اتهامات خطيرة ضد كريم خان.. ما هي ولماذا الآن؟
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
تواجه المحكمة الجنائية الدولية تحديًا جديدًا يختبر استقلاليتها ومصداقيتها في ظل الاتهامات الموجهة ضد المدعي العام كريم خان بسوء السلوك الجنسي. تأتي هذه الاتهامات في وقت حساس، حيث يواجه خان ضغوطًا كبيرة؛ بسبب تحقيقاته في جرائم الحرب في قطاع غزة وطلبات اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.
تتداخل الضغوط السياسية والدبلوماسية مع التحقيقات الجارية، مما يضع المحكمة أمام اختبار حقيقي لقدرتها على تحقيق العدالة.
يستعرض هذا المقال تفاصيل هذه الاتهامات، توقيتها، وتأثيرها المحتمل على مستقبل المحكمة الجنائية الدولية، مع تسليط الضوء على التحديات التقنية والفنية التي تواجهها المحكمة في سعيها لتحقيق العدالة.
تفاصيل الاتهامات وتوقيتهافي 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أنها ستفتح تحقيقًا موضوعيًا في مزاعم سوء السلوك الجنسي ضد المدعي العام كريم خان.
تأتي هذه الاتهامات بعد تقرير داخلي قدمته زميلة لخان، تدعي فيه تعرضها للتحرش الجنسي. نفى خان هذه الادعاءات بشدة، مؤكدًا أنها تأتي في إطار حملة من الهجمات ضده وضد المحكمة.
توقيت هذه الاتهامات يثير العديد من التساؤلات، خاصة أن خان كان قد طلب في مايو/ أيار 2024 إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ بتهمة ارتكاب جرائم حرب. هذا الطلب أثار غضب إسرائيل والولايات المتحدة وعددٍ من الدول الغربية، وزاد من الضغوط على خان.
يرى البعض أن هذه الاتهامات قد تكون جزءًا من حملة لتشويه سمعته، وإضعاف موقف المحكمة الجنائية الدولية في قضايا حساسة جعلت موضوع العدالة الدولية على المحك.
صحة الاتهامات وتأثيرهاحتى الآن، لم يتم إثبات صحة هذه الاتهامات. المحكمة الجنائية الدولية أكدت أنها ستجري تحقيقًا خارجيًا؛ لضمان عملية مستقلة ونزيهة. خان، من جانبه، أكد أنه سيواصل مهامه في الإشراف على التحقيقات في جرائم الحرب، بينما سيتولى نوابه التعامل مع أي قضايا ذات صلة بالتحقيق معه.
من غير الواضح حتى الآن كيف ستؤثر هذه الاتهامات على الدعاوى المرفوعة ضد نتنياهو وغالانت. المحكمة الجنائية الدولية أكدت أن التحقيقات في جرائم الحرب ستستمر بغض النظر عن التحقيق الجاري مع خان. ومع ذلك، قد تؤدي هذه الاتهامات إلى تأخير أو تعقيد الإجراءات القانونية، خاصة إذا تم إثبات صحة الادعاءات ضد خان.
خطوات التحقيقبعد انتهاء التحقيق في الادعاءات ضد المدعي العام كريم خان، هناك عدة خطوات محتملة يمكن أن تتبع. أولًا، سيقوم الفريق المستقل الذي يجري التحقيق بتقديم تقريره النهائي إلى المحكمة الجنائية الدولية، والذي سيشمل نتائج التحقيق والتوصيات.
بعد ذلك، ستقوم المحكمة بمراجعة التقرير بعناية لتحديد مدى صحة الادعاءات والأدلة المقدمة. بناءً على نتائج التقرير، ستتخذ المحكمة قرارًا بشأن الإجراءات التالية.
إذا تمّ إثبات صحة الادعاءات، فقد يتم اتخاذ إجراءات تأديبية ضد خان، والتي قد تشمل الإيقاف أو الإقالة. أما إذا لم يتم إثبات الادعاءات، فسيتم تبرئة خان واستمراره في منصبه. ستقوم المحكمة بإعلان نتائج التحقيق للجمهور لضمان الشفافية.
بناءً على نتائج التحقيق، قد يتم تعديل أو تأخير بعض القضايا الجارية، خاصة إذا كانت تتعلق بالمدعي العام بشكل مباشر. ومن الناحية التقنية والفنية، يعتمد نجاح التحقيق على دقة الأدلة المقدمة واستقلالية الفريق الذي يجري التحقيق.
استخدام تقنيات حديثة في جمع الأدلة وتحليلها، مثل: الفحص الرقمي، والشهادات الموثقة، يمكن أن يعزز من مصداقية التحقيق. بالإضافة إلى ذلك، الشفافية في الإجراءات، وضمان عدم التدخل السياسي يعززان من ثقة المجتمع الدولي في نتائج التحقيق.
إذا تم التعامل مع التحقيق بشكل مهني وشفاف، فإن ذلك سيعزز من قدرة المحكمة الجنائية الدولية على مواجهة التحديات وتحقيق العدالة المنشودة.
التباين في الاستجابة الدولية: لماذا كانت الضغوط إيجابية في الصراع الروسي الأوكراني وسلبية في الصراع العربي الإسرائيلي؟السرعة في فتح تحقيقات ودعم غربي للصراع الروسي الأوكراني، مقارنة بالتعثر في الصراع العربي الإسرائيلي تعود إلى عدة عوامل:
1. المصالح الجيوسياسية تلعب دورًا كبيرًا، حيث يُعتبر الصراع الروسي الأوكراني تهديدًا مباشرًا للأمن الأوروبي والعالمي، مما دفع الدول الغربية للتحرك بسرعة.
2. التحالفات السياسية، حيث تحظى أوكرانيا بدعم قوي من الدول الغربية، بينما تتأثر مواقف هذه الدول تجاه الصراع العربي الإسرائيلي بتحالفاتها مع إسرائيل.
3. الضغط الإعلامي والرأي العام، حيث حصل الصراع الروسي الأوكراني على تغطية إعلامية واسعة زادت من الضغط على الحكومات الغربية للتحرك.
4. التأثير الاقتصادي، حيث يحمل الصراع الروسي الأوكراني تأثيرات اقتصادية مباشرة على أوروبا، مما جعل الدول الغربية أكثر استعدادًا للتحرك بسرعة لحماية مصالحها.
تشبه الضغوط الحالية على المدعي العام كريم خان، تلك التي مارستها الولايات المتحدة على قضاة المحكمة الجنائية الدولية بخصوص أفغانستان في عدة جوانب. في كلتا الحالتين، استخدمت الولايات المتحدة نفوذها السياسي والاقتصادي للضغط على المحكمة الجنائية الدولية لتغيير مسار التحقيقات.
في حالة أفغانستان، فرضت إدارة ترامب عقوبات على أعضاء المحكمة، وحظرت حساباتهم المصرفية؛ لمنع التحقيق في جرائم حرب محتملة ارتكبتها القوات الأميركية. هذه الضغوط نجحت جزئيًا عندما حول خان تركيز التحقيق بعيدًا عن القوات الأميركية نحو طالبان وتنظيم الدولة، مما أدى إلى تحسين العلاقات مع واشنطن في عهد بايدن.
حاليًا، يواجه خان ضغوطًا مشابهة؛ بسبب تحقيقاته في جرائم الحرب في غزة، وطلبه إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كبار، مما أثار انتقادات شديدة من الولايات المتحدة. هذه الضغوط تهدف إلى تقويض مصداقية المحكمة، وإضعاف موقفها في القضايا الحساسة، مما يعكس نمطًا مستمرًا من التدخل السياسي في عمل المحكمة الجنائية الدولية.
أخيرًا، تُعد الاتهامات الموجهة ضد المدعي العام كريم خان اختبارًا حقيقيًا لاستقلالية ومصداقية المحكمة الجنائية الدولية، وسط تحديات متزايدة وضغوط سياسية ودبلوماسية تحيط بها.
وفي وقت تحتاج فيه العدالة الدولية إلى تعزيز ثقة المجتمع الدولي، تُبرز هذه الأزمة أهمية الشفافية والنزاهة في التعامل مع القضايا الحساسة؛ لضمان عدم استخدام التحقيقات كأداة للضغط أو التلاعب السياسي، ومحاولة للإفلات من العقاب.
المحكمة الجنائية الدولية تواجه لحظة فارقة، حيث ستكون نتائج التحقيق في الاتهامات ضد خان فرصة لإعادة التأكيد على التزامها بالعدالة واستقلاليتها. ومن جهة أخرى، ستظهر هذه القضية إلى أي مدى يمكن للمحكمة أن تصمد أمام الضغوط الخارجية، وتظل متمسكة بمبادئها.
إذا تم التعامل مع الأزمة بحكمة ومهنية، فإن المحكمة لن تكون قادرة فقط على تجاوز هذه المحنة، بل ستخرج منها أقوى وأكثر قدرة على التصدي للجرائم الدولية، وتحقيق العدالة، حتى في ظل التحديات التي تفرضها المصالح الجيوسياسية والتوازنات الدولية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المحکمة الجنائیة الدولیة الصراع الروسی الأوکرانی فی جرائم الحرب نتائج التحقیق الدول الغربیة هذه الاتهامات التعامل مع إذا تم
إقرأ أيضاً:
هل الضغوط والتهديدات الأميركية والإسرائيلية على إيران تنذر بشن هجوم؟ محللون يجيبون
رجح محللون سياسيون وعسكريون أن الضغوط الأوروبية والتهديدات الأميركية والإسرائيلية لإيران تهدف إلى دفعها إلى تقديم تنازلات خلال جولة المفاوضات المقبلة مع الأميركيين.
وأصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم الخميس، قرارا يتهم إيران بعدم الامتثال لالتزاماتها بالضمانات النووية، في حين نددت طهران بالقرار وردت بتشغيل مركز جديد لتخصيب اليورانيوم.
وتعتقد الباحثة الأولى في مركز الجزيرة للدراسات الدكتورة فاطمة الصمادي، أن التحركات العسكرية في المنطقة تشير إلى إمكانية توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، لكنها رجحت أن الأمر يدخل في سياق الحرب النفسية والضغط على إيران من أجل أن تقدم تنازلات، مشيرة إلى وجود قراءتين داخل إيران في هذه التهديدات.
ولا تستبعد القراءة الأولى، أن تكون التهديدات الأميركية والإسرائيلية جدية، وترجح إمكانية شن ضربة عسكرية، في حين تقول القراءة الثانية، "لا الولايات المتحدة ولا إسرائيل قادرتان على توجيه الضربة، وإن الهدف هو التحذير والضغط على إيران لتقديم تنازلات".
أسوأ السيناريوهات
وترى الصمادي -في تحليل للمشهد الإيراني- أن أسوأ السيناريوهات التي تخشاه طهران، هو أن تتعرض لحرب شاملة، تشارك فيها الولايات المتحدة، وتكرار التجربتين العراقية والأفغانية، باستهداف البنية التحتية بصورة واسعة وشاملة.
إعلانوالسيناريو الثاني، هو أن تتولى إسرائيل توجيه الضربة وتضطر واشنطن للتدخل دفاعا عن حليفتها، ورجحت الصمادي، أن ترد إيران على إسرائيل، وهذه المرة بصورة أوسع. وقالت الباحثة، إن هناك توصيات إسرائيلية بأن الضربة لن تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، بل المنشآت الحيوية والبنية التحتية.
ومن جهة أخرى، أوضحت الصمادي، أن الموقف الإيراني لم يتغير رغم الضغوط التي تمارس عليها، فهي تؤكد أنها لن تقبل بمنعها من تخصيب اليورانيوم بالكامل، كما تريد الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، ولكنها مستعدة لمناقشة مستوى التخصيب، كما أنها ترفض وقف الأبحاث النووية.
واعتبرت أن مسألة التخصيب بالنسبة للإيرانيين خط أحمر، وهو الذي أعاق تقدم المفاوضات، وأشارت إلى وجود مقترحات لتعليق مؤقت للتخصيب وخفض التخفيض عن المستوى الذي كان عليه الاتفاق النووي في 2015.
وفي موضوع المفاوضات، أكد وزير خارجية سلطنة عُمان بدر البوسعيدي -اليوم الخميس- أن الجولة السادسة من المحادثات الإيرانية الأميركية ستجري الأحد في مسقط.
ورقة أميركيةوعن الموقف الإسرائيلي، يرى الأكاديمي والخبير بالشأن الإسرائيلي، الدكتور مهند مصطفى، أن إسرائيل تعمل على إفشال المفاوضات بين إيران والأميركيين، وهي تستعد لتوجيه ضربة لها، وتعول في ذلك على التنسيق مع الولايات المتحدة، وفي نفس الوقت تدرك، أن الأميركيين يستخدمونها ورقة للضغط على طهران.
وأضاف أن التلويح الأميركي المتكرر بتوجيه ضربة لإيران تستفيد منه إسرائيل، مشيرا إلى أن الاثنين يتفقان على أن إيران لا يجب أن يكون لديها برنامج نووي، وخلافهما يدور حول الطريقة، فتل أبيب لا تريد مباحثات مع طهران، وكانت تفضل توجيه ضربة عسكرية مشتركة ضد المشروع النووي الإيراني وتدميره.
ومن جهة أخرى، أوضح أن الهجوم على إيران، هو محل إجماع إسرائيلي، ولكن الإشكال يتعلق بقطاع غزة، ولذلك طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (المطلوب لـ المحكمة الجنائية الدولية) بإيقاف الحرب. وحسب مصطفى، فإن ترامب يريد أن يقول لنتنياهو: أوقف الحرب ونسلم لك إيران"، لكن نتنياهو يعتقد أن ضرب إيران يخدم مصالح إسرائيل في غزة.
إعلان