تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

إيفلين السويسرية.. تركت بلدها لتحول قرية مصرية بسيطة لقطعة من الجنة

وُلدت فتاة سويسرية تحمل في قلبها عشقًا خفيًا للفن والحياة البسيطة، في عام 1939، ولم تكن تعلم أن مصيرها سيقودها إلى قرية صغيرة في قلب مصر، حيث ستحولها إلى واحدة من أبرز وجهات السياحة والفن في العالم “إيفلين بوريه”، الفنانة التي تركت وطنها سويسرا، بلد الجبال الخضراء والبحيرات الساحرة، لتصنع تاريخًا جديدًا في قرية تونس بمحافظة الفيوم.

وصلت إيفلين إلى مصر للمرة الأولى برفقة والدها القس، حيث اكتشفت جمال الحياة الريفية المصرية، وتسللت أجواء البساطة والطيبة إلى روحها. في عام 1965، بدأت رحلتها الحقيقية مع قرية تونس، عندما اصطحبها زوجها الأول، الشاعر سيد حجاب، إلى هذه القرية الصغيرة بحثًا عن الهدوء. هناك، وقعت في حب الطبيعة الخلابة، واختارت أن تبني منزلًا بسيطًا من الطين يشبه منازل أهل القرية، قررت البقاء وتعلمت العيش مثلهم، حتى إنها استخدمت “لمبة الجاز” للإضاءة، وارتدت الجلباب التقليدي.

كان عشق إيفلين للأطفال والبيئة المحيطة بها هو الدافع وراء فكرة مدرسة الفخار، وعندما شاهدت أطفال القرية يشكلون الحيوانات والزهور من الطين على ضفاف الترع، قررت توظيف مهاراتهم وتحويلها إلى فن حقيقي، واستعانت بالمعماري عمر الفاروق لدراسة جودة الطمي، وبنت مدرسة لتعليم صناعة الفخار، ولم تكن هذه المدرسة مجرد مركز فني، بل كانت مشروعًا اجتماعيًا ساهم في تحويل حياة أهل القرية.

بفضل جهود إيفلين، أصبحت قرية تونس مركزًا عالميًا لصناعة الفخار، نظمت أول مهرجان دولي للخزف عام 2011، مما جذب الأنظار إلى القرية، ولم تتوقف عند ذلك، بل دعمت سكان القرية في تأسيس ورشهم الخاصة، وأتاحت لهم فرصة عرض منتجاتهم في معارض دولية، وأعمالهم أصبحت مطلوبة في دول مثل فرنسا وسويسرا والإمارات، ما ساعد في تحسين الظروف الاقتصادية لسكان القرية.

رغم أنها لم تكن مصرية الأصل، كانت إيفلين مصرية القلب، ودعمت أهل القرية ليس فقط بالفن، بل أيضًا بتحسين البنية التحتية، حيث ساهمت جهودها في إدخال الكهرباء والمياه إلى القرية، فتح أهل القرية منازلهم لها، ولقبوها بـ"أم أنجلو"، نسبة إلى ابنها الذي يدير الآن مدرسة الفخار، عاشت إيفلين في مصر 56 عامًا، وكانت تعتبر نفسها “مصرية أكثر من المصريين”، وحلمت بالحصول على الجنسية المصرية، لكنها لم تتمكن من تحقيق ذلك قبل وفاتها في يونيو 2021، وتركت وصية بسيطة “أن تدفن في قرية تونس”، المكان الذي أحبته وأحبها سكانه.

رحلت إيفلين، لكن إرثها الفني والإنساني لا يزال حيًا، وتحولت قرية تونس إلى نموذج فريد يجمع بين البساطة والابتكار، بين الفن والحياة، رحيلها كان وداعًا مؤثرًا لامرأة تركت وطنها الأول لتخلق وطنًا جديدًا في مصر، وتثبت أن الحب والإبداع قادران على تغيير العالم.

IMG_2488 IMG_2482 IMG_2481 IMG_2484 IMG_2485 IMG_2486

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: سويسرا قصة ملهمة قصة نجاح أهل القریة قریة تونس

إقرأ أيضاً:

حسين فخري باشا.. القائد الذي دمج التعليم والبنية تحتية بروح مصرية

حسين فخري باشا شخصية لا يمكن تجاهلها عند الحديث عن تاريخ مصر الحديث، فهو مثال حي على الإنسان المصري الذي جمع بين العلم، الخبرة، والوطنية الحقيقية. 

ولد في القاهرة عام 1843 في عائلة شركسية مرموقة، والده الفريق جعفر صادق باشا كان حكمدار السودان، ما منح حسين منذ صغره فرصة التعلم في بيئة تتسم بالمسؤولية والانضباط. 

منذ أيامه الأولى، كانت حياة حسين فخري باشا شهادة على الطموح والالتزام، إذ بدأ مسيرته الإدارية كمساعد للمحافظة عام 1863، قبل أن ينتقل إلى نظارة الخارجية، ثم ترسل إليه الحكومة المصرية لتأدية مهمة في باريس، حيث درس العلوم القانونية وعاد إلى مصر عام 1874 محملا بالعلم والخبرة، مستعدا لخدمة وطنه في عهد الخديوي إسماعيل.

لم يكن حسين فخري باشا مجرد سياسي عادي، بل كان عقلا منظما وفكرا مصلحيا، فقد شغل مناصب عدة، من ناظر للحقانية إلى وزير للمعارف والأشغال العمومية، وصولا إلى رئاسة مجلس الوزراء لفترة قصيرة، لكنه رغم قصر مدتها، ترك بصمة قوية في المشهد السياسي. 

في وزارة رياض باشا الأولى عام 1879، ترأس لجنة لوضع قوانين جديدة للحقانية وفق المعايير الأوروبية، محاولة منه لتحديث النظام القضائي وتنظيم المحاكم الأهلية والشرعية، رغم أن الثورة العرابية أوقفت هذا المشروع لفترة. 

ولم يكتف بذلك، فقد استمر في مسيرته الإدارية والسياسية، مطورا البنية القانونية لمصر، وأثبت في كل موقف قوته الفكرية وقدرته على الدفاع عن مصالح وطنه ضد الضغوط الخارجية، كما حدث عندما صدم المشروع البريطاني لإصلاح القضاء المعروف بمشروع سكوت.

إنجازات حسين فخري باشا في وزارة المعارف والأشغال العمومية كانت حجر الزاوية لتطوير مصر في شتى المجالات، فهو أول من أدخل تعليم الدين والسلوك في المدارس الابتدائية عام 1897، واهتم بالكتاتيب الأهلية وعمل على تشجيع تعليم البنات، مما يعكس رؤيته المستقبلية لمجتمع واع ومثقف. 

كما أصر على بناء مدارس قوية ومؤسسات تعليمية متينة، أنشأ قسما للمعلمات، وأولى اهتماما خاصا بتعليم المعلمين الأوليين، كل هذا ليضمن للأجيال القادمة تعليما متينا يواكب العصر. 

وفي جانب الأشغال العمومية، كان له دور بارز في مشاريع الري والبنية التحتية، من بناء القناطر والسدود، إلى التخزين السنوي للنيل وضبط مياهه، ما ساهم في تطوير الزراعة وتحسين حياة المصريين في الوجه القبلي، وأدخل مصر عصر التخطيط الحضري الحديث.

حياة حسين فخري باشا لم تكن مجرد منصب وسلطة، بل كانت رسالة وطنية صادقة، فقد جمع بين العلم والخبرة والإدارة، وكان مثالا للمسؤولية والأمانة الوطنية، يظهر حب مصر في كل قراراته وأفعاله. 

ليس أدل على ذلك من اهتمامه بالحفاظ على التراث المصري والانخراط في الجمعيات العلمية والجغرافية ولجنة العاديات، ليترك إرثا حضاريا للمستقبل. 

كذلك حياته العائلية تربط بين السياسة والدبلوماسية، إذ كان والد محمود فخري باشا، سفير مصر في فرنسا، وزوج الأميرة فوقية كريمة الملك فؤاد، ما يعكس أيضا ارتباط عائلته بخدمة الوطن على أعلى المستويات.

حين نتأمل مسيرة حسين فخري باشا، ندرك أن مصر لم تبنى بالصدفة، بل بجهود رجال مثل هذا الرجل الذي جمع بين الوطنية، الكفاءة، والرؤية البعيدة. 

إنه نموذج للقيادي الذي يضع مصلحة بلده قبل كل اعتبار، الذي يفكر في أجيال المستقبل، ويترك بصمته في كل جانب من جوانب الحياة العامة. 

حسين فخري باشا ليس مجرد اسم في كتب التاريخ، بل هو مثال حي على روح مصر الحقيقية، على قدرة المصريين على مواجهة التحديات والعمل بجد وإخلاص لبناء وطن قوي ومزدهر، وهو درس لكل من يسعى لفهم معنى الوطنية الحقيقية وحب مصر العميق.

مقالات مشابهة

  • تعرف على شرح حديث "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"
  • حسنة ملقاة على الطريق تدخلك الجنة.. لا تستهين بها أو تضيعها
  • صوت من الجنة .. دولة التلاوة تحتفي بالشيخ محمود علي البنا
  • احذر 3 أفعال تعرض صاحبها للهلاك.. أخرجت آدم من الجنة ولعنت إبليس
  • أمين شُعبة المُصدِّرين: شراكة مصرية هولندية جديدة في التصنيع الزراعي
  • دعاء للميت يوم الجمعة .. ردد أفضل 310 أدعية تنير القبر وتجعله من رياض الجنة
  • إبراهيم عيسى: الدين عند الله هو الإسلام.. ودخول الجنة أمر إلهي
  • حسين فخري باشا.. القائد الذي دمج التعليم والبنية تحتية بروح مصرية
  • شعبة المُصدِّرين: شراكة «مصرية - هولندية» جديدة في التصنيع الزراعي
  • شتاء غزة لم يعد كما كان.. كيف تركت الحروب المتتالية بصمتها على المناخ؟