن دي أر" الألمانية، لكشف كيفية ارتكاب النظام لجرائمه. قال الضابط السابق: "هناك أمور يجب أن يعرفها الناس" و" يجب أن تعرف العائلات مكان أبنائها وماذا حدث لهم".